الاقتصاد نيوز - بغداد

 حذر مختصون من انعكاسات سلبية قد تطاول الاقتصاد العراقي وسداد رواتب موظفي الدولة نتيجة انخفاض أسعار النفط، الذي تعتمد عليه البلاد في إيراداتها اعتماداً رئيسياً.

وألمَّت بخام البصرة (الثقيل والمتوسط) خسائر أسبوعية كبيرة مع تسجيل أسعار النفط العالمي خسائر أسبوعية حادة ليصل إلى نحو 71 دولاراً للبرميل، في حين أغلق خام البصرة الثقيل جلسة الجمعة 6 أيلول/سبتمبر 2024، على ارتفاع بلغ 40 سنتاً ليصل إلى 68.

76 دولاراً، وشهد خسائر أسبوعية بلغت 6.1 دولارات بما يعادل 7.9‎%.

وسجلت أسعار النفط العالمية هي الأخرى خسائر ممتدة منذ أربع جلسات متتالية، وسط ترقب لموقف أوبك+، حيث سجل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي خسائر أسبوعية بنسبة 7.9%، كما سجل خام برنت خسائر أسبوعية حادة تجاوزت 7.6%.

أثر انخفاض أسعار النفط

حرك انخفاض أسعار النفط مخاوف برلمانية وشعبية وتساؤلات عن خطط الحكومة لمواجهة الأزمة المحتملة نتيجة لهذا الانخفاض، بعد أن أصبح الفارق بين السعرين الحالي والمقدر في الموازنة أكثر من عشرة دولارات.

وقال الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد صباح، إن انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً، مع التزام العراق بتعهدات مستوى الإنتاج أمام منظمة أوبك وخفضه إلى 3.3 ملايين برميل يومياً، سيؤدي إلى نتائج سلبية كبيرة.

ولفت صباح إلى تراجع الإيرادات النفطية الشهرية إلى تسعة تريليونات دينار، ستذهب ثمانية تريليونات منها لتمويل رواتب الموظفين، فيما سيتم تخصيص الأموال المتبقية لتغطية نفقات شركات التراخيص النفطية وتمويل مفردات البطاقة التموينية ونفقات تشغيلية واستثمارية أخرى.

وأضاف أن العراق يعتمد على النفط بنسبة 90% من حجم الناتج القومي وهذا رقم كبير، لأن انخفاض أسعار النفط إلى 70 دولاراً للبرميل فما دون، يجعل العراق غير قادر على دفع الرواتب لمدة ثلاث سنوات على الأقل.

وأفاد صباح بأن قرارات منظمة أوبك الداعية إلى خفض التصدير سيكون لها أثر وفجوة كبيرة على عجز الموازنة الذي يسدد من فرق أسعار النفط، لأن الموازنة مبنية على الإيرادات النفطية، وكلما تغير سعر النفط كان هناك تأثير مباشر على الموازنة، ومن ثم كلما انخفضت أسعار النفط العالمية كان هناك عجز في نسبة الإنجاز للموازنة.

يذكر أن وزارة النفط العراقية، أعلنت أمس الأحد، خطة لزيادة إنتاجها من الخام الى ستة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2028، ضمن مشروع أكبر لرفع الإيرادات. ونقلت وكالة الأنباء العراقية، عن وكيل وزير النفط باسم محمد خضير، قوله إن “الوزارة لديها خطة طموحة في دعم وصيانة الإنتاج لتأمين الكميات المطلوبة للتصدير”.

خبراء يحذرون

من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي العراقي، نبيل المرسومي، من أن انخفاض سعر برميل النفط العراقي إلى 70 دولاراً سيؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني العراقي.

 

وقال المرسومي، في تدوينة له على صفحته الشخصية في “فيسبوك”، إن انخفاض الأسعار، مع تراجع الصادرات النفطية إلى 3.3 ملايين برميل يومياً، سيؤدي إلى انخفاض الإيرادات النفطية الشهرية إلى تسعة تريليونات دينار. وأشار إلى أن تريليون دينار من هذه الإيرادات سيخصص لتغطية نفقات شركات التراخيص النفطية، مما يترك ثمانية تريليونات دينار فقط لتمويل الرواتب بمختلف أشكالها.

وأفاد المرسومي بأن نصف تريليون دينار سيخصص لتمويل مفردات البطاقة التموينية، بينما سيتم تمويل باقي النفقات التشغيلية والاستثمارية من الإيرادات غير النفطية الشحيحة، بالإضافة إلى الاقتراض الداخلي والخارجي.

وتوقع المرسومي أن ترتفع الضرائب والرسوم، كما ستتعاظم الديون، وسيتعرض الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي العراقي لضغط كبير، في ظل غياب صندوق سيادي مخصص لمواجهة الأزمات الاقتصادية.

وأكد أن وزارة المالية قد تواجه صعوبات في تمويل الرواتب خلال الشهرين المقبلين، مما قد يؤدي إلى تأخير الرواتب أو تخفيضها إذا استمر سعر البرميل في نطاق السبعين دولاراً لمدة ستة أشهر.

البرلمان يطمئن

في السياق، أوضح عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، مصطفى الكرعاوي، أن أي تغيير في سعر النفط له انعكاس سلبي مباشر على الموازنة الدولة، وستتأثر الموازنات الاستثمارية والتشغيلية نتيجة هذا الانخفاض، لكنه لا يؤثر على سداد الرواتب والالتزامات المالية.

وحذر الكرعاوي من وقوع عجز مالي على موازنة الدولة الاتحادية، لأن انخفاض أسعار النفط سيؤثر بشكل خاص على الموازنة الاستثمارية، وكذلك على الموازنة التشغيلية المتعلقة بالقضايا السلعية والخدمية.

وبين الكرعاوي أن الحركة الاقتصادية في العراق عامة ستتأثر، مستبعداً تأثير انخفاض أسعار النفط على رواتب الموظفين، لأن سقف الرواتب أقل بكثير من سقف الإنفاق المخصص في الموازنة.

وأفاد: الحكومة اعتمدت في موازنتها لسد العجز الحاصل على فرق سعر النفط بنحو عشرة دولارات، لأنها وضعت موازنتها على سعر 70 دولاراً للبرميل، مما يعني أن التأثير سيكون على سداد مستويات العجز دون الأضرار في بقية تفاصيل الموازنة العامة.

واستبعد الكرعاوي وجود أي مخاوف أو قلق على سداد رواتب الموظفين، لأن ملف الرواتب يعتبر من أولويات الدولة وتسديده يجري وفق السياقات والتوقيتات المحددة.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار انخفاض أسعار النفط رواتب الموظفین خسائر أسبوعیة على الموازنة

إقرأ أيضاً:

تحديات اقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا - عاجل

بغداد اليوم -  بغداد

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار النفط، تتجه الأنظار إلى الوضع المالي للعراق ومدى استقراره خلال العام الحالي، مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أكد في تصريحات لـ"بغداد اليوم" أن الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي العراقي "مطمئن"، ولا يوجد تخوف من أزمة سيولة خلال هذا العام. 

وأشار إلى أن الطلب العالمي على النفط سيظل مرتفعًا، مما يعزز الاستقرار المالي للعراق، الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، لكن في ظل التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، يطرح السؤال نفسه: هل يمتلك العراق فعلاً استراتيجية مالية متينة تحميه من أي صدمات اقتصادية مفاجئة؟


الاحتياطي النقدي: أرقام مطمئنة ولكن...

يشير مظهر محمد صالح إلى أن البنك المركزي العراقي يدير الاحتياطات النقدية بكفاءة، مما يضمن استقرار السيولة المالية، ويعد الاحتياطي النقدي ركيزة أساسية للحفاظ على استقرار سعر الصرف وضمان القدرة على تلبية الاحتياجات المالية للدولة.

وفقًا لمصادر حكومية، فإن احتياطي البنك المركزي تجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار في الأشهر الأخيرة، وهو رقم يُنظر إليه على أنه "مطمئن" من قبل الخبراء الماليين، لكن الاعتماد الكلي على هذا الاحتياطي قد يكون سلاحًا ذا حدين، خاصة إذا تعرض الاقتصاد لضغوط غير متوقعة، مثل تراجع أسعار النفط أو أزمات سياسية تؤثر على الاستثمارات الداخلية والخارجية.


أسعار النفط: عامل استقرار أم تهديد؟

أكد صالح بأن أسعار النفط لن تنخفض إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، معتبرًا ذلك أمرًا إيجابيًا للعراق الذي يعتمد على الإيرادات النفطية لتمويل موازنته العامة، لكن مراقبين اقتصاديين يحذرون من أن الأسواق النفطية تتسم بعدم الاستقرار، خاصة مع تصاعد التوترات السياسية في المنطقة واحتمالية تباطؤ الاقتصاد العالمي.

وتاريخيًا، شهد العراق أزمات اقتصادية حادة عند انخفاض أسعار النفط، كما حدث في 2014 و2020، مما أجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات تقشفية واللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي لسد العجز في الموازنة، لذا، فإن أي هبوط مفاجئ في أسعار النفط قد يعيد العراق إلى سيناريوهات مماثلة.


الإيرادات غير النفطية: هل تسير في الاتجاه الصحيح؟

أشار المستشار المالي إلى أن الإيرادات غير النفطية "تسير بشكل صحيح"، في إشارة إلى محاولات الحكومة تعزيز مصادر الدخل الأخرى، مثل الضرائب، والجمارك، والاستثمارات في القطاعات غير النفطية.

ومع ذلك، فإن الإيرادات غير النفطية لا تزال تشكل نسبة صغيرة من إجمالي الدخل الوطني، ما يثير تساؤلات حول جدية الحكومة في تحقيق التنويع الاقتصادي، ويرى بعض المحللين أن العراق بحاجة إلى إصلاحات هيكلية جادة في قطاعي الصناعة والزراعة، بالإضافة إلى تعزيز مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما لم يتحقق بشكل ملموس حتى الآن.

التحديات الاقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟

في تصريحاته، أوضح صالح أن العراق تجاوز أزمات كبرى مثل الإرهاب وجائحة كوفيد-19، مما يجعله أكثر قدرة على مواجهة أي تحديات مستقبلية، لكنه أقر في الوقت ذاته بأن "انهيار الاقتصاد العالمي أو انخفاض أسعار النفط خارج إرادتنا"، وهو اعتراف ضمني بأن العراق لا يزال عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية.

وتكمن التحديات التي قد تؤثر على الاقتصاد العراقي في المرحلة المقبلة، في التوترات السياسية والأمنية، فإن أي تصعيد في المنطقة قد يؤدي إلى تذبذب الأسواق النفطية ويؤثر سلبًا على التدفقات المالية.

وأيضا، الفساد الإداري والمالي، حيث لا يزال العراق يواجه تحديات كبيرة في مكافحة الفساد، وهو عامل رئيسي يعيق التنمية الاقتصادية، إضافة الى البطالة وضعف القطاع الخاص، فما لم يتم تعزيز بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات، سيظل القطاع العام هو المشغل الرئيسي، مما يزيد الضغط على الموازنة العامة، مع عاملي سعر الصرف والتضخم، حيث أنه رغم استقرار الدينار العراقي، فإن أي اضطرابات في الأسواق العالمية قد تؤدي إلى تقلبات في سعر الصرف وزيادة التضخم.


هل العراق يسير نحو اقتصاد متطور؟

تصريحات الحكومة العراقية تعكس تفاؤلًا بقدرة البلاد على الحفاظ على استقرارها المالي، لكنها لا تخفي حقيقة أن الاقتصاد لا يزال هشًا أمام المتغيرات الخارجية، فرغم الاحتياطي النقدي الجيد والأسعار المستقرة للنفط حاليًا، فإن غياب استراتيجية اقتصادية واضحة لتنويع مصادر الدخل يجعل العراق في موقف غير مضمون على المدى البعيد.

يبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع الحكومة تنفيذ إصلاحات حقيقية تضمن استقرارًا طويل الأمد، أم أن التفاؤل الحالي قد يكون مجرد فترة هدوء قبل مواجهة تحديات جديدة؟

المصدر: "بغداد اليوم"+ وكالات

مقالات مشابهة

  • بعد عامين من الجمود.. قانون الموازنة يفتح طريق حل أزمة تصدير نفط الإقليم
  • بعد إقرار تعديل الموازنة.. شاخوان عبدالله يعلن احتواء مشكلة نفط كوردستان ورواتب الموظفين
  • خبراء الاقتصاد العراقي:لماذا لاتنشئ حكومة السوداني “صندوقا سيادياً” لتحقيق الاستقرار المالي ؟
  • العراق يرفع صادراته النفطية إلى أمريكا بشكل ملحوظ
  • النفط العراقي يختتم تعاملات الأسبوع على ارتفاع
  • وزير مالية كوردستان: اجتماع بغداد إيجابي ونتمنى حل الرواتب يوم الأحد
  • تحديات اقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا
  • تحديات اقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا - عاجل
  • النفط العراقي يواصل الانخفاض في الأسواق العالمية
  • ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 77.25 دولارا للبرميل