الخليج الجديد:
2025-10-29@04:26:23 GMT

كيف خسرت فرنسا نفوذها في غرب أفريقيا؟

تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT

كيف خسرت فرنسا نفوذها في غرب أفريقيا؟

"أيًا كان مصير انقلاب النيجر الأخير الذي أطاح بحكومة محمد بازوم، فإنه يعبر عن تحول هيكلي في بنية العلاقات الفرنسية-الأفريقية، وهو التحول الذي يعبر عن صدام في المدركات والسرديات المتبادلة".

هكذا يتحدث تحليل لمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، لافتا إلى أن الغضب الملموس تجاه فرنسا في غرب أفريقيا متجذر في نسيج معقد من السياسات الاقتصادية التاريخية والمستمرة، والتي يرمز إليها بشكل بارز نظام الفرنك الأفريقي.

ويشير إلى أنه "على الرغم من كونها قوة استعمارية مهيمنة في القارة لأكثر من قرن، فإن الأحداث الأخيرة في النيجر وتهديدات القوى الدولية والإقليمية بالتدخل العسكري، تشير إلى أن قبضة فرنسا على مستعمراتها السابقة آخذة في التراجع".

وفي حين استفادت فرنسا من الحفاظ على قبضتها على هذه اقتصادات دول غرب أفريقيا، فقد أدى النظام نفسه في كثير من الأحيان إلى خنق التنمية الاقتصادية المشتركة للبلدان الأفريقية.

كما أدت التدخلات الواقعية والمتصورة في الشئون السياسية لهذه الدول، وفق التقرير، إلى جانب مصائر القادة الذين قاوموا النفوذ الفرنسي، إلى تفاقم هذه المشاعر.

ويزيد: "لا يخفى أن هذه العوامل تعكس شعورًا واسع النطاق بأن السيادة الحقيقية بالنسبة لهذه الدول لا تزال بعيدة المنال، مما أدى إلى تأجيج الاستياء الشعبي ضد فرنسا في المنطقة، ما جعل الخيار الصحيح الذي يمكن البناء عليه هو دعم جهود الاعتماد الذاتي في سياق مبادرات التكامل الإقليمية، وعدم الوقوع في شرك الصراع بين الشرق والغرب".

اقرأ أيضاً

بسبب النيجر.. فرنسا تعلق مساعداتها إلى بوركينا فاسو

بيد أن المثير في هذه التحولات في فضاء الفرنكوفونية في غرب أفريقيا هو الصحوات الشعبية المعادية لفرنسا والغرب والتي أعطت شرعية للنخب العسكرية التي أطاحت في الغالب برؤساء موالين لفرنسا.

ولعل أبرز مؤشرات تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا، هو تحول الجابون وتوجو إلى عضوية الكومنولث، الناطق بالإنجليزية في عام 2022، أثناء قمة كيغالي.

ويعد دخول توجو والجابون إلى الكومنولث، لا يعزز فرص التجارة مع الكتلة المكونة من 54 عضوًا فحسب، بل ينسقها أيضًا مع الهيمنة العالمية للغة الإنجليزية كلغة أعمال.

وفي حين أن التحرك للانضمام إلى الكومنولث يمكن أن يُنظر إليه بحسبانه تراجعا في تأثير فرنسا، فقد يكون من الأكثر دقة اعتباره جزءًا من استراتيجية أوسع للدول الأفريقية لتنويع مشاركاتها الدولية.

ومن المؤشرات الأخرى، هو عودة السنكارية السياسية، وهي أيديولوجية توماس سانكارا، رئيس بوركينا فاسو خلال الفترة من 1983 إلى 1987، وهي تمثل تجسيدًا للمبادئ الاشتراكية والمناهضة للإمبريالية.

وتدافع السانكارية عن الوحدة الأفريقية، والاستقلال الاقتصادي عن المستعمر السابق (ولاسيما فرنسا)، وإعادة توزيع الثروة.

اقرأ أيضاً

انقلاب النيجر.. كيف تراجع دور فرنسا في مستعمراتها السابقة بأفريقيا؟

أما المؤشر الثالث للتراجع الفرنسي، فهو تزايد تأثير القوى العالمية الأخرى، كالوجود العسكري الروسي، لا سيما من خلال مجموعة فاجنر، ولعبة القوة الاقتصادية للصين عبر مشاريع البنية التحتية الضخمة والقروض والاستثمارات المباشرة فوائد ملموسة فورية، مما يعزز مكانة الصين في القارة السمراء.

بينما يعد إعادة تنظيم القوة الدبلوماسية والناعمة، مؤشرا رابعا على تراجع التأثير الفرنسي، والتي من بينها

العقوبات الغربية على روسيا، التي تسعى إلى إقامة تحالفات والتأثير في أماكن أخرى، بما في ذلك أفريقيا، فضلا عن المبادرات الدبلوماسية الصينية.

ويقول التحليل: "التحديات التي تواجه فرنسا في غرب أفريقيا متعددة الأوجه، وهي ناشئة عن الديناميكيات الداخلية في المنطقة والتحولات الجيوسياسية الخارجية، حتى أصبحت "اللعبة الكبرى" الحديثة في أفريقيا معقدة بشكل متزايد، حيث تكمل القوة الاقتصادية والقوة الناعمة الاشتباكات العسكرية التقليدية.

ومع هذه التحولات الكبيرة، كانت نظرة فرنسا تجاه أفريقيا هي "النظرة الأبوية التقليدية" التي لا تزال تهيمن على النخب الحاكمة والمثقفة في فرنسا، رغم تأكيد الرئيس إيمانويل ماكرون في بداية ولايته الثانية، رغبته في ترك إرث الاستعمار الفرنسي في أفريقيا الفرنكوفونية، وتعزيز "علاقة جديدة ومتوازنة ومتكافئة" مع القارة بأكملها.

وبينما تؤكد فرنسا على دعمها للمؤسسات الديمقراطية، فإن وقوف فرنسا وراء الأنظمة الاستبدادية في بعض المواقف يثير الانتقادات.

اقرأ أيضاً

أخيرا النيجر تتحدى فرنسا!

وبينما تسعى فرنسا إلى تقليص وجودها العسكري، فإن تركيزها المستمر على نهج يحركه الأمن، لاسيما في منطقة الساحل، يثير تساؤلات.

في المقابل، وعلى مدى العقد الماضي حدث تحول ملحوظ في مشاعر عوام الناس في غرب أفريقيا ولاسيما مالي وبوركينا فاسو تجاه فرنسا، فيما يعد وفق التحليل، بمثابة "صحوة جديدة حيث نجد جيلًا جديدًا من الشباب المتعلم أكثر قدرة على القراءة النقدية لخطابات السياسة الخارجية ولاسيما من الجانب الفرنسي".

هذا الجيل، هم نتاج هزيمة أفريقيا التاريخية ضد فرنسا، حيث يشكل الاستعمار جرحًا عميقًا في الضمير الأفريقي، خاصة وأن المستعمر السابق يواصل إظهار الغطرسة تجاه الأفارقة.

وعليه، من المرجح أن يتنامى هذا الرفض، وفق التحليل الذي يقول: "طالما استمرت فرنسا في التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية الأفريقية ودعم القادة الموالين لها، فسوف يتم اتهامها بالمسئولية المشتركة عن الصعوبات التي تواجه القارة".

ويمكن فهم ثورة الغضب ضد الوجود الفرنسي في غرب أفريقيا في ضوء مجموعة من الاعتبارات المهمة من أبرزها، عوامل تاريخية، حيث ترك الحكم الاستعماري الفرنسي على مناطق شاسعة من أفريقيا بصمة لا تمحى.

كما أبرمت فرنسا اتفاقيات دفاعية منحتها صلاحية التدخل عسكريًا بشكل منتظم لصالح قادة غير محبوبين مؤيدين لفرنسا لإبقائهم في السلطة، وفي كثير من الحالات، عزز هذا من يد الشخصيات الفاسدة المستبدة مثل رئيس بوركينا فاسو السابق بليز كومباوري، وهو ما خلق تحديات إضافية للنضال من أجل الديمقراطية.

اقرأ أيضاً

انقلاب النيجر.. شهادة فشل للمقاربة الفرنسية الأمريكية في الساحل الأفريقي

غضب آخر في فرنسا، جراء الإبادة الجماعية في رواندا، وهي واحدة من أحلك الفترات في التاريخ الأفريقي الحديث.

أما العملة الاستعمارية، فهي أحد عوامل الغضب ضد فرنسا، والتي كان لها دور في المشهد المالي لغرب أفريقيا، لاسيما من خلال الفرنك الأفريقي، والذي تسبب في توتر وخلاف.

وعلى الرغم من حصول بلدان غرب أفريقيا على الاستقلال، لا يزال الفرنك الأفريقي يهيمن على 14 دولة.

نظام العملة هذا، الذي يشار إليه غالبًا على أنه أداة لـ"العبودية النقدية" أو "العملة الاستعمارية"، يفيد فرنسا بشكل كبير، فهي تحتفظ بالسيطرة الاقتصادية، وتستفيد من الفائض التجاري لهذه البلدان، وتتمتع الشركات الفرنسية بوصول تفضيلي إلى الأسواق المحلية.

لكن بالنسبة للدول الأفريقية، فإن ربط عملتها بالفرنك الفرنسي القوي ثم اليورو قد أعاق التنمية الاقتصادية، والتي تفاقمت بسبب قرارات فرنسا الأحادية، مثل تخفيض قيمة الفرنك الأفريقي في عام 1994 الذي دمر اقتصادات المنطقة، وفق التحليل.

كما يثار غضبا واسعا ضد فرنسا بسبب دعمها للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، حيث يُنظر أحيانًا إلى دعم فرنسا لها، على أنه دعم ضمني للاتجاهات الاستبدادية.

ويضيف التحليل: "لذلك نظر إلى تشددها في مواجهة انقلاب النيجر على أنه يعبر عن تبعية صريحة للمواقف الفرنسية والغربية".

اقرأ أيضاً

أوقفوا الذهب واليورانيوم.. عسكريو النيجر يتهمون فرنسا بالسعي لتدخل عسكري

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: النيجر فرنسا نفوذ روسيا الغرب ماكرون فی غرب أفریقیا انقلاب النیجر اقرأ أیضا ضد فرنسا فرنسا فی

إقرأ أيضاً:

السودان يطالب بالعودة للمنصات المهنية والفنية للاتحاد الأفريقي

وزير الصحة شدد على تأكيد وضع السودان ضمن خارطة الدول الأفريقية المستهدفة بالدعم الصحي والإنساني، ودعم ملف المهاجرين والعائدين.

بورتسودان: التغيير

أكد وزير الصحة السوداني د. هيثم محمد إبراهيم،  أهمية عودة السودان إلى المنصات المهنية والفنية للاتحاد الأفريقي، فيما طرح عدداً من الأولويات الإنسانية والصحية على وفد الاتحاد الذي يزور بورتسودان حالياً.

ووصل وفد الاتحاد برئاسة مفوض الصحة والشؤون الإنسانية والتنمية الاجتماعية بالاتحاد أما توامي إلى بورتسودان صباح السبت واستقبله وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي حسين الأمين بمكتبه.

وعقد الوفد اجتماعاً بمكتب وزير الصحة د. هيثم محمد إبراهيم، بحضور وكيل الوزارة د. علي بابكر، وممثل وزارة الخارجية، وسفير السودان لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي الحافظ عيسى.

وطبقاً لإعلام الوزارة تناول الاجتماع سبل تعزيز التواصل مع مؤسسات الاتحاد الأفريقي الفنية والصحية.

واستعرض الوزير الوضع الصحي الراهن في السودان، بما في ذلك التحديات الناتجة عن استهداف المؤسسات الصحية من قبل الدعم السريع، إضافة إلى انتشار الأوبئة وتداعياتها على النظام الصحي بالسودان.

وأكد الوزير أن الاجتماع ركّز على عدد من الأولويات، أبرزها توفير الدواء والمستهلكات الطبية ودعم بناء سلاسل الإمداد، وتأكيد وضع السودان ضمن خارطة الدول الأفريقية المستهدفة بالدعم الصحي والإنساني، ودعم ملف المهاجرين والعائدين بالخدمات الصحية الأساسية.

كما ركز على تقديم مشاريع لمكافحة نواقل الأمراض والأوبئة للحصول على دعم الاتحاد الأفريقي عبر مؤسساته، مثل البنك الأفريقي للتنمية ومركز التحكم في الأوبئة بأفريقيا وغيرها.

وشدد الوزير على أهمية عودة السودان إلى المنصات المهنية والفنية للاتحاد الأفريقي، وأن الصحة شأن إنساني وحق للمواطنين يجب أن يكون بعيداً عن الموازنات السياسية التي تضر بالمواطنين.

وأشار إلى أن السودان يمتلك إمكانيات كبيرة وكوادر طبية مؤهلة ونظم صحية راسخة، مما يجعله شريكًا فاعلًا في تعزيز الصحة العامة بالقارة.

وعلق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان عقب انقلاب اكتوبر 2021م الذي نفذه المكون العسكري “الجيش وقوات الدعم السريع” على حكومة الفترة الانتقالية بقيادة د. عبد الله حمدوك، وطالب باستعادة النظام الدستوري كشرط لعودة المشاركة.

الوسومأما توامي الاتحاد الأفريقي الجيش الدعم السريع السفير حسين الأمين السودان الفترة الانتقالية انقلاب 25 اكتوبر 2021 د. هيثم محمد إبراهيم مفوض الصحة والشؤون الإنسانية والتنمية الاجتماعية بالاتحاد الأفريقي وكيل وزارة الخارجية

مقالات مشابهة

  • النيجر ترفع الحد الأدنى للأجور 40% مع تحسن اقتصادي
  • الزمالك يتظلم على عقوبة الاتحاد الأفريقي.. أحمد حسن يكشف
  • ارتكبتها الدعم السريع.. الاتحاد الأفريقي يدين الفظائع وجرائم الحرب في الفاشر
  • مزاعم تغيير الجنس.. المحاكمات تطارد من يتنمر على زوجة الرئيس الفرنسي
  • في ذكرى الثورة الجزائرية.. اليمين الفرنسي يصعّد لإلغاء اتفاقية الهجرة لعام 1968
  • خبير آسيوي: واشنطن تسعى لتعزيز نفوذها في آسيا عبر بوابة طوكيو
  • السودان يعزز شراكته الصحية مع الاتحاد الأفريقي في اجتماع رفيع ببورتسودان
  • خبير استراتيجي: إيران تعيد حساباتها بعد تراجع نفوذها بالشرق الأوسط
  • خبير استراتيجي: إيران تبحث عن موقع جديد في الشرق الأوسط بعد تراجع نفوذها
  • السودان يطالب بالعودة للمنصات المهنية والفنية للاتحاد الأفريقي