على مدى قرون ظلت دول العالم تتباهي بسفنها الحربية الضخمة التي تمخر عباب البحر حاملة الجنود والسلاح والطائرات أحياناً وتفرض الحصار البحري على الدول المعادية، ولكن يبدو أن هذا العصر قارب على النهاية بعد أن أصبحت تلك القطع البحرية الضخمة أهدافاً سهلة لأنظمة منع الوصول المنطقة الممنوعة (أيه.2أيه.دي) الصينية التي تستطيع تحييد هذه القطع الضخمة عالية التكلفة باستخدام صواريخ فرط صوتية وصواريخ مضادة للسفن.

يقول المحلل العسكري الأمريكي والمحلل السابق في الكونغرس براندون جيه وايشرت، في تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية إن السيطرة الأمريكية البحرية باستخدام القطع الكبيرة مثل حاملات الطائرات أصبحت مهددة من جانب التكنولوجيا الصاروخية الجديدة.

???? JOINT SWORD DAY 1 BRIEF

- China launched a simulated blockade around Taiwan
- 49 PLA aircraft detected & 35 entered its ADIZ, the largest violation of 2024
- Encircled by 19 PLAN warships & 16 Coast Guard vessels
- Taiwan deployed HF-3 missiles

Everything you need to know: pic.twitter.com/81urPBoCCB

— Ian Ellis (@ianellisjones) May 24, 2024 روسيا وأوكرانيا

كما أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية وبخاصة إغراق السفينة الروسية موسكوفا مدى إمكانية تعرض القطع البحرية الكبيرة للمخاطر الصاروخية الجديدة.  وأضاف وايشرت أن اعتماد البحرية الأمريكية على حاملات الطائرات والسفن الكبيرة أصبح عبئاً، مع النمو السريع للقدرات البحرية الصينية، وبالتالي عليها إعطاء الأولوية للغواصات والسفن المسيّرة غير المأهولة، محذراً من أن أي تخفيضات للإنفاق الأمريكي والمخصصات المسبقة للأنظمة التقليدية تهدد جهود تعزيز أسطول الغواصات الأمريكية وتطوير أنظمة مضادة للتهديدات الصينية.

ويطرح وايشرت سؤالاً عما إذا كان عصر  حاملات الطائرات الأمريكية أنتهى في مواجهة الأنظمة الصينية المضادة؟

ويقول إن حاملات الطائرات تربعت على عرش القوات البحرية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، لكن الأمور تغيرت اليوم، لآن نمو الأنظمة الصاروخية المضادة للسفن، يعني انتهاء الأيام التي كانت تعتبر فيها السفن العنصر الأساسي للقوة البحرية  المسيطرة.

تكلفة باهضة

تكلفة بناء حاملة الطائرات من نوعية "الحاملة فورد" الأحدث في الولايات المتحدة تبلغ حوالي 13 مليار دولار إلى جانب مئات الملايين من الدولارات سنوياً للصيانة. كما أن الحاملات من فئة نيمتيز  الأقدم من فئة فورد مكلفة للغاية أيضاً. والمعروف أن حاملة الطائرات عبارة عن قطعة بحرية ضخمة ومعقدة، وتعمل كقاعدة جوية متحركة  للعمل بالقرب من أراضي  العدو لتهديده بشن ضربات جوية دقيقة ومتزامنة.

في المقابل فإن أي صاروخ صيني طراز "دونغ فينغ 26 بي" يمكنه إما إغراقها أو على الأقل تدمير منطقة الطائرات المقاتلة عليها وبالتالي تصبح هذه الحاملة غير مفيدة في المعركة.

ورغم ذلك فإن حاملات الطائرات هي الوسيلة الأساسية لاستعراض القوة الأمريكية. وغيابها أو الحد من وجودها  يخلف فجوة حرجة في القدرات العسكرية للولايات المتحدة، وهي "فجوة استراتيجية" يمكن لمنافس مثل الصين أن يستغلها بسهولة، بحسب وايشرت مؤلف كتاب "كسب الفضاء: كيف تظل أمريكا قوة عظمى" والكتاب تحت الطبع "كارثة من صنعنا - كيف خسر الغرب أوكرانيا".

والحقيقة أن خطر القدرات الصينية المضادة للسفن لا يهدد فقط حاملات الطائرات وإنما القطع البحرية السطحية الأخرى. فالقوات الصينية تطور مجموعة متنامية من الأسلحة الفرط صوتية التي تعتزم إطلاقها على أي سفن أمريكية قادمة.

وبغض النظر عن الأنظمة الدفاعية التي تمتلكها هذه القطع الحربية ضد الصواريخ التقليدية المضادة للسفن، فإنه لا توجد حتى الآن تدابير مضادة معروفة على السفن الحربية الأمريكية للحماية من هذه الصواريخ الفرط صوتية الجديدة.

 وقد شهد العالم بالفعل المخاطر غير المتكافئة التي تتعرض لها السفن الحربية الكبيرة في حرب أوكرانيا. فقد أغرقت طائرة بدون طيار أوكرانية الطراد الحربي الروسي موسكفا من فئة سلافا، الرئيسي في الأسطول الروسي في البحر الأسود، في جنح الليل بينما كان لا يزال راسياً في الميناء.

كما استهدفت هجمات مماثلة العديد من السفن الحربية الروسية الأخرى منذ غرق الطراد موسكفا. في المقابل لم تجد روسيا رغم كل ما رصدته من موارد لبناء أسطول أكبر من السفن السطحية ما يمكن أن تفعله في مواجهة التهديدات الجديدة.

لذلك يمكن القول إن حرب أوكرانيا يجب أن تكون درساً لمخططي البحرية الأمريكية وبخاصة فيما يتعلق  بأي صراع محتمل مع الصين. ففي مثل هذا الصراع وبسبب العوامل الجغرافية، ستحتاج البحرية الأمريكية إلى الأخذ بزمام القيادة. وستفعل البحرية الأمريكية ذلك من خلال نشر  حاملات الطائرات الضخمة لديها.

Is China already at war in the South China Sea? https://t.co/68spNGGMbu

— National Interest (@TheNatlInterest) September 8, 2024 القدرات الصينية

في الوقت نفسه فإن القدرات الصينية في مجال الصواريخ المضادة للسفن تفوق تلك التي استخدمتها أوكرانيا ضد البحرية الروسية في البحر الأسود. يعني ذلك أن  احتمال نجاح القدرات الصينية في تحييد القطع البحرية الأمريكية الضخمة يبدو كبيراً. ولكن البحرية الأمريكية ليس لديها حالياً خططاً بديلة للتعامل مع الخطر الصيني الجديد.

ورغم أنه يمكن القول إن  أسطول الغواصات الأمريكي يمكن أن يكون مجدياً في مواجهة  احتمالات تحييد  القطع البحرية الكبيرة، هناك مشكلات معقدة تواجه فاعلية الغواصات.  أولى هذه المشكلات هي أن البحرية الأمريكية ظلت لسنوات  تقلل من أهمية أسطول الغواصات. ففي مشروع ميزانية العام المالي 2025 خفضت  المخصصات المقترحة لقطاع الغواصات.

أما المشكلة الثانية فتتعلق بعدم قدرة أحواض بناء السفن الأمريكية التي عانت من الركود لسنوات،  على تلبية الطلب المتزايدة على الغواصات في الوقت الذي تعزز فيه الصين قواتها البحرية بسرعة.

ويرى براندون وايشرت أن الغواصات تظل أصعب في الاصطياد من القطع البحرية السطحية الكبيرة. ولذلك على البحرية الأمريكية  التركيز على زيادة حجم أسطول الغواصات. في الوقت نفسه فإنه في عصر القدرات  الصاروخية الصينية الجديدة، من الضروري امتلاك القدرة على خوض الحرب من مسافات بعيدة، وهو ما يعني ضرورة تفجير فقاعة أنظمة "أيه/2أيه.دي" الصينية.

وبالإضافة إلى الغواصات، تحتاج البحرية الأمريكية إلى ترسانة قوية من الطائرات بدون طيار والأسلحة الفرط صوتبة لتدمير مواقع الأنظمة المضادة الصينية.  لكن  البحرية الأمريكية لم تبدأ حتى الآن الاستثمار في هذه الأنظمة، وبدلاً من ذلك تواصل وزارة الدفاع الأمريكية شراء القطع البحرية الضخمة وحاملات الطائرات على أمل آلا تكون الأنظمة الصاروخية الصينية المضادة للسفن بنفس الفاعلية التي تدعيها بكين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية البحرية حاملات الطائرات صاروخ الأنظمة الدفاعية ترسانة قوية الصين أمريكا الحرب الأوكرانية البحریة الأمریکیة حاملات الطائرات المضادة للسفن القطع البحریة

إقرأ أيضاً:

الخارجية الأمريكية: "خطة النصر" التي طرحها زيلينسكي أثارت قلق حلفاء واشنطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، الأربعاء، إن "خطة النصر" التي طرحها فلاديمير زيلينسكي أثارت قلق حلفاء الولايات المتحدة، وإن المناقشات بشأن بنودها مستمرة.

وقال ميلر في مؤتمر صحفي: "لا أعتقد أن هذا يعقد الوضع، لكنه بالتأكيد يسبب القلق بين عدد من حلفائنا في الناتو. لقد سمعنا ذلك مباشرة في محادثاتنا مع حلفائنا".

وعندما سُئل عن الرد الأمريكي المحتمل على إرسال كوريا الشمالية قوات للمشاركة في الصراع الروسي الأوكراني إلى جانب موسكو، أشار ممثل وزارة الخارجية إلى أن المشاورات مع الحلفاء بشأن هذه القضية مستمرة أيضًا.

وقدم زيلينسكي "خطة النصر" في منتصف أكتوبر، قائلا إن تنفيذها سينهي الصراع في أوكرانيا في موعد أقصاه عام 2025. وتتضمن الوثيقة خمس نقاط وثلاث إضافات سرية، بما في ذلك دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ورفع القيود على الضربات على الأراضي الروسية ونشر "حزمة شاملة من الردع غير النووي" في أوكرانيا.

وتعرضت خطة زيلينسكي لانتقادات من قبل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لأنها تتضمن تفاصيل التزامات من حلفاء أوكرانيا الغربيين لكنها تفتقر إلى التزامات مقابلة من كييف.

وقالت المسؤولة بوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، تعليقا على "خطة النصر" التي قدمها زيلينسكي، إن هذه ليست خطة، بل مجموعة من الشعارات غير المترابطة. ووفقا لها، فإن هذه الخطة لن تؤدي إلا إلى دفع الناتو إلى صراع مباشر مع روسيا.

ومن جانبه، قال دميتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، إن خطة السلام الحقيقية لسلطات كييف ستكون إدراك عدم جدوى السياسة التي تنتهجها.

مقالات مشابهة

  • معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى يحذر من خطر تنامي قدرات قوات صنعاء على “إسرائيل” والمصالح الأمريكية (فيديو)
  • البحرية الأمريكية تكشف عن تكلفة الذخائر ضد الحوثيين في البحر الأحمر
  • قطعة غامضة ترصدها الأقمار الصناعية في الصين.. ماذا نعلم للآن؟
  • روسيا: العالم يرفض الهيمنة الأمريكية التي تجر البشرية إلى سيل من الدماء
  • ذخائر بقرابة ملياري دولار أطلقتها البحرية الأمريكية لقتال الحوثيين
  • تقرير : الصين تحشد صواريخ نووية قاتلة لمواجهة الجيش الأمريكي
  • تحليل :الجنرالان الأمريكيان بن هودجز وبيتر زواك: مصير كييف في يد الناخب الأمريكي
  • البحرية الصينية تجري تدريبات مكثفة لمكافحة القرصنة في خليج عدن
  • ما الدول المستفيدة من فوز هاريس في الانتخابات الأمريكية؟.. ترامب يهدد الصين
  • الخارجية الأمريكية: "خطة النصر" التي طرحها زيلينسكي أثارت قلق حلفاء واشنطن