%55 من الأميركيين يطالبون بـ«ضوابط حكومية» للذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
دينا محمود (لندن)
أخبار ذات صلةبعد أسابيع قليلة من إضراب نظمه الممثلون وكتاب السيناريو في هوليوود، لأسباب من بينها خشيتهم من تهديد الذكاء الاصطناعي لمسيرتهم الوظيفية، تفيد المؤشرات بتصاعد المخاوف في أوساط الرأي العام الأميركي بوجه عام، إزاء تبعات الاستخدام المتزايد لتلك التقنيات المتطورة، وسط مطالبات بضرورة التدخل الحكومي، على هذا الصعيد.
فقد كشف استطلاع حديث للرأي، أُجري في الولايات المتحدة خلال الأيام الأخيرة من الشهر الماضي، عن أن مشاعر القلق حيال تلك التبعات، لا تقتصر على العاملين في صناعة السينما وحدهم، بل تمتد إلى قطاعات أخرى في سوق العمل، فضلا عن أنها تتزايد بين الشبان الأميركيين، أكثر من باقي الشرائح العُمرية في المجتمع. ويُظهر الاستطلاع، أن نصف المستطلعة آراؤهم تقريبا، أو ما يصل إلى 45% منهم، يشعرون بالقلق، من أن تستعيض الشركات والمؤسسات الأميركية في المستقبل القريب، بتقنيات الذكاء الاصطناعي، بديلا عن القوى العاملة البشرية، خاصة أن مجمل الاستثمارات في تلك التقنيات، بلغ نحو 22.7 مليار دولار، خلال الربع الأول من العام الجاري وحده.
وترتفع هذه النسبة، بحسب الاستطلاع، إلى 57% على الأقل، بالنسبة لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، وهي الشريحة التي تضم الشبان الأميركيين، الذين يوشكون على الانخراط في سوق العمل، أو مَنْ بَدَؤوا للتو مسيرتهم فيه.
وأشارت النتائج، التي أبرزتها صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأميركية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، إلى أن الخشية من التأثيرات السلبية الناجمة عن اتساع رقعة استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لأغراض وظيفية وعملية في الوقت الحاضر، قائمة بين أنصار الحزب الجمهوري ومؤيدي الحزب الديمقراطي، على حد سواء.
ووفقاً لنتائج الاستطلاع، أعرب 55% من أفراد العينة، عن دعمهم لأن تتخذ السلطات الأميركية إجراءات تستهدف تنظيم استخدام هذه التقنيات المتطورة. ويزيد هذا الدعم، بين من ساندوا الرئيس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي أُجريت عام 2020، مقارنة بمستواه في أوساط المصوتين، لصالح غريمه الجمهوري دونالد ترامب.
بجانب ذلك، أبدى 73% من الأميركيين المستطلعة آراؤهم، تأييدهم لأن يتم تمييز المضامين التي أُعِدَت باستخدام الذكاء الاصطناعي، بهدف التفرقة بينها وبين نظيرتها المُعدة بواسطة البشر. وترتفع هذه النسبة، إلى ما لا يقل عن 80%، بين أفراد العينة، الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً.
وكشف الاستطلاع في الوقت نفسه، عن أن قرابة ثلثيْ الأميركيين، يدعمون الإضراب الذي نفذه الممثلون وكتاب السيناريو في هوليوود منتصف الشهر الماضي، ويرون أنه كان للمضربين الحق في المطالبة بضمانات، تحول دون الاستعانة ببرامج الذكاء الاصطناعي، سواء لكتابة نصوص السيناريو للأعمال المختلفة، أو لاستنساخ صورهم وأصواتهم، وتضمينها فيها.
وتؤكد نتائج استطلاع الرأي الأخير، استمرار المخاوف التي أبداها غالبية الأميركيين، في مسح سابق أُجري في مايو الماضي، وكشف عن أن نحو ثلثيْ مواطني الولايات المتحدة، يخشون من أن النمو السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، قد يُعرِّض مستقبل البشرية للخطر، ويهدد الحضارة الإنسانية كذلك.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي أميركا الذکاء الاصطناعی التی أ
إقرأ أيضاً:
"وكلاء الذكاء الاصطناعي".. ماذا ينتظرنا؟
مؤيد الزعبي
رغم أنَّ مصطلح "وكلاء الذكاء الاصطناعي" ليس بالمصطلح الجديد، فقد سمعنا به كثيرًا خلال الفترة الماضية، والذي يعني ببساطة أنه نظام ذكي مُستقل قادر على إدراك بيئته، ومعالجة المعلومات، واتخاذ القرارات، وتنفيذ الإجراءات لتحقيق أهداف محددة دون تدخل بشري، إلّا أنه برز مرة أخرى بعدما طرحت شركة Butterfly Effect الصينية وكيلها الاصطناعي "مانوس"، والذي أحدث ضجّةً كبيرة حول العالم لكونه قادرًا على تنفيذ مهام معقدة بشكل مستقل، مثل إنشاء مواقع إلكترونية مخصصة؛ بدءًا من اختيار القالب المناسب، وتصميم الهيكل، وإضافة المحتوى، وصولًا إلى إطلاق الموقع النهائي.
وهذا المستوى من الاستقلالية في اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام يعكس تقدمًا كبيرًا في مجال وكلاء الذكاء الاصطناعي ولهذا دعنا نبحر في هذا المصطلح ونكتشف معًا أنا وأنت عزيزي القارئ ماذا ينتظرنا في المُستقبل؟
في البداية، دعني أخبرك بأن وكلاء الذكاء الاصطناعي سيكونون هم يَدُنا اليُمنى في كل ما نقوم به في حياتنا في قادم السنوات، هم من سيديرون لنا مواعيدنا كما لو كانوا أفضل سكرتير وهم أيضًا من سيكونون مساعدينا الشخصيين الذين طلباتنا لهم مجابة وحاضرة في الوقت واللحظة، وهم من سيكونون وكلاء سفرنا وهم مساعدينا في العمل وفي البيت وفي الشارع وفي المراكز التجارية، هم من سيختارون لك لباسك بناءً على شكلك وجسمك، وهم من سيختارون لك عطرك بناء على درجة حرارة الجو والمكان الذي تقصده، وهم من سيختارون لك تخصصك الدراسي ومسارك المهني، وهم من سيقودون سيارتك وينجزون لك مهامًا وأنت في طريقك للعمل، وهم من سيكونون طبيبك ومعالجك وجراحك الذي يجري عمليته ببراعة دون أي تدخل بشري لا في التحريك ولا في اتخاذ القرار.
تخيَّل معي، عزيزي القارئ، كيف ستكون مهام عملك بوجود وكيل ذكاء اصطناعي يساعدك على إتمامها. فحسب التقارير، هذا الوكيل سيقوم بما يزيد عن 50% من مهام عملك، فكما جاء في الفيديو التعريفي لـ"مانوس"، فهو قادر على مراجعة السير الذاتية المقدمة لوظيفة ما، وبعد أن يقوم بدراستها، يختار الشخص المناسب لهذه الوظيفة، وصحيح أن الأمر أعقد من مجرد قراءة سير ذاتية، إلّا أن هذا العمل الذي كان يتطلب الكثير من الوقت والجهد من موظفي الموارد البشرية، ها هو وكيل الذكاء الاصطناعي يختصر لك المُهمة ويُشيل عنك نصف العبء، والأمر لا يتوقف عند هذه المهمة فقط، فهناك الآلاف من المهام التي سيقوم بها وكيل الذكاء الاصطناعي في قادم الأيام.
فمثلًا، لو كنت مُتداوِلًا في أسواق الأسهم، وجعلت وكيل الذكاء الاصطناعي هو من يدير لك عملية التداول، فهو سيقوم بكل ما يلزم من دراسة الأسواق، وقراءة التقارير المالية، وقراءة ما يُكتب في الصحافة، ويدرس لك وضع الشركات وخططها المستقبلية، ويقوم لك بالتداول من بيع وشراء دون أن تتدخل أنت. أو على الأقل، يقدم لك اقتراحات حول أفضل الاتجاهات في السوق، وأنت تقوم بتأكيد العملية. وهذا ما سيحدث في البداية، ولكن يومًا بعد يوم سيختار هو بدلًا عنك، واختياراته ستكون مقنعة ومنطقية أكثر منك أنت، عزيزي المتداول.
في قادم الوقت، حتى لو كنت تعمل في وظيفة حساسة كوزير مثلًا، سيكون لديك وكيلك الاصطناعي الذي يخاطب وكيلًا اصطناعيًا لوزير آخر، ويتفق معه على كل الصيغ المتاحة للتبادلات التجارية أو السياسية أو حتى المجتمعية أو الفنية أو الرياضية، ويخرج لك باتفاق مبدئي لا ينقصه سوى توقيعك البشري ليدخل حيز التنفيذ، وحمدًا لله إن بقي التوقيع البشري له قيمة في قادم الأيام، فبمجرد أن أعطينا الذكاء الاصطناعي السلطة على اتخاذ القرارات، سيبدأ بتعلم كيفية اتخاذها بشكل أفضل يومًا بعد يوم، وكل المهارات البشرية الحساسة سيبدأ الوكلاء بتعلمها وإتمامها بسرعة تفوق قدرتنا على مجاراتهم.
ما نحن مقبلون عليه باختصار هو أن حياتنا العملية والشخصية ستتغير للأبد. فوكلاء الذكاء الاصطناعي سيصلون إلى بيوتنا ويدخلون مطابخنا، وسيطرقون أبواب غرف نومنا ليقوموا لنا بمهام كثيرة؛ هم من سيختار وجبات طعامنا، وهم من سيطلب لنا طلبيات احتياجاتنا المنزلية، وهم من سيضعون لنا ميزانيتنا، وهم من سيختارون لنا شكل علاقاتنا.
ما الذي سيأتي مستقبلًا؟!
ستصبح حياتنا مُنقسمة إلى جزأين: جزء يقوم وكلاء الذكاء الاصطناعي بملئه من مهام في العمل أو مهام حياتية، وجزء تقوم به أنت. وقد يكون هذا الأمر إيجابيًا في حالة أوكلنا لهذه الأنظمة ما يعكر علينا صفو الحياة، وجعلناها تساعدنا في تنفيذ أمور حياتنا وعملنا بطريقة أسرع وأسهل وأكثر دقة. ولكن في حال اعتمدنا عليها اعتمادًا كليًا، ستفوق علينا لدرجة أن تطغى، وتصبح الوكلاء تخاطب بعضها البعض وتدير حياتنا بناءً على صفقات من يشغل هؤلاء الوكلاء، أو نكون مجبرين على أن ندفع لهم جزءًا من أموالنا مقابل خدماتهم. فالأمر لن يكون مجانيًا، أعدك بذلك.
في النهاية، ما أردته هنا هو أن نفتح أعيننا للفرص المتاحة أمامنا مع هؤلاء الوكلاء. وأنا أتفق بأنهم سيكونون عونًا لنا في الكثير من الأمور، ولكن في مُعظم الأحيان ستكون قراراتهم مبنية على منطق عقلي أو حسابي. أما في حياتنا نحن كبشر، فإنَّ جزءًا كبيرًا من قراراتنا مبنية على الإحساس أو المشاعر، أو ما نسميه "إنسانية"؛ فكيف سيتعامل الوكلاء مع هذه النقطة تحديدًا؟ هو ما سنكتشفه أو ستكشفه لنا الأيام.
رابط مختصر