مبادرة سلام جديدة تثير جدلًا.. ألمانيا تتوسط لإنهاء الحرب الأوكرانية
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
في ظل الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا الذي ألقى بظلاله على الاستقرار السياسي والاقتصادي لأوروبا والعالم منذ أكثر من عامين ونصف، تقف ألمانيا، بقيادة مستشارها أولاف شولتس، أمام دور جديد في محاولة لإنهاء النزاع.
وتأتي هذه التحركات الألمانية في وقت يشهد فيه العالم تغيرات جيوسياسية هائلة، وحيث تزداد المطالب بالتحرك الدبلوماسي بدلًا من الحلول العسكرية التي لم تُجدِ نفعًا في إنهاء الصراع.
ومع دخول الحرب الأوكرانية الروسية مرحلة معقدة، تطرح برلين نفسها وسيطًا يسعى لإيجاد مخرج سياسي للنزاع، لكن هذه الجهود تصطدم بتحديات داخلية وخارجية قد تجعل من الصعب الوصول إلى اتفاق مقبول.
ألمانيا تبحث عن حل
بعد مرور عامين ونصف على بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أدلى المستشار الألماني أولاف شولتس بتصريحات تُظهر رغبته في الدفع نحو حل دبلوماسي للصراع.
فقد أكد شولتس في مقابلة مع شبكة "زد دي إف" الألمانية أن "الوقت قد حان" لإحلال السلام بين موسكو وكييف، مشيرًا إلى ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل سريع للحرب.
وفي هذا السياق، كشفت تقارير صحفية أن شولتس يعمل على صياغة خطة سلام جديدة مستوحاة من اتفاقيات "مينسك"، التي سبق لها أن حاولت تحقيق الاستقرار في المنطقة.
لكن المفاجأة كانت في أن هذه الخطة لا تستبعد نقل أراضٍ أوكرانية إلى روسيا، وفقًا لما ذكرته صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية.
هذه النقطة أثارت جدلًا واسعًا على الساحة الدولية، حيث يعتبر البعض أن تقديم تنازلات إقليمية قد يكون الحل الوحيد لإنهاء الصراع، بينما يرى آخرون أن هذا الطرح قد يعزز المطامع الروسية ويجعل أوكرانيا في موقف أضعف.
الدوافع السياسية خلف المبادرة
والمبادرة الألمانية لا تأتي بمعزل عن السياق السياسي الداخلي لألمانيا. فشولتس، الذي يواجه ضغوطًا سياسية كبيرة عقب تراجع حزبه في الانتخابات الإقليمية والأوروبية، يسعى لإعادة بناء شعبيته من خلال هذه الخطوة الدبلوماسية.
وتعرض شولتس وحزبه لضغوط داخلية متزايدة بعد تفوق الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل حزب "البديل من أجل ألمانيا" وحزب "بي أس في" في الانتخابات المحلية التي جرت في مقاطعتين بشرق البلاد مؤخرًا.
هذه الأحزاب اليمينية تبنت مواقف صارمة تطالب بوقف الدعم العسكري لأوكرانيا، وهو ما يجعل المستشار الألماني في موقف محرج.
حيث أن برلين تُعد ثاني أكبر مزود للمعونات العسكرية لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، وكان شولتس قد تعهد مرارًا بمواصلة هذا الدعم ما دام تطلب الأمر ذلك.
ولكن تصاعد الانتقادات الداخلية بسبب التكاليف الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة قد يدفع شولتس إلى البحث عن حلول أكثر اعتدالًا يمكن أن تُرضي الرأي العام الألماني.
التحديات الدولية وتوجهات موسكو
وعلى الساحة الدولية، تواجه المبادرة الألمانية تحديات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بموقف روسيا وأوكرانيا.
فبينما تبدو ألمانيا مستعدة لدفع عجلة المفاوضات مجددًا، فإن هناك تباينًا واضحًا في الرؤى بين موسكو وكييف حول شروط أي اتفاق سلام، أوكرانيا التي تسعى لاستعادة جميع الأراضي التي فقدتها منذ بدء النزاع، تعتبر أن أي حديث عن نقل أراضٍ إلى روسيا غير مقبول تمامًا.
وفي المقابل، يبدو أن روسيا مستعدة لإجراء مفاوضات، لكنها تصر على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن تنازلات من أوكرانيا، بما في ذلك التخلي عن بعض الأراضي التي تحتلها روسيا حاليًا.
وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات سابقة إلى أن موسكو مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات استنادًا إلى نتائج المحادثات التي جرت في ربيع 2022.
ولكن التصعيد العسكري المستمر، خاصة في منطقة كورسك الحدودية الروسية، يزيد من تعقيد الوضع ويجعل من الصعب التوصل إلى توافق سريع.
من جانب آخر، أثارت مسألة عدم دعوة روسيا للمشاركة في القمم الدولية المتعلقة بالسلام، مثل تلك التي عُقدت في سويسرا في يونيو الماضي، تساؤلات حول فعالية هذه المبادرات في غياب أحد أطراف النزاع الرئيسية.
وفي هذا السياق، يرى شولتس أن أي قمة دولية مستقبلية يجب أن تشمل مشاركة روسيا لضمان تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات.
الدور الألماني المستقبلي
من الواضح أن المستشار شولتس يدرك أن نجاحه في معالجة النزاع الأوكراني سيكون له تأثير كبير على مكانته السياسية داخل ألمانيا وعلى الساحة الدولية، فألمانيا كواحدة من القوى الأوروبية الكبرى، تُدرك أن تحقيق الاستقرار في المنطقة يخدم مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية.
ومع تزايد التوترات بين روسيا والغرب، تبرز برلين كوسيط محتمل يمكنه تقديم حلول وسطى قد تُسهم في إنهاء الحرب.
ولكن التحديات تظل كبيرة، فالمواقف المتصلبة من الطرفين وعدم الرغبة في تقديم تنازلات حقيقية قد يُعرقل أي تقدم في مسار المفاوضات.
ورغم أن الخطة الألمانية قد تفتح الباب أمام فرص جديدة للحوار، إلا أنها تُظهر أيضًا مدى تعقيد الأوضاع السياسية والعسكرية في أوكرانيا والمنطقة بأسرها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: استقرار الاستقرار السياسي الاستقرار فى المنطقة الاجتماع الأوكراني الانتقادات الاقتصادي الجهود الدبلوماسية الحرب الأوكرانية الروسية الحرب الأوكرانية الحلول العسكرية الساحة الدولية العسكرية المبادرات المستشار شولتس
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يكشف أول الدول الأوروبية التي سترسل قوات إلى أوكرانيا
أوكرانيا – صرح فلاديمير زيلينسكي خلال إفادة بثها التلفزيون الأوكراني، إنه واثق بأن فرنسا وبريطانيا ستكونان أول من يرسل قوات إلى أوكرانيا مشيرا إلى أن مسألة نشر القوات ستتوضح خلال شهر.
وقال زيلينسكي: “سيكون الجنود الفرنسيون، أنا واثق تماما، من بين الأوائل إذا ما تم إرسال قوات. الفرنسيون والبريطانيون. هم يطرحون هذه الفكرة اليوم كممثلين رئيسيين للقوات الأوروبية. متى وكم عددهم، لا يمكنني الجزم بذلك”.
وأضاف زيلينسكي: “نحتاج لشهر تقريبا لفهم البنية (البنية التحتية لتواجد القوات الأوروبية) بالكامل ونناقش الوجود البري والجوي والبحري وأيضا الدفاعات الجوية وكذلك بعض المسائل الحساسة الأخرى”، مشيرا إلى أن الممثلين العسكريين لأوكرانيا وبريطانيا وفرنسا سيلتقون أسبوعيا، كما أكد بأن شركاء كييف متفهمون لاحتياجات أوكرانيا والنقاط الحساسة والجغرافية والمناطق التي يحتاج فيها الأوكرانيون للدعم، حسب تعبيره.
كما وصف زيلينسكي اجتماع رؤساء أركان أوكرانيا وفرنسا وبريطانيا بأنه “بناء”، مؤكدا مشاركة دول أخرى دون أن يكشف عن أسمائها أو عددها.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن في أعقاب قمة باريس لـ”تحالف الراغبين” في 27 مارس الماضي أن عددا من أعضاء التحالف يخططون لإرسال “قوات ردع” إلى أوكرانيا. وأوضح الرئيس الفرنسي أن هذه المبادرة الفرنسية البريطانية لن تكون بديلا للقوات الأوكرانية، ولن تكون “قوات ردع” بمثابة قوات حفظ سلام، بل أن الهدف منها سيكون ردع روسيا، وسيتم نشرها في مواقع استراتيجية محددة مسبقا بالاتفاق مع الجانب الأوكراني. كما أشار ماكرون إلى أن المبادرة لا تحظى بموافقة الجميع، لكن تنفيذها لا يتطلب إجماعا.
من جانبه، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 6 مارس الماضي أن روسيا لا ترى أي إمكانية للتوصل إلى حل وسط بشأن نشر “قوات حفظ سلام” أجنبية في أوكرانيا. وحذر لافروف من أن نشر قوات أجنبية سيجعل الدول الغربية غير راغبة في التفاوض على تسوية سلمية، لأن هذه القوات ستخلق “أمرا واقعا على الأرض”.
وفي العام الماضي، أفادت دائرة الصحافة في جهاز المخابرات الخارجية الروسي أن الغرب يعتزم نشر ما يسمى “قوة حفظ سلام” في أوكرانيا بقوة تصل إلى حوالي 100 ألف جندي لاستعادة القدرة القتالية لأوكرانيا. واعتبرت المخابرات الروسية أن ذلك سيشكل “احتلالا فعليا” لأوكرانيا.
بدوره، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن نشر قوات حفظ السلام لا يمكن أن يتم إلا بموافقة أطراف النزاع، مشيرا إلى أن الحديث عن نشر مثل هذه القوات في أوكرانيا “سابق لأوانه”.
المصدر: RT