بدأت طاجيكستان حملة قمع واسعة تستهدف المظاهر الدينية كاللحى الطويلة والحجاب، بعد اتهام عدد من الطاجيكيين بتنفيذ هجوم إرهابي كبير في موسكو، بحسب تقرير مطول لصحيفة "نيويورك تايمز".

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن تنظيم "داعش-خراسان" المتطرف، الذي ينشط في آسيا الوسطى، كان وراء الهجوم، وهو ما سلط الضوء على الدور الذي يلعبه الطاجيك المتطرفون في تنفيذ عمليات إرهابية على مستوى العالم.

وبعد اعتقال رجال طاجيك واتهامهم بشن هجوم إرهابي على قاعة حفلات في موسكو في مارس الماضي، أدى إلى مقتل 145 شخصاً وإصابة أكثر من 500، كان المواطنون هناك يتوقعون حملة قمع حكومية.

وتستعرض الصحيفة قصة فتاة طاجيكية في الـ27 من العمر، شاهدت عناصر من السلطات المحلية تحمل مقصا خارج أحد المطاعم في دوشانبي، عاصمة طاجيكستان، وهي تقص اللحى التي اعتبرت طويلة للغاية.

وتعرضت الفتاة بحسب حديثها للصحيفة إلى الاعتقال عدة مرات حتى قررت التخلي عن الحجاب حتى لا يؤثر على مستقبلها المهني.

 وتفرض الحكومة الطاجيكية برئاسة إمام علي رحمن، الذي يتولى السلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود، كثيرا من القيود ومنها حظر الحجاب في المدارس منذ عام 2007 والمؤسسات العامة في طاجيكستان منذ عام 2009.

واعتمد البرلمان في الدولة ذات الأغلبية المسلمة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 10 ملايين نسمة مسودة تعديلات على قانون "التقاليد والاحتفالات" والتي ستحظر ارتداء "الملابس الغريبة عن الثقافة الطاجيكية"، وهو مصطلح يستخدمه المسؤولون على نطاق واسع لوصف الملابس الإسلامية، بحسب إذاعة أوروبا الحرة "راديو ليبرتي". 

وتمنع التعديلات أيضا استيراد تلك الملابس وبيعها والإعلان عنها.

وفرضت غرامات مالية كبيرة  تتراوح ما بين 660 إلى 1400 دولار على من يخالف هذه القوانين، ما يزيد الضغط على السكان في بلد يعاني من الفقر والبطالة.

وفي عام 2018، قدمت طاجيكستان دليل الملابس الموصى بها الذي يحدد ألوان الملابس وأشكالها وأطوالها وموادها "المقبولة".

وأنشأت الحكومات المحلية فرق عمل خاصة بينما داهمت الشرطة الأسواق لاعتقال "المخالفين"، بحسب "راديو ليبرتي". 

فرق عمل حكومية في طاجيكستان تغرم النساء اللاتي ترتدين الحجاب في الشوارع

يُظهر مقطع فيديو حديث يُزعم أنه لموظفي مستشفى في جنوب طاجيكستان وهم يساعدون زائرتين ترتديان الحجاب في تنسيق غطاء الرأس "على الطريقة الطاجيكية" بربطه خلف رأسيهما كوشاح، بحسب راديو "ليبرتي". 

 

    View this post on Instagram           

A post shared by Shahin Malek (@iamshahinmalek)

 

ويبدو أن المنطق وراء هذا هو القضاء على المظاهر العامة للإسلام المحافظ، وهو ما تعتقد الحكومة أن من شأنه أن يساعد في كبح جماح الإسلام المحافظ والحد من التطرف.

ورغم هذه التدابير، يشير خبراء مكافحة الإرهاب إلى أن هذه السياسة قد تأتي بنتائج عكسية.

ويرى لوكاس ويبر، المؤسس المشارك لمنظمة "ميليتانت واير" التي تركز على بحث نشاط الجماعات المتطرفة، إن الحملة القمعية التي تقودها الحكومة قد تؤدي إلى زيادة الغضب والاحتقان الاجتماعي، مما يغذي مزيدا من التطرف بدلا من الحد منه.

وأضاف أن ردود الفعل الحكومية على الهجمات الإرهابية قد تكون بالضبط ما يسعى إليه المتطرفون، إذ يرغبون في تأجيج التوترات بين المواطنين والسلطات.

إلى جانب القمع الداخلي، زادت طاجيكستان من تعاونها الأمني مع روسيا بعد الهجوم الإرهابي في موسكو، حيث يُنظر إلى الطاجيكيين المهاجرين في روسيا بريبة متزايدة.

ويعمل حوالي مليون طاجيكي في روسيا، ما يمثل نحو 10 في المئة من سكان البلاد، وهم يرسلون أموالا حيوية لعائلاتهم في الوطن.

ولكن في أعقاب الهجمات، أصبح الطاجيكيون هدفا رئيسيا للمداهمات الأمنية في روسيا، لتفتيش مساكنهم وأوراقهم الثبوتية بانتظام.

هذا الاعتماد الكبير على روسيا لم يمنع طاجيكستان من تعزيز علاقاتها مع دول أخرى، فقد بدأت أيضاً في تعزيز التعاون مع الصين، رغم التقارير التي تفيد ببناء قاعدة صينية في شمال البلاد، وهي تقارير نفتها بكين.

ووقعت طاجيكستان اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة في مايو الماضي، تهدف إلى تحسين مراقبة الأشخاص الذين يدخلون البلاد ويشتبه في صلتهم بالجماعات المتطرفة.

ويرى مراقبون أن التركيز على المظاهر الدينية قد لا يكون حلا فعالا لمكافحة الإرهاب، خاصة أن بعض أفراد عائلات المتهمين في الهجوم الإرهابي في موسكو أشاروا إلى أن المتورطين لم يظهروا أي علامات خارجية على التدين أو التطرف، مما يدل على أن هؤلاء المتطرفين قد يحاولون التهرب من التدابير الأمنية من خلال الابتعاد عن المظاهر الإسلامية التقليدية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وقالت جولراكات ميرزوييفا (59 عاما)، والدة أحد المتهمين في الهجوم، إن ابنها لم يكن متدينا بشكل علني ولم يظهر أي ميول للتطرف.

وأشارت إلى أن الفقر والظروف الاقتصادية القاسية هي التي دفعت ابنها إلى السفر مرارا للعمل في روسيا لتوفير احتياجات أسرته.

كان المهاجمون الأربعة المتهمون يعملون في روسيا لعدة أشهر على الأقل، وكان بعضهم يقوم برحلات متكررة للدخول والخروج.

ويشير خبراء في مجال حقوق الإنسان إلى أنه بدلا من أن تعالج الدولة المشاكل الجوهرية مثل الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية، تبحث عن أمور مظهرية قد لا يكون لها علاقة بجذور أزمة التطرف. 

وقال العديد من سكان دوشانبي لراديو ليبرتي إنهم لا يدعمون حظر أنواع معينة من الملابس لأنهم يعتقدون أن الناس يجب أن يكونوا أحرارا في اختيار الملابس التي يريدون ارتدائها.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی روسیا فی موسکو إلى أن

إقرأ أيضاً:

محللون: إسرائيل تتجه نحو مزيد من التطرف وواشنطن وضعت كل شيء بيد نتنياهو

يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو مزيد من الدفع باتجاه حرب واسعة، وهو يعرف أن إسرائيل ليست جاهزة لها، لكنه يراهن على جر الولايات المتحدة إليها، في وقت لم تعد فيه إدارة جو بايدن قادرة على ردعه، ولا على التخلي عنه، كما يقول خبراء.

ففي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة الحيلولة دون اندلاع حرب واسعة في المنطقة، وتحذر من تداعيات أي هجوم كبير على لبنان، تناولت وسائل إعلام إسرائيلية أحاديث، مفادها أن نتنياهو يعتزم استبدال وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي يعارض خطط الحرب في لبنان وقطاع غزة بجدعون ساعر، الذي استقال سابقا من مجلس الحرب اعتراضا على عدم تصعيدها بشكل أكبر.

ووفقا للخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، فإن استبدال غالانت بساعر يعني ذهاب إسرائيل نحو مزيد من التطرف، رغم أن توسيع الحرب سيزيد في الوقت نفسه حالة الغموض التي تكتنف مستقبل الحرب على كل هذه الجبهات التي يفتحها نتنياهو.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال مصطفى إن الهجمات التي تتعرض لها إسرائيل تعزز مخاوف الإسرائيليين بغض النظر عن الأضرار التي تخلفها.

إسرائيل تتجه نحو مزيد من التطرف

بالتالي، فإن ضم ساعر للحكومة كوزير دفاع -وهو ما نفاه مكتب نتنياهو لاحقا- يعني أن الحديث عن خفض التصعيد ووقف الحرب في قطاع غزة واستعادة الأسرى سيكون من الماضي، لأن ساعر استقال من مجلس الحرب اعتراضا على الدخول في مفاوضات مع المقاومة.

وفي الوقت الذي يتجه فيه نتنياهو لتعديل حكومته المتطرفة بضم أشخاص أكثر تطرفا، بعث رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار رسالة إلى زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيين) عبد الملك الحوثي، ثمن فيها الضربة التي وجهتها الجماعة لقلب إسرائيل يوم الاثنين.

وقال السنوار في رسالته إن على المقاومة أن تُفشل أهداف إسرائيل السياسية في المنطقة، كما نجحت في إفشال أهدافها العسكرية، وهي رسالة تعني أن زعيم حماس يريد إفشال المخطط الصهيوني ككل، كما يقول المحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة.

ويرى الحيلة أن الرسالة "حملت جرعة تفاؤل لأنها أشارت إلى نقاط مهمة، كأنها تؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة تقوم على مواجهة المشروع الصهيوني ككل في المنطقة وليس إسرائيل فقط".

في المقابل، فإن وضع جدعون ساعر على رأس الجيش الإسرائيلي "ربما يغير الموقف بالنسبة للأهداف التي يمكن ضربها في اليمن أو لبنان، وهو ما يعني أن المنطقة ربما تكون أقرب للحرب منها لمجرد التصعيد"، برأي الحيلة الذي أشار إلى أن هذا الجنوح نحو الحرب ربما يزيد الاحتجاجات داخل إسرائيل.

ورغم أن نتنياهو يحاول تجاوز مسألة الأسرى ويبحث عن التوسع في الحرب من أجل استعادة الردع، فإن تداعيات هذا الأمر قد تكون عكسية على إسرائيل، من وجهة نظر الحيلة.

واشنطن وضعت كل شيء بيد نتنياهو

وفيما يتعلق بالموقف الأميركي من كل هذه التطورات التي تتعارض تماما مع أهدافها المعلنة في المنطقة، قال الباحث في الشؤون السياسية والدولية ستيفن هايز إن واشنطن لطالما قالت إنها لا تريد توسيع الحرب، لكن كلامها لم يغير شيئا، مضيفا "أعتقد أنها لن تتمكن من فعل شيء، وربما تنجر إلى الحرب في نهاية الأمر دفاعا عن إسرائيل".

وقال هايز إن واشنطن تدرك خطر اشتعال حرب واسعة في المنطقة، مشيرا إلى أنها حرب "يريدها نتنياهو والسنوار"، حسب تعبيره.

ومن وجهة نظر هايز، فإن واشنطن "تحاول وقف هذا الخطر، لكن من غير المعروف إن كانت ستتمكن من وقفها خلال الأسبوعين الماضيين أم لا".

ويرى هايز أن نتنياهو يحاول الإضرار ببايدن ومنع نائبته كامالا هاريس من الوصول إلى البيت الأبيض، وفي الوقت نفسه يريد توغلا محدودا في لبنان، لكنه قال إن الإبقاء على محدودية هذا التوغل ليس مضمونا.

وأعرب المتحدث عن اعتقاده بأنه من الصعوبة أن تحتوي واشنطن هذه الحرب، ومن المستحيل في الوقت نفسه ألا تدافع عن إسرائيل في هذا التوقيت الانتخابي، مضيفا "بالتالي لا يمكن لإدارة بايدن فعل شيء أكثر من التصريحات للضغط على نتنياهو".

واتفق مصطفى مع الحديث السابق بقوله إن استبدال غالانت بساعر يعتبر رسالة قوية للولايات المتحدة التي يوصف غالانت بأنه رجلها في الحكومة الإسرائيلية.

كما أن خروج غالانت من المشهد يمثل أيضا رسالة مفادها "أن نتنياهو باقٍ ولن يرحل، وأن وزير الدفاع الجديد سيكون أكثر يمينية من نتنياهو، مما يعني أن الأخير يضرب بكل ما تقوله وما تريده أميركا عرض الحائط".

لكن اللافت -برأي الحيلة- أن المبعوث الأميركي إلى لبنان عاموس كوهشتاين يتحدث عن خطر التصعيد في لبنان كصديق يقدم النصيحة، وهي لغة لا تردع نتنياهو بل تدفعه للمضي قدما في مخططاته.

وخلص الحيلة إلى أن نتنياهو "قد يجر الولايات المتحدة إلى جولة تصعيدية ربما تصل لحرب، وربما تظل في إطار أقل من الحرب، لكنه إطار لا تريده أميركا في كل الحالات".

وعن الموقف الإيراني من أي حرب مع لبنان، قال الحيلة إن إيران لن تحارب إلا من أجل نفسها، لكنها "ربما تدخل الحرب في حال كان الهدف هو محو حزب الله تماما، من خلال دعمه لاستنزاف إسرائيل وصولا إلى الانتصار عليها".

لكن هذا التدخل غير المباشر ربما يدفع نتنياهو لضرب إيران مباشرة بذريعة قطع الإمدادات عن حزب الله، وبالتالي يكون قد وصل بالجميع إلى الحرب التي لا يريدها أحد غيره، حسب الحيلة.

ويتفق هايز مع فكرة عدم انخراط إيران في الحرب، لكنه قال إن "واشنطن تسلم كل الأوراق لنتنياهو"، مؤكدا أنها "لن تغير موقفها أبدا في فترة الانتخابات حتى لا يستغل دونالد ترامب هذا الأمر انتخابيا ونتنياهو يعرف ذلك".

مقالات مشابهة

  • بعد تكريمه من الرئيس السيسي.. من هو "سامي" نجل الشيخ الشعراوي؟
  • محللون: إسرائيل تتجه نحو مزيد من التطرف وواشنطن وضعت كل شيء بيد نتنياهو
  • روسيا تعلن استعادة قريتين في منطقة كورسك
  • إصابة 5 أشخاص في هجوم أوكراني على روسيا
  • روسيا تحقق في استخدام أوكرانيا للاسلحة في مقاطعة كورسك
  • روسيا: صد هجوم أوكراني دون وقوع إصابات بعدة مقاطعات
  • حريق مصنع قطنيات في عمّان
  • روسيا تصف العقوبات الأمريكية ضد صحفييها بـ"هجوم إرهابي إعلامي"
  • موسكو: نعرف أن الغرب قرر بالفعل ضرب روسيا في عمقها
  • روسيا.. ابتكار ملابس لمراقبة صحة رواد الفضاء أثناء التدريب