الثورة نت:
2024-11-08@21:30:03 GMT

نور الإسلام

تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT

نور الإسلام

بلقيس علي السلطان

التولي هو الميل ثم الاتباع بقوة، فيكون التابع منقاد لتابعه دون هدى ورشاد، أو متولياً له بإخلاص وصدق من واقع ديني يعكس القيم والأخلاق والمبادئ الدينية التي تتوفر فيمن يتولونه، وقد روى لنا القرآن الكريم الكثير من الأحداث التي تسرد قصص التابعين لأتباعهم بغير وعي وبصيرة، والعكس من ذلك من تولوا الصادقين والمخلصين من أنبياء الله، فهناك من ترك التولي لنوح عليه السلام واتبعوا أهواءهم والمضلين من الناس {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَـمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} فما نجا منهم سوى من تولى نوح عليه السلام التولي الصادق والمخلص .

وهناك من ترك التولي لإبراهيم عليه السلام وتولوا النمرود بالرغم من طغيانه واستكباره وكان الأحسن هم من تولوا إبراهيم عليه السلام: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَـمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وكذلك قوم عاد تركوا تولي هود واتبعوا الجبابرة والعصاة: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} حتى وصلنا إلى آخر الأنبياء والمرسلين فمنهم من تولى رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله التولي الصادق وبذلوا مالهم وأرواحهم في سبيل نصرته وإعلاء كلمة الحق، ومنهم من تبع أبو جهل وأبو لهب وأبو سفيان {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ }. لكن أمر الولاية لم ينته بوفاة آخر الأنبياء فالرسالة مازالت تحتاج إلى إكمال البلاغ بها والإنذار للناس فكان لا بد من إعلان التولي لمن له الجدارة في مواصلة درب الرسل فجاء الأمر من الله لرسوله بذلك: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَـمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} فكان الإمام علي عليه السلام هو الأجدر والأكفء، لأنه كان المخلص والشجاع والمجاهد الجسور والتلميذ النجيب لرسول الله صلوات الله عليه وآله حتى استحق أن يكون باب مدينة علمه، وكان الحريص على الأمة الذي لا يريد جزاءً ولا شكورا . وكما كان عهد البشرية في السابق كان عهدها في اللاحق فمنهم من تولى الإمام علي عليه السلام وسانده وناصره ومنهم من اتبع معاوية ويزيد وغيرهم واسهموا في ضياع الأمة وضلالها فالاتباع ليس مجرد رغبة عابرة وميول شخصي ليس له تبعات ونتائج يحصدها ذلك التولي؛ فاتباع الطغاة والعصاة والمستكبرين يولد الضلال والتيه والانحطاط والغي، وهذا ما حدث للأمة على مدى الأزمنة المتلاحقة فمن تولى المضلين والعصاة حق عليه العذاب والعقاب والسخط من الله في الدنيا والآخرة . تغييب أمر الولاية وأهمية التولي لأولياء الله من عترة رسول الله صلوات الله عليه وآله كان له الأثر البالغ في ابتعاد الأمة عن دينها وعن مضامين الهداية في قرآنها؛ فكان أن حدث الشقاق في صفها والجهل في دينها فسهل على المضلين تقسيمها إلى مذاهب وطوائف وجماعات، وسهل عليهم إضلالها بأحاديث مزعومة تدعي أهمية طاعة ولي الأمر ولو كان فاجراً وفاحشاً وسكيراً، حتى ولو قصم ظهر الرعية وسرق مالهم! فنشأ جيلٌ هزيل يتولى البغاة والطغاة دون أن يكون له موقف أو كلمة ضدهم، فأصبحوا يؤيدون الزعيم الفلاني ويتولونه مع اعترافهم أنه يسرقهم قائلين (كان يأكل ويأكل الناس)! والبعض يتولى الأمير الفلاني الذي يقضي ليله في اليخوت مع الماجنات وتراه يقول (طال عمره) ويدعى له في المنابر بالحفظ والنصر والسداد! هكذا صارت الأمة تحت قيادات هزيلة تتولى اليهود والنصارى وتتفاخر بذلك تحت مسميات الشراكة والسلام والصداقة والتطبيع المعلن، ومات وعي الشعوب فلم تعد تدرك ما يحدث حولها ، حتى إذا ما جاء من يرشدها ويهديها من عترة رسول الله صلوات الله عليه وآله جعلت أصابعها في آذانها واستغشت ثيابها وأصرت واستكبرت استكبارا ، وأصروا على تولي سلمان وآل خليفة وغيرهم من الزعماء الذين ارتضوا الموالاة لليهود والنصارى، فكان نتاج ذلك انتهاك للمقدسات الإسلامية في القدس وفي مكة والمدينة، وسفك للدماء في اليمن وسوريا وفلسطين وغيرها، وكذلك سلب ثروات الشعوب واستغلالها من قبل الصهاينة الماسونيين العالميين وتسخيرها في إبادة الشعوب، ناهيك عن التطاول على الفطرة الإنسانية والإعلان الصريح عن الشذوذ الجنسي والدعوة إلى إباحته في العالم، حتى وصلنا إلى حرق نسخ من القرآن بكل تعنت وإصرار دون الأخذ في الاعتبار لمشاعر أكثر من مليار مسلم! لو رفع هذا المليار مسلم اليد التي رفعها رسول الله في وضح النهار وأمام مائة ألف مسلم، لما وصلوا إلى ماصلوا إليه من التيه والغواية والانحطاط، لو ألتف هذا المليار حول أعلام الهدى من أولياء الله الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لما تجرأ الطغاة على إعلان الفحشاء ولما تجرأوا كذلك على حرق الكتاب العظيم لدى المسلمين مستصغربن لهم وساخرين منهم وعلى انتهاك المقدسات الإسلامية ومنها القدس الشريف الذي يدنس منذ أكثر من ٧٠ عاما! وليست هذه هي الحسرة الوحيدة لمن ترك تولي أعلام الهدى من أولياء الله؛ بل ستكون هناك الحسرة الأشد يوم القيامة عندما يتبرأ الذين اتبعوهم منهم: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} فأي خزي أكبر من هذا؟ خزي في الدنيا وخزي في الآخرة. هنا تكمن الأهمية للولاية ولضرورة الالتفاف حول أعلام الهدى واتباعهم لتتخلص الأمة من طواغيت الأرض وتنفض عنها غبار الخزي والعار وتعيد للعالم نور الرسالة المحمدية الذي حاول الطغاة المستكبرين إطفاءه، وكذلك ترفع القرآن عالياً كمنهج حياة ودستور للنجاة، وترفع راية الجهاد ضد جبابرة الأرض وتطهر المقدسات من رجسهم، وتعيد للإسلام هيبته ومكانته العظيمة، والله متم نوره ولو كره الكافرون والعاقبة للمتقين.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: علیه السلام رسول الله

إقرأ أيضاً:

دعاء جامع شامل في يوم الجمعة.. الفرصة الذهبية لدعاء مستجاب

تأتي ساعة الاستجابة في يوم الجمعة والتي تعد من أبرز اللحظات التي يتحقق فيها الدعاء بإذن الله، ففي هذا الوقت، يُستجاب للمؤمن ما دعاه به من خيرات، فيستغل المسلمون هذا الوقت في التوجه إلى الله بالدعاء والتضرع، رجاءً لرحمته وطلبًا لمغفرته.

 

ساعة الاستجابة: الفرصة الذهبية لدعاء مستجاب

قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه إياه" (متفق عليه). وإن كان العلماء قد اختلفوا حول تحديد الساعة التي تكون فيها الاستجابة، فإن المتفق عليه أن يوم الجمعة هو يوم مميز تُفتح فيه أبواب الرحمة، وتزداد فيه فرص استجابة الدعاء.

ويعتبر البعض أن ساعة الاستجابة هي الوقت الذي يكون بين صلاة العصر وغروب الشمس، بينما يرى آخرون أنها قد تكون وقت السجود في صلاة الجمعة نفسها. ورغم الاختلاف في تحديد هذه الساعة، يبقى المهم أن المسلم يستغل كل لحظة في هذا اليوم المبارك ليتوجه إلى الله بكل ما في قلبه من أماني ودعوات.

دعاء جامع شامل: مفاتيح الاستجابة في ساعة الجمعة

لعل من أعظم الأدعية التي يمكن أن يُرددها المسلم في يوم الجمعة هو الدعاء الجامع الشامل الذي يتضمن كل ما يحتاجه المؤمن في دينه ودنياه. وهذا الدعاء لا يتوقف فقط على المسائل الشخصية أو الدنيوية، بل يتسع ليشمل الأمة الإسلامية جمعاء، ويلح على الله في طلب المغفرة والرحمة، والتحصين من شرور الدنيا والآخرة.

من أبرز الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في هذه الساعة المباركة:

"اللهم اجعل هذا اليوم يومًا مباركًا علينا، وارزقنا فيه الخير والبركة، اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا، وارزقنا من فضلك العظيم."

"اللهم في ساعة الاستجابة، نسألك رحمة تغنينا عن رحمة من سواك، ومغفرة ترفع عنا كل هم وغم."

"اللهم إنا نسالك أن تفرج همومنا، وتغفر ذنوبنا، وترزقنا من حيث لا نحتسب."

"اللهم اجعلنا من أهل الجنة، ونجنا من النار، ووفقنا لما تحب وترضى."

الاستغفار والتوبة: مفتاح للنجاة والبركة

في ساعة الاستجابة من يوم الجمعة، يجب أن يكون الاستغفار والتوبة من أبرز ما يتوجه به المسلم إلى ربه. فالإنسان مهما بلغ من التقوى والعمل الصالح، لا يخلو من خطأ أو تقصير. لذا، فإن التوبة النصوح وطلب المغفرة من الله في هذه الساعة له أثر عظيم في تطهير القلب والروح.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا" (رواه أبو داود). وبذلك، يصبح يوم الجمعة فرصة للمسلم للتوبة وتجديد العهد مع الله تعالى.

دعاء لصلاح الأمة ورفعة شأن المسلمين

من أهم الأمور التي يجب أن يتذكرها المسلم في يوم الجمعة، هو الدعاء لصلاح الأمة الإسلامية ورفعة شأنها. في هذا اليوم المبارك، يتحقق العمل الجماعي والدعاء المشترك في كل أنحاء العالم الإسلامي، خاصة في الساعة التي يُستجاب فيها الدعاء. ومن الأدعية الشاملة التي يمكن أن ترددها الأمة:

"اللهم اجمع شمل المسلمين، ووفق قادتهم لما فيه خير الأمة، ونجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن."

"اللهم احفظ بلاد المسلمين، وكن معهم في كل وقت وحين، واجعلهم من المنتصرين على أعدائهم."

الاستفادة من لحظة استجابة الدعاء

إن يوم الجمعة هو فرصة عظيمة لكل مسلم ليدعو الله بما يشاء من خيرات، ولتجديد علاقته مع الله في ساعة الاستجابة. من خلال الدعاء الشامل والتوبة الصادقة، يمكن للإنسان أن يُغير قدره، ويُحقق آماله وطموحاته، ويشعر بالسكينة والراحة النفسية التي يحتاجها في مواجهة تحديات الحياة.

في ساعة الاستجابة، دعونا نرفع أكفنا بالدعاء، متأكدين أن الله لا يرد من سأل، وأنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فما علينا إلا أن نخلص في الدعاء ونلجأ إلى الله بكل قلبٍ مُخلص، طالبين منه المغفرة والرحمة والبركة.

مقالات مشابهة

  • القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.. الإجابة وراء التحول الإلهي
  • دعاء جامع شامل في يوم الجمعة.. الفرصة الذهبية لدعاء مستجاب
  • سؤال كبير في التاريخ: لماذا لم تستمر مدنية كبيرة كالصين والحكم الإسلامي بقيادة المدنية؟ (2-2)
  • فضل الصلاة على النبي من مغرب الخميس إلى مغرب الجمعة| تعرف عليه
  • نص كلمة قائد الثورة حول آخر التطورات الخميس 7-11-2024
  • أمة الإسلام: وحدة وتفرد في العبادة والعقيدة وميراث الإيمان
  • علي جمعة: سيدنا محمد دعا بنفسه إلى عالمية الإسلام
  • في ملتقاه الأسبوعي قضايا معاصرة.. الجامع الأزهر يناقش التكافل الاجتماعي في الإسلام
  • سلام مزيف
  • ظهور نادر لنرمين الفقي مع والدها الذي تعرفت عليه وهي شابة!