تكليف الحكومة الإسرائيلية لأحد الضباط الإسرائيليين بوظيفة حاكم عسكري لقطاع غزة خطوة إعلامية تثير السخرية، فكل متابع للأحداث في قطاع غزة، وكل قارئ لتاريخ الاحتلال، وكل عارف ببواطن الأمور، يدرك أن الجيش الإسرائيلي لم يرفع حصاره عن قطاع غزة على مدار عشرات السنين، وقد مارس أحد ضباط الجيش الإسرائيلي الرقابة والمتابعة لكل شؤون قطاع غزة الاقتصادية والحياتية قبل معركة طوفان الأقصى؟ فقطاع غزة الذي طرد الصهاينة من داخل غزة سنة 2005، عجز عن كسر الحصار الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي من الخارج، ولم تتحرر غزة من تدخل الجيش الإسرائيلي في شؤونها الحياتية والمعيشية، منذ هزيمة 1967، وحتى اليوم.
ترقية ضابط إسرائيل من رتبة عقيد إلى رتبة عميد، وتكليفه بإدارة شؤون غزة، وكل ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية المقدمة لسكان غزة، هذا التعيين تحاول إسرائيل أن تظهره كانتصار، وتوحي بأنه متغير استراتيجي، وأن الجيش الإسرائيلي قد تمكن من السيطرة على غزة، وبسط نفوذه على مناطقها بالكامل، وقد صار للجيش اليد الطولي في شؤون حياة الناس الخاصة والعامة، ولا مناص لأهل غزة إلا اللجوء للحاكم العسكري الإسرائيلي الجديد، لتسهيل سفرهم، وتنقلهم، وطعامهم وشرابهم، وشراء حاجاتهم الحياتية من التجار الإسرائيليين، وهذه هي الكذبة الإسرائيلية الكبرى، فما كان لتجار غزة من قبل أن يستوردوا شيئاً دون التصريح الإسرائيلي، وما كان لعمال غزة من التحرك للعمل دون موافقة الجهات الإسرائيلية المختصة، وما كان لشركة الكهرباء الفلسطينية استيراد ما تحتاجه من كهرباء دون موافقة المسؤولين الإسرائيليين، وما كان لصيادي الأسماك في قطاع غزة من دخول البحر إلا وفق المسافة التي يحددها الضابط الإسرائيلي، فما الذي سيضيفه هذا العقيد الإسرائيلي من إجراءات عقابية ضد أهالي قطاع غزة؟ لقد ترافق تعيين حاكم عسكري لغزة، مع قرار الحكومة الإسرائيلية مواصلة السيطرة على محور صلاح الدين “فيلادلفيا”، رغم اعتراض وزير الحرب على القرار، الذي يعكس خلافات عميقة بين المستويين السياسي والعسكري. السيطرة على محور صلاح الدين “فيلادلفيا” ليس بالجديد، فقد كان الجيش الإسرائيلي يسيطر على هذا المحور قبل عشرين سنة، ومع ذلك، عجز الجيش الإسرائيلي عن حماية نفسه، ومواصلة السيطرة على هذا المحور، في ذلك الوقت الذي كانت مواقع الجيش محمية بشريط المستوطنات، فكيف حال قوت الجيش الإسرائيلي في هذ الأيام؟ وكيف لهم السيطرة على محور صلاح الدين “فيلادلفيا”؟ وهم يواجهون رجال المقاومة، الذين بدأوا عملية الحفر من تحت الأرض، للوصول إلى المواقع الإسرائيلية التي عرض خرائطها نتانياهو على الحكومة، وبكل تأكيد سيصل المقاومون إلى المواقع الإسرائيلية في غضون أسابيع أو أقل، وسيفجرونها بما احتوت من معدات وجنود، وهذا الذي تدركه جيداً قيادة الجيش، وهي ترفض البقاء في المحور، وتعترض على خطة رئيس الوزراء، وتختلف معه بلسان وزير الحرب العارف بأدق تفاصيل العجز العسكري. ضابط برتبة عميد كحاكم عسكري لغزة بمثابة تخبط سياسي، يستحق الاستخفاف والسخرية، ولاسيما أن الجيش الإسرائيلي المهزوم، لا يمكث في مدن وشوارع غزة أكثر من عدة أيام، ويهرب بدباباته من المكان، فكيف سيحكم غزة من داخلها، ضابط إسرائيلي لا وجود لقواته على الأرض؟ وكيف سيقيم الضباط الإسرائيليون مواقعهم في محوري وادي غزة “نتساريم” ومحور صلاح الدين “فيلادلفيا” في الوقت الذي يفر فيه الجيش الإسرائيلي من المدن والمخيمات والقرى في قطاع غزة، رغم تدميرها؟ القرار الإسرائيلي بشأن حاكم عسكري لقطاع غزة، وبشأن بقاء الجيش الإسرائيلي في محور صلاح الدين، قرارات حكومة تحاول أن تصدر نفسها لأمريكا على أنها انتصرت في الحرب، وتحاول أن تقدم نفسها للمجتمع الإسرائيلي على أنها قد انتصر النصر المطلق في الحرب، وتحاول أن توهم الأنظمة العربية، بأن إسرائيل لا تهزم أبداً، وأنها انتصرت، وأنها على حق، وهي تواصل حربها ضد المدنيين في قطاع غزة، وتحاول الحكومة الإسرائيلية من وراء هذه الحملة الإعلامية أن تؤثر على موقف رجال المقاومة على طاولة المفاوضات، وهذا ما لم يتحقق لجيش وقف عاجزاً أمام بوابات غزة.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي: بدأنا عملية برية محدودة وسط قطاع غزة
المناطق_متابعات
أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية برية محدودة وسط قطاع غزة، مشيرا إلى أن قواته وسعت سيطرتها في محور نتساريم بالقطاع.
وأوضح أن العملية البرية مركزة في وسط وجنوب غزة، لافتا إلى أن الهدف هو خلق منطقة عازلة بين شمال غزة وجنوبها.
أخبار قد تهمك إسرائيل تحذر حماس: قواعد اللعبة تغيّرت.. والعملية ستستمر 18 مارس 2025 - 9:05 مساءً مصر تؤكد أن معبر رفح البري لا يزال مفتوحًا في انتظار وصول المصابين الفلسطينيين 18 مارس 2025 - 6:57 مساءًوقال أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي “خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بدأت قوات جيش الدفاع عملية برية محددة ودقيقة في منطقة وسط قطاع غزة وجنوبها بهدف توسيع منطقة التأمين وخلق منطقة عازلة بين شمال القطاع وجنوبه”.
وفقا للعربية : أضاف “خلال العملية سيطرت القوات ووسعت سيطرتها المتجددة على وسط محور نتساريم”.
بدوره أفاد مراسل العربية/الحدث بأن منشورات إسرائيلية دعت سكان بيت حانون بالتوجه إلى غرب غزة، موضحا أن القوات الإسرائيلية بدأت بإنشاء سواتر ترابية لفصل شمال غزة عن جنوبه.
من جانبه وجه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس تحذيراً إلى سكان قطاع غزة، مطالباً بعودة جميع الرهائن لدى حركة حماس أو الدمار والخراب الكامل للقطاع.
وأضاف كاتس قائلا “السنوار الأول دمر غزة والثاني سيقضي عليها بالكامل”، مشيرا إلى أن بدء إخلاء السكان من مناطق القتال في غزة سيبدأ قريباً”.
كما أوضح أن الهجوم الجوي على غزة خطوة أولى والباقي سيكون أكثر صعوبة، مؤكدا أن الجيش سيبدأ التحرك بقوة في غزة إذا لم يتم تنفيذ خطة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
من جانبها اعتبرت حركة حماس إغلاق إسرائيل طريق صلاح الدين انقلابا تاما على اتفاق غزة، مشيرة إلى أن إغلاق الطريق إمعان في حصار غزة.
وأضافت أن أي مقترح يستند للدخول بمفاوضات المرحلة الثانية ووقف الحرب مرحب به.
وكانت حماس أوضحت أمس أنها أبدت مرونة خلال التفاوض، ووافقت على مقترح المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، وتعاملت معه بإيجابية.
في حين شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أن الضربات الجوية على غزة “مجرد بداية”، مؤكدا ألا تفاوض بعد الآن إلا تحت النار.
بدوره، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته “حتى تفهم حماس أن قواعد اللعبة تغيرت، وأنها يجب أن تطلق سراح جميع الرهائن أو تواجه فتح أبواب الجحيم”.
فيما رأى مراقبون أن عودة إسرائيل للحرب تهدف إلى إجبار حماس على تقديم مزيد من التنازلات خلال المفاوضات.
يذكر أنه منذ انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المتضمن 3 مراحل في الأول من مارس الحالي، تمسك الجانب الإسرائيلي بمطلب تمديدها وإطلاق المزيد من الأسرى.
في حين رفضت الحركة هذا المطلب، داعية إلى الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق كما كان مقرراً، والتي تنص على الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وإطلاق سراح باقي المحتجزين الإسرائيليين الأحياء.