طهران/بغداد- في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه في 28 يوليو/تموز الماضي، يتوجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأربعاء المقبل، على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع إلى بغداد، استجابة لدعوة رسمية من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الشهر الماضي.

وانطلاقا من مكانة بلاد الرافدين في سياسة بلاده، كان بزشكيان قد أكد لنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، الشهر الماضي، أن طهران "تولي أهمية كبيرة للعراق العظيم" وأعرب عن رغبته في زيارة العتبات المقدسة فيه، خلال أول حوار متلفز يحضره عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية.

ومن جانبه، كشف السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، في تصريح لوكالة أنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن خطط موضوعة لتوقيع الجانبين الإيراني والعراقي عددا من مذكرات التفاهم خلال زيارة بزشكيان لبغداد، مؤكدا أن توقيعها كان على جدول أعمال زيارة رسمية كانت مقررة للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي إلى العراق.

هواجس أمنية

في غضون ذلك، يرى الباحث في العلاقات الدولية علي نجات أن اختيار الرئيس الإيراني العراق وجهته الأولى يدل على الهواجس المتشابكة بين البلدين اللذين يشتركان في حدود تمتد على مسافة 1458 كيلومترا، وأهمية العلاقات بينهما وتنامیها بعد مرور عقدين على الغزو الأميركي.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح الباحث أن بزشكيان يحمل في جعبته إلى بغداد أجندة سياسية واقتصادية بيد أن الهواجس الأمنية تطغى على زيارته، ذلك أن طهران تتحدث عن تقارير بشأن نشاط الموساد ضدها انطلاقا من إقليم كردستان، كما تعتقد أن بعض بنود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الجانبين بخصوص بتفكيك تجمعات الجماعات المعارضة الكردية بالإقليم لم تنفذ بعد، وأن ضبط الحدود المشتركة يتطلب تعاونا وثيقا.

وعشية زيارة بزشكيان إلى العراق، نشر الإعلام الإيراني تقارير حول "إجلاء جماعة كوملة الانفصالية ومقرها بمنطقة زرجويز الحدودية ونقل كافة قواتها إلى منطقة سوراش قرب مدينة دوكان على بعد 40 كيلومترا شمال المنطقة السابقة". وأكد "تسليم أحد عناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض إلى طهران خلال الأيام القليلة الماضية".

وحسب المصدر ذاته، فإنه في ظل "رغبة بعض الأطراف العراقية باستمرار الوجود العسكري الأميركي في بلادهم" يُتوقع أن يثير بزشكيان ملف قانون الانسحاب الأميركي مع المسؤولين العراقيين.

وأوضح الإعلام الإيراني أن طهران تستهدف إخراج القوات الأميركية من المنطقة في "سياق الثأر لدماء القائد السابق لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي قضى في غارة أميركية على طريق مطار بغداد الدولي عام 2020″.

عملية مد خط سكة حديد "شلمجة البصرة" تأتي بعد 40 عاما بهدف استكمال طرق النقل الدولية لإيران والعراق (الصحافة الإيرانية) الاقتصاد والسياسة

وبرأي الباحث نجات، تولي إيران أهمية كبيرة للعراق لأنه يشكل همزة وصل بينها سوريا ثم لبنان في محور المقاومة. وأضاف أن الوفد الإيراني سيبحث مع المسؤولين العراقيين إكمال مشروع الربط السككي بين منطقة شلمجة الإيرانية ومدينة البصرة والذي ترغب طهران في ربطه بالموانئ السورية، كما سيبلّغ بغداد ملاحظات بلاده بشأن "طريق التنمية" للمساهمة في إنجازه و"خشيتها أن ينعكس سلبا على شبكة ممراتها".

وتعتبر طهران -وفق الباحث نفسه- العراقَ حليفا إستراتيجيا لمواجهة العقوبات والضغوط الاقتصادية الغربية، ورجح إثارة الوفد الإيراني قضية تسديد المستحقات الإيرانية من صادرات الكهرباء والغاز إلى العراق، مؤكدا أن طهران تستهدف رفع الميزان التجاري بين البلدين من 10 إلى 20 مليار دولار.

وخلص الباحث إلی أن العراق قد لعب دورا بارزا خلال السنوات الماضية في التوسط بين إيران وبعض العواصم العربية. وقد تُوج، في مارس/آذار 2023، بتطبيع العلاقات بين طهران والرياض. ورأى أن المزيد من الوساطات العراقية لا سيما بين طهران من جهة والقاهرة وعمّان من جهة أخرى، ستكون مطروحة على طاولة مفاوضات بغداد خلال زيارة بزشكيان المرتقبة.

وفي الجانب العراقي، يتطرق السياسي المستقل عمر الناصر إلى إمكانية إثارة الضيف الإيراني علاقة بلاده مع الفصائل العراقية، موضحا أن فك الارتباط في ملف الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة "أمر صعب جدا لأن هذه الفصائل تتحرك وفق أيديولوجيا وإستراتيجية عابرة للحدود تتسم بتوحيد الرؤى ومركزية القرار".

وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد الناصر أن الحكومة العراقية لديها تصور آخر يتمثل في مسك العصا من الوسط والذهاب إلى سياسة الاحتواء المحلية والإقليمية وإبعاد العراق عن المساحات التي تحاول بعض الأطراف والأجندات الخارجية سحبه إليها "ليكون عبارة عن مكب للنفايات السياسية الدولية" على حد وصفه.

بينما استبعد الخبير الاقتصادي نبيل العلي أن يكون ملف المياه ضمن أجندة زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد، حيث يكون الملف الاقتصادي ثانويا. وأكد للجزيرة نت أن هناك ملفات أكثر أهمية وإستراتيجية مثل الوجود الغربي وملف الأمن والاعتداءات الإسرائيلية على إيران والتعاون المشترك والقضية الفلسطينية، وأنها ستكون في صلب اجتماعات الوفد الإيراني مع المسؤولين العراقيين.

عهد جديد

من جانبه، يرى الباحث في الشؤون الأمنية حسين الجنابي أن سياسة إيران الخارجية تسعى للتواصل مع العالم الخارجي من خلال توجيه رسائل عبر العراق الذي يمتلك المهارة الكافية بهذا المجال. وباعتقاده، ستمثل زيارة بزشكيان انعطافة كبيرة بعد تحول السلطة من المحافظين إلى الإصلاحيين وما يتبعه من تغييرات في سياسة طهران الخارجية مع الدول التي تعتقد إيران بأهميتها.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الجنابي أن إيران "متخوفة من وجود القوات الأميركية داخل العراق لزعزعة استقرار الجمهورية، وبناء على ذلك فإن الرئيس بزشكيان يبحث عن آلية تعامل جديدة مع العراق تضمن عدم تدحرج المنطقة إلى نزاع شامل وأن تكون بغداد داعمة لمصالح طهران".

ومن أجل توضيح الجوانب السياسية في زيارة بزشكان، يبين الخبير الإستراتيجي صلاح البوشي أن حكومة إيران ستصنع فرص نجاح جديدة مع العراق، مرجحا أن تتوجه طهران بعد بغداد إلى الدول الخليجية بمنهج جديد.

وأضاف البلوشي -للجزيرة نت- أن الحكومة الإيرانية جاءت بإستراتيجية جديدة ومختلفة، وهي تتعامل مع الأحداث بتقدير المواقف. فكانت البداية من بغداد بغية التحضير لأجواء حسنة عامة وخاصة، مؤكدا أن "العراق سيكون الذكي في اغتنام الفرصة لضمان استقراره وعلاقاته الطيبة بطهران والإقليم والساحة الدولية".

وختم بالقول إن ما يهم إيران هو تحقيق المصالح في المنطقة بعهد جديد يضمن التوازن في العلاقات الخارجية، والحكومة الجديدة لديها الصلاحية السياسية لصناعة هذا العهد وهي "قادمة لتحقق إستراتيجية الوجود بالشأن العراقي والسوري والفلسطيني والساحة العربية عموما، ولديها جدولة محاور في التفاهمات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات زیارة بزشکیان للجزیرة نت أن طهران

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض وطهران وتل أبيب.. ردود حول الملف النووي الإيراني

تباينت ردود كل من واشنطن وطهران وتل أبيب حول إبرام اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت عن إطلاق مباحثات مباشرة مع إيران السبت المقبل في سلطنة عمان.

اقرأ ايضاًقرار المحكمة العليا في إسرائيل بشأن "بار".. لن تتم إقالته

وقال البيت الأبيض اليوم إن إيران تتجه نحو إبرام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، في حين شددت إيران على أن تمسكها بالمفاوضات غير المباشرة خيار إستراتيجي.

وهدّد البيت الأبيض بـ "عواقب وخيمة" إذا لم تختر طهران الدبلوماسية، مضيفا أن الرئيس دونالد ترامب فرض عقوبات مشددة على إيران وأوضح أن أمامها خيار التوصل لاتفاق أو دفع ثمن باهظ.

بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان برفقة ترامب خلال إعلانه عن محادثات مع طهران، إن الخيار العسكري حيال طهران "لا مفر منه"، مضيفاً أن "أي اتفاق بين واشنطن وطهران يجب أن يشمل "تفجير" المنشآت النووية الإيرانية.

في المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقال لواشنطن بوست إن "الاتفاق النووي قد لا يعجب ترامب لكننا نلتزم فيه بعدم حيازة سلاح نووي، وعلينا أولا أن نتفق على استحالة وجود خيار عسكري وترامب يدرك ذلك".

ولوح عراقجي بأن "أي صراع سيكلف أضعاف ما أحرقه أسلاف ترامب في أفغانستان والعراق وسيمتد عبر المنطقة ويكلف تريليونات من أموال دافعي الضرائب".

اقرأ ايضاًعدة روايات.. ما قصة المهندس العراقي الذي قتل في أحد السجون؟

وفي الوقت ذاته أكد عراقجي استعداد طهران "للعمل بجدية من أجل اتفاق وسنلتقي في سلطنة عمان السبت لإجراء مفاوضات غير مباشرة، ونحن نعتبر الاتصالات محاولة جادة لتوضيح المواقف وفتح آفاق جديدة للدبلوماسية، كما أن خيار التفاوض غير المباشر ليس تكتيكا أو انعكاسا لأيديولوجية بل خيار إستراتيجي".

 

المصدر: وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند البيت الأبيض وطهران وتل أبيب.. ردود حول "الملف النووي" الإيراني توم هاردي يواجه مجموعة من المجرمين في فيلم الإثارة الجديد HAVOC قرار المحكمة العليا في إسرائيل بشأن "بار".. لن تتم إقالته ميغان ماركل تكشف عن تجربتها تجربتها القاسية واصابتها بالتسمم يديعوت أحرونوت: 1700 مليونير غادروا إسرائيل.. هل السبب الحرب؟ Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اقرأ ايضاًالأونروا ... 40 ألف إصابة بالتهاب الكبد الوبائي في غزة منذ بداية الحرب

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • محمد اليمني: اتصال ترامب بنتنياهو أثناء زيارة ماكرون لمصر يحمل رسائل استراتيجية
  • الرئيس بزشكيان: لا يمكن لأي قوة أن تمنع الشعب الإيراني من التقدم
  • ناقلات شبحية.. حيل إيران السرية لتهريب النفط رغم العقوبات
  • الرئيس الإيراني: لا نسعى للحرب أو امتلاك قنبلة نووية
  • إيران: زيارة محتملة لجروسي إلى طهران نهاية أبريل
  • بزشکیان: “المرشد الأعلى” لا يعارض الاستثمارات الأميركية في إيران
  • لن يستقر العراق إلا بتحريره من النفوذ الإيراني
  • التايمز .. إيران تزوّد ميليشيات العراق بصواريخ بعيدة المدى
  • في تحدٍ واضح لـ ترامب .. تايمز: إيران تسلّح ميليشيات العراق بصواريخ باليستية
  • البيت الأبيض وطهران وتل أبيب.. ردود حول الملف النووي الإيراني