أصدرت الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم عددًا جديدًا من نشرة جسور، بمناسبة حلول شهر ربيع الأول، شهر ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث تناول العدد مجموعة متنوعة من الموضوعات حول المولد النبي الشريف احتفاءً بذكرى مولده الشريف.

وكتب افتتاحية العدد الدكتور نظير عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وجَّه فيها أُولى رسائله إلى العلماء والمفتين من أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.

كما وجَّه الشكر إلى الدكتور شوقي إبراهيم علام الرئيس السابق للأمانة لما بذله من جهدٍ في سبيل جمع كبار المفتين والوزراء والعلماء المعنيين بالفتوى والإفتاء في سبيل تحقيق الأهداف النبيلة للأمانة العامة، كما أكد على ضرورة توثيق أُطر التعاون مع أعضاء الأمانة لمواصلة العمل على تحقيق الأهداف المشتركة والنهوض بمجال الفتوى ليؤدي دَوره السامي في العالم الإسلامي شرقًا وغربًا، مشيرًا إلى أن المرحلة القادمة ستشهد الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم العديدَ من المبادراتِ الرائدةِ والمشروعاتِ المهِمَّة.

وقد أكَّد المفتي في الكلمة الافتتاحية أنَّ الفتوى في الإسلام لا يمكن أن يكون دَورها محصورًا في بيان الحكم الشرعي بالإباحة أو المنع لمن سأل عنه، وإنما للفتوى في الإسلام فلسفة كبيرة تتجاوز هذا الحد بشكل كبير، وهذه الفلسفة تقوم في الأساس على أمور عدة:

- الأول: أن وظيفة الإفتاء لا تشبه أي وظيفية دينية أو مجتمعية أخرى، حيث إن قدرها عظيم وأثرها خطير.

- الثاني: أنها تُظهر الوجهَ المشرق للإسلام، وتوضِّح الصفحة المضيئة في تشريعاته وأحكامه، وهذا مما يجب أن يعيه المفتي ويستوعبه في هذه الوظيفة المهمة، ولن يتأتى ذلك للمتصدر للفتيا إلا بعد أن يكون "عارفًا بطرق الأحكام، وهي الكتاب، والذي يجب أن يعرف من ذاك ما يتعلق بذكر الأحكام والحلال والحرام، ويحيط بالسنن المروية عن رسول الله ﷺ في بيان الأحكام، ويعرف الطرق التي يعرف بها ما يحتاج إليه من الكتاب والسنة من أحكام الخطاب وموارد الكلام ومصادره من الحقيقة، والمجاز، والعام، والخاص، والمجمل، والمفصل، والمطلق، والمقيد، والمنطوق، والمفهوم، ويعرف من اللغة والنحو ما يعرف به مراد الله تعالى ومراد رسوله ﷺ في خطابهما، ويعرف أحكام أفعال رسول الله ﷺ وما تقتضيه، ويعرف الناسخ من ذلك من المنسوخ وأحكام النسخ وما يتعلق به، ويعرف إجماع السلف وخلافهم ويعرف ما يعتدُّ به من ذلك وما لا يُعتدُّ به، ويعرف القياس والاجتهاد والأصول التي يجوز تعليلها وما لا يجوز، والأوصاف التي يجوز أن يعلل بها وما لا يجوز وكيفية انتزاع العلل، ويعرف ترتيب الأدلة بعضها على بعض وتقديم الأولى منها ووجوه الترجيح، ويجب أن يكون ثقة مأمونًا لا يتساهل في أمر الدين.

- الثالث: واقعية الفتوى، واشتباكها مع القضايا المجتمعية بشكل مناسب وسليم بما يؤكد قدرة الفكر الإسلامي والفتوى الدينية على معالجة هذه المشكلات وطرح الحلول المناسبة لها، وهذا الأمر أصبح من الأهمية بمكان، حيث إن بعض المشككين أو المغرضين يحاول التهوين من أهمية الفتوى ودورها في الواقع المعاصر، وأنها لا تعدو أن تكون فتاوى تراثية قديمة ليست لها حاجة ملحَّة في الواقع ولا يمكن لها أن تعالج مشكلة واقعية.

- الرابع: المشاركة الفاعلة في صناعة الحضارة الإنسانية، وهذا من أهم الجوانب الفلسفية في الفتوى الدينية، حيث إنها تتشارك مع جميع المؤسسات الدينية والمجتمعية بشكل كبير ومباشر في صناعة الحضارة الإنسانية.

كما يقدم العددُ جولةً إخبارية معمَّقة في باب «عالم الإفتاء» ننشر فيها مجموعة من أهم أخبار دُور وهيئات الإفتاء حول العالم.

فيما يقدِّم المؤشر العالمي للفتوى تحليلًا لـ 300 فتوى خاصة بالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ومظاهره، وكشف فيه مؤشر الفتوى عن تنوع الأحكام الفقهية الواردة في هذه الفتاوى بين جائز، وغير جائز، ومستحب، وأبرز الأدلة الواردة في الفتاوى الرسمية وغير الرسمية.

وفي باب «فتوى أسهمت في حل مشكلة» يذكر العدد موقف عددٍ من دُور الإفتاء وأدلَّتها حول مشروعية مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مقدمًا الأدلة الشرعية والآراء الفقهية التي جاءت في هذا الموضوع.

وبمناسبة هذه الذكرى العطرة تطالعون أيضًا في هذا العدد في باب مراجع إفتائية عرضًا لكتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض المراكشي رحمه الله، الذي يُعَدُّ من الكتب الجامعة في التعريف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحظيَ باهتمام العلماء، فتناولوه بالشرح والاختصار والتعقيب والتخريج والنَّظم.

وفي باب «رؤى إفتائية» يتناول العددُ توضيحًا لأهم أربعة معالم توضِّح الهَدْيَ النبوي في الفتوى.

وفي القسم الإنجليزي من عدد جسور يستعرض فريق التحرير في باب World Fatwa News مجموعة من أهم أخبار المؤسسات الإفتائية باللغة الإنجليزية.

كما كتب الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- مقالًا باللغة الإنجليزية بعنوان: «A Message of Peace and Compassion at Prophet Muhammad’s Birth» يتحدث فيه عن رسالة السلام والرحمة في مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه القدوة الحسنة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وكيف أن المتطرفين تجاهلوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما جاء رحمة للعالمين أجمعين.

كذلك يتناول العدد مقالًا لمدير التحرير هاني ضوة، نائب المستشار الإعلامي لمفتي الديار المصرية، بعنوان: «Debunking the Myth: The Fatimids Were Not the First to Celebrate the Prophet's Birth» يفنِّد فيه إحدى شبهات المتشددين التي تدعي أنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو عادة فاطمية، ويذكر أدلة علماء أهل السنَّة في مشروعية الاحتفاء بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

كما كتب دكتورة هبة صلاح، المترجمة والباحثة بدار الإفتاء المصرية، مقالًا بعنوان: «When Children Ask about The Prophet: Ready to Respond» تحدث المقال عن تعريف النبي صلى الله عليه وسلم بطريقة عملية للأبناء في عصر التكنولوجية، حيث أصبحنا في حالة من سيولة المعلومات التي تتضارب بين الصحة والخطأ، ويقترح المقال أن خير وسيلة للتعريف بالنبي هي الْتزام الآباء بنموذج شخصية النبي الكريم في معاملة الأبناء برحمة وحب مثلما كان يفعل هو ﷺ.

اقرأ أيضاًالجمعة المقبل.. دار الإفتاء المصرية تستطلع هلال المحرم لعام 1446

دار الإفتاء المصرية تعلن موعد استطلاع هلال شوال وأول أيام عيد الفطر

دار الإفتاء المصرية تُنهي استعداداتها لمؤتمرها العالمي الثامن للإفتاء بمشاركة مائة دولة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المولد النبوي الشريف مفتي الجمهورية دار الإفتاء المصرية جسور شهر ربيع الأول شهر ربيع الأول 1446 ذكرى مولده الشريف النبی صلى الله علیه وآله وسلم الإفتاء المصریة فی باب

إقرأ أيضاً:

حملة "كأنه معك" تسلط الضوء على جوانب إنسانية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

يواصل مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، جهوده في تسليط الضوء على الجوانب الإنسانية لحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ضمن حملته التوعوية تحت شعار "كأنه معك"، مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف.

تهدف الحملة إلى تقديم صورة حقيقية ومؤثرة عن الرحمة والعطف التي تمتع بها النبي تجاه أبنائه وأحفاده، وتعزيز القيم النبيلة التي أرساها في تعاملاته اليومية.

الرحمة الأبوية للنبي صلى الله عليه وسلم

يعتبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم نموذجًا للرحمة والعطف، خصوصًا في علاقته بأبنائه وأحفاده. وفقًا لما ذكره مجمع البحوث الإسلامية عبر صفحته على «فيسبوك»، قال أنس بن مالك رضي الله عنه:

«مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.»

كانت الرحمة التي أظهرها النبي تتجاوز مجرد التقدير، حيث كانت تعبيرًا عن محبة عميقة واهتمام حقيقي بمصلحة أبنائه وأحفاده.

حفاوة النبي صلى الله عليه وسلم بأبنائه

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر اهتمامًا كبيرًا بأبنائه، ويكرمهم بطريقة خاصة. من بين ما ورد في الأحاديث الشريفة، كان يُعبر عن محبته لابنته فاطمة رضي الله عنها بقوله:

«إذا دخلت عليه ابنته فاطمة قام إليها فأخذ بيدها، وقبلها، وأجلسها في مجلسه.»

هذا التصرف يعكس حجم المحبة والاحترام الذي كان يحمله النبي لأبنائه، وكيف كان يقدّرهم ويظهر لهم اهتمامًا حقيقيًا.

رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأحفاده

عُرف النبي صلى الله عليه وسلم برفقه وحنانه تجاه أحفاده. وقد رُوي أن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال:

«خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل الحسن، والحسين رضي الله عنهما، عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل فأخذهما، فصعد بهما المنبر.»

هذا المشهد يعكس مدى الحب والاهتمام الذي كان يوليهما النبي، وكيف كان يتعامل مع أحفاده برفق ولطف.

تحصين النبي صلى الله عليه وسلم لأحفاده

كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على حماية أبنائه وأحفاده من الشرور. كان يُرقيهم قائلًا:

«أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة.»

هذه الأفعال توضح حرص النبي على تأمين أبنائه وأحفاده من أي أذى، والتأكيد على أهمية الدعاء والحماية الروحية.

تربية النبي صلى الله عليه وسلم ونصحه لأبنائه

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تقديم النصائح والإرشادات لأبنائه. فقد ورد أنه قال لابنته فاطمة رضي الله عنها:

«يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك ضرا ولا نفعا.»

هذا يظهر مدى اهتمام النبي بصلاح ابنته وتوجيهها نحو الخير، وعدم الاعتماد فقط على النسب والمكانة.

عظمة محبة النبي صلى الله عليه وسلم لأبنائه

أظهرت المواقف التي مرّ بها النبي صلى الله عليه وسلم عمق محبته لأبنائه، حتى في المواقف المؤلمة. فقد بكى النبي على قبر ابنته أم كلثوم رضي الله عنها، حيث قال أنس بن مالك رضي الله عنه:

«شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان.»

 

مقالات مشابهة

  • فضل زيارة مقام النبي عليه السلام وروضته الشريفة
  • الإفتاء توضح أفضل العبادات يوم مولد النبي
  • أمينة الفتوى: يوم ميلاد النبي أعظم من ليلة القدر (فيديو)
  • أمينة الفتوى: الكون كله احتفل بيوم ميلاد سيدنا النبي (فيديو)
  • يمثل رحمة للعالمين.. أمينة الفتوى: يوم ميلاد النبي أفضل من ليلة القدر
  • أمينة الفتوى: يوم ميلاد النبي يكتسب أهمية أعظم من ليلة القدر
  • 10 علامات من السماء: المعجزات التي شهدها العالم يوم ميلاد النبي
  • الإفتاء توضح حكم الصلاة على النبي ﷺ لتذكر الشيء المنسي
  • هل تاريخ مولد النبي صحيح؟.. دار الإفتاء تجيب على السؤال المحير
  • حملة "كأنه معك" تسلط الضوء على جوانب إنسانية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم