عربي21:
2024-09-17@03:39:32 GMT

السيسي في أنقرة: دلالات ومسارات

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT

تعدُّ زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا ذروة مسار خارجي لأنقرة، في إطار تدوير زوايا الخلاف مع عدة قوى إقليمية ميزت العلاقات معها حالة من التوتر والمواجهة غير المباشرة خلال العقد الماضي، وصولا لحالة من الحوار ثم التعاون.

فقد كانت العلاقات بين أنقرة والقاهرة قُطعت بعد الانقلاب في مصر عام 2013، والذي انتقده في حينها أردوغان بسقف خطاب عالٍ جدا، وهو الذي يرأس بلدا تمثل الانقلابات العسكرية ظاهرة عامة متكررة في تاريخه الحديث، فضلا عن أن الانقلاب في مصر أتى في ظلال مظاهرات "غزي بارك" الذي رأى فيها الرئيس التركي محاولة لتأليب الشارع ضده كمقدمة لانقلاب محتمل.



وعلى مدى سنوات طويلة وقفت الدولتان، مصر وتركيا، في محاور متواجهة في عدد من الملفات الإقليمية. فقد رأى النظام المصري الناشئ بعد الانقلاب أن أنقرة تدعم المعارضة المصرية وخصوصا الإخوان المسلمين، فيما رأت الأخيرة أن القاهرة اصطفت مع غريمتها التقليدية اليونان في عدة مبادرات؛ أهمها منتدى غاز شرق المتوسط الذي عدّته تركيا محاولة يونانية لتهميش حقوقها في المنطقة.

النظام المصري الناشئ بعد الانقلاب أن أنقرة تدعم المعارضة المصرية وخصوصا الإخوان المسلمين، فيما رأت الأخيرة أن القاهرة اصطفت مع غريمتها التقليدية اليونان في عدة مبادرات؛ أهمها منتدى غاز شرق المتوسط الذي عدّته تركيا محاولة يونانية لتهميش حقوقها في المنطقة
منذ 2020، سارت تركيا في عملية استدارة في سياستها الخارجية مدفوعة بعدة سياقات سبق شرحها في مقالات سابقة، وحسّنت علاقاتها مع كل من السعودية والإمارات ودولة الاحتلال، وبدأت مسارات حوار وتطوير علاقات مع النظام السوري، بيد أن تطور العلاقات مع مصر بدا أكثر بطئا وتدريجا بسبب الاشتراطات والمطالب المصرية فيما يُفهم من التصريحات الرسمية.

فرغم أن أردوغان زار القاهرة في شباط/ فبراير الفائت ودعا السيسي لزيارة بلاده، إلا أن الأخيرة لم تحصل إلا قبل أيام، أي بعد سبعة أشهر كاملة تحدثت المصادر الرسمية أنها كانت "ترتيبا لجدول أعمال الزيارة".

وقد وقع الطرفان خلال الزيارة 17 اتفاقا في مختلف المجالات، منها التعليم العالي والسكك الحديد والطيران المدني، لكن الأهم بلا شك ما يتعلق بالطاقة والصناعات الدفاعية، وهو ما أكد عليه الرئيس التركي الذي أكد على رغبة بلاده بـ"الارتقاء بتعاوننا مع مصر في مجال الطاقة وخصوصا الغاز الطبيعي والطاقة النووية"، كما كان وزير الخارجية هاكان فيدان تحدث عن نية بلاده بيعه مصر طائرات مسيّرة أسوة بدول أخرى.

ولا شك أن الاقتصاد يمثل هدفا مشتركا للجانبين وعنوانا للمرحلة المقبلة، إذ أكد الرئيسان على هدف رفع حجم التبادل التجاري بينهما خلال السنوات القادمة إلى 15 مليار دولار أمريكي، بعد أن سجل 6.6 مليار دولار العام الفائت. كما عقدا الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، وعبّرا عن رغبة مشتركة برفع مستوى الشراكة بين بلديهما إلى مستوى استراتيجي العام المقبل، والذي سيوافق الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية بينهما.

ورغم أن الاقتصاد يمثل العنوان الأبرز للزيارة، إلا أن الأبعاد السياسية لا تقل أهمية وطرحا للأسئلة عن مستقبل العلاقات الثنائية والملفات ذات الاهتمام المشترك.

وفي هذا الإطار من المهم الإشارة إلى أن زيارة السيسي لأنقرة لم تكن زيارة عادية للطرفين. ففضلا عن أنها الزيارة الأولى له لتركيا وتأتي بعد عقد كامل من القطيعة شبه الكاملة بين الجانبين إضافة لمواجهات غير مباشرة بينهما، فقد بدا الاحتفاء التركي الرسمي جليا باستقبال أردوغان لنظيره المصري في المطار بنفسه، ثم بالمظاهر البروتوكولية في الاستقبال والزيارة.

كما أن الزيارة تأتي في ظل تفاقم عدة قضايا إقليمية في مقدمتها العدوان "الإسرائيلي" على غزة واحتمال توسعه إقليميا، والحرب الدائرة في السودان، وملف سد النهضة، واحتمالات التصعيد في القرن الأفريقي وغيرها.

كما أن الاتفاقات الموقعة ومسار مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين يبشران بمرحلة جديدة في العلاقات؛ عنوانها التنسيق بالحد الأدنى والتعاون المحتمل في عدد من الملفات.

من المهم في هذا الإطار الإشارة إلى أن دوافع التقارب بين البلدين عديدة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية في كليهما، والتحديات الإقليمية، إضافة لعملية المراجعة التي تمت للعقد الماضي، وطيُّ صفحة الثورات العربية وتداعياتها على العلاقات، يبدو أن الطرفين اتفقا على أن يكون الاقتصاد مفتاح العلاقات الثنائية بينهما ورافعة للمجالات الأخرى، بحيث يتم تحييد بعض الملفات الخلافية، وهو ما يعني حكما أن بعض الاشتراطات المسبقة تحولت مع الوقت لملفات حوار وتفاوض، وخصوصا ما يرتبط بالمعارضة المصرية على الأراضي التركيةمع التأكيد على أن الاصطفاف السابق عبر عن مواقف أكثر مما نتج عن مصالح متضاربة، فقد كان كاتب هذه السطور أكد مرارا -حتى في سنوات التوتر الشديد بين الجانبين- على أن المصالح الحقيقية الجوهرية تجمع البلدين ولا تفرقهما.

الآن، يبدو أن الطرفين اتفقا على أن يكون الاقتصاد مفتاح العلاقات الثنائية بينهما ورافعة للمجالات الأخرى، بحيث يتم تحييد بعض الملفات الخلافية، وهو ما يعني حكما أن بعض الاشتراطات المسبقة تحولت مع الوقت لملفات حوار وتفاوض، وخصوصا ما يرتبط بالمعارضة المصرية على الأراضي التركية.

من اللافت أن تركيا أشادت مرارا بموقف مصر من العدوان على غزة وتحديدا زاوية إدخال المساعدات، ما يؤكد حرصها الواضح على تمتين العلاقات، كما أن القاهرة تراهن على تعاون تركي في الملفات الأفريقية، من السودان إلى الصومال وإثيوبيا. ويبقى الملف الليبي أحد أبرز الأمثلة على تلاقي المصالح الجوهرية رغم التناقض الظاهر أو المفتعل أو المتخيل في المرحلة السابقة، وهو الملف الذي شهد فعلا -حتى قبل هذه الزيارة- حوارا وتعاونا بين الجانبين، ولا شك أن تعميق التفاهمات بينهما بخصوصه قد يساهم في حل مستدام واستقرار منشود في البلد الحيوي لكليهما.

x.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري السيسي العلاقات أردوغان تركيا مصر السيسي تركيا أردوغان علاقات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أن کما أن

إقرأ أيضاً:

"أوتار الصداقة".. فعالية موسيقية احتفالًا بمرور 90 عامًا على العلاقات المصرية السويسرية

نظم المتحف القومي للحضارة المصرية فعالية موسيقية بالتعاون مع السفارة السويسرية بالقاهرة، بمناسبة الاحتفال بمرور 90 عامًا على علاقات الصداقة المصرية السويسرية.

وجاءت الفعالية تحت عنوان تحت عنوان "أوتار الصداقة: رحلة موسيقية مصرية سويسرية"، وشهدها السفيرة إيفون باومان سفيرة سويسرا بالقاهرة، ولفيف من الشخصيات العامة والمشاهير ومحبي الفن والموسيقى الذين باتوا حريصين علي حضور فعاليات المتحف المتنوعة.

واستهل الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، الفعالية بكلمة رحب خلالها بالحضور وضيوف المتحف، معربًا عن سعادته باستضافة وتنظيم مثل هذه الفعاليات الثقافية والتي يحرص المتحف على تنظيمها في إطار البرنامج الثقافي والفني له خلال موسم 2024، والذي يتضمن فعاليات مختلفة ومتنوعة ينظمها المتحف بشكل دوري، تأكيدًا على دوره كمؤسسة ثقافية ومجتمعية وتوعوية تهدف إلى رفع الوعي الثقافي والأثري والارتقاء بالذوق الفني وتعريف الشعب المصري بمختلف ثقافات الشعوب الأخرى.

وتحدث خلال كلمته عن الروابط التاريخية والثقافية التي تربط بين مصر وسويسرا، وأهمية التراث والفن لكل منهما، مؤكدًا على أن الفن هو أفضل وسيلة لإقامة الروابط بين شعوب العالم، كما أن الموسيقى تلعب دورًا هامًا في تجمع شعوب العالم وتوحدهم رغم اختلاف اللغات والثقافات، مشيدًا بدور السفارة السويسرية وحرصها على التعاون المستمر في دعم الدور الثقافي والفني الكبير للمتحف.

كما أعربت السفيرة إيفون باومان، عن تقديرها البالغ للجهد المبذول والتعاون بين المتحف والسفارة السويسرية لخروج هذه الفعالية إلى النور بما يليق به كونه واحدا من أهم المشروعات الثقافية فى العالم، موضحة أن الاحتفالية تأتى ضمن الفعاليات والأنشطة التي تقيمها السفارة منذ يونيو 2024 وحتي مارس 2025، للاحتفال بمرور 90 عامًا على علاقات الصداقة المصرية السويسرية.

وتضمن البرنامج الثقافي للفعالية فقرة موسيقية ثنائية لعازف الكمان المصري مدحت عبد السلام  وعازف البيانو السويسري جوزيف موريس، عزفا خلالها مجموعة من أشهر المقطوعات الموسيقية العالمية التراثية والمعاصرة لأعظم مؤلفي الموسيقى العالمية.

يذكر أن الدكتور مدحت عبدالسلام، أستاذ الموسيقي بالكونسرفتوار، ومن أشهر عازفي الكامنجا، عمل بكونسرفتوار جنيف، وأوركسترا أوبرا زيورخ، كما نجح في بناء قاعدة جماهيرية كبيرة داخل مصر وخارجها.

أما الفنان السويسري الكسندر بولداتشيفه فهو عازف عالمي لآلة البيانو حصد جوائز عالمية وقدم عروضه في أرقى قاعات الحفلات الموسيقية حول العالم بما في ذلك قاعة كارنيجي في نيويورك، والفيلهارموني في برلين، وموزيكفيرين في فيينا، فيما بعد.

مقالات مشابهة

  • أشرف الفار: مؤتمر التمور يعزز العلاقات المصرية العمانية
  • الرئيس الإيراني يكشف كيف حصلت اليمن على الصاروخ الفرط صوتي الذي استهدف “تل أبيب”
  • الرئيس السيسي: الدولة المصرية لا تدخر جهدًا في توفير كل الدعم لبناء الإنسان
  • وزير الاستثمار السعودي: العلاقات المصرية السعودية نموذج يحتذى به في التعاون العربي الوثيق
  • أنقرة: لا اتفاقات محددة حول توقيت ومكان لقاء أردوغان والأسد
  • لافروف: نعمل على تعزيز العلاقات الروسية المصرية على كل المستويات
  • أنقرة: مكان وزمان لقاء أردوغان والأسد لم يحدد بعد
  • العائلة الملكية البريطانية تهنئ الأمير هاري بعيد ميلاده الـ40 رغم العلاقات المتوترة بينهما
  • الهضيبي: العلاقات المصرية ـ الصومالية تتسم بالقوة والمتانة
  • "أوتار الصداقة".. فعالية موسيقية احتفالًا بمرور 90 عامًا على العلاقات المصرية السويسرية