«هيومن رايتس»: طرفي الحرب في السودان حصلا على أسلحة حديثة من مصادر أجنبية
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
وفقاً لـ (هيومن رايتس ووتش) من بين المعدات الجديدة التي تم تحديدها طائرات بدون طيار مسلحة، وأجهزة تشويش على الطائرات بدون طيار، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وقاذفات صواريخ متعددة الفوهات، وذخائر هاون.
الخرطوم: التغيير
أكدت منظمة (هيومن رايتس ووتش) في تقرير صدر اليوم الإثنين، حصول الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مؤخرًا، وهي الأطراف المتحاربة الرئيسة في النزاع الحالي في السودان، على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة من مصادر أجنبية.
وطالبت المنظمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتجديد وتوسيع حظر الأسلحة المفروض على منطقة دارفور ليشمل جميع أنحاء السودان، مع دعوة إلى محاسبة الأطراف المخالفة.
ووفقًا للباحث الأول في الأزمات والصراعات والأسلحة في هيومن (رايتس ووتش)، جان بابتيست جالوبين، فإن “الصراع في السودان يشكل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية وحقوق الإنسان في العالم”.
وأضاف: “الأطراف المتحاربة ترتكب فظائع دون عقاب، والأسلحة الجديدة التي حصلوا عليها من المحتمل أن تُستخدم في ارتكاب مزيد من الجرائم”.
أسلحة ومعدات من عدة دولوأوضحت (هيومن رايتس ووتش) أنها حللت 49 صورة ومقطع فيديو تم تصويرها ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك وتيليجرام وتيك توك وX) (المعروف سابقًا باسم تويتر)، والتي تظهر الأسلحة والمعدات التي تستخدمها الأطراف المتحاربة.
وقالت إن من بين المعدات الجديدة التي تم تحديدها طائرات بدون طيار مسلحة، وأجهزة تشويش على الطائرات بدون طيار، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وقاذفات صواريخ متعددة الفوهات، وذخائر هاون.
وذكرت أن هذه الأسلحة منتجة من قبل شركات في الصين وإيران وروسيا وصربيا والإمارات العربية المتحدة.
تشير الأدلة بحسب تقرير (هيومن رايتس ووتش) إلى أن هذه الأسلحة والمعدات الجديدة قد وصلت إلى الأطراف المتحاربة بعد بداية الصراع الحالي في أبريل 2023، مع بعض الذخائر التي تحمل أرقام دفعات تعود إلى عام 2023.
ومنذ بداية النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدى الصراع إلى مقتل عدد كبير من المدنيين ونزوح الملايين داخليًا، بالإضافة إلى أزمة المجاعة التي تهدد الملايين.
وتُستخدم الأسلحة والمعدات الجديدة في ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان، ليس فقط في دارفور بل في أنحاء مختلفة من البلاد.
تجديد نظام العقوباتمن المتوقع أن يناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 11 سبتمبر مسألة تجديد نظام العقوبات الذي يفرض حظرًا على نقل المعدات العسكرية إلى دارفور.
وقد تم فرض هذا النظام في عام 2004، في ذروة صراع دارفور الذي شهد انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان وجرائم حرب. ومع تصاعد الصراع منذ أبريل 2023، لم يتخذ أعضاء مجلس الأمن خطوات لتوسيع الحظر ليشمل كافة أنحاء السودان.
وأكدت (هيومن رايتس ووتش) أن حظر الأسلحة الحالي المفروض على دارفور فقط لا يكفي لمواجهة المخاطر المتزايدة التي يسببها تورط الأطراف المتحاربة في الصراع، وتدعو إلى فرض حظر شامل على الأسلحة على مستوى البلاد.
وأضافت بأن هذا الحظر سيسهم في تحسين مراقبة عمليات نقل الأسلحة ومنع وصولها إلى المناطق الأخرى في السودان.
كما عارضت الحكومة السودانية توسيع الحظر، وضغطت على أعضاء مجلس الأمن لإنهاء نظام العقوبات وإزالة حظر الأسلحة عن دارفور.
استخدام مقلق للأسلحة الجديدةذكرت (هيومن رايتس ووتش) أن الصور والفيديوهات التي تم التحقق من صحتها، والتي تُظهر استخدام الطائرات بدون طيار لاستهداف المدنيين في الخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية، تكشف عن الاستخدام المقلق للأسلحة الجديدة في الهجمات على المدنيين.
ويبرز أحد مقاطع الفيديو طائرة بدون طيار تسقط قذائف هاون على أشخاص عزل، مما يؤدي إلى مقتل وإصابة العديد منهم.
وشددت على أنه في ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة الملحة إلى تجديد الحظر وتوسيعه لتشمل جميع أنحاء السودان، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ومنع استخدام الأسلحة في ارتكاب مزيد من الجرائم ضد المدنيين.
الوسومإنتهاكات حرب السودان الجيش السوداني حرب السودان حظر الأسلحة قوات الدعم السريع هيومن رايتس ووتش
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إنتهاكات حرب السودان الجيش السوداني حرب السودان حظر الأسلحة قوات الدعم السريع هيومن رايتس ووتش الأطراف المتحاربة هیومن رایتس ووتش حظر الأسلحة فی السودان مجلس الأمن بدون طیار
إقرأ أيضاً:
السلاح والغذاء في حرب السودان
تدخل الحرب الأهلية السودانية اليوم (15 مارس/ آذار 2024) شهرها الرابع والعشرين. عامان من الاقتتال، بلا أفق واضح لحلّ سلمي. بحسب منظمّة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يحتاج 30 مليون سوداني إلى مساعدات، بينما نزح 14 مليون شخص في داخل السودان وإلى خارجه. لكن المستقبل لا يبدو مبشّراً بحلول سلمية قريبة، وما زالت مرحلة انهيار الدولة وتفكّكها تتواصل رغم محاولة السلطة العسكرية التظاهر بأن الحياة تسير طبيعية، مع طلبها أخيراً من الجامعات السودانية استئناف الدراسة والامتحانات في مناطق سيطرة الجيش.
أمّا حكومة "الدعم السريع" (الموازية) فما تزال تبحث عن أرض تضع فيها رحالها، متوعّدةً بإقامة سلطة كاملة، فاتفاق نيروبي السياسي لم ينتج حكومةً بعد رغم ضجيجه كلّه، والمتحالفون مع نائب قائد "الدعم السريع"، عبد الرحيم دقلو، ما زالوا يَعدون بإعلان حكومة من داخل السودان، ويبشّرون بأسلحة جديدة تأتي، كما يحتفي أنصار الجيش بأسلحة جديدة أتت. هكذا يعيش 14 مليون نازح ينتظرون بشارات الأسلحة الجديدة. وبينما يعيش 1.3 مليون طفل سوداني في أماكن تعاني من المجاعة، يصرّح قادة الطرفَين أن الحرب ستستمرّ ألف عام حتى يأتي النصر(!).
لكنّه تأخّر عامين. قبل اندلاع الحرب كان الانطباع العام أنها حرب الساعات الستّ. لكن ما يبدو واضحاً بعد 24 شهراً أنها حرب أتت لتبقى. أوجدت الحرب خلال عاميها ثقافة من التوحّش، وهو أمرٌ لا يقتصر على المقاتلين، فالصحافيون الذين يغطون الحروب الأهلية يتأثّرون بثقافة الوحشية التي تحيط بهم. وثّق الذين غطّوا الحرب اللبنانية، وحرب البوسنة، التغيّرات التي مرّوا بها، وكيف أصبحوا أكثر توحّشاً وتقبّلاً للعنف. مع هذا التوحّش، تزداد الانتهاكات، ما يغذّي دائرة الانتقام، فتصبح عواقب العنف أقلّ من عواقب الحلول السلمية، فيزداد الانتقام، ويتحوّل عنفاً وقائياً.
لذلك، تقبّلت المجتمعات السودانية فكرة التسليح الأهلي، وتكوين مليشيات جديدة للدفاع عن مناطقهم، أو لضمان تمثيلهم السياسي، وهي دلالةٌ واضحةٌ على خلل التعاطي السياسي في السودان، إذ أصبحت البندقية الضامن للمشاركة السياسية. رغم أن البندقية لم تثمر في حروب السودان السابقة كلّها، لكننا ما زلنا نصرّ على أن المليشيات هي الحل، ويواصل الجيش الاحتفاظ بالسلطة السياسية مع ترحيبه بتكوين المليشيات للقتال بجانبه.
تبدو الحرب السودانية في طريقها إلى الحالة الليبية، هذا إذا نجحت مجموعة نيروبي في أن تجد مكاناً تُعلن منه حكومتها التي أصبحت محلّ تساؤلٍ، بعد تحذيراتٍ دوليةٍ عديدة من هذه الخطوة. لكن الأخطر تأثير الحرب في الإقليم ودول الجوار، فرغم أنها لم تخرج عن السيطرة، إلا أنها ما زالت تهدد المنطقة الهشّة بالانفجار، فنيران الحرب السودانية تمتدّ وتؤثّر في الدول الجارة، وتهدّد بجرّها إلى الفوضى ذاتها.
عامان من الحرب، ومن المناشدات الدولية بوقفها، لكن الجيش ظلّ يتهم العالم كلّه تقريباً بالتآمر عليه ودعم خصمه، ويرفض أيّ دعوة إلى الوصول إلى أيّ تسوية تؤدّي إلى وقف إطلاق النار، بينما ظلّت قوات الدعم السريع تقبل الدعوات كلّها، وتواصل إطلاق النار على العزّل وتدفنهم أحياء.
في إحاطةٍ، قدمها أمام مجلس الأمن، ذكر أمين عام منظّمة أطباء بلا حدود، كريستوفر لوكيير، كيف يستهدف طرفا الصراع المستشفيات، وكيف تعيق البيروقراطية وصول المساعدات إلى المحتاجين. لا تفرز هذه الدوامة من العنف إلا مزيداً من التوحّش، وتعقيد مسار الحلّ. ويتضاعف عدد المليشيات في البلاد، وتزداد سلطتها. والعجيب أن ذلك يحدث وسط تأييد شعبي غير قليل، كأنما فقد الناس قناعتهم بالدولة الحديثة وسلطتها، لكنّهم، في الوقت ذاته، يقولون إنهم يتوسّلون الوصول إلى هذه الدولة عبر طريق التسليح الشعبي، وكسر احتكار الدولة للعنف.
هكذا يجد السلاح طريقه إلى السودان ليعزّز الحرب الأهلية، لكن المساعدات تعوقها البيروقراطية، ويَجمع المجتمع الدولي التمويل لإنقاذ حياة مئات آلاف الأطفال الذين يُتوقّع معاناتهم من سوء التغذية الحادّ، بينما تَجمع المليشيات الأسلحة وتعتقل ناشطي العمل الطوعي.
فشلت المساعي لجعل الحالة الإنسانية السودانية مهمّة المجتمع الدولي، لكن لا يعاني أحد فشل توفير السلاح للمتقاتلين.
نقلا عن االعربي الجديد