العرب القطرية:
2024-07-06@15:20:55 GMT

جاسم سلطان.. يستشرف علم الاجتماع الذي نريد

تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT

جاسم سلطان.. يستشرف علم الاجتماع الذي نريد

الإنسان كائن اجتماعي بسيكولوجيته، بمعنى أنه لا يستطيع الحياة منعزلا من دون جماعة بشرية، ولهذا فإن السعي لفهم المجتمع الإنساني، هو فهم للإنسان، ذلك الكائن الذي تحكمه العواطف والأهواء، ومن ثم يصعب التنبؤ بما سيصدر عنه، وقياسًا لا يُمكن استخلاص قوانين بشأن ردود أفعاله، كما في علمي العلوم الطبيعية والتطبيقية، ولهذا بات علم الاجتماع حقل يمسُ الثقافة والسياسة والاقتصاد وعلم النفس والتاريخ، وأصبح، بما يوفره من نماذج ولغة وفهم للمجتمعات البشرية، لبنة أساسية في الإعداد القيادي، فالمجتمع هو البيئة التي تحيط بالإنسان، وتؤثر فيه، ويتأثر بها.

 
يسعى الدكتور جاسم سلطان (ولد 1953) في كتابه «علم الاجتماع» الصادر عن دار لوسيل للنشر والتوزيع في عام 2019، إلى تناول مسار علم الاجتماع المبكر والغربي، ثم استشراف علم اجتماع جديد يكون أكثر فائدة للمجتمعات العربية عامة، والخليجية خاصة، وينطلق من الصورة الكلية إلى الجزيئات بدلا من الغرق في الجزئيات، وإهمال الصورة الكلية، فيذكر في مقدمة الكتاب أنه ليس إلا «مذكرات خاصة كتبها عبر رحلة العمر»، ولكنه شعر بأهمية مشاركتها مع من يُطلق عليهم «قراء النهضة»، خاصة أن علم الاجتماع كما رأى بعض مؤسسيه هو «علم العلوم؛ لأنه يشمل الظاهرة الاجتماعية الكلية، التي تفرعت منها كل ظواهر التساكن البشري».

5 فصول
والكتاب مكون من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة. الفصل الأول تمهيدي يتضمن عطاءات علم الاجتماع، التي تعني القارئ العربي بعنوان «نحن وعلم الاجتماع»، والثاني يضع الأساس من المصطلحات والملاحظات، والثالث يقدم صورة مبسطة لمسار علم الاجتماع المبكر، والرابع يواصل رحلة تطوره في الغرب الأوروأمريكي، وأخيرًا يشرح الفصل الخامس والأخير بعض القضايا والمفاهيم المكملة والمبسطة لعلم الاجتماع لييبين «علم الاجتماع الذي نريد»، وأخيرًا تتضمن الخاتمة مجموعة من المقترحات البحثية المستقبلية.
ينطلق الفصل الأول من الكتاب؛ ليجيب عن سؤال: لماذا يزور الناس علم الاجتماع؟ وبصدد إجابته يرى أن صانع القرار يريد أن يفهم الظواهر الاجتماعية، أما المتخصص فإنه يريد معرفة آلية التغير الاجتماعي، بينما القارئ العام يزوره بغرض استكمال ثقافته العامة، ولهذا يرى أن علم الاجتماع مر بمرحلة انتقل فيها من كونه فلسفة إلى كونه علمًا، ومن ثم أصبح حقلا وسيطًا بين الاقتصاد والسياسة والتعليم والجغرافيا والتاريخ وعلم النفس وغيرها.

علم الاجتماع والفلسفة
يُعرف في الفصل الثاني بمجموعة من المصطلحات الخاصة بعلم الاجتماع، كالبنية الاجتماعية والنظام الاجتماعي، والثقافة الاجتماعية، والمجتمع الكبير، والمجتمع الصغير، والمؤسسة والمنظمة، والاجتماع البشري، والظواهر الاجتماعية، ثم يبين العلاقة بين علم الاجتماع والفلسفة والعلوم التجريبية والدين ومستويات النظر وقابلية الحياد، ومهمة علم الاجتماع اليوم، ليؤكد على أن خيال علم الاجتماع يُمكننا من الإمساك بالتاريخ، وسيرة الحياة، والعلاقات القائمة بين هذين البعدين في المجتمع. 

إنشاء مجتمعات جديدة
يؤكد في الفصل الثالث أن مسار علم الاجتماع يرجع إلى عصور قديمة، فالاهتمام بسلامة المجتمع أمر انشغل به الفلاسفة، وفكروا في المدن الفاضلة كمقترحات لحماية المجتمع، أو إنشاء مجتمعات جديدة، ثم قدمت الديانات منظومات أخلاقية لأجل تنظيم حياة الأفرادح بهدف إنشاء مجتمعات ناجحة، ويشير إلى أن أقدم خطاب ديني وجد في المعابد المصرية القديمة في رسائل إيموحتب، الوزير المصري، الذي يقدم الوصايا العشر، التي هي بمثابة جذر مشترك في التوجيه الاجتماعي، بهدف تقديم تصور عن العالم المثالي، تلك الفكرة التي وجدت في النقوش الصينية أيضًا، وعند اليونان في جمهورية أفلاطون، وعند المسلمين في مدينة الفارابي، ثم قام ابن خلدون بدراسة علوم الأوائل، ووضع أسس ما أسماه «علم العمران»، الذي أكد فيه على أن اختلاف البيئات يورث اختلاف الطبائع، وأن الدولة كائن حي له طبيعته الخاضعة لقانون السببية، مقدمًا منهجًا استقرائيًا يبدأ بدراسة الواقع ليصل إلى القانون الحاكم.

الثورات العلمية والتطبيقية
يواصل الفصل الرابع استعراض مسار علم الاجتماع في الغرب، انطلاقًا من القرن العاشر، الذي كان منطلقًا لسياق تاريخي أوروبي، أدى إلى نشأة علم الاجتماع، وخاصة ما بعد الثورات العلمية والتطبيقية، فمر بمراحل وضع أساسها أوجست كونت (1788- 1877)، ثم فرانسيس بيكون (1561- 1626)، إيمانويل كانت (1724- 1804)، هربرت سبنسر، أميل دوركايم، أنطونيو جرامشي، جارغون هبرماس، ثم يستعرض المدارس الاجتماعية؛ كمدرسة شيكاغو، ومدرسة فرانكفورت، والمدرسة الوظيفية، المدرسة الصراعية، والمدرسة التجريبية، المدرسة الوضعية، وأخيرًا المدرسة البنيوية.

فلسفة الحراك الاجتماعي
يحاول في الفصل الخامس تقديم رؤية لعلم الاجتماع الذي نريد اليوم، فيرى أن فلسفة التاريخ تمثل الإطار الأولي لهذا العلم، وتليها فلسفة الحراك الاجتماعي، فالمجتمعات بحاجة إلى عقد اجتماعي يحقق روابط التعاون؛ لأجل ضمان الوجود والاستقرار والتنمية والتقدم، وقبل أن يختم استعرض بعض الموضوعات الاجتماعية التي بحاجة لبحوث ودراسات، كبعض ظواهر المجتمع، وسوسيولوجيا القضايا العالقة في التاريخ العربي، والبنيات التاريخية الاجتماعية، والمتطلبات الاجتماعية لوضع أرضية لمجتمع المعرفة، والأسرة العربية والعلاقات الإنسانية، وأنماط التفكير الاجتماعي، ولماذا تعمل جامعات الغرب في إنتاج المعرفة ونعجز عن إنتاجها، ومنظور كل من الإنسان، العلم، الطبيعة، الوقت، الدين، العمل، المواطنة، الهوية في الممارسة العملية في المجتمعات المعاصرة، ليختتم بقوله: «إننا نتطلع إلى ذلك اليوم الذي يرتاد علم الاجتماع فيه عباقرة ذوو أحلام وتطلعات عالية يُسهمون في رسم خارطة الطريق لمجتمعات جديدة؛ تنافس في الشراكة الحضارية ولا تقف تجتر عجزها في معترك التنافس العالمي القائم اليوم».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر علم الاجتماع علم الاجتماع

إقرأ أيضاً:

40 مليون درهم لتطوير مركز الشيخ زايد للأطفال بأسطنبول

وقعت وزارة تنمية المجتمع ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، مذكرتي تفاهم مع وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية في الجمهورية التركية، بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال العمل الاجتماعي، إضافة لإعادة تطوير مركز الشيخ زايد لرعاية الأطفال في إسطنبول بقيمة 40 مليون درهم.

ويأتي توقيع هذه الاتفاقيات في إطار إستراتيجية الإمارات الهادفة لتعزيز شراكاتها وتوطيد علاقاتها مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة والتزامها المستمر بتعزيز التعاون وتحسين حياة الأفراد والشعوب في مختلف أنحاء العالم كنهج إماراتي راسخ ومستمد من إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وقال سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، إن هذه الشراكة مع الجمهورية التركية تأتي لتعزيز سبل التعاون وتبادل الخبرات في مجال العمل الاجتماعي وتطوير مركز الشيخ زايد لرعاية الأطفال، مشيرًا سموه إلى أن رعاية الأطفال وضمان حصولهم على أفضل الخدمات الصحية والتعليمية هي أساس بناء مجتمعات متماسكة وقادرة على المضي قدماً في مسيرة التنمية والازدهار.

وأكد سموه أن الاستثمار في صحة وتعليم الأطفال هو استثمار في مستقبل أكثر إشراقًا للجميع مستلهمين إرث زايد الخير الذي سيظل مستمراً في جميع مجالات العمل الإنساني والخيري.

شهد مراسم توقيع مذكرتي التفاهم، السيدة الأولى أمينة أردوغان، وشما بنت سهيل المزروعي وزيرة تنمية المجتمع، وماهينور أوزدمير غوكطاش، وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في الجمهورية التركية، وحصة بنت عيسى بوحميد، مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، والدكتور محمد عتيق الفلاحي مدير عام مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، وعائشة غول يلدريم كارا، المدير العام لخدمات الطفل في وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية.

وأوضحت شما المزروعي، أن توقيع مذكرة التفاهم بين وزارة تنمية المجتمع، ووزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية، يأتي ترسيخاً لعلاقات التعاون بين الدولتين وتبادل الخبرات والتجارب وأفضل الممارسات في مجال التنمية الاجتماعية، بما يتوافق مع توجيهات القيادة الرشيدة وحكومة دولة الإمارات، مشيرة إلى المتابعة المتواصلة من سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، للمشاريع والمبادرات التي تقدمها دولة الإمارات في الدول الشقيقة والصديقة.

من جانبها، أوضحت حصة بنت عيسى بوحميد، أن توقيع هذه المذكرات يترجم رؤية الإمارات في إعلاء شأن الإنسان ومنح الأسرة والطفل أولوية في العمل الجاد لتحسين الخدمات وجودة الحياة، لافتة إلى أن هذا التعاون سيساهم في تعزيز تبادل الخبرات والتعرف على أفضل الممارسات لدى الطرفين.

وتتضمن مذكرة التفاهم، التعاون في العديد من المجالات بين الوزارتين، كتنمية ورعاية الأسرة، والاطلاع على التشريعات القانونية والإدارية والتثقيفية، وبناء القاعدة المعرفية حول أفضل الممارسات العالمية التي تهدف لحماية الطفل، وكيفية التعامل مع ظاهرة العنف الأسري، وإتاحة الفرصة للجهات المعنية بالطفولة في دولة الإمارات، للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي والنفسي المُوجهة للأطفال عبر منصة (ANKA) الإلكترونية.

كما يهدف هذا الاتفاق لإعادة تطوير مجمع الشيخ زايد للأطفال في إسطنبول، بتقديم مساهمة قدرها 40.4 مليون درهم، وسيشمل التحديث التوسعة وإعادة التطوير والصيانة المستمرة لضمان استمرارية عمل المرافق بكل كفاءة.

وعبر د. محمد عتيق الفلاحي، عن سعادته بهذا التعاون في إطار دعم تنمية المجتمع وبناء مستقبل أفضل للجميع، مشيرًا إلى أن العطاء هو قيمة عظيمة غرسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأصبحت نهجًا فريدًا وجوهريًا تتميز به الإمارات ومبادراتها الإنسانية العديدة، تحت إرشاد ودعم مجلس الشؤون الإنسانية الدولية.

(وام)

مقالات مشابهة

  • صنعاء.. منظمات تابعة للحوثيين متورطة في قضايا اختلاس بأكثر من 2 مليار ريال
  • الحديدة..النائب العام يؤكد على مضاعفة الجهود وجدولة القضايا وسرعة الفصل فيها
  • حقيقة إغلاق مدارس السودانيين في محافظة الجيزة (تفاصيل)
  • بايتاس: مليون و127 ألف موظف سيستفيدون من زيادات في الأجور بقيمة إجمالية تصل 45 مليار درهم
  • بعد إعلان فض دور الانعقاد الرابع.. إنجازات مجلس الشيوخ في الأداء التشريعي
  • دار سعاد الصباح للثقافة تصدر الكتاب الفائز بمسابقة عبدالله المبارك للإبداع
  • الجرائم داخل الاسرة الاردنية في ظل العولمة كيف تقرأ علميا..؟
  • 40 مليون درهم لتطوير مركز الشيخ زايد للأطفال بأسطنبول
  • وزيرة التضامن الاجتماعي: ملف الحماية الاجتماعية سيظل على رأس أولويات عمل الوزارة خلال الفترة المقبلة
  • "التنمية الاجتماعية" توقع مع "مؤسسة إشراقة" على 3 اتفاقيات لتنمية المجتمع في مسندم