في لقاءاتي المتعددة مع رواد أعمال شباب عانوا من انهيار مشاريعهم، لمستُ تنوعًا كبيرًا في الأسباب التي أدت إلى فشلهم، ضمت سوء إدارة الأموال، وعدم القدرة على مواكبة تقلُّبات السوق، وهي معاناة شخصية لكل رائد أعمال.

وفي وقت سابق من هذا العام، سلّطت الضوء على الأسباب الشائعة لفشل الشركات، مركِّزًا على أكثرها تكرارًا، مثل: استنزاف رأس المال، وعدم القدرة على سداد الرواتب والفواتير، لكن مؤخرًا، استمعت إلى بودكاست قدم رؤية أكثر إيجابية، فبدلًا من التشديد على أسباب الفشل، ركِّز على تقديم نصائح عملية، للحفاظ على نجاح مشروعك، وتجنُّب الوقوع في فخّ الإفلاس.

ومن الضروري أن يدرك كل رائد أعمال، أن النجاح ليس مضمونًا لأي شركة، حتى تلك التي تبدو راسخة. فحتّى الشركات العملاقة، معرَّضة لتقلُّبات السوق، وتغيرات سلوك المستهلك، وتاريخ شركات، مثل بلاك بيري، ونوكيا، وكوداك خير دليل على ذلك، فقد كانت هذه الشركات ذات يوم، قائدة في قطاعاتها، لكنها فشلت في التكيُّف مع التغيرات، ممّا أدى إلى فقدان مكانتها في السوق. وقصصها بمثابة تذّكير رائع بأن البقاء في القمة، يتطلب يقظة دائمة واستعدادًا مستمرًا للتطور.

ومن أهم أسس نجاح أي مشروع، هو أن يكون لصاحبه فهم عميق، ودقيق، لتدفقاته النقدية، أي الإيرادات والمصروفات. لا يجب أن تُفوض هذه المهمة الحيوية بالكامل للآخرين. فمن خلال المتابعة الدقيقة للمؤشرات المالية، يستطيع صاحب العمل، اتخاذ قرارات مدروسة بشأن التوسع أو التوظيف أو حتى خفض التكاليف عند الضرورة.

إن إهمال هذه الأرقام، أو الاعتماد الأعمى على تقييمات الآخرين، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل التوسع المتهوِّر، أو الفشل في ضبط النفقات في الوقت المناسب.
ومن الاستراتيجيات الحاسمة لضمان استمرارية أي مشروع، الاستماع الفعال لعملائك، فالشركات التي تتجاهل آراء عملائها، أو تعجز عن التواصل معهم بفعالية، تسير في طريق محفوف بالمخاطر.

إن ملاحظات العملاء، كنز لا يقدر بثمن، فهي تقدم رؤى عميقة حول نقاط القوة والضعف في منتجاتك أو خدماتك، وتكشف عن فرص التحسين والتطوير، فمن خلال التواصل المستمر مع العملاء، والاستجابة لتعليقاتهم، تستطيع الشركات التكيُّف بسرعة مع التغيرات في السوق، وتجنُّب خسارة العملاء لصالح المنافسين، الذين يبدون اهتمامًا أكبر باحتياجاتهم.

وفي عالم الأعمال، القاعدة الأساسية هي “التطور، أو الانقراض”، فالسوق في حالة تغيُّر مستمر، وما كان ناجحًا بالأمس، قد لا يكون كذلك اليوم. والشركات التي تتمسك بالطرق القديمة، وترفض تبنّي التقنيات الحديثة، تجد نفسها في النهاية خارج السباق.

ومثال حي على ذلك، الصحف الورقية التقليدية، التي لم تتبنَّ التحول الرقمي، فعانت كثيرًا مع انتقال القراء إلى الإنترنت، وهذا المبدأ ينطبق على جميع القطاعات، فالشركات التي تبتكر، وتتطور، تماشياً مع اتجاهات السوق، هي التي تحقق النجاح والاستمرارية.

والقيادة الفعالة، هي المحرِّك الرئيسي لاستقرار، ونجاح أي مشروع تجاري، فالقادة الملهمون لا يكتفون بتوجيه فرقهم، بل يوفرون لهم التدريب، والدعم اللازم، ويبنون ثقافة مؤسسية، قوية، قادرة على تجاوز التحدّيات.
إن التواجد الفعّال، وتقديم التوجيه، والاستثمار في تطوير مهارات الموظفين، يساهم في بناء فريق متماسك، ومخلص، ملتزم بتحقيق أهداف الشركة. فالفريق القوي، هو الثروة الحقيقية لأي شركة، وهو الذي يضمن لها الاستقرار اللازم، للتعامل مع تقلُّبات السوق، والتحدّيات غير المتوقعة.

التفاؤل ضروري في عالم الأعمال، لكنه لا يغني عن وجود خطة طوارئ، لمواجهة الأزمات غير المتوقعة. فحتّى المشاريع الأكثر نجاحًا، قد تواجه تحدّيات مفاجئة، مثل الانكماش الاقتصادي، أو فقدان عملاء أساسيين، أو تغيُّرات جذرية في السوق.
إن تخصيص صندوق للطوارئ، ووضع خطط بديلة للتعامل مع مختلف السيناريوهات المحتملة، بمثابة درع واقٍ، يمكِّن الشركة من تجاوز الأوقات الصعبة، دون الحاجة إلى اتخاذ قرارات متسرّعة قد تهدّد استمراريتها.

وفي نهاية المطاف، لا يمكن التقليل من أهمية العناية بصحتك، وسلامتك، فنجاح أي مشروع، يعتمد بشكل أساسي، على قوة، وصلابة رائد الأعمال الذي يقوده، فالصحة البدنية، والنفسية، السليمتين، هما المفتاح للحفاظ على القدرة على التحمُّل، والتركيز، واتخاذ القرارات الصائبة. وممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كاف من النوم، وإدارة التوتر، ليست رفاهية، بل هي ضروريات أساسية، لأي رائد أعمال، يسعى لبناء مشروع مستدام على المدى الطويل، فالإرهاق المزمن، يمكن أن يؤدي إلى ضعف في اتخاذ القرارات، وتشتُّت الانتباه، ممّا يؤثر سلبًا على صحة ونجاح المشروع.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: أی مشروع

إقرأ أيضاً:

الفرطوسي: المشاريع التي أطلقها رئيس الوزراء في ميسان ستنجز نهاية العام الحالي

الاقتصاد نيوز - بغداد

أكد محافظ ميسان حبيب ظاهر الفرطوسي، الثلاثاء، أن المشاريع التي أطلقها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في محافظة ميسان ستنجز نهاية العام الحالي.

وقال الفرطوسي، في تصرريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، إن "جمع المشاريع التي أعلن عنها دولة رئيس الوزراء بما فيها مصفى ميسان النفطي والنقاط الإضافية للمصفى والبالغة 70 ألف برميل يومياً ستكمل قبل نهاية العام الحالي".

وأضاف أنه "من بين المشاريع التي تم إدراجها ضمن موازنة العام 2025، مشروع توسعة الممر الذهاب والإياب لطريق العمارة- بغداد"، لافتاً الى أن "مديرية والطرق والجسور في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة أبلغت المحافظة بأنه تم إدراج هذا المشروع ضمن موازنة العام الحالي".

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد زار محافظة ميسان وإطلاق العديد من المشاريع منها الأعمال التنفيذية في مشروع تطوير مصفى ميسان، وتوسعة طاقته التكريرية من 40 ألفًا إلى 110 آلاف برميل/يوم وافتتاح مشروع (ماء العمارة الموحد الكبير) بطاقة 16 ألف متر مكعب/ ساعة، وكذلك افتتاح مشروع مجسرات ونفق (الشهيد حسين عطية) في محافظة ميسان، وإطلاق الأعمال التنفيذية لمشروع كلية الطب/ جامعة ميسان، بالإضافة الى إطلاق الأعمال التنفيذية لمشروعي تأهيل: طريق (العمارة- المشرح- غزيلة- الشيب)، مع مجسر كونكريتي، وطريق (العمارة - البتيرة- الفجر) فضلاً عن افتتاح مبنى مديرية مرور محافظة ميسان.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الدولي لرجال الأعمال: 300 مليار دولار تكلفة إعمار السودان
  • “الدوما” الروسي يحدد ضوابط عودة الشركات الأجنبية للعمل في روسيا ويطالب بتثبيتها عبر مرسوم رئاسي
  • الإمارات الأولى عالمياً للعام الرابع في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال
  • تنفيذ 19 ألف مشروع بـ 3.3 مليار جنيه ضمن مبادرة مشروعك بالشرقية
  • الفرطوسي: المشاريع التي أطلقها رئيس الوزراء في ميسان ستنجز نهاية العام الحالي
  • ما سر مشاركة رجال أعمال مصريين بأدوات الدين المصرية؟.. توسع مخيف
  • لماذا يشار رجال أعمال مصريين في أدوات الدين المصرية؟.. لعبة مكررة
  • بعد رحيلها اليوم.. أبرز أعمال الفنانة إيناس النجار
  • الفنان رائد مشرف: لاتزال أعمالنا الفنية قادرة على لم شمل الأسرة حولها.. والمطلوب منها كثير!
  • وفاة رجل أعمال تونسي داخل السجن.. دعوات للتحقيق