هي نصيحة للنفس قبل أن تكون للغير، نصيحة لي قبل أن تكون لك، نصيحة تُسدى لكل أحد في كل زمان وفي كل مكان.
من لا يكتب اسمه صريحاً وواضحاً، وتكون شخصيته معروفة، هذا النوع من الناس لا تنقل عنه شيئاً لا حق ولا باطل.
ومع هجمة ما تسمى وسائل تواصل، تضاعف بشكل مهول، نقل الغثّ، وتراجع كثيراً نقل السمين.
من يرسل دون ذكر إسمٍ الكاتب، ولا هويته، فتأكد أنه لم يخفِ الاسم، والهوي، إلا لنية خبيثة يضمرها، ومقصد سيء يخفيه.
من يريد الإصلاح يتحدث بوضوح، وأول ما يكشفه، هو إسمه الكامل، وجنسيته، وهويّته، ومتى، وأين يتحدث، ومناسبة حديثه.
إحذر من كلمة: منقول.
إحذر من قول: قال أحدهم.
إحذر من قول: أنا ناقل فقط.
إحذر من قول: ناقل الكُفر ليس بكافر.
فكلها عبارات تُخفي نوايا سيئة وخبايا خبيثة.
وفوق معرفة إسم، وهوية الكاتب، لابدّ أن يترافق معها توثيق مهم آخر، وهو يوم، وتاريخ كتابة المقال، ومناسبة القول.
فقد تكتب آراء، أو تُنطق عبارات، تكون مناسبة لوقت ما من الأوقات، وحال ما من الأحوال، لكن الأحوال تتغير، والظروف تتبدل، فتؤدي نفس العبارة إلى فهمٍ مختلف تماماً، فاحذر من ذلك.
وكلكم يرى أنه يتم ضخّ كلام، لا علاقة له بالواقع، بل إنه قيل منذ نصف قرن، أو ربع قرن، في ظروف معينة، وأحوالٍ مختلفة، ثم تلاحظون أنه يتم اجتراره هذه الأيام، دون ذكر تاريخه الأول، ومناسبته السابقة، وكل ذلك يتم من جهات مشبوهة لهدف خبيث، ومقصد سيء، وهو التدّليس على الناس، وخلق بلبلة في الأوساط.
يسعون من وراء ذلك، إلى جعل أفكار الناس تتصادم مع بعضها، حيال أمر ما من أمور الحياة، وتجاه قولٍ قيلَ في زمن مضى، ووفق ظروف كانت في وقتها تحتاج مثل ذلك القول، لكن اجترارها اليوم، وجلبها إلى مسامع الناس اليوم، جلبٌ نيته سيئة، ومقصده خبيث.
فالناس تغيرت، ومن سمعها ذلك الوقت، غير موجود اليوم، ومن يسمعها اليوم، لم يكن موجوداً وقت أول قولٍ لها، ولا يدرك، أو يستوعب الظروف الذي أطلقت فيه.
والأدهى من ذلك ما يشاهد من اجتزاء عبارة من حديث متصل، ومقال طويل، ثم يتم إسقاطه في زمن مختلف، وأمام أناس ليسوا من ألقيت فيهم أول مرة.
فتحدث بلبلة فكر، وتشتت رأي بين العامة من الناس، فاحذروا من مثل هؤلاء الناقلين ولا تعيدوا نشرَ رسائلهم.
وتأكدوا أن هناك آلاف الحسابات الموجّهة ضدّ هذه البلاد، كلها تنشر الكذب، والتدليس، والتحّريض ضدّ أمن البلاد ورخائه، وتحرّض على ولاة الأمر.
يسعون بكل جهودهم لتضّخيم الأمور، وتفسيرها وفق أهوائهم المعادية، وخططهم الاجرامية.
شاهدوا أعداء الوطن، يلتقطون الصغيرة قبل الكبيرة، ويضخِّمونها، وينفخون فيها، ويأولونها تأويلات شيطانية.
زبدة القول، وخير الكلام: ما الذي سوف تستفيده أنتَ وأنتِ من نشر كلام لا تعرف قائله، ولا تاريخ النطق به، ولا مكان إطلاقه، ولا مناسبة التحدث به، ما الذي سوف تستفيده؟
هل تنشد الخير ونشر الخير، إذا تأكد أن في الصمت والإعراض كل الخير.
لست موكلاً على الخلق، ولا مكلّفاً بالعباد، فقد خلق الله الناس، وأوجد فيهم فطرة البحث عمّا يفيدهم، والبعد عما يضرهم، ولست أنت مكلَّفاً بهم، ولن تسأل عنهم يوم الحساب، بل سوف تُسأل عن نفسك، وعمّا وضعته من رسائل في وسائل التواصل، فإن كان فيها شر، وفتنة، فأنت وحدك من سيحاسبه الله سبحانه وتعالى.
فلا تترك أثراً، إلا ما يسرك أن تراه في صحيفة أعمالك يوم تلقى خالقك.
ogaily_wass@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: إحذر من
إقرأ أيضاً:
هل تكون طاجيكستان ضحية التقارب بين موسكو وحكومة طالبان؟
موسكو- انتهت المحادثات الثنائية العاجلة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والطاجيكي إمام علي رحمن، والتي ناقشت الجوانب الرئيسية لمواصلة تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، فضلا عن القضايا الإقليمية، بما في ذلك الوضع في أفغانستان.
وتأتي القمة التي جرت في منتجع إيغورا بمقاطعة لينينغراد عشية اجتماع زعماء بلدان رابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي في المنطقة نفسها -أمس الأربعاء- والتي من المقرر أن تنهي أعمالها اليوم الخميس.
خريطة تظهر روسيا وطاجيكستان وأفغانستان (الجزيرة) الأمنورغم أن مباحثات الزعيمين تناولت بشكل خاص العلاقات الثنائية ولا سيما ملف الهجرة، فإنها عكست في الوقت ذاته القلق لدى البلدين بشأن حالة عدم الاستقرار في أفغانستان، وفق مراقبين روس.
وتلعب طاجيكستان دورا مهما في مجال السياسة الخارجية الروسية يتشابك مع المخاوف التاريخية والأمنية وسلامة الأراضي بالنسبة لموسكو، على قاعدة أن مفهوم الأمن الروسي يمتد إلى ما هو أبعد من حدودها الوطنية، ليشمل كامل الفضاء السوفياتي السابق.
ونظرا لقرب طاجيكستان من أفغانستان، فإنها تبرز كلاعب رئيسي في الإطار الأمني لمنطقة أوراسيا، حيث إن التهديدات التي يمكن أن تصدر عن هذه الدولة المجاورة لها تداعيات ليس فقط على روسيا بل وأيضا على آسيا الوسطى.
إعلانويتجلى التركيز المتعمد من جانب روسيا على الدور الأمني لطاجيكستان في التعاون ضمن الصيغ الثنائية والمتعددة الأطراف بين موسكو ودوشنبه، وخاصة داخل منظمات مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي ورابطة الدول المستقلة ومنظمة شنغهاي للتعاون.
طالبانلكن توقيت اللقاء بين بوتين ورحمن يأتي في وقت تستعد فيه روسيا لشطب حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية.
فقد دعت موسكو ممثلي حكومة طالبان للمشاركة في الفعاليات الدولية التي تقام في روسيا، وعقد مسؤولون روس اجتماعات متكررة مع أعضاء حكومة طالبان. كما زار أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو أفغانستان في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتقى نائب رئيس الحكومة هناك.
ولكن على النقيض من روسيا، تنأى طاجيكستان بنفسها عن تأييد التواصل الذي بدأته روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة مع حكومة طالبان.
ففي قمة مجموعة بريكس الأخيرة في كازان، لم يوقع الوفد الطاجيكي على الإعلان المشترك بخصوص التسوية الأفغانية، حيث رفض البند الذي يرحب بجهود طالبان لمحاربة تنظيم الدولة في أفغانستان، وكذلك البند الذي يشيد بالسلطات الأفغانية في الحرب التي تشنها ضد إنتاج المخدرات.
مخاوفوحسب مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، فإن لقاء الرئيسين جاء لتهدئة مخاوف دوشنبه بخصوص التقارب الذي بات وشيكا بين موسكو وكابل.
ويشير -في حديث للجزيرة نت- إلى أن أفغانستان وطاجيكستان تتشاركان في حدود يبلغ طولها نحو 1300 كيلومتر معظمها وعرة وتعاني من ضعف الحراسة حتى اليوم، وهي تشكل مصدر قلق كبير لدوشنبه التي ما زالت، وفق كركودينوف، لا تحمل مشاعر الاطمئنان للسلطة الحالية في أفغانستان وبقدرتها على منع التهديدات الإرهابية ضد طاجيكستان.
وبرأيه، فإن الرئيس الطاجيكي يسعى إلى إيجاد أجوبة على هذه الهواجس من قبل بوتين، وبأن أي تطبيع للعلاقات مع طالبان لن يضر بمصالح وأمن طاجيكستان، الشيء الذي من المؤكد أن موسكو تراعيه بدقة، على حد قوله.
إعلانوأوضح المتحدث أن الطاجيك يشكلون -وفقا لتقديرات مختلفة- ما بين 25% إلى 45% من سكان أفغانستان، وكان لهذه المجموعة العرقية مكانة قوية في حكومة أشرف غني.
لكن بعد وصول حركة طالبان للحكم، فقد الطاجيك الكثير من المناصب في الهياكل السياسية لطالبان، فضلا عن أن الحركة تتهم دوشنبه بإيواء مسؤولين حكوميين سابقين وقادة من مقاومة بنجشير (المقاومة الوطنية في أفغانستان) يضيف كركودينوف.
الهجرة
من جهته، يرى المحلل السياسي أليكسي نوموف أن اجتماع بوتين ورحمن يؤكد إستراتيجية الكرملين في طاجيكستان وآسيا الوسطى، التي تشكل جزءا من "العالم الخارجي القريب" لموسكو التي تسابق الزمن لتوسيع نفوذها وتأكيد وجودها ومواجهة النفوذ الخارجي هناك وخاصة الغربي.
لكن خصوصية طاجيكستان، حسب نوموف، تأتي من كونها شريك إستراتيجي لروسيا في هذا الملف، وفي الوقت ذاته، فهي بلد معرض لحصول توترات داخلية على ضوء تصاعد الانتقادات للرئيس الحالي في ملف الحريات وحقوق الإنسان، وهي "ثغرة" يمكن للمنظومة الغربية أن تتغلغل من خلالها إلى داخل هذا البلد.
لكنه يشير كذلك إلى أهمية "الملف الحساس" الذي نشأ خلال العام الحالي بين البلدين والمتعلق بالمهاجرين الطاجيك إلى روسيا، إثر الهجوم الذي تعرض له مجمع "كروكوس" في مارس/آذار الماضي، وتبين أن 14 من أصل 15 شخصا ممن تم اعتقالهم على خلفية الهجوم يحملون جوازات سفر طاجيكية.
وبرأيه، فإن التعاون بين البلدين، حتى على الرغم من المفاوضات الأخيرة بين بوتين ورحمن، قد يصبح أكثر تعقيدا إن لم يتم معالجة هذا الملف، في ضوء التحديات الأخيرة التي يواجهها المهاجرون الطاجيك في روسيا.
وعلى ضوء حادثة "كروكوس"، شهد العام الحالي زيادة ملحوظة في مراقبة المهاجرين وتشديد شروط إقامتهم في روسيا.
وجاء رد فعل السلطات في طاجيكستان حادا على التغييرات في سياسة الهجرة، وطالبت الخارجية الطاجيكية السفير الروسي في دوشنبه بشرح الوضع على الحدود وسلمته مذكرة احتجاج، ودعت مواطنيها إلى الامتناع عن السفر إلى روسيا.
إعلان