علي بن درعة: مطلوب زيادة الشواطئ المخصصة للعائلات

مبارك فريش: مساحات كبيرة لا تزال «بكر» غير مستغلة

أحمد حسين: حاجة عاجلة لخطة جذب تشمل توفير الخدمات

أكد مواطنون أن السياحة الشاطئية لا تزال ثروة مهملة، وأن معظم الشواطئ في حاجة ملحة لوضعها على الخريطة السياحية الهادفة لجذب السياح سواء العرب أو الأجانب، وطالبوا في استطلاع مع «العرب» بضرورة توفير المزيد من المرافق والخدمات السياحية العامة والشواطئ تحديداً، باعتبارها متنفساً حيوياً للعائلات ووجهة مفضلة للعديد من السياح الأجانب، منوهين بضرورة تطوير الشواطئ الحالية في المناطق الشمالية على وجه الخصوص، وتوفير الخدمات والمرافق المتنوعة بها لوضعها على الخريطة السياحية مثل شواطئ عريدة وراس مطبخ والمرونة وفويرط والغارية والمَفيَر والرويس، وأوضحوا أن الكثير من السياح الاجانب يرون في شواطئ قطر مكاناً للاستمتاع بالأماكن السياحية خارج مراكز المدن.

ودعوا إلى استغلال المناظر والشواطئ الطبيعية التي تزخر بها دولة قطر، ودعم وتعزيز هذه الشواطئ عبر توفير الخدمات لتكون أكثر جاذبية للسكان من المواطنين والمقيمين وتكون أكثر جذباً للسياح الأجانب. 
ولفت البعض إلى ضرورة تعميم تجربة تطوير شاطئ 974 وشاطئ ويست باي وتضمين الشواطئ الأخرى كافة المرافق الخدمية خاصة أن العديد من المنتجعات والشواطئ المتميزة والصالحة للاستخدام والسباحة تعد شواطئ خاصة مملوكة للفنادق والمنتجعات، ولا يسمح بالدخول فيها دون حجز مسبق.
وأوضحوا ان ارتفاع أسعار الخدمات في جزيرة البنانا مثلا، تجعلها خاصة بشريحة معينة سواء من السكان أو السياح دون غيرهم وليست للجميع، مطالبين بدعمها بالخدمات الضرورية بما فيها منافذ البيع ومحطات التمويل والمجمعات التجارية القريبة ودورات المياه وأماكن للاستحمام وتغيير الملابس.

تحفيز القطاع السياحي 
وقال السيد علي بن درعة إن دولة قطر تعاني من نقص شواطئ العائلات، مؤكداً على ضرورة أن تعمل الدولة على زيادة الشواطئ المخصصة للعائلات بما يسمح لهم بالتمتع بشواطئ قطر بعيداً عن مضايقات العزاب.
وأضاف أن قطر تمتلك شواطئ ممتدة على مساحات كبيرة وتحتاج إلى التطوير والتأهيل بما يساهم بدوره في تحفيز النشاط السياحي، مؤكداً أن استغلال هذه الشواطئ سوف يضاعف أعداد السياح إلى دولة قطر من جميع دول العالم.
وطالب بضرورة أن تمنح مؤسسات القطاع الخاص فرصة الاستثمار في شواطئ قطر، مشيراً إلى أن القطاع الخاص في الدولة يمتلك إمكانيات كبيرة ويستطيع الاستثمار في مختلف القطاعات، وقال: إن القطاع الخاص يرغب في تعزيز استثماراته في المشروعات السياحية.

توسعة الشواطئ
ومن جهته قال السيد مبارك فريش، عضو المجلس البلدي، ان الأعوام السابقة شهدت توسعاً في إنشاء الشواطئ المخصصة للعائلات، مشيراً إلى أن قطر تمتلك شواطئ «بكر» تمتد على مساحات طويلة على الخليج العربي من الجهات الثلاث، مشيداً بالجهود المبذولة خلال الفترة الماضية لإنشاء عدة شواطئ مهيأة لاستقبال العائلات، مشيراً إلى أن هذه الشواطئ تتخذ إجراءات لتأمين وسلامة المرتادين، وتوفر بيئة ترفيهية للعائلات، وتشمل هذه الشواطئ شاطئ الخرايج بمنطقة أم باب، وشاطئ الفركية بمدينة الخور، وشاطئ سميسمة بمنطقة سميسمة، وشاطئ الوكرة بمدينة الوكرة.
وأوضح أن هذه الجهود تأتي في إطار اهتمام وزارة البلدية بإعادة تأهيل الشواطئ بدولة قطر كمتنفس للمرتادين خصوصاً خلال عطلة الصيف، وبالتعاون والتنسيق مع مختلف مؤسسات وجهات الدولة، والحرص على توفير إجراءات السلامة لمرتادي الشواطئ بما فيها الشواطئ المخصصة للعائلات بما يسمح لهم بالتمتع بشواطئ قطر بعيداً عن مضايقات العزاب.
وأضاف أن الدولة تعمل على ضمان توفير وسائل السلامة والتأمين بهذه الشواطئ وجعلها مفتوحة لاستقبال الجميع دون اجراءات او رسوم، وتعتبر الملاذ الترفيهي لعوائل المواطنين والمقيمين والزوار في عطلة نهاية الأسبوع والإجارات الصيفية.

خدمات وتسهيلات
وأوضح السيد أحمد حسين، خبير سياحي، أهمية توفير الخدمات والتسهيلات التي يحتاجها الجمهور على الشواطئ، لافتا إلى أن قطر تمتلك شواطئ ذهبية تحتاج إلى التطوير والتأهيل بما ينعكس بالإيجاب على أداء القطاع السياحي، مشيراً إلى أن تطوير الشواطئ سوف يضاعف معدلات النمو السياحي.
وأكد عبدالرحمن البلوشي أهمية أن تقوم الجهات المعنية بردع من يلوث الشواطئ مع استمرا وتكثيف الحملات الدورية لنظافة الشواطئ من المخلفات.
 وأوضح أن تأهيل الشواطئ يساهم في تحفيز الحركة السياحية كما يجعل قطر قبلة للسياح خاصة الخليجيين منهم، مؤكداً ضرورة اتاحة الفرصة للقطاع الخاص وتشجيعه للتوجه نحو الاستثمار في تشيد الشواطئ وتطويرها بالتعاون مع القطاع العام.
وأشار إلى أن كثيرين من المواطنين يعشقون الذهاب إلى الشاطئ، حيث يمضون أوقاتا هادئة ويستمتعون بالراحة والاستجمام طيلة فترات السنة، وتنعم قطر بالعديد من الشواطئ الرملية، والوصول إلى بعضها يحتاج إلى سيارات ذات الدفع الرباعي، كما يمكن إيجاد بعض المقاهي وعربات الشاطئ المخصصة للإيجار بالقرب من بعض الشواطئ والمنتجعات الأخرى.
وأوضح أن دولة قطر تمتلك عددا من الشواطئ ومنها شاطئ زكريت، إضافة إلى غيره من الشواطئ مثل الخور، الوكرة، الغارية، دخان، شاطئ مسيعيد، منتجع سيلين، شاطئ راس بروق وشاطئ خور العديد، منوهاً بأن معظم هذه الشواطئ في حاجة الى تطوير واضافة بعض المرافق والخدمات العامة ولابد من توفير المزيد من الشواطئ التي تحافظ على خصوصية خصوصية العائلات.
وقال: قطر تحيطها المياه من 3 جهات ولكن حتى هذه اللحظة لا يتوفر بها شواطئ عامة تحتوي على الخدمات والمرافق التي يحتاج إليها الزوّار، ولا بدّ من تكاتف جميع الجهات لوضع الشواطئ على الخريطة السياحية من خلال توفير بعض الخدمات البسيطة في تلك الشواطئ مثل دورات المياه والمظلات.

خصوصية العائلات
ومن جهته أكد السيد عادل اليافعي أن معظم الشواطئ تعاني من غياب خصوصية العائلات، حيث تتنشر مضايقات العزاب للعائلات على الشواطئ، مؤكداً أهمية تنفيذ مقترحات المجلس البلدي بتطوير الشواطئ وتخصيص شواطئ للعائلات في اماكن مثل سيلين للحفاظ على الخصوصية، وأشار إلى أن عدم تواجد شواطئ للعائلات في بعض البلديات يضطر المواطنين إلى قطع مسافات كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى 30 كيلو مترا للانتقال إلى شواطئ البلديات الأخرى.
وطالب بضرورة أن توفر الشواطئ جميع عناصر الأمن والسلامة لروادها من العائلات والأطفال والعزاب، مؤكداً على ضرورة أن يتم وضع لافتات إرشادية لرواد الشواطئ.
وأكد أن قطر تحتاج إلى شواطئ عائلية في جميع البلديات، مشيراً إلى أن الدولة تمتلك شواطئ «بكر» تمتد مئات الكيلو مترات، موضحاً أن الاستغلال الأمثل لهذه الشواطئ يساهم في دعم وتحفيز القطاع السياحي.
ونوه إلى أن اهتمام الدولة بالقطاع السياحي تضاعف على نحو لافت خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد أن أصبحت الدوحة عاصمة إقليمية لمنتديات السياسة والفكر والاقتصاد والإعلام فضلاً عن تنظيمها واستضافتها المستمرة للفعاليات الفنية والدورات الرياضية العالمية، وسوى ذلك من فعاليات ومعارض دولية ومهرجانات تسوق تتطلب توفير خدمات سياحية متميزة لزائري قطر من شتى بقاع الأرض.
وأشار إلى أن دور قطر للسياحة يتلخص في تنظيم وتنشيط وتطوير صناعة السياحة في قطر والإشراف عليها وتنظيم صناعة المعارض في البلاد، مؤكداً أهمية العمل على تنظيم السّياحة في البلاد وتمكينها والإشراف على تنميتها بالإضافة إلى تمثيل قطر والترويج لها كوجهة سياحيّة للترفيه والاستجمام والعمل والتربية والرياضة.
وأوضح أن دولة قطر تمتلك مقومات سياحية بارزة تستطيع من خلالها استقطاب أعداد كبيرة من السياح، مؤكدًا أن الطفرة التنموية التي تعيشها دولة قطر والتي تشمل مختلف القطاعات التنموية تعزز التنمية السياحية.

تنوع الشواطئ.. يوفر خيارات خلال العطلات الأسبوعية

تتميز شواطئ الدولة بخصوصية لكل شاطئ يميزه عن الآخر وتجعله مفضلا لدى فئة من الناس خلال الرحلات الأسبوعية التي تتصادف مع الاجازات، فمثلا شاطئ فويرط هو عبارة عن خليج رملي تتخلله تشكيلات صخرية، ويبعد عن الدوحة حوالي 70 كيلومتراً. اما شاطئ خور العديد فهو رملي يبعد 108 كيلومترات عن الدوحة وتتواجد به أنشطة بحرية وصحراوية. 
ويحتوي شاطئ الذخيرة على محميات كبيرة من شجر القرم، ويبعد 50 كيلومتراً عن مركز المدينة.
وتكثر في شاطئ الوكرة المرافق المخصصة للأطفال والاستجمام والشواء ويبعد 24 كيلومتراً عن الدوحة، أما شاطئ أم باب فهو مسور بالنخيل تتوافر به خدمات عديدة وبشكل مجاني ويبعد 85 كيلومتراً عن الدوحة. 
ويتميز شاطئ المرونة بالرمال الذهبية الناعمة ويبعد عن الدوحة حوالي 77 كيلومتراً. ويظهر شاطئ زكريت بمنحدرات صخرية وكثبان رملية منخفضة، ويبعد 85 كيلو متراً غرباً. بينما يمزج شاطئ دخان الرمال مع الصخور، وتحيط به مواقع تاريخية ويبعد 90 كيلومتراً.

5 شواطئ للعائلات.. نتنظر المزيد من الخدمات

تستقطب شواطئ العائلات خلال الإجازات العديد من الزوار يوميًا حيث يفضل الجمهور الاستمتاع بقضاء أوقات مبهجة على الشواطئ المخصصة للعائلات والتي خصصتها وزارة البلدية في مختلف مناطق البلاد، حيث تتوافد الأسر على تلك الشاطئ برفقة أطفالهم في ظل توافر عدد من الخيام الخشبية والمقاعد الإسمنتية على الشاطئ.
وأكد عدد من المواطنين أن معظم تلك الشواطئ لا تحوي علامات إرشادية تحذّر الزوار من مغبة الدخول للأماكن العميقة أو لوحات إرشادية تدعو الجمهور لمتابعة أطفالهم، منوهين بضرورة عدم السماح لهم بالسباحة إلا بعد ارتداء سترة الإنقاذ في مختلف شواطئ العائلات والبالغ عددها 5 شواطئ هي (سيلين، الوكرة، سميسمة، الفركية، الخرايج) فضلًا عن الشواطئ التي تشهد إقبالًا كبيرًا من الأسر مثل سيلين والغارية والمرونة ودخان خاصة مع حلول موسم الصيف والإجازات، حيث تشهد تلك الشواطئ إقبالًا كبيرًا من الزوار.
ويعد شاطئ سميسمة أحد أكبر شواطئ الدولة، حيث يبلغ طول الشاطئ نحو 7.5 كيلو متر بما يسمح باستقبال أعداد كبيرة من الروّاد للاستمتاع بالشاطئ بعيداً عن الزحام، فضلاً عن أن مساحة الشاطئ سمحت بتخصيص 2 كلم للنساء فقط، بما يوفر لهنّ أكبر قدر من الخصوصية أثناء التنزه.
وتضمنت خطة تطوير الشاطئ تسوير الشاطئ وعمل بوابات للدخول وإعادة تنظيف الشاطئ بالكامل وإزالة الصخور والحصى وإعادة تجديد الشاطئ الرملي، ليكون مهيأً لاستقبال العائلات والراغبين في ممارسة السباحة، علاوة على مضمارين لممارسة رياضتي ركوب الخيل والهجن، كما تضمنت المرحلة الأولى تركيب أعداد كبيرة من المظلات الحديثة والمقاعد وإنشاء دورات مياه مجهزة على أعلى مستوى، فضلاً عن باقي المرافق مثل الكهرباء والماء الصالح للشرب.
وقد وفرت إدارة الشاطئ مراقبي أمن في الداخل والخارج ومراقبين على طول الشاطئ للتدخّل وإنقاذ حالات الغرق بشكل سريع.

تخصيص «المملحة» للسيدات.. خطوة جيدة

في تجربة ناجحة لتشجيع السياحة الشاطئية النسائية وتوفير الخصوصية للراغبات في ممارسة السباحة والاستمتاع بالاجواء، خصصت وزارة البلدية في وقت سابق الشهر الماضي شاطئ المملحة للسيدات بعد توفير خدمات دورات المياه والحمامات ومظلات وجلسات على الشاطئ الذي يمتد على مساحة 15 الف متر مربع. 
كما جهزت الوزارة أماكن للشواء واكشاكا للمطاعم واضاءة على امتداد الشاطئ في الليل، ويستقبل الشاطئ الزوار من السيدات يومياً من التاسعة صباحاً حتى العاشرة مساء. 
ويبعد الشاطئ عن الدوحة 107 كيلو مترات، وهو قريب من شاطئ الغارية، وكانت الوزارة قد خصصت قبل أيام شاطئ سميسمة الممتد على مساحة 104 آلاف متر مربع ويبعد عن الدوحة 44 كيلومترا للعائلات، ووفرت خدمات دورات المياه والحمامات والمظلات والجلسات ايضاً، وأماكن للشواء، ومناطق خاصة بالأطفال واضاءة وممشى ومساحات خضراء ومصلى، ويستقبل الشاطئ زواره من العائلات يومياً من الساعة السادسة صباحا وحتى الـ 12 ليلاً.
وأهابت وزارة البلدية بالسادة الزوار بضرورة الحفاظ على النظافة وجمالية الشاطئ، كما تهيب بتجنب اشعال النار مباشرة على الارض وعدم دفن الفحم في الرمال والحرص على النظافة العامة ورمي المخلفات في الحاويات المخصصة لذلك وارتداء سترة النجاة عند السباحة. 
 بالاضافة إلى ما سبق وفرت وزارة البلدية خدمات عامة في مختلف الشواطئ مثل عريدة والمرونة والفركية والوكرة وسيلين والعديد وسلوى والخرايج وزكريت ودخان والغارية، وخصصت الشواطئ منها عامة وأخرى للعائلات وللعزاب، وتعد الشواطئ الوجهة المفضلة في عطلة نهاية الأسبوع لاسيما مع الأجواء الحارة خلال النهار.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر جذب السياح القطاع السیاحی وزارة البلدیة توفیر الخدمات من الشواطئ فی مختلف کبیرة من دولة قطر ضرورة أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

«مجازر العائلات» في غزة.. ناجون من جحيم إسرائيل يروون التفاصيل لـ«الأسبوع»

بعد شطب أسر كاملة من سجلات الحياة

«الصحة»: وثقنا إبادة 6800 عائلة تم مسح 1206 من السجل المدني بالكامل

عائلة «أبو نصر» فقدت 126 فردًا في مجزرة واحدة بعد تدمير عمارة من 5 طوابق

تلخص 3 وقائع كانت «الأسبوع» طرفًا فيها، الواقع المأساوي الفلسطيني، شمال قطاع غزة، حاليًا، إحداها عندما تواصلت هاتفيا مع رئيس بلدية، جباليا، المنكوبة، مازن الجبالي، باعتباره شاهدًا على التدمير الإسرائيلي المتواصل للمدينة فوق رؤوس قاطنيها. سألته عما يحدث من واقع مهام عمله، والنطاق الذي يعيش فيه؟ لكنه بقهر الذي فقد الأمل في الصراخ، انفجرت مشاعره التي يحبسها منذ شهور وهو يقول بصوتٍ مبحوح: «لا فائدة من الكلام. كل شيء بات بلا نتيجة. يكتفون بالفرجة. لا أحد يهتم بما تبقى منا، بعد أن نهشت الكلاب جثث أهلينا في الشوارع» كان يردد العبارات كأنها نداءٌ أخير قادم من وسط الغيم الداكن الذي يغطي سماء، جباليا.

في نطاق آخر شمال القطاع، علمت «الأسبوع» أن معظم من تبقى من العائلات الفلسطينية الصامدة (رغم الغارات والقصف والاستهداف المباشر لأفرادها في البيوت والشوارع من قبل القوات الإسرائيلية) أقدمت على خطوة لافتة. بادرت كل عائلة بتفريق من تبقى من أفرادها بين المنازل، كمحاولة يائسة للحفاظ على وجودهم، حتى لا تفنى العائلة بكاملها تحت الأنقاض. أصبحوا لا يقيمون في مكان واحد خوفًا من «الموت الجماعي» بحسب تأكيدات ناجين من الجحيم الإسرائيلي.

واقعة ثالثة توضح عبثية الواقع الأليم الذي أصبح عليه أهالي شمال القطاع، رصدناها ونحن نهاتف الصيدلي، أحمد أبو راشد (فقد ٣٥ فردًا من عائلته نتيجة القصف الإسرائيلي لمنزلهم في جباليا). رد «أحمد» بعفوية على شخص مُسن يسأله عن حال عمه «أبو محمد» فقال له (بلهجة توضح أن الموت أصبح حدثًا يوميًا، عاديًا): «عمى استُشهد مع عائلته، كان نازحًا عندنا بعد أن حاصره الاحتلال في بيته». أصبح أهالي القطاع يقابلون أخبار القتل بقسوة لم يتعودوا عليها إلا لتتجاوز الألم، كأنه لم يعد حدثًا مفجعًا، بل أصبح ضيفًا دائمًا يطرق أبواب البيوت تباعًا، فإذا بهم يحولون الكلام عن الموت إلى محادثة عابرة يملؤها دعاء بسيط لروح من رحل، نتيجة العدوان الإسرائيلي.

ونحن نوثق مجازر العائلات في شمال القطاع، تحديدًا، كانت الغارات الإسرائيلية تواصل قصف مدن الشمال مستهدفةً مناطق سكنية كثيفة السكان في جباليا وبيت لاهيا وبيت حنون. في شارع الهوجا بجباليا، تم قصف منطقة سكنية مما دفن عائلات كاملة تحت الأنقاض. في بيت لاهيا، تتواصل المجازر بقصف المربعات السكنية (عشرات المباني التي تضم العديد من الشقق السكنية)، تجسيدًا لسياسة الإبادة الجماعية، على حد وصف الناجين، ومنهم أحمد أبو راشد، حيث تتحول المباني المدمرة إلى مقابر جماعية، متكررة من واقع عدوان لا يتوقف.

أحمد أبو راشد: فقدت 35 من عائلتي

يروي الصيدلي أحمد فتحي أبو راشد (يقيم حاليًا في منطقة الشيخ رضوان) تفاصيل الفقد المؤلم لمعظم عائلته خلال استهداف إسرائيلي لمنزلهم في شارع الهوجا بمخيم جباليا شمال القطاع «خرجت من المخيم في السادس من أكتوبر الماضي بسبب الظروف الصحية لزوجتي، التي كانت على وشك الولادة. وصلنا الخبر الفاجع مساء يوم الرابع والعشرين من الشهر نفسه. استهدف الجيش الإسرائيلي المربع السكني الذي تقيم فيه عائلتي ببراميل متفجرات دون سابق إنذار. كانت عائلتي تضم 35 شخصًا، حيث كانوا يستعدون لمغادرة المنزل في صباح اليوم التالي هربًا من القصف. كانوا محاصرين، يعانون من نقص شديد في الغذاء والماء، ما دفعهم إلى التفكير في النزوح».

يكمل أحمد أبو راشد (بأسى واضح): «وصلني الخبر الصادم عبر ابن عمي الذي كان متواجدًا في مستشفى كمال عدوان، أبلغني باستشهاد عائلتي بالكامل تحت الأنقاض. نفذ قضاء الله وقدره في الوالد، والوالدة، والجدة، والأعمام، والأشقاء وزوجاتهم وأبنائهم. الناجية الوحيدة من الغارة الإسرائيلية كانت ابنة أختي، طفلة في السادسة من عمرها، نجت بأعجوبة حيث ألقى بها الانفجار على مسافة 20 مترًا إلى بيت الجيران، لكنها تعاني حروقًا بالغة. المربع السكني الذي كان به منزل العائلة استشهدت فيه عائلات عدة خلال القصف: عقل، عوف، سلمان، وعبد العال. لم ينجُ من العائلة الأخيرة سوى شخص واحد، قضوا جميعًا تحت الركام».

يؤكد أحمد أبو راشد أنه «لم يسبق أن وجه الجيش الإسرائيلي أي تحذير قبل قصف المبنى، الذي كان يؤوي أطفالًا ونساء وكبارًا. حتى ابن أخي الأصغر، الذي وُلد خلال العدوان في أكتوبر 2023، واستشهد في أكتوبر 2024. لم تراعِ إسرائيل حياة الأبرياء، قتلتهم جميعًا بلا رحمة. كل من حاول الاقتراب من المربع السكني لإنقاذ من قد يكون على قيد الحياة استُهدف أيضًا، رغم أن شارع الهوجا مكتظ بالمدنيين وخالٍ تمامًا من أي نشاط للمقاومة. مع استمرار الحصار وإطلاق النار على من يحاول الاقتراب، يبقى استرجاع جثث الشهداء لدفنها أمرًا صعبًا. إذا انسحب الجيش ودخلنا، سنجد الجثث متحللة، ولا نستطيع إصدار شهادات وفاة لأن الجثث لم تصل للمستشفى. فقدت عائلتي وعملي بعد استهداف الصيدليات ومخازن الأدوية، وصرت نازحًا بلا عمل».

ماجدة المصري: دفن عائلة أبو شدق

تسجل ماجدة المصري (إحدى الناجيات من القصف الإسرائيلي في شمال القطاع) عبر شهادة مروعة من، بيت لاهيا، تفاصيل الكارثة التي حلت بعائلتها. تقول لـ«الأسبوع»: «في 26 أكتوبر 2024، استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مربعًا سكنيًا يعود لعائلة أبو شدق في مخيم بيت لاهيا، دون سابق إنذار أو أي تحذير. أسفر عن استشهاد 25 شخصًا من أفراد عائلتي وجيراني، بينما نجونا بأعجوبة. أمس قصفوا البيت علينا، فنزحنا من شمال غزة إلى الغرب. كل جيراني وأقاربي استشهدوا، ستي وخالاتي وأزواجهن وأولادهن، وبنت خالتي وزوجها وأطفالها. لم يبقَ منهم أحد، تحولوا جميعًا إلى أشلاء».

تكمل ماجدة المصري (بحرقة): «تركناهم تحت الردم، من حاولنا انتشاله دفناه كما وجدناه، بعضهم لم نجد سوى رأسه أو يديه. كنا نمشي خلف الكلاب التي انجذبت إلى الجثث، عثرنا على جثة زوج بنت خالتي بينما كانت الكلاب تنهشها. حسبي الله ونعم الوكيل. إسرائيل تستهدفنا بلا رحمة، ودون أن تراعي أرواح الأبرياء. عائلات فلسطينية كثيرة في شمال غزة تدفع الثمن خلال الغارات المكثفة والمفاجئة، التي تستهدف بيوتا ومربعات سكنية تؤوي أعدادًا كبيرة، مخلفة وراءها عشرات الشهداء والمصابين، من كل الأعمار، وسط انعدام الأمان لأي مكان في هذا الجزء المحاصر من الأرض».

عناوين دموية لمحو العائلات

تتكرر مجازر العائلات التي رصدتها «الأسبوع» خلال عملية التوثيق التي تتم بالتعاون مع المصادر الموجودة على الأرض، شمال القطاع. خلال الفترة الأخيرة ارتكبت قوات الاحتلال مجازر بشعة، من بينها ما تعرضت له عائلة أبو نصر (بيت لاهيا) عقب استشهاد أكثر من 126 فردًا. عائلة شلايل (تل الزعتر بمخيم جباليا) استشهد 14 فردًا منها. عائلة اللوح (مخيم بيت لاهيا) استشهد 18 شخصًا منها، ونازحون من عائلة المصري. عائلة الحواجري (مخيم جباليا) استشهد 30 من أفرادها، بينهم نساء وأطفال، وأصيب أكثر من 50 آخرين بجروح.

تعرضت عائلة الهرش (مخيم جباليا) لغارتين جويتين متتاليتين، ما أدى لاستشهاد 8 من أفرادها. عائلة عساف (مخيم جباليا) استشهد 11 من أفرادها نتيجة غارات المقاتلات الإسرائيلية. عائلة العرابيد (مخيم جباليا) استشهد 16 منها. عائلة النجار (بيت لاهيا) قصف الطيران الحربي الإسرائيلي 19 شخصًا منها. عائلة السيد (مخيم جباليا) استهدفتها مدفعية الاحتلال مرتين في منطقة الفالوجا، وعند محاولة دفن شهداء القصف الأول، تم قصف التجمع العائلي مجددًا، مما زاد حصيلة الشهداء.

أرقام مفزعة من مخطط الإبادة الجماعية

في اليوم الثالث والثلاثين لتنفيذ مخطط الابادة الجماعية في شمال قطاع غزة، كشف المهندس زاهر الوحيدى (مدير وحدة نظم المعلومات بصحة القطاع) عن أرقام مروعة. مؤكدا لـ«الأسبوع»: «تم إبادة 6800 عائلة، منها 1206 عائلات تم مسحها من السجل المدني بالكامل، وتم محو 2227 أسرة من السجلات، ليبقى فرد واحد فقط من كل عائلة ناجيًا. وتعرضت العديد من العائلات في شمال غزة لمجازر، أبرزها عائلة أبو نصر التي فقدت 140 فردًا في مجزرة واحدة، كانوا يقيمون في عمارة مكونة من 5 طوابق، تم انتشال وحصر 126 جثة فقط، حتى الآن».

يكشف الوحيدي عن أن «العديد من العائلات لا تزال تحت الأنقاض بسبب تعطل منظومة الإسعاف والطوارئ، في ظل غياب كامل للسيارات الإسعاف والمعدات الخاصة بالدفاع المدني في شمال القطاع. وأضاف أن من يصاب في الهجمات يبقى ينزف دون إمكانية الوصول إليه. وتم توثيق استشهاد 1000 شخص وإصابة 4500 آخرين في شمال القطاع، في حين لم تُحصَ بعد مئات الشهداء الذين سقطوا في الطرقات والشوارع جراء الهجمات الجوية خلال مخطط الإبادة الجماعية».

بخصوص عملية التوثيق يشير، الوحيدى، إلى أن «صحة القطاع اعتمدت سياسة جديدة للتوثيق تتضمن إرسال الجثث إلى المستشفيات كمسلك أولي، كما أطلقت الوزارة رابطًا إلكترونيًا للتبليغ عن الشهداء والمفقودين، وأن هناك لجانًا قضائية في شمال وجنوب القطاع للتحقق من البيانات، حيث يتم عرض بيانات الشهداء على القضاء، بالإضافة إلى الشهادات والتحقيقات الجنائية لضمان دقة التوثيق، ورغم الجهود المبذولة، لا يزال هناك العديد من العائلات التي تم محوها بالكامل تحت الأنقاض».

مدير المستشفيات الميدانية يتحدث

يقول مدير المستشفيات الميدانية بغزة، د.مروان الهمص، لـ«الأسبوع»: «قوات الاحتلال تستهين بدماء الشعب الفلسطيني من خلال تركيزها على استهداف العائلات الكبيرة والمربعات السكنية المكتظة بالنازحين. المجازر المروعة شملت عائلات بأكملها. عائلة أبو نصر، وحدها، سقط منها أكثر من 100 شهيد.استهداف التجمعات لا يقتصر على المربعات السكنية، بل امتدَّ أيضًا إلى المدارس وأماكن الإيواء. سياسة الاحتلال الآن هي إبادة عائلات بكاملها، لدرجة أن بعضها قد تم محوه من السجل المدني».

التقرير الإحصائي اليومي عن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، لليوم الـ 399، يظهر «ارتكاب إسرائيل 3 مجازر جديدة ضد عائلات في مناطق عدة بالقطاع. أسفرت عن سقوط 39 شهيدًا و123 مصابًا، ولايزال العديد من الضحايا تحت الأنقاض وفي الشوارع، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم. وبذلك، يرتفع إجمالي حصيلة العدوان على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 43، 508 شهداء و102، 684 إصابة، فيما تناشد الجهات الصحية المعنية في غزة جميع ذوي الشهداء والمفقودين بضرورة استكمال بياناتهم، عبر رابط رسمي معمم».

يشير د.مروان الهمص إلى «الصعوبات التي تواجه عمليات الإنقاذ وسط دمار واسع، حيث يتم انتشال بعض الشهداء بصعوبة من تحت الأنقاض. من يصل إلى المستشفيات يأتي محمولًا على الأكتاف أو على عربات تجرها الحمير، نتيجة غياب شبه تام للخدمات الإسعافية والدفاع المدني، ما يعكس حجم الحصار والإمكانات المحدودة. الوضع الصحي في شمال غزة بالغ التعقيد، فالمنظومة الصحية تعاني نقصًا حادًا في المعدات والموارد، ويصعب تقديم الرعاية الطبية للحالات الخطيرة، حتى أن المصابين الذين يصلون أحياء يفقدون حياتهم في كثير من الأحيان نظرًا لعدم توافر الإمكانات اللازمة لإنقاذهم. هناك أزمة في توفير الحماية للطواقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف».

صراع مع الوقت.. ومع الحياة

تواصل إسرائيل تنفيذ سياسة «الأرض المحروقة» شمال غزة، متجهة لتطبيقها في وسط القطاع، وهي استراتيجية عسكرية تشمل تدمير كل ما يمكن الاستفادة منه. تحاول شطب العائلات التي تمثل عنوان الصمود الفلسطيني من الوجود، تحاول إضعاف آمال الفلسطينيين في استعادة حقوقهم، فيما لم تعد المجازر مجرد أرقام، بل قصص إنسانية مؤلمة. عائلات كاملة تحت الأنقاض، ومربعات سكنية تحولت إلى أكوام من الخراب، وعائلات أخرى تواجه خيارات مريرة، فتتفرق بين عدة منازل لضمان نجاة البعض عند انهيار الآخر، لكنهم يصرون على البقاء والصمود، ولسان حالهم يقول: «لن نستسلم. سنظل هنا، بذاكرتنا، بأبنائنا، وبتراب أرضنا».

مقالات مشابهة

  • مواطنون كانوا قرب المكان المُستهدف.. إليكم مقاطع فيديو للحظة حصول غارة الشياح
  • «مجازر العائلات» في غزة.. ناجون من جحيم إسرائيل يروون التفاصيل لـ«الأسبوع»
  • هاني العسال: التغيرات المناخية قضية ملحة ينتج عنها مخاطر كارثية
  • رأس بشري مقطوع يرعب رواد شاطئ شهير بأمريكا
  • مقلب قمامة يتحول إلى لوحة فنية.. سر الشاطئ الزجاجي في كاليفورنيا
  • الكشف عن آخر الأعمال في الشاطئ الرملي بالخبر .. صور
  • برلماني: التصدي للشائعات أصبح ضرورة ملحة في عصرنا الرقمي
  • شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (10)
  • فعالية خطابية لوزارة الخدمة المدنية والتطوير الإداري بذكرى سنوية الشهيد
  • وزارة الخدمة المدنية والتطوير الإداري تنظم فعالية خطابية بالذكرى السنوية للشهيد