"بيبي" يريد مزيداً من الدمّ بدل قليل من السياسة
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
ليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل بوقف المجزرة المستمرّة على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها إدارة جو بايدن من أجل وقف حرب غزّة. كشفت تلك الحرب أن لا صوت يعلو، في إسرائيل، على صوت بنيامين نتانياهو.
توجد معركة كسر عظم بين "بيبي" وبايدن الذي يمتلك نقطة قوة وحيدة. تكمن نقطة القوة هذه في أنّه لم يعد مرشحاً للرئاسة ويستطيع بالتالي الذهاب بعيداً في انتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي من دون خوف من ارتداد ذلك عليه شخصيّاً في الداخل الأمريكي.هذا لا يعني أنّ بايدن بات يمتلك حرّية وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر التي تحتاجها، وهي الورقة الأمريكيّة الأهمّ في العلاقة الأمريكيّة – الإسرائيلية.
لا يستطيع بايدن، على الرغم من تضايقه الشديد من نتانياهو، تجاهل أنّ عليه مراعاة وضع المرشحة الديمقراطيّة كامالا هاريس. تواجه كامالا هاريس الجمهوري دونالد ترامب ولكنها تحمّل نتائج اتخاذ موقف حاسم من إسرائيل من جانب إدارة تشغل فيها موقع نائب الرئيس.
انتقد الرئيس الأمريكي نتانياهو في ضوء إفشاله صفقة الرهائن مع "حماس"، لكنّ ذلك ليس كافياً. لا يمكن أنّ يسقط رئيس الوزراء الإسرائيلي سوى بسبب ضغط داخلي. إلى الآن، نجد ضغطاً داخليّاً متزايداً على نتانياهو، خصوصاً في ضوء إعدام "حماس" ست رهائن إسرائيليين أخيراً. إلى متى يستمر هذا الضغط الذي شارك فيه اتحاد النقابات العمالية (الهستدروت)؟
الواضح أن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي قدرة كبيرة على المناورة. في أساس تلك القدرة، ذلك الرابط الذي يجمع بين أحزاب اليمين الإسرائيلي. يعرف كلّ حزب من أحزاب اليمين أن انفراط حكومة نتانياهو سيعني الخروج من السلطة. لم يعد الأمر متعلقاً بالمستقبل السياسي لـ"بيبي" فحسب، بل صار أيضاً مصير كلّ حزب من أحزاب اليمين مرتبطاً بالمصير الذي ينتظر شخصاً محدّداً (نتانياهو) لا يمتلك في الواقع سوى مشروع واحد هو مشروع استمرار حرب غزّة أقلّه في الأشهر القليلة المقبلة.
يظلّ أخطر من ذلك كلّه أنّ "بيبي"، في لحظة وقوع هجوم "طوفان الأقصى" الذي نفذته "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأوّل) الماضي، اتخذ قراراً بحرمان الحركة من استخدام ورقة الرهائن الإسرائيليّين. يبدو من خلال كلّ ما يقوم به "بيبي" أنّ مصير الإسرائيليين، بمن في ذلك الذين يحملون الجنسيّة الأمريكيّة أيضا، لا يهمّه بأي شكلّ. يبدو مستعداً للتعاطي مع هذا الموضوع من دون التحلي بأي شعور إنساني. هذا خروج عن السياسة الإسرائيليّة التقليدية التي تضع إنقاذ الرهائن في مقدّم الأولويات. ربّما كانت المرة الوحيدة التي رفضت فيها إسرائيل الدخول في مساومات تتعلق بالرهائن، ما حصل في ميونيخ في العام 1972 عندما احتجز فدائيون فلسطينيون مجموعة من الرياضيين الإسرائيليين كانوا يشاركون في دورة الألعاب الأولمبية وقتذاك.
فوق ذلك كلّه، لا يمكن تجاهل سعي "بيبي" إلى متابعة حرب غزّة وتوسيعها. ليس ذلك سوى محاولة للاستفادة إلى أبعد حدود من "طوفان الأقصى" لتنفيذ خطة مستحيلة تتمثّل في تصفية القضيّة الفلسطينية.
بات واضحاً أنّ الأمل في وقف حرب غزّة يقوم على حصول ضغوط داخليّة كبيرة على نتانياهو الذي سيستغل الشهرين اللذين يفصلان عن موعد الانتخابات الأمريكيّة إلى أبعد حدود معتمداً على أنّه لا يزال يتمتع بالقدرة على المناورة في داخل إسرائيل من جهة وعلى وقوف العالم متفرّجاً على ما يرتكبه من جرائم امتدت لتشمل الضفّة الغربيّة من جهة أخرى.
تبقى نقطة واحدة في غاية الأهمّية تتعلّق بمعبر فيلادلفيا الذي يفصل بين رفح والحدود المصريّة. ماذا لو خرج المجتمع الدولي، بغطاء عربي وأمريكي وأوروبي، بخطة مدروسة تؤدي إلى دحض حديث نتانياهو عن تهريب أسلحة إيرانيّة إلى "حماس" عبر المعبر؟
ثمّة حاجة إلى موقف عربي جدّي، يتحلّى في الوقت ذاته بمقدار كبير من الشجاعة، يسمّي الأشياء بأسمائها ويرفض بقاء المنطقة تحت رحمة التطرّف والمتطرّفين. لا شكّ أن الدول العربيّة تفادت، في معظمها، اتخاذ موقف مؤيّد لـ"حماس"، بما في ذلك النظام السوري. وحده لبنان، بسبب سيطرة "حزب الله"، الذي ليس سوى فصيل في "الحرس الثوري" الإيراني، فتح جبهته الجنوبيّة. كلّفه ذلك غالياً وسيكلّفه أكثر في المستقبل في ضوء الدخول في لعبة إيرانيّة لا مصلحة له فيها.
عندما تكون هناك خطة واضحة ذات تفاصيل دقيقة، يمكن وضع حدّ للبرنامج الذي ينفذه نتانياهو، وهو برنامج لا يتمتع بأي أفق سياسي. من واجب العرب، انطلاقاً من معبر فيلادلفيا الذهاب إلى التعاطي مع الواقع بما يضمن العودة إلى السياسة. يمكن في هذا المجال الاستعانة بنقطتين من الخطاب الذي ألقاه الملك محمّد السادس قبل أسابيع قليلة في مناسبة مرور ربع قرن على اعتلائه عرش المغرب. قال محمّد السادس بالحرف الواحد:
• أولاً: إذا كان التوصل إلى وقف الحرب في غزة أولوية عاجلة، فإنه يجب أن يتم بموازاة فتح أفق سياسي، كفيل بإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة.
• ثانياً: إن اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يتطلب قطع الطريق على المتطرفين، من أي جهة كانوا".
ثمة نقاط أخرى تطرّق إليها العاهل المغربي، لكنّ هاتين النقطتين تصلحان مدخلاً صالحاً لمواجهة المتطرفين في المنطقة، الذين من بينهم رئيس الحكومة الإسرائيليّة الذي يتطلّع إلى مزيد من الدمّ بدل البحث عن قليل من السياسة.
إنّ البحث عن حلّ في معبر فيلادلفيا يمكن أن يكون بداية لعمل عربي مشترك بدعم دولي لوضع حدّ لمأساة ليس ما يشير إلى أن الولايات المتحدة، بوضعها الحالي، تستطيع وقفها والحؤول دون انتقالها إلى الضفّة الغربيّة… وربّما لبنان في وقت لاحق!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل الأمریکی ة
إقرأ أيضاً:
حماس: المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في بيت لاهيا نتيجة للفيتو الأمريكي
القدس المحتلة-سانا
أكدت حركة المقاومة الفلسطينية حماس أن المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم بقصفه حياً سكنياً بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وراح ضحيتها 66 شهيداً وعشرات الجرحى والمفقودين نتيجة للفيتو الأمريكي الذي أفشل قراراً لمجلس الأمن بوقف العدوان.
وقالت حماس في بيان اليوم: “استمراراً لحملة التطهير العرقي التي يواصل الاحتلال ارتكابها في شمال القطاع منذ نحو 50 يوماً أقدم هذا العدو الفاشي خلال الساعات الأولى من صباح هذا اليوم على ارتكاب المجزرة المروعة في بيت لاهيا في إمعان بحرب الإبادة الوحشية ضد الشعب
الفلسطيني، مستنداً إلى غطاء أمريكي إجرامي ودعم عسكري وسياسي لا محدود، وآخره الفيتو الذي أفشل به أمس قراراً في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة”.
وحمّلت حماس المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية المسؤولية عن استمرار المجازر بحق الفلسطينيين، جراء الصمت والعجز عن تفعيل آليات الحماية من الإبادة والتطهير، مجددة دعوتها إلى تحرك عالمي للضغط على الاحتلال لوقف الإبادة.