قال الدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء، رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، إنه لا يخفى على مسلم ولا مسلمة الاهتمام البالغ من قِبَلِ شرعنا بالأسرة؛ حيث يبدأ هذا الاهتمام من بداية تفكير الشاب والفتاة في الزواج وبناء أسرة جديدة، فقد وجه الشباب لاختيار المرأة الملتزمة بتعاليم دينها سلوكيًّا، كما وجه أولياء المرأة لقبول الشاب الملتزم بدينه زوجا لابنتهم، ثم إن شرعنا مع المخطوبين خطوة بخطوة من الخِطبة إلى العقد إلى الحياة الزوجيَّة، بما فيها من تجاذبات تجلب السعادة أحيانا والتوتر أحيانا أخرى، يحدوهما للتغلب على المشكلات وتحقيق المودة المنشودة من الزواج، ولقد كانت الوصية بالنساء  من آخر وصايا رسولنا الأكرم.

هيئة كبار العلماء: ممارسة الألعاب في مقابل دفع الأموال "قمار"

وأوضح رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، خلال المائدة المستديرة التي نظمها مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان بأوزبكستان بعنوان (حقوق المرأة في الإسلام) بورشة عمل تحت عنوان (تعزيز حقوق المرأة في أوزبكستان)، أنه إذا كنا اليوم في هذه المائدة وما يتلوها من فعاليات نعمل في إطار تعزيز حقوق المرأة في المجتمعات كافة، وليس في أوزبكستان فقط، فإن أفضل إنصاف للمرأة هو العمل على إبراز حقوقها التي أَكْسَبَتْهَا إيَّاها شريعتُنا الغراءُ دون نقص أو زيادة، فكثير من الناس يهضمون حقوق المرأة في المعايشة الأسريَّة، حيث ينظرون إلى المرأة كأن وظيفتها تنحصر في خدمة الزوج وأولادها، وكأنها لا حظَّ لها في التمتع بما يتمتع به الرجال من حقوق! وهذا من الظلم البيِّن للمرأة ترفضه شريعتنا الغراء، فشريعتنا تنظر إلى المرأة على أنها شقيقة الرجل وشريكته في الأعباء، وتتمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها في مقابل الواجبات التي تلزمها.

وشدد أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنه يجب علينا أن نصحح بعض المفاهيم المغلوطة حول منزلة المرأة الاجتماعية، فكثير من الناس يفهمون القوامة فهمًا مغلوطًا؛ حيث يفهون أن هذا يعني تفضيل الرجال على النساء؛ ليكون الزوج في المرتبة الأولى ثم تكون الزوجة في المرتبة الأدنى، وهذا خطأ، فالقوامة مسؤولية وتكليف للرجال تجاه زوجاتهم، ولا علاقة لها بالتفضيل على الإطلاق، فالرجل قوَّام على المرأة؛ أي: مسؤول عن نفقتها وحمايتها وصيانة كرامتها، ونظرة عابرة إلى المعاجم اللغوية تظهر هذا المعنى بجلاء، فالقيِّم على الشيء: الحافظ له والقائم على شأنه، وليس الزوج فقط هو المكلف بالقيام على شأن المرأة، فمن تكريم المرأة في الإسلام أنها منذ أن تولد إلى آخر حياتها في عناية الرجال، فقبل الزواج في مسؤولية وعناية أسرتها، وبعد الزواج في مسؤولية الزوج، فإن طلقت أو مات زوجها، عادت إلى مسؤولية والدها أو من ينوب عنه.

وبين الدكتور شومان أنه إذا أردنا إنصاف المرأة حقا، فعلينا أن نعتدل في معالجة قضاياها، فإذا كان بَخْسُ حقوقِها مرفوضٌ من قبل شرعنا، فإن المبالغة في البحث عن مكتسبات للمرأة قد يضر بها من حيث لا يدري الباحث عن إنصافها، فليس في مصلحة المرأة تلك المطالبات بتخليها عن حشمتها وسترها، وذلك بالتشكيك في فرض الحجاب الذي هو من تكريم المرأة وصيانتها عن الابتذال، كجوهرة ثمينة تحفظ عن أعين  المستهترين، وليس من التضييق عليها كما يظن بعض النساء والرجال على السواء، وهو ثابت بالنصوص القطعيَّة وفي مقدمتها كتاب الله.

وتابع أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنه ليس من مصلحة المرأة ما ينادي به البعض من إباحة زواجها بأنثى مثلها، ولا في إباحة ما يسمونه بالمساكنة قبل الزواج، وغير ذلك مما ثبت تحريمه قطعا في شريعتنا، وكذلك ليس في مصلحتها المطالبة بتسويتها مع الرجل في الميراث، بل إن هذا يفقدها الكثير من حقوقها الماليَّة المستحقة في الميراث، حيث تتفوق على الرجل نصيبا في كثير من حالات الميراث، وتتساوي معه في حالات أخرى، فالإنصاف الحقيقي يكون في تأكيد حقوقها التي جاءت بها شريعتنا دون اجتهاد لا تقبله النصوص القطعية في كتاب ربنا.

وأضاف رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، أنه أيضا ليس في مصلحة المرأة المسلمة المطالبة بتمكينها من الزواج ممن خالفها في دينها؛ حيث إن الحياة الأسريَّة لا تستقيم لزوجة مسلمة زوجها غير مسلم، حيث لم يأمره دينه بتمكينها من أداء عبادتها كما تعتقدها، وهنا يقع التنازع والشقاق بينهما، بخلاف غير المسلمة إذا تزوجت من مسلم؛ حيث يؤمن زوجها المسلم برسولها سيدنا موسى أو عيسى بالضرورة، وهو مأمور بتركها تتعبد على شريعة دينها، ومنهي عن الإساءة لدينها أو حتى عن الإكثار من مدح الإسلام أمامها، حتى لا يكون من الاستدراج لها لدخولها في دينه الإسلام عن دون رغبة صحيحة، وهنا فلا مجال للنزاع والشقاق بينهما، فتستقيم حياتهما الزوجيَّة، والدعوة بالمساواة بين المسلمة وغير المسلمة في التزوج تعني زيادة التوتر في العلاقات الأسريَّة وهذا مالا يريده شرعنا.

وأكمل أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر حديثه عن الأضرار التي قد تلحق المرأة بسبب مطالبات مخالفة لشرع الله، مبينا أنه ليس من مصلحة المرأة ما ينادي به البعض من تمكين الأنثى كاملة الأنوثة من التحول الجنسي لتكون ذكرا، لما فيه من تبديل خلق الله، وليس في مصلحتها أيضا القول بإباحة الإجهاض من دون قيد أو شرط، فهو يغري الفتيات على التخلي عن الضوابط الأخلاقية، والوقوع في الخطيئة لسهولة التخلص من الحمل إن وجد، ولذا يجب أن يبقى أي حديث عن الإجهاض مقترنا بضوابطه الشرعيَّة، وكذا في سائر الحقوق المتعلقة بالمرأة فليس هناك حقوقٌ مُطْلَقَة، والقول بذلك مفسدة مُطْلَقَة أول من تستضر بها هي المرأة.

شومان: الأزهر يؤمن بحقوق المرأة كما حملتها شريعتنا الغراء

وأكد الدكتور شومان أن الأزهر يؤمن بحقوق المرأة كما حملتها شريعتنا الغراء، ولذا فهو يمكِّن للمرأة تمكينًا لا يخطئه منصف، حيث تشارك الرجال في جميع مواقع العمل في الجهات التابعة للأزهر، فلدينا العديد من عميدات الكليات الأزهريَّة، وبعض القيادات العليا وصلت إلى اختيار إحداهن مستشارة لشيخ الأزهر الشريف، كما يؤكد الأزهر حقوق المرأة المتنوعة، في مؤتمراته وندواته وأنشطته المتعددة، ومنها: حقها في التعلم والعمل، وتولي الوظائف العليا في الدولة، وحقها في اختيار شريك حياتها دون ضغط أو رفض من ولي أمرها، وحقها في السفر من دون محرم متى أَمِنَتِ الطريق، وحقها في طلب الخلع إن كرهت الزوج دون أن يكون به عيب، وحقها في طلب التطليق للضرر إن كان الزوج يسيء معاملاتها، كما يؤكد الأزهر على تحريم تطليقها من دون سبب تستحيل معه عشرتها، فليس التطليق من الحقوق المطلقة للرجال يفعلونه متى أرادوا، وكيف يتصور أن شرعنا يقر طلاق رجل لزوجته بعد أن أفنت معه زهرة شبابها عقودا؛ لتجد نفسها وحيدة بينما يتمتع هو بزوجات غيرها؟!.

واختتم أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر كلمته بأن الأزهر يُشدد على وجوب إيصال حق المرأة  المستحق في تركة من مات من قرابتها أو زوجها، وحقها في الحصول على تعويض عن مشاركتها في تنمية ثروة زوجها، يكافئ جهودها التي بذلتها، وإذا لم تأخذه في حياة زوجها أخذته من تركته أولًا ثم تأخذ نصيبها من التركة ميراثا وغير ذلك من الحقوق كثير، وما علينا إلا تأكيد هذه الحقوق ومطالبة الناس بإعطائها إياها، إضافة إلى احترامها وتقديرها وتكريمها إن أردنا فعلا إنصافها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: شومان عباس شومان هيئة كبار العلماء المنظمة العالمية لخريجي الأزهر حقوق المرأة حقوق المرأة فی مصلحة المرأة وحقها فی لیس فی

إقرأ أيضاً:

دار الفتوى: مراكز الإيواء مسؤولية الدولة

محلياً،  شدد مجلس المفتين، الذي عقد اجتماعاً برئاسة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان أمس في دار الفتوى على ان «النازحين من الجنوب والبقاع والضاحية هم أهلنا وضيوفنا، وعلى الدولة مسؤولية تجاههم بتأمين مزيد من مراكز الإيواء، وخصوصا ان النزوح يزداد يوما بعد يوم، مما يضاعف نسبة التعرض للأملاك الخاصة وتفاقم الخلافات وهذا ينبغي معالجته في اسرع وقت ، حتى لا نقع في المحظور.

ورأى ان «الاستمرار بالفراغ في سدة رئاسة الجمهورية يخشى من أن يؤدي الى استهداف لبنان وتدميره وضياعه واستحداث وصاية عليه، مما يستوجب الإسراع في انتخاب رئيس جامع وعدم ربطه باي استحقاق آخر لان وجود الرئيس وتشكيل حكومة فاعلة هما الأساس في  مواجهة كل الأخطار المحدقة بلبنان وشعبه ومؤسساته»، واعلن تأييده «البيان الصادر عن مفتي الجمهورية برفضه  إحداث أي خلل في التوازنات بالمواقع المدنية والعسكرية والقضائية في سائر مؤسسات الدولة»، وحذر من ان «يكون هذا الأمر شرارة أزمة جديدة تضاف الى الأزمات المتراكمة في لبنان وعلى الجهات المعنية ان تراعي التوازن بين المكونات اللبنانية كافة بالعدل والمساواة في الحقوق والواجبات».
ونوه مجلس المفتين بـ»مبادرة الأشقاء العرب وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي والدول الصديقة للبنان، بالمسارعة الى مساعدة الشعب اللبناني ودعمه، من خلال ثقتهم بمؤسسات الدولة وسعيهم الدائم لوقف حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على لبنان وشعبه».

من جهته اعتبر المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى أن العدوان الصهيوني على لبنان، وما يرتكبه من مجازر بحق المدنيين، هو جريمة ضد الانسانية، ورأى المجلس على المستوى الوطني أن الاولوية اليوم هي لوقف العدوان على لبنان، مشيداً الوقفة الوطنية في المناطق التي لجأ إليها النازحون وبتعاون المواطنين مؤكداً إلى هذا النزوح مؤقت.
 

مقالات مشابهة

  • فيكتوريا وودهول.. من هي مرشحة الرئاسية الأمريكية التي حضرت التصويت في السجن
  • إيران تدعو المقرر الأممي لحالات القتل خارج القانون إلى تجنب الكيل بمكيالين تجاه جرائم الكيان الصهيوني
  • القرار يضع المجتمع الدولي أمام اختبار جديد تجاه التزامه بحماية حقوق الإنسان وحل الأزمات الإنسانية
  • الدكتور بن حبتور يؤكد على مسؤولية وزارة الخارجية في تعزيز علاقات التعاون مع العالم الحر
  • هل تسقط قوامة الرجل حين تنفق الزوجة .. داعية يحسم الجدل
  • محافظ اللاذقية الدكتور خالد أباظه لمراسل سانا: إخماد جميع الحرائق التي اندلعت في ريف المحافظة، مع بقاء بؤرة على اتجاه قرية السمرا ويتم التعامل معها من خلال فرق إطفاء حقلية لصعوبة وصول الآليات لوجودها في جرف صخري، وامتدادها محدود ولا تشكل أي خطر في محيطها
  • وزير الحج الأسبق يروي قصة المرأة التي أوكل الملك عبدالعزيز نفسه لاسترداد حقها .. فيديو
  • حكم عدة المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول.. دار الإفتاء تجيب
  • مصر أكتوبر: الدولة لن تتأثر بمحاولات التشكيك في دورها تجاه القضية الفلسطينية
  • دار الفتوى: مراكز الإيواء مسؤولية الدولة