هل سقوط حكومة حسينة في بنغلادش يعيد للجماعة الإسلامية حضورها؟
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد حكمها في الأشهر الأخيرة، قدمت رئيسة وزراء بنغلادش، الشيخة حسينة واجد التي حكمت البلاد لعقود استقالتها في الخامس من أغسطس/ آب الماضي، وغادرت البلاد إلى الهند، وقد تولت رئاسة الوزراء لخمس ولايات، ساد فيها الاستبداد وتضييق الخناق على المعارضة، لا سيما الإسلامية منها.
وخلال سنوات حكمها قامت حكومة الشيخة حسينة بقمع المعارضة، وضيقت على الجماعة الإسلامية في بنغلادش، وقامت بحظرها واعتقال العديد من قياداتها وكوادرها، وقد توفي بعضهم اثناء اعتقالهم في السجون، كما أقدمت السلطات على إعدام قيادات بارزة في الجماعة منذ عام 2013.
من أبرز قيادات الجماعة التي تم إعدامها في حقبة الشيخة حسينة، السياسي والقيادي عبد القادر ملا الذي تم إعدامه في 12 ديسمبر/كانون الأول 2013، والقيادي علي إحسان مجاهد أُعدم يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وأمير الجماعة مطيع الرحمن نظامي الذي أقدمت السلطات على إعدامه يوم الثلاثاء 10 مايو/أيار 2016 وآخرين غيرهم.
وبعد سقوط حكومة حسينة واجد وهروبها إلى الهند، رفعت الحكومة المؤقتة التي يتولى رئاستها البروفيسور محمد يونس قرار حظر الجماعة الإسلامية، يوم الأربعاء 28 أغسطس/آب، الذي أصدرته حكومة حزب رابطة عوامي قبل أيام من سقوطها واستقالة حسينة، وتم إلغاء قرارين قضائيين سابقين صدرا قبل 11 عاما، تم بموجبهما إلغاء تسجيل حزب الجماعة الإسلامية، ومن ثم منعها من المشاركة في الانتخابات منذ عام 2013.
في ظل التطورات التي تشهدها بنغلادش بعد سقوط حكومة الشيخة حسينة، وانتقال البلاد إلى مرحلة جديدة، ما هو مستقبل الجماعة الإسلامية في بنغلادش؟ وكيف ستنعكس التطورات الجديدة عليها.. وهل ستعيد لها حضورها من جديد، وبالتالي تخفف القيود المفروضة عليها، وما هي رؤاها وخططها السياسية والاقتصادية في ظل التغيرات السياسية الجارية في البلاد بعد الانتفاضات الشعبية المتلاحقة التي أفضت إلى سقوط حكومة رابطة عوامي، وهروب رئيس الوزراء الشيخة حسينة إلى خارج البلاد؟
تسعى الجماعة الإسلامية في بنغلادش حاليا لتشكيل تحالف سياسي كبير يضم كافة الأحزاب الإسلامية والأحزاب ذات التوجهات المشابهة، بهدف توحيد الصفوف والعمل المشترك لتحقيق أهداف مشتركة في الساحة السياسية للبلاد، وفي هذا الإطار بدأت هذه الجماعات بالفعل في عقد اجتماعات وإجراء مناقشات بناءة بهدف تجاوز الخلافات الداخلية، وبناء علاقات إيجابية فيما بينها لتعزيز موقفها السياسي وفق الكاتب البنغالي، رئيس تحرير مجلة الحراء الشهرية التي تصدر من دكا.
وتابع: "معظم القيادات وأعضاء الأحزاب الإسلامية قد تعرضوا للاضطهاد والقمع خلال فترة حكم رابطة عوامي الاستبدادية، والتي استمرت لأكثر من 15 عاما، وهذا ما دفع القادة البارزين إلى الشعور بضرورة ملحة لجمع هذه الأحزاب تحت مظلة واحدة، في ظل التغيرات المرتقبة، ولا سيما بعد الانتفاضات الشعبية الأخيرة، ويعتقد هؤلاء القادة أن توحيد الأحزاب الإسلامية قد يؤدي إلى ظهور قوة جديدة على الساحة السياسية".
وواصل شعيب حديثه لـ"عربي21" بالقول "تعتبر الجماعة الإسلامية وإسلامي والحركة الإسلامية من القوى الإسلامية البارزة التي تقود هذه المبادرة لتشكيل "تحالف إسلامي"، وقد بدأت بالفعل لقاءات منفصلة مع عدد من الأحزاب ذات التوجهات المماثلة، وتشمل هذه الأحزاب حركة الخلافة، مجلس الخلافة بنغلادش، جمعية علماء الإسلام في بنغلادش، جمعية علماء الإسلام وحفاظة الإسلام وغيرها، كما أن المناقشات تجري أيضا مع أحزاب أخرى مثل حزب ذاكر، حزب نظام الإسلام..".
محمد شعيب كاتب بنغالي رئيس تحرير مجلة الحراء الشهرية
وأردف "من جانبه أكدَّ شفيق الرحمن، أمير الجماعة الإسلامية في اجتماع عقده مع سبعة أحزاب إسلامية كبرى، على ضرورة الوحدة بين هذه الجماعات والأحزاب من أجل مواجهة القمع الذي تعرضوا له خلال السنوات الماضية".
ووفقا للكاتب شعيب "يمكن القول إن سقوط الشيخة حسينة فتح للجماعة الإسلامية بابا واسعا للدخول بقوة إلى الساحة السياسية في بنغلادش مما يجعلها منافسا رئيسيا في الانتخابات القادمة".
وردا على سؤال حول الجماعة الإسلامية إن كانت مؤهلة للمشاركة بوعي وفاعلية في الحياة السياسية، واستثمار ما بعد مرحلة الشيخة حسينة، وعدم الوقوع في مخططات الالتفاف على الثورة الشعبية كما حدث في مصر بعد الثورة، قال شعيب "الجماعة تعتمد، حتى الآن على دعم الشعب، الذي يشكل أكبر قوة لها في مواجهة التحديات، ومع ذلك تدرك الجماعة أن المؤامرات ضد القوى الإسلامية تجري في كل مكان، وأن أكبر تهديد قد يأتي من الهند، التي تنظر بحذر إلى تحركات الإسلاميين في المنطقة".
وأضاف: "وفي هذا السياق أعربت الجماعة عن استعدادها لتطبيع علاقاتها مع الهند، وهو ما يُعتبر خطوة استراتيجية لتفادي الثورة المضادة، والتعامل بذكاء مع التحديات الإقليمية" إلا أنه استدرك قائلا "لكن على الرغم من هذه التحركات، يبدو أن الجماعة الإسلامية لم تضع حتى الآن خططا واضحة وطويلة الأمد للقضاء على مخاطر الثورة المضادة، وستبقى الأيام القادمة هي الفيصل في الكشف عن مدى قدرة الجماعة على اتخاذ خطوات حاسمة لحماية الثورة، والتصدي لأي محاولات ترمي لإجهاض طموحات الشعب".
من جهته قال الإعلامي السوري، الخبير في الشؤون الباكستانية والبنغالية، الدكتور أحمد موفق زيدان "عانت الجماعة الإسلامية في بنغلادش كثيرا خلال حكم حسينة واجد، بل وحتى إبان حكم خالدة ضياء، وهي المعاناة التي امتدت منذ انفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971، يوم اتهمت الجماعة بأنها دعمت باكستان الحالية، ورفضت الانفصال".
وأردف "لذلك تجرعت الجماعة مرارة ذلك، وكانت التبعات عليها كبيرة من سجن وملاحقات وإعدامات، وحرمان من العمل السياسي والإعلامي، وأتت الانتفاضة الأخيرة والتي شارك فيها بفاعلية الجناح الطلابي التابع للجماعة الإسلامية ليعيد ثقة الشارع الذي تم تضليله طوال العقود الماضية".
د. أحمد موفق زيدان إعلامي سوري خبير بالشؤون الباكستانية والبنغالية
وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول "لذا فإن نجاح الجناح الطلابي في اقتلاع حسينة واجد مكن الجماعة من استعادة دورها السياسي، ومن المتوقع أن يتعاظم هذا الدور مع الأيام، وفي تقديري أن الجماعة الإسلامية هي الأقوى سياسيا، في ظل حالة التصحر والتجريف السياسي الذي طال الحياة السياسية البنغالية طوال سنوات الاستبداد الماضية".
وعن إمكانية استثمار الجماعة لما بعد حقبة الشيخة حسينة، أشار زيدا إلى أن "الجماعة الإسلامية في بنغلادش ربما تكون هي الحركة الأقوى إن لم تكن هي الحركة الوحيدة الأكثر تنظيما وفاعلية، وربما ستفاجىء الكثيرين إن سمح بانتخابات ديمقراطية نزيهة، لكن هذا الأمر يتعلق بالجماعة نفسها من حيث حرصها وحذرها ومدى تنبهها لعمليات الالتفاف ضد انتفاضة الشعب البنغالي".
يُذكر أن الجماعة الإسلامية في بنغلادش تعدّ أكبر حزب سياسي إسلامي، الأكثر تنظيما وقوة وحضورا في بنغلادش، كما تعد من الجماعات الإسلامية المشهورة التي ظهرت في القرن العشرين، وهي امتداد للجماعة الإسلامية التي أسسها أبو الأعلى المودودي في الباكستان، وبعد انفصال بنغلادش عن باكستان، كان للجماعة عبر حزبها السياسي مشاركات في الحكومة والانتخابات البرلمانية، وها هي تعود إلى المشهد السياسي البنغالي بقوة بعد سنوات الحظر والملاحقة والسجون والإعدامات التي انقضت بسقوط حكومة الشيخة حسينة واجد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير الدور سياسة بنغلاديش اسلاميون دور تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجماعة الإسلامیة فی بنغلادش للجماعة الإسلامیة الشیخة حسینة حسینة واجد سقوط حکومة
إقرأ أيضاً:
حزب الوعي: مشاركة مصر في أعمال منتدى دافوس الاقتصادي العالمي التزام بتعزيز حضورها الدولي
أكد "حزب الوعي" أهمية مشاركة مصر في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي كأحد المنصات الدولية الرائدة التي تجمع بين صناع القرار والسياسيين وقادة الأعمال من مختلف دول العالم لمناقشة القضايا الاقتصادية والتنموية الأكثر إلحاحًا.
وأضاف الحزب في بيان صحفي له: وتأتي هذه المشاركة المصرية رفيعة المستوى، ممثلة برئيس وزراء مصر نيابة عن "الرئيس عبد الفتاح السيسي"، لتعكس التزام الدولة المصرية بتعزيز حضورها الدولي والانخراط الفعال في النقاشات العالمية المتعلقة بالاقتصاد والتنمية المستدامة.
وتابع: بينما نري ان مشاركة مصر في هذا المنتدى تأتي في ظل التحسن الملحوظ الذي يشهده الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة، بفضل سياسات الإصلاح الاقتصادي الطموحة التي أطلقتها الدولة، وخطط التنمية المتكاملة التي تستهدف تحقيق نمو شامل ومستدام.
وقال: وقد حققت مصر إنجازات ملموسة في العديد من المجالات الاقتصادية، من بينها تطوير البنية التحتية، وتعزيز بيئة الاستثمار، وتوسيع المشاريع القومية الكبرى، مما يجعلها نموذجًا للتنمية الاقتصادية في المنطقة.
كما شدد الحزب على أهمية مراجعة أي تحديات أو أخطاء في إدارة موارد الدولة عبر العقود الماضية، والعمل على إصلاحها لتعظيم الاستفادة من الإمكانات الاقتصادية التي تزخر بها مصر، وان تظهر نتائج التحسن الإقتصادي الحقيقية علي كافة مؤشرات القياس الإقتصادية والمجتمعية، وأهمها رضاء حقيقي للمواطن المصري وتحسن ملموس علي مستوي حياته وأعماله، وإننا نتطلع ليوماََ ما نري فيه اعلي جودة ممكنة لحياة المصريين وتقدم في كل المجالات وارتفاع واضح في دخول المواطن بالتوازي مع انخفاض مستهدف لمعدلات التضخم.
وتابع: كذلك فإن اندماج الاقتصاد المصري في الاقتصاد العالمي يعد ضرورة حتمية لتعزيز تنافسية الدولة وزيادة معدلات النمو والتوظيف. ومن خلال مشاركتها في منتدى دافوس، تسعى مصر إلى تعزيز علاقاتها مع الدول والشركات الكبرى، واستعراض الفرص الاستثمارية الواعدة التي توفرها، لا سيما في ظل اهتمام المنتدى بمحاور الاستدامة والتكنولوجيا والتحول الرقمي، وهي مجالات تتماشى مع أولويات التنمية المصرية.
وفي الختام، جدد "حزب الوعي" دعمه لجهود الدولة المصرية في تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز حضورها على الساحة الدولية، مع التأكيد على أهمية استمرار هذا النهج والعمل على تحقيق التوازن بين متطلبات الداخل وأهداف الانخراط في الاقتصاد العالمي لتحقيق أفضل النتائج للوطن والمواطنين.
وفي ذات السياق، جديراََ بالذكر ان منتدى دافوس، الذي ينظمه المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، يعد منصة سنوية هامة تجمع نخبة من القادة والمسؤولين لمناقشة التحديات العالمية ووضع أجندة اقتصادية عالمية مشتركة. ويشمل جدول أعمال المنتدى هذا العام قضايا مثل التحول الاقتصادي المستدام، الذكاء الاصطناعي، الأمن الغذائي، والتغير المناخي، لذلك فإن وجود مصر في هذا المنتدى وحضورها الدائم والقوي، إنما يعزز من قدرتها على إيصال رؤيتها الاقتصادية والتفاعل مع القضايا الدولية، كما يعكس تطلعها الدائم لأن تكون لاعبًا رئيسيًا في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي، ومحور اتصال اقتصادي وسياسي قوي بين دول الجنوب والعالم.