مع اقتراب موعد المناظرة المرتقبة بين نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترامب، يترقب كثيرون أداء هاريس في مواجهة أحد أكثر المنافسين شراسة على المسرح السياسي.

وقد تكون هذه المناظرة، التي تعقد الثلاثاء، هي الأكثر أهمية في مسيرة هاريس حتى الآن، حيث تعتبر فرصتها لاستعراض مهاراتها كسياسية قادرة على التواصل الفعّال وتوجيه النقد المباشر.

وخلال عملها السابق مدعية عامة، وسياسية، اكتسبت هاريس خبرة على مدار السنوات السابقة في مناظرات عدة، وأظهرت قدرة على استخدام ضبط النفس والفكاهة لتحييد خصومها.

تكتيك المواجهة الذكية

في مناظرة مجلس الشيوخ عام 2016 في كاليفورنيا، أظهرت هاريس قدرة على القراءة السريعة لمواقف الخصوم واستغلال لحظات ضعفهم.

في تلك المناظرة، قامت منافستها لوريتا سانشيز بحركة درامية ساخرة، اختارت هاريس ترك الصمت يتخلل الغرفة قبل أن ترد بضحكة متبادلة مع الجمهور، وتعلق على ما فعلته بأن هذا يدلل على أن هناك فارقا بين المتنافسين، ومشيرة بشكل غير مباشر إلى أن سانشيز غير جادة بما يكفي للمنصب.

Did Loretta Sanchez #dab at end of Senate debate with Kamala Harris? What do you think? @NBCLA pic.twitter.com/YeAb0zYWsj

— Adrian Arambulo (@AdrianNBCLA) October 6, 2016

وترى صحيفة "واشنطن بوست" أن استخدام هاريس لتعبيرات وجهها والتوقيت لتحويل سخرية منافستها إلى نقطة قوة لصالحها، ساعدها في تحقيق فوز ساحق بهامش 23 نقطة.

ويتوقع حلفاء هاريس أن تنجح في تكرار هذا الأداء في مناظرتها المرتقبة مع ترامب، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

خصم أقوى واستراتيجية مختلفة

في هذه المرة، ستواجه هاريس خصما أشد وأكثر تمرسا في المناظرات، وهو ترامب الذي أظهر خلال الانتخابات الرئاسية السابقة قدرته على توجيه هجمات لاذعة ضد خصومه، ما أدى إلى إضعافهم أو تشتيت تركيزهم.

غير أن هاريس تتمتع الآن بفرصة لإظهار تفوقها على ترامب الذي وصفته بأنه "رجل غير جاد"، وأن سياساته قد تتسبب في عواقب وخيمة إذا أعيد انتخابه وأنه بمثابة تهديد للديمقراطية الأميركية.

وبينما يرى حلفاء هاريس أن مهاراتها القضائية قد تساعدها في مواجهة ترامب، فإنه يتعين عليها تجاوز الانتقادات التي واجهتها بأنها قد تكون مترددة أو غير حاسمة في بعض الأحيان، مثلما حدث في حملتها الرئاسية لعام 2019، حيث عانت أحيانا لإيجاد قاعدة أيديولوجية واضحة داخل الحزب الديمقراطي.

انتقادات

واجهت هاريس في السنوات الماضية انتقادات بأنها حذرة للغاية في تقديم مواقفها، وغالبا ما تُتهم بأنها لا تعطي إجابات مباشرة في المناظرات أو المقابلات الإعلامية.

هذا النقد ظهر بوضوح خلال مناظرتها مع عضوة الكونغرس الديمقراطية السابقة تولسي غابارد في عام 2019، إذ بدت غير مستعدة للرد بالتفصيل على الهجمات. 

ففي تلك المناظرة التي عقدت في يوليو 2019، شنت غابارد هجمات على سجل هاريس كمدعية عامة بشأن سياسات الكفالة النقدية وعدد الأشخاص الذين أُرسلوا إلى السجن لإدانتهم بالماريوانا.

وبالرغم من أن هاريس دافعت عن نفسها، إلا أن هذا الهجوم ترك تأثيرا على الحملة.

لكن في مناظرة لاحقة في نوفمبر من ذلك العام، أثبتت هاريس قدرتها على الرد عندما انتقدت غابارد علنا وشككت في قدرتها على حمل لواء الديمقراطيين بعد أن أمضت "أربع سنوات بدوام كامل على قناة فوكس نيوز تنتقد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، وكيف أنها تسعى إلى مقابلة ترامب وجها لوجه".

هنا، استطاعت هاريس أن تتحول إلى الهجوم بعد أن كانت في وضع الدفاع، ما أظهر جانبا أقوى من شخصيتها السياسية.

تحضيرات من الجانبين

هاريس، التي حظيت بترشيح الحزب الديمقراطي، تعكف وفق وكالة أسوشيتد برس، على التدرب على المناظرة في فندق في وسط مدينة بيتسبرغ حيث يمكنها التركيز على تحسين إجاباتها التي ستستغرق دقيقتين، حسب قواعد المناظرة.

وبحسب الوكالة ذاتها، تعمل هاريس مع مستشاريها منذ الخميس، على التحضير للمناظرة، وأيضا التفاعل مع الناخبين في الولايات المتأرجحة.

وفقا لمصادر مقربة من هاريس، فإن استعدادها للمناظرات يخضع لعملية دقيقة من ثلاث مراحل، تبدأ بتجميع فريق من الخبراء والمستشارين لمناقشة القضايا التي قد تثار في المناظرة، ثم يتم إعداد وثيقة تحتوي على أهم الأفكار والرسائل السياسية التي ترغب هاريس في إيصالها، وتعمل على تعديلها وتطويرها بناء على النقاشات الداخلية.

في المرحلة الأخيرة، تعقد جلسات تدريبية لتحسين توصيل الرسالة، وهو ما يساعدها على بلورة أفكارها وتقديمها بشكل فعال.

في مناظرتها المرتقبة مع ترامب، يعمل فريق بقيادة المحامية كارين دان، على تحضير هاريس لتكون مستعدة لكل الاحتمالات، مستفيدا من خبرتها السابقة في التعامل مع المناظرات الفردية.

قبل ثلاثة أيام.. كيف يحضر ترامب وهاريس للمناظرة الرئاسية؟ يتّبع المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب وكامالا هاريس، طرقًا متباينة في التحضير للمناظرة الرئاسية المقررة الثلاثاء المقبل، حيث ستعكس المواجهة بينهمارؤيتين مختلفتين للبلاد.

وقالت هاريس إنها مستعدة لمواجهة الإهانات التي يطلقها ترامب وتشويهه للحقائق، حتى مع تركيز حملتها على الطبقة الوسطى وفرص مستقبل أفضل للبلاد.

وأضافت في مقابلة إذاعية مع برنامج "ريكاي سمالي مورنينغ شو": "علينا أن نكون مستعدين لحقيقة أنه غير ملزم بقول الحقيقة".

وتابعت "يميل للدفاع عن نفسه وليس عن الشعب الأميركي، وأعتقد أن ذلك سيظهر خلال المناظرة".

من جانبه، "يرفض" المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، التحضير للمناظرة، ويفضل التركيز على المشاركة وتنشيط الفعاليات المرتبطة بحملته الانتخابية، مؤكدا أنه "سيكون مستعدا للمناظرة بمجرد وصوله إلى المسرح في المركز الوطني للدستور في فيلادلفيا".

وقال ترامب خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" متحدثا عن المناظرة المرتقبة: "يمكنك أن تدخل بأي استراتيجية تريد، عليك فقط أن تتكيف مع ما يحدث أثناء المناظرة".

ثم اقتبس عن الملاكم مايك تايسون عبارة له، قائلاً "الجميع لديهم خطة.. حتى يتلقوا ضربة في الوجه".

لكن صحيفة "نيويورك تايمز" قالت إن فريق ترامب عقد جلسة تحضير للمناظرة استمرت ثلاث ساعات، الثلاثاء، في ناديه الخاص في بيدمينستر، نيوجيرسي.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم التخطيط لجلسات إضافية يومي الأحد والاثنين.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

على هامش المناظرة

فاجأت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية، منافسها المرشح الجمهورى «دونالد ترامب» حين تقدمت نحوه لمصافحته، مع بدء المناظرة بينهما قائلة له: أنا كاميلا هاريس. وبرغم أن ترامب لم ينبس بكلمة واحدة ردا عليها، إلا أنها نجحت فى أن تمنح الانطباع بالثقة فى النفس، وأنها لا تخشى صلفه ونرجسيته وحتى تجاوزاته. ولم تكن المصافحة من التقاليد المألوفة فى المناظرات السابقة، التى أرست، تقاليد تبتعد عن التجريح الشخصى، وتهدف إلى التركيز على الكشف عن رؤى كلا المرشحين لحل مشاكل البلاد، فضلا عما كانت تتسم به من رزانة، واحترام متبادل بينهما، حتى ولو كان مصنوعا ومزيفا، لكنه ضرورى، لأنه يلعب دورا كعامل طمأنة، لما يحمله من إشارات للناخبين، بمدى الثبات الانفعالى لكل منهما، ويؤكد الثقة فى قدرة المتنافسين، على التحكم فى الانفعالات، أيا كانت الضغوط التى تمارس عليهما، وهو ما يعنى ضمانة للمصوتين أن تكون الحكمة حاضرة، إذا ما جلس أحدهما لإدارة شئون بلدهم من البيت الأبيض.

فى المناظرة انقلب السحر على الساحر. وبينما نجح ترامب (78عاما) فى إزاحة بايدن من سباق المنافسة الرئاسية بسبب خرف شيخوخته، فقد رسب فى امتحان فارق العمر بينه وبين هاريس (59 عاما) الذى يبلغ 19 عاما. وبدت المرشحة الديمقراطية خلال المناظرة أكثر حضورا وحيوية وعقلانية وثقافة منه، وأكثر تدفقا فى الحديث، وسرعة بديهة، من الخبرة التى اكتسبتها كمدعية عامة سابقة، وعضو فى مجلس الشيوخ، واستطاعت أن تهزمه كذلك بحديثها الجذاب عن الطبقة الوسطى الأمريكية، وعن خططها للمستقبل.

بينما غرق ترامب فى حديثه الشعبوى عن إنجازات ماضيه، وبدا عنصريا ومخرفا ضد معظم الأقليات الأمريكية، حتى ذكرته هاريس بتحريض أنصاره للهجوم على مبنى الكونجرس رفضا لعدم قبول خسارته فى الانتخابات، وهدمه للأسس الدستورية والقانونية القائمة، وعدم احترامه شرعية المؤسسات الدستورية. فضلا عن اتهامه بنحو 48 تهمة جنائية بينها التهرب الضريبى. ومن المعروف أن ترامب يرفض أن يسكن السود فى أى من أبراجه وعقاراته الاستثمارية.

اقترب ترامب من موقف هاريس فى قضية الإجهاض. فبينما كان يرفضه لأسباب دينية، ويسعى لتقنين منعه، وتعتبره هاريس حقا من حقوق النساء والإنسان، أعلن فى المناظرة -لأسباب انتخابية بطبيعة الحال ترنو إلى أصوات النساء -على أن يترك الموقف منه لتحدده كل ولاية، ولا يكون موقفا موحدا للاتحاد الفيدرالى.

لم يكن اتفاق الاثنين على الدعم المطلق لإسرائيل، جذبا فقط لأصوات اللوبى اليهودى الصهيونى، بل هو إعادة تأكيد على الدعم التاريخى المطلق الذى لا سقف له، من قبل الإدارتين الديمقراطية والجمهورية لإسرائيل. لكن موقف إدارة بايدن من الحرب الدائرة فى غزة والممتدة إلى الضفة فاق كل مواقف الإدارات السابقة، من حيث هدمه لقواعد القانون الدولى، وافتقاده المخجل لكل القيم الأخلاقية والإنسانية.

حرصت هاريس على أن تبتعد قليلا عن مواقف بايدن، فتحدثت عن حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس، وطالبت بوقف الحرب وحل الدولتين. ولم نعد ندرى إذا كان هذا موقفها الحقيقى، أم هو مغازلة لأصوات الجاليات العربية، والمجتمع المدنى، الذى ما زالت مظاهراته تجوب الشوارع طلبا لوقف الحرب فى غزة، ومنح الفلسطينيين الحق فى تقرير المصير. لكن المؤكد أن المناظرة لا تحسم الفائز فى الانتخابات التى ستجرى بعد نحو ستة أسابيع، يمكن خلالها أن تتبدل المواقف لصالح وضد أى من المتنافسين، ليكون الجواب النهائى عمن سيفوز فى الخامس من نوفمبر القادم.

 

 

مقالات مشابهة

  • ما قصة القوة التي طوقت جامع أم الطبول وسط بغداد؟
  • التين أسير التركمانستاني يصل إلى بغداد لمواجهة القوة الجوية في ابطال آسيا
  • مناظرة هاريس - ترامب تكشف عن أهمية السياسة الخارجية في الانتخابات الرئاسية
  • الذكاء الاصطناعي.. أداة يحبها ترامب وتتجنبها هاريس
  • هل ارتدت هاريس سماعة في المناظرة؟.. "رويترز" تكشف الحقيقة
  • استعدادات "لأسوأ السيناريوهات" في التشيك لمواجهة عواصف شديدة قد تسبب فيضانات كارثية
  • لماذا رفض «ترامب» المناظرة الثانية أمام المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس؟
  • على هامش المناظرة
  • مناظرة هاريس وترامب.. مصير لقاء الحسم الجديد قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية (تفاصيل)
  • مذيع CNN يشعل تفاعلا بانتقاد كامالا هاريس بفيديو مجتزأ عن مناظرة ترامب