لم يدركوا وهم صغار يغرسون البذور أن جذورها تعمقت في وجدانهم، سُمرة الأرض انطبعت على ملامحهم، وخَضارها سار في الأوردة، فمع تقدمهم في العمر والانفتاح على الحياة الجامعية والتسلح بالعلم، وجدوا أنفسهم يقفون فوق الأراضي الخضراء،  الفلاحة نداهة سحرتهم، لا تمتد أرجلهم خارجها، يدرس بعضهم ما يزيدها اتساعًا، والآخرون حملوا شهادتهم وارتدوا جلباب أبيهم.

عشق العمل في الأرض الزراعية

تفتَّح إدراك مصطفي الشلقانى، ابن قرية شبرا بابل بالمحلة الكبرى، على روتين يومى يبدأ من الأرض وينتهى فيها، ظن أنها عادة ورثها من الأجداد، وطقس يمارسه والده بشكل يومى فشبَّ عليه وعلى زراعة المحاصيل التقليدية وسار في النهج المتبع بقريته بحصوله على الدبلوم كأمر كافٍ من مراحل التعلم، لكنها لم تكن رؤية «مصطفي» الذي انغرس حب الأرض الزراعية بداخله ولم يجد لنفسه حلما بعيدا عنها، فاتجه لدراسة الزراعة.

«خُضار زمان كان أصناف عادية ورزاعة تقليدية فكنا بنزرع فلفل وشطة وكوسة وبتنجان وطماطم وخيار، لما الدنيا اتطورت ودخلت أصناف تانية هجين وبدأنا نعمل إنتاجية مضاعفة للسنين اللى فاتت لقيت إنه ماينفعش أقف على القديم ولازم أتطور وأفيد أرضى»، وفق «مصطفي»، الذي وجد في التعليم المفتوح الأداة التي ستساعده على تحقيق حلمه، ودرس بكلية الزراعة جامعة المنصورة: «كان لازم أواكب التطور دراسيا، عندى الخبرة العملية بقى معايا العلمية كمان، المجال ده أنا حبيته ونجحت فيه وهكمل فيه».

التسلح بالعلم والعودة للجذور

لم يكن السيد حسن الجمال، ابن محافظة الغربية، بعيدًا عن ذلك التفكير، فتسلح بالعلم حتى صار حاملًا لليسانس الحقوق، لكنه اختار بإرادته أن يعود للجذور: «الفلاحة هي طفولتي، حب الأرض بيتولد مع ولادتنا، المدرسة الأولى لأي بني آدم هي مدرسة الأسرة، أبويا بيعشق الأرض، والأرض أصدق حاجة، مابتكدبش، تشبعت بحبها، خدت الليسانس، كان قدامي مجالات تانية وأمارس المحاماة، لكني فضَّلت الأرض، الأصل غالب على أي شىء، وكانت كمان رغبة والدي، كان ليا أخ واحد ومانالش حظه من التعليم فقال لنا امسكوا بعض وكبروا الأرض».

عمل الرجل الأربعينى وأخوه بنصيحة الأب وكبّرا الأرض من فدان لـ7 أفدنة: «دخلت جلباب أبى بإرادتي، مهما بلغ المنصب حبنا للأرض مزروع فينا، الوالد واخد نهج يشترى ويجدد، وماشى بمبدأ إن الأرض لو مازادتش هتتلاشى مع الوقت، ومشينا على نهجه».

درس «مصطفي محمود» بكلية التجارة، لكنه موقن بسيره على مبدأ العائلة «مهما علت المناصب فالعمل في أرضك أساسى»: «الشغل في الأرض مع إنه متعب وممكن ناس كتير ماتستحملش، لكن تعبها حلو، عامل زى إنك بتربى ابنك، في النهاية تلاقي حصاد كويس يطمن بالك».

ويحكي الشاب العشريني أن أرض أبيه تأكل منها الأسرة، لكنهم لا يتاجرون في محاصيلها: «أنا بساعد والدي في الاهتمام بيها ومراعاتها، ونفسي أعمل شغل خاص بيا جنبها»، مشيرا إلى أن والده وعمومته يعملون في مهن مختلفة بجانب الزراعة: «بروح الغيط وأفضل هناك حتى لو ماعندناش شغل في الأرض، لكن بتابع الزرع وصل فين».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: زراعة الأرض الأرض الزراعية أعيش في جلباب أبي التسلح بالعلم

إقرأ أيضاً:

السوداني: نعمل وفق رؤية تقدم مصلحة العراق العليا أولاً بعيداً عن الانفعالات

السوداني: نعمل وفق رؤية تقدم مصلحة العراق العليا أولاً بعيداً عن الانفعالات

مقالات مشابهة

  • بعد اختياره بموسم الرياض القادم.. نجل سليمان عيد: كل خير ‏بفضل سيرة والدي الحسنة
  • ريم مصطفي ضيفة «معكم مني الشاذلي» غدًا الخميس
  • مصطفي العش : جاهزون لمواجهة صن داونز وهدفنا الفوز
  • خطة ترامب لوقف الحرب بأوكرانيا.. روبيو يتجاهل اجتماعا مهما في لندن
  • محمد مصطفي يغادر إلى إثيوبيا لحضور الجمعية العمومية للاتحاد الافريقي للتايكوندو
  • إلهام شاهين تهنئ داليا مصطفي بمناسبة عيد ميلادها
  • مدير أكاديمية الأوقاف: نطلق جيلًا جديدًا من الدعاة المسلحين بالعلم والوعي
  • السوداني: نعمل وفق رؤية تقدم مصلحة العراق العليا أولاً بعيداً عن الانفعالات
  • في اليوم العالمي للأرض.. «بحوث الصحراء»: العمل الجماعي هو الطريق نحو مستقبل أكثر أمنا واستدامة
  • بعد أزمتها في سيد الناس.. ريم مصطفي ضيفة منى الشاذلي الخميس