بعد الحرب العالمية الثانية وحتي سقوط الكتلة السوفيتية في بداية تسعينات القرن الماضي، كان الجهاد ضد الشيوعيين أعداء الرب هو الغطاء الدعائي الذي أستخدمه تحالف الأنظمة التابعة مع الإستعمار لقمع تطلع الشعوب نحو الحرية والديمقراطية والمساواة.

وبعد نهاية الحرب الباردة حل الإسلام السياسي محل الشيوعية كغطاء مفضل للتآمر علي تطلعات الشعوب.

ومن يومها صارت محاربة الإرهاب والإسلاميين هي الأسطوانة المفضلة لقوي الثورة المضادة للإلتفاف حول ثورات التحرر ومصالح الشعوب. فالإستعمار وممثليه المحليين دائما في حوجة لمبرر لما لا يمكن تبريره.

فالإستعمار المباشر جاء المرة الأولي لنشر الحضارة وإنقاذ الشعوب الهمجية من بربرية حكامها وثقافاتها. ثم جاء الإستعمار غير المباشر مرة أخري باسم حماية الشعوب من خطر الدكتاتورية الشيوعية الكافرة. والان ياتي الإستعمار مبشرا باسم المدنية والليبرالية وحماية الشعوب من إرهاب الدواعش وفتك الإسلاميين بالشعوب.

فقد تم غزو العراق وليبيا تحت غطاء محاربة الإسلاميين مع أن نظامي صدام والقذافي كانا من أشرس أعداء الإسلام السياسي الذي موله ورعاه من غزاهم.

فحتي حميدتى وجنجويده الذين ولدوا من جعبة البشير وشحموا وبشموا في عهده صاروا بين ليلة واخري راس الرمح في الجهاد ضد الإسلاميين. وإنقلب تكنوقراط شديدو التدين فجأة إلي أبطال علمانية. وكلو بما يرضي الغرب وأتباعه الإقليميين فللفند أحكام.

والقول بان الجهاد ضد الإسلاميين هو أداة دعاية لا يعني مسبقا حسن أو سوء سيرة هؤلاء الإسلاميين في وجودهم العريض المتجذر، فمنهم المتدعش ومنهم الخائن ومنهم المستنير الوطني.

فسوء أو حسن الإسلاميين سؤال مستقل يمكن التداول حوله ولا يمكن إستنتاج أي ميزة سلبية أم إيجابية عن الإسلاميين من القول بانهم صاروا الفزاعة المفضلة لإختراق الشعوب.
الخلاف مع الإسلاميين لا ينفي في حد ذاته مقولة أنهم صاروا فزاعة كما أن تظاهر الإستعمار بكرههم لا يثبت وطنيتهم. حكمة الإسلاميين أو ضلالهم تثبت في مواقفهم المتغيرة وليس في إستعمال الآخرين لهم كفزاعة.

تتغير الفزعات والمصير واحد تحت سنابك الإستعمار وكمبرادوره تارة باسم الحماية من ماركس عدو الرب وتارة باسم حماية الشعوب من الإسلام السياسي عدو ماركس.
وقيل أن الشعوب التي لا تفهم تاريخها محكوم عليها بتكراره كمأساة.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الطغاة لا ينتصرون : هل اقتربت محاكمة بشار الاسد ونظامه ؟

#الطغاة لا ينتصرون : هل اقتربت #محاكمة #بشار_الاسد ونظامه ؟
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة
مهما بلغ جبروت الأنظمة المستبدة، ومهما أحكمت قبضتها على الشعوب، يبقى التاريخ شاهدًا على أن الظلم لا يدوم، وأن إرادة الشعوب تظل القوة الحقيقية التي تحكم مصير الأمم. لقد أكدت الأحداث الكبرى في التاريخ أن الأنظمة القمعية قد تتمكن من البقاء لعقود، لكنها لا تستطيع الصمود أمام إرادة الشعوب حين يقرر الناس أن يقولوا كلمتهم الأخيرة. واليوم، تشير تقارير مطلعة إلى أن موسكو تستعد لتسليم بشار الأسد وأسماء الأسد وماهر الأسد إلى السلطات السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، في خطوة قد تشكل نهاية فصل طويل من الاستبداد والقمع الذي عانى منه الشعب السوري لعقود. هذه الأنباء تأتي ضمن صفقة بوساطة تركية، تهدف إلى ضمان مصالح موسكو الاستراتيجية في سوريا، مقابل تقديم رأس النظام السوري إلى العدالة. وبحسب المعلومات المتداولة، فإن الاتفاق يسمح لروسيا بالاحتفاظ بمنفذ بحري في اللاذقية على البحر المتوسط، مقابل تخليها عن دعم الأسد وتسليمه للمحاكمة أمام القضاء السوري الجديد.

أن دروس التاريخ تقدم لنا حقيقة لا تقبل الجدل، وهي أنه لا يوجد حاكم يستطيع أن ينتصر على شعبه، ومهما استبد الطغاة، فإن نهايتهم تأتي حين تنتفض الشعوب وتقرر مصيرها بيدها. ونشيد بالثورة السورية العظيمة التي قدمت نموذجًا للصمود والتضحية، أن هذه اللحظة، إن صحت التوقعات، تمثل انتصارًا لإرادة الشعب السوري وتأكيدًا على أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تضيع. لقد كان النظام السوري مثالًا صارخًا على الاستبداد والقمع، فمنذ اندلاع الثورة عام 2011، واجه الشعب السوري أفظع أنواع التنكيل، من القصف والاعتقال والتشريد، إلى المجازر التي وثقتها منظمات حقوق الإنسان. ومع ذلك، لم تفلح آلة القمع في كسر إرادة السوريين، الذين واصلوا نضالهم رغم كل التحديات والصعاب.

إن مسار العدالة قد يكون طويلاً، لكنه لا يعرف التراجع، فكل طاغية، مهما بلغ جبروته، يلقى مصيره المحتوم عندما تسنح اللحظة المناسبة. إن ما يجري اليوم قد يكون بداية لمرحلة جديدة في تاريخ سوريا، حيث يتم تصحيح المسار السياسي، ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب. إن محاكمة الأسد ونظامه، إن حدثت، لن تكون مجرد حدث سياسي، بل ستكون لحظة تاريخية تعكس انتصار الشعوب على الاستبداد، وتؤكد أن المظالم لا تسقط بالتقادم، وأن الحقوق المسلوبة ستعود لأصحابها يومًا ما. قد يرى البعض أن هذه الأنباء مجرد تكهنات، أو أن المصالح الدولية قد تحول دون تنفيذها، لكن الحقيقة الثابتة هي أن الشعوب لا تنسى، والتاريخ لا يرحم، وأن النظام الذي حكم سوريا لعقود بالقوة قد يواجه اليوم مصيره المحتوم.

إن أي تحول سياسي كبير في سوريا لن يكون مجرد شأن داخلي، بل سيكون له تداعيات إقليمية ودولية واسعة، فروسيا، التي كانت الحليف الأبرز للنظام السوري، تسعى اليوم لضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة عبر هذه الصفقة، التي قد تمكنها من الاحتفاظ بنفوذها العسكري والاقتصادي في سوريا دون الحاجة إلى دعم نظام أصبح عبئًا سياسياً عليها. في المقابل، ستراقب القوى الإقليمية الأخرى، مثل إيران وتركيا، هذه التطورات بحذر، حيث ستسعى كل منها إلى ضمان عدم الإضرار بمصالحها في سوريا بعد سقوط النظام.

مقالات ذات صلة الدويري : ترمب إنسان مصاب بانفصام الشخصية 2025/01/30

أما بالنسبة للشعب السوري، فإن هذه اللحظة تمثل نقطة تحول فارقة، فقد عانى السوريون على مدى أكثر من عقد من الدمار والقتل والتهجير، وكانت مطالبهم بالحرية والكرامة تواجه بالقمع والوحشية. اليوم، إذا صحت هذه التقارير، فإن سوريا قد تكون أمام فرصة لإعادة بناء نفسها، والتخلص من إرث الاستبداد الذي دمر البلاد.

إن إسقاط نظام الأسد ومحاكمته، إن تم بالفعل، لن يكون نهاية المطاف، بل سيكون بداية لمرحلة صعبة تتطلب جهدًا كبيرًا لإعادة بناء الدولة السورية على أسس ديمقراطية تحقق العدالة والمساواة للجميع. فلا يكفي التخلص من الطاغية، بل يجب العمل على بناء نظام جديد يحترم حقوق الإنسان، ويحقق تطلعات السوريين الذين قدموا تضحيات جسيمة من أجل حريتهم.

في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام لحظة تاريخية حقيقية في سوريا، أم أن هذه التطورات مجرد تكهنات لم تترجم بعد إلى واقع؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة، لكن الحقيقة الثابتة التي لا يختلف عليها أحد هي أن الشعوب لا تنهزم، وأن الطغاة مهما استبدوا، فإنهم لا يستطيعون الوقوف أمام عدالة التاريخ وإرادة الأحرار.

مقالات مشابهة

  • كيف تابع اليمنيون طوفان عودة الأسر الفلسطينية إلى غزة؟
  • المتحدث باسم بلدية غزة لـ«الاتحاد»: 42 مليون طن مخلفات الحرب ونحتاج عامين لإزالتها
  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • بلدنا اسمه السُودان.. وشعبنا اسمه “الشعب السودانيّ” مفهوم؟!
  • برلمانية: إرادة الشعوب ليست ورقة تفاوض
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يقترب من 3 ملايين زائر
  • الطغاة لا ينتصرون : هل اقتربت محاكمة بشار الاسد ونظامه ؟
  • هل يمنع اعتناق ديبسيك الشيوعية من المنافسة عالميا؟.. نخبرك ما نعرفه
  • حركة الجهاد الإسلامي تعلق على مجزرة طمون
  • قضايا الشعوب ليست “بزنس”.. غزة تجيب!