بقلم: إسماعيل الحلوتي

      في خضم الحملة الانتخابية السريالية لرئاسيات الجزائر، بدا واضحا أن الرئيس الجزائري المنتهية ولايته "عبد المجيد تبون" ومرشح "الكابرانات" لعهدة ثانية، مصر على السير في "شطحاته" المزعجة والمستفزة. إذ أنه يكاد لا يتوقف عن تصريحاته الهوجاء والمثيرة للسخرية والاستهزاء، ولاسيما بعد أن صارت الصحراء "لازمة" لا يستقيم الحديث إلى الإعلام أو أمام مجتمع الناخبين المفترضين دون إثارتها، معتقدا أنها من بين أهم المواضيع التي من شأنها إقناعهم بالتصويت عليه دون أدنى تردد، وإلا ما كان ليتعهد لهم يوم الاثنين 26 غشت 2024 في مدينة وهران، ب"عدم التخلي عن الجمهورية الوهمية وجعلها حقيقة واقعة".

      ففي هذا السياق يشهد عديد المراقبين بأن النظام العسكري الجزائري حريص على ترسيخ عقيدة العداء ضد المملكة المغربية في عقول المواطنات والمواطنين الجزائريين، إناثا وذكورا، صغارا وكبارا. وحريص كذلك على مواصلة دعم ميليشيات البوليساريو الانفصالية، مهما كلفه الأمر من ميزانيات ضخمة، ناسيا أن ما يجمع بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي أكثر مما يفرق بينهما، من حيث تقاسم الحدود والتاريخ والعادات وروابط الدم وغيرها، وضاربا عرض الحائط بما يعيش الجزائريون من مشاكل، وتدهور أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، الذي تؤكده مقاطع فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي حول طوابير المواد الغذائية الأساسية، التي أصبحت "ماركة" مسجلة باسم "الجزائر الجديدة".

      وهنا لا بد لنا من الإشارة بعجالة إلى ما تقوم به وكالة الأنباء الرسمية لنظام كابرانات الجزائر من نشر الأكاذيب والمغالطات وتزييف للحقائق، حيث أنها لا تكف عن محاولات المس بصورة المغرب. ونستحضر هنا تورطها يوم 16 يناير 2024 في نشر قصاصة بعنوان "كبار المسؤولين الأمنيين بالمغرب، محل مذكرة توقيف دولية"، مستندة في ذلك إلى أخبار كاذبة أشاعها مواطن مغربي أدانه القضاء الإيطالي، جراء ارتكابه عمليات نصب واحتيال. مما يؤكد أن الخط التحريري للوكالة الجزائرية يستهدف التهجم المزمن على المملكة المغربية والإساءة إلى مؤسساتها الأمنية المشهود لها دوليا بالكفاءة والصرامة والخبرة والمهنية، ولا أدل على ذلك أكثر من نيل المغرب في فاتح دجنبر 2023 بالعاصمة النمساوية "فيينا"، شرف احتضان أشغال الدورة 93 للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الأنتربول"، التي تم الاتفاق حول تنظيمها بمدينة مراكش في سنة 2025.

      وبالعودة إلى "الانتخابات الرئاسية" الشكلية بالجارة الشرقية الجزائر، وفي ظل ما حققه المغرب في السنوات الأخيرة من انتصارات دبلوماسية لصالح وحدته الترابية وتوالي فتح القنصليات في أقاليمه الجنوبية منذ تقديم مقترح الحكم الذاتي عام 2007، ولاسيما بعد خلو قرارات مجلس الأمن من عبارة الاستفتاء وتقرير المصير، نجد أن حمى العداء ضد المغرب لدى عساكر الجزائر تفاقمت بشكل لافت ومثير للشفقة. إذ في خرجة إعلامية غريبة ومريبة، اتهمت السلطات الجزائرية المغرب بمحاولة التشويش على هذه "الانتخابات" التي تمر حملتها في أجواء "باردة"، وذلك عبر إعلان النيابة العامة في فاتح شتنبر 2024 بمدينة تلمسان عن توقيف عدة أشخاص، بينهم أربعة مواطنين مغاربة ومواطنين جزائريين متهمين بالانتماء إلى شبكة تجسس...

      فالجزائر بهكذا تصريحات رعناء ومعاكسة المغرب في وحدته الترابية، ورغم محاولتها الظهور كمراقب أو ملاحظ محايد في ملف الصحراء المغربية، تؤكد للعالم أجمع بأنها الطرف الأصلي والحقيقي في النزاع المفتعل، وتنمي اقتناع المؤسسات الأممية والمنتظم الدولي المبني على تقارير وإحاطة المبعوثين الأمميين للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة المينورسو، بافتعالها الأزمة منذ حوالي نصف قرن، من خلال احتضانها جبهة البوليساريو الانفصالية، التي طالما تورط عدد من عناصرها في تجارة السلاح والمخدرات والبشر.

      إنه لمن المضحك المبكي أن تتمادى الأجهزة الجزائرية في تجييش المواطنين الجزائريين من خلال العمل على شيطنة المغرب ومحاولة النيل من سمعة مؤسساته ورموزه والزج بالجميع في ملفات لا علاقة له بها على الإطلاق، فضلا عن السعي الدائم نحو عزله عن محيطه العربي والمتوسطي وعمقه الإفريقي، معتمدة في ذلك على صناعة الأكاذيب وتلفيق التهم الباطلة، والترويج لها عبر الأبواق الإعلامية الصدئة والأقلام المأجورة، حتى أضحت تغذية العداء للمغرب مادة أساسية في برامج الانتخابات الرئاسية الجزائرية، وصارت الحوارات الإعلامية لا تخلو من اسم المغرب ورسمه على هيئة عدو خارجي يتربص بالجزائر ويهدد أمنها واستقرارها.

      إنه مهما حاولت الآلة الدعائية والأمنية والعسكرية الجزائرية اتهام المغرب بالممارسات العدائية تجاه الجزائر، من خلال دعم الحركات الانفصالية والإرهابية والتجسس والتشويش على الانتخابات الرئاسية، لن تكون قادرة على إقناع الفئات الاجتماعية الحرة والشريفة بهلوساتها المتفاقمة. وليكن في علم تبون وأولياء نعمته من العسكر، أن المغرب سيستمر بفضل السياسة الرشيدة لقائده المفدى الملك محمد السادس، في شق طريقه بثبات نحو حشد المزيد من الدعم لملف الصحراء المغربية وتحقيق الانتصارات الدبلوماسية والسياسية والرياضية والتنموية وغيرها، غير مبال بما يصدر عن الأبواق الإعلامية المتهالكة من ضجيج، لن يضر إلا بمصالح الكابرانات أنفسهم ومصالح الجزائر والشعب الجزائري الشقيق.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

نقل الكاتب الجزائري المعتقل في الجزائر بسبب آرائه الى المستشفى

نقل الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال المسجون في الجزائر منذ منتصف نوفمبر بتهم تتعلق بأفعال تستهدف “السلامة الترابية” و”الوحدة الوطنية” إلى وحدة علاج طبي، وفق ما أفاد ناشر مؤلفاته ووكيل الدفاع عنه في فرنسا الاثنين.

وكان الرئيس التنفيذي لدار “غاليمار” للنشر أنطوان غاليمار والمحامي فرنسوا زيمراي في أمسية دعم في أحد مسارح باريس حضرها المئات.

وقال غاليمار خلال الأمسية “علمنا أخيرا، هذا الصباح، أنه وضع مجددا اليوم في وحدة سجنية للرعاية بناء على طلبه”.

وأوضح أن هذه الوحدة تقع داخل أحد مستشفيات الجزائر العاصمة.

وأضاف “إنها المرة الثانية، وبناء على طلبه. فماذا يمكن أن نفهم؟ على أي حال، فهم (المسؤولون عن توقيفه) أن وضعه الصحي بهذه الهشاشة وأن وفاته ستكون خطرة جدا عليهم أيضا”.

وكان وكيل صنصال المحامي فرنسوا زيمراي ند د في 11 ديسمبر بنقل الكاتب البالغ 80 عاما إلى سجن القليعة، على مسافة نحو 35 كيلومترا من الجزائر العاصمة، من دون إخطار الدفاع أو الأسرة سلفا.

وأكد المحامي مساء الإثنين أن بوعلام صنصال “ليس بخير”.

وأفاد بأن صنصال “ن قل للتو مجددا” إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي وسط العاصمة الجزائرية، مشيرا إلى أن “نتائج الخزع التي أ جري ت له ليست جيدة”. وأضاف “لذلك أطلق نداء (…) إلى السلطات الجزائرية لتتصرف بكل بساطة بإنسانية في هذه القضية”.

وأوق ف كتابي “قسم البرابرة” و”2084: نهاية العالم” في 16 نوفمبر في مطار الجزائر العاصمة.

وو جهت إلى صنصال تهم بموجب المادة 87 مكرر التي تعد “فعلا إرهابيا أو تخريبيا (…) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.

وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع “فرونتيير” الإعلامي الفرنسي المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفا مغربيا يقول إن أراضي مغربية انت زعت من المملكة تحت الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.

ورفضت غرفة الاتهام بمجلس قضاء الجزائر الأربعاء، طلب الإفراج الذي تقدم به محامو صنصال، بحسب ما ذكرت صحيفة الوطن في اليوم التالي.

وطالب متحدثون آخرون خلال أمسية الاثنين “بالإفراج الفوري” عن صنصال، من بينهم الكاتب الحائز جائزة غونكور لسنة 2024 كمال داود، ورئيس الوزراء الفرنسي السابق برنار كازنوف.

مقالات مشابهة

  • كاتب ياسين.. الروائي الجزائري الذي أخذ الفرنسية غنيمة حرب
  • خبير : تصريحات غالي منفصلة عن الواقع والتاريخ
  • نقل الكاتب الجزائري المعتقل في الجزائر بسبب آرائه الى المستشفى
  • وزير الرياضة يشكر المملكة المغربية على حسن استضافة احتفالية الكاف 2024
  • اللهجة المغربية واللهجة الصعيدية.. جسر لغوي يمتد عبر التاريخ
  • وفاة الفنان التشكيلي الجزائري رزقي زرارتي
  • الخارجيةُ الجزائرية تستدعي السفيرَ الفرنسي بسبب نشاط مخابراتي
  • وزارة المجاهدين تُدين السلوكات “المشينة” التي تمس برموز الثورة الجزائرية وتاريخها المجيد
  • الخارجية الجزائرية تستدعي سفير فرنسا للتنديد ب"ممارسات عدائية"  
  • الإعلام الجزائري والأبواق الإنفصالية تحتفي بطعن غالي في مغربية الصحراء