لا تبدِّعوا احتفالَنا وحُبَّنا للنبي فاللهُ من عظَّمه وأجَّله وأمرنا بذلك
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
منير الشامي
من يتأمل في كتاب الله تعالى ويتمعن معاملة الله تعالى لرسوله وصفيه من خلقه وخاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- يجد أن الله تبارك وتعالى وهو الملك العظيم عامل عبده بإجلال كبير وتكريم عظيم لم يحظ به عبداً من عباده فخاطبه بأرقى أساليب الخطاب وأبلغها وأكرمها وناداه بإعزاز وبكنيته وصفته “يا أيها النبي -يا أيها الرسول -محمد رسول الله” ولم يخاطب أحد من رسله وأنبيائه بهذا الأُسلُـوب بل كان خطابه لهم بأُسلُـوب الرب للمربوب والخالق للمخلوق والآمر للمأمور وهذا هو الخطاب الطبيعي من الله لعباده وأوليائه، فلماذا اختص نبينا الكريم بهذا الإجلال والتقديس والتكريم?
أليس ذلك دليلاً على علو مكانته عند ربه ورفعة منزلته وقدره؟
وإذا كان تعامل الله مع نبيه بهذا الرقي والإعزاز والإجلال، وهو سبحانه وتعالى صاحب الفضل عليه وعلينا، والملك المالك لخلقه والرب المعبود من عباده فكيف ينبغي أن تكون معاملتنا لرسولنا الكريم -صلوات الله عليه وعلى آله- وهو ولينا ومولانا وذو الفضل العظيم علينا.
إذن لقد ضرب الله لنا مثلاً في الكيفية التي يجب على كُـلّ مسلم أن يعامل بها هذا النبي العظيم وبحجم المحبة التي يجب أن نكنها له -صلوات الله عليه وعلى آله- بل إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بذلك صراحة ونهاهم عن أدق الأمور تجاه رسوله كرفع الصوت في حضرته، وبيّن سبحانه وتعالى لنا أن مُجَـرّد رفع الصوت في حضرة النبي معصية كبيرة قد تحبط كُـلّ الأعمال الصالحة لصاحبها حتى ولو كانت كأمثال الجبال، وهذا التأدب ليس مقصوراً على من عاصر النبي في حياته، بل إن الأُمَّــة ملزمة به ومحاسبة على مخالفته إلى قيام الساعة ونهى أَيْـضاً عن مناداته كما ننادي بعضنا بعضاً ونهى عن دخول بيوته إلَّا بإذن، وعن مخاطبة نسائه إلا من وراء حجاب، ناهيكم عن وجوب محبته ومودته وطاعته واتباعه وتقديسه التي وردت بها نصوص صريحة.
وكلّ ذلك إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على أن تعظيم النبي وإجلاله فرض على كُـلّ مسلم ومسلمة طوال الحياة وفي كُـلّ وقت وحين وفي كُـلّ موقف ومقام.
وإذا كانت هذه الأمور كلها واجبة ومفروضة على كُـلّ مسلم ومسلمة فَــإنَّ العمل بها جميعاً هو تجسيد للاحتفاء والتكريم والإجلال والتقديس لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- في كُـلّ لحظة من لحظات حياتنا، وأن التقصير أَو التفريط في أداء أي منها يعد معصية لله سبحانه وتعالى، قد تودي بفاعلها إلى الخلود في النار والعياذ بالله.
وإذا كانت هذه هي الحقيقة فماذا نقول لأُولئك الذين يسفهون احتفالنا برسول الله ويبدعون فرحتنا بذكرى مولده والتعبير عن فرحتنا ومحبتنا وتعظيمنا لرسول الله بأي مظهر من المظاهر، التي نهدف من خلالها إلى إظهاره أمام الأمم الأُخرى بمكانته ومنزلته التي أنزله الله فيها؟
ألا تكفيهم هذه الدلائل على وجوب تعظيم النبي وإجلاله وتقديسه بكل المظاهر التي نستطيع التعبير بها عن ذلك حتى في أَيَّـام معلومات، مع أننا مأمورون بذلك بصورة دائمة? ولماذا يستاؤون ويمتعضون من إعلان بهجتنا والتعبير عن فرح قلوبنا بسيدنا رسول الله؟
فهل لهم قلوب يفقهون بها أم أن على قلوبهم أقفالها؟
والخلاصة أن المحبة والاحتفاء والابتهاج والإجلال لرسول الله لا يحتاج إلى أدلة قرآنية (رغم وجودها) بل يحتاج إلى قلوب إيمَـانية تعي أهميّة المحبة والإجلال والتقديس لرسول الله، وتدرك حاجة الأُمَّــة القصوى إلى ذلك لتستشعر ثمار هذه المواقف الإيمَـانية التي لا تعد ولا تحصى وأولها أن تعظيم الرسول ومحبته بمواقف عملية يحصن الأُمَّــة ويوحدها أمام أعدائها ويفشل استهدافهم لها ويحطم كُـلّ مؤامراتهم عليها.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: لرسول الله
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: سيدنا النبي قال أهل مصر في رباط إلى يوم القيامة
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الوطن نعمة عظيمة يجب أن نقدرها، مشيرًا إلى أن فهم قيمة الوطن يعد من أسمى القيم التي يجب أن يتحلى بها المسلم.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: "الوطن نعمة، والنعمة يجب أن تشكر، والشكر يكون بأن نعيش متماسكين معًا في وطننا، وأن نكون مواطنين نلتزم بحقوق هذا الوطن".
ما حكم الصلاة في الأوقات المكروهة.. أمين الفتوى يجيب (فيديو) ندوة لـ”خريجي الأزهر” بنيجيريا حول تجديد الفتوىوأضاف: "الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يقول: 'ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم'، هذه الآية الكريمة تساوي بين القتل والخروج من الديار، وهو ما يعكس لنا قيمة الوطن وأهمية التمسك به".
وأشار إلى أن الوطن ليس فقط مكانًا، بل هو أمان ونجاة، وبالتالي إذا أردت أن تعرف أمان الرحمن، فانظر إلى ما أودعه الله في هذا الوطن من رزق وبركة ونور، مؤكدا أن مصر، على سبيل المثال، تعد مثالًا حيا على هذا المفهوم، حيث بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهلها في رباط إلى يوم القيامة.
وتابع: "رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرسل رسائل لأرض مصر، ويقول: 'إذا فتح الله عليكم مصر، فهي وطن، وأهلها في رباط إلى يوم القيامة'، و هذا الكلام يعكس أهمية الانتماء لهذا الوطن".
واستكمل: "إذا أردت أن تكون من أهل البركة والرباط المحمدي، عليك بالتمسك بالوطن والعيش فيه بتقدير واعتزاز. فالوطن هو المهد الذي يحفظ لنا الأمان والكرامة، ويجب أن نعيش فيه كأمة واحدة متماسكة".
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُربّي الصحابة والأمة على معاني عظيمة ومهمة، تُحقق المقاصد الأساسية للوجود الإنساني، ومنها العبادة، العمران، والتزكية.
وقال: "النبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة أن جزءًا من العبادة هو حفظ المقاصد الخمسة، التي تشمل حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال، وهذا ليس على المستوى الفردي فقط، بل يشمل المجتمع ككل".
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثالًا عمليًا للنجاة المجتمعية في حديثه عن السفية، حيث قال: "مثل القوم الذين استهموا على سفينة، فكان بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها، فجعلوا ينقضون على الماء في أسفل السفينة، فلو تركوهم لهلكوا جميعًا، لكن إذا أمسكوا بما في أيديهم، نجا الجميع"، لافتا إلى أن هذا المثال يُظهر أن النجاة تكمن في العمل الجماعي وتعاون الجميع.
وتابع: "من المفاهيم المهمة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته هي مفهوم الوطن، في تصور الكثير من الناس، قد يكون مفهوم الوطن مُستحدثًا، لكن في الحقيقة هو مفهوم أساسي في الإسلام، على سبيل المثال، عندما صبر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل مكة، كان يعتبرهم أهله، رغم ما لاقاه منهم من أذى، وكان يتعامل معهم بأخلاق عالية، لأن مفهوم الوطن يتضمن البيئة والمكان الذي يعيش فيه الإنسان، بل والناس الذين يعيشون في هذا المكان".
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما واجه المقاطعة في شعب أبي طالب، وكان هذا من أنظمة قريش، صبر وثبت على مبدأه، فتعامل مع وطنه ومجتمعه بكل احترام، واعتبر أهل مكة، رغم ما عاناه منهم، جزءًا من عائلته وأهله.
وأضاف: "هذا التعامل يجعلنا نفهم قيمة الوطن في الإسلام، وأنه لا يتعلق فقط بالمكان، بل يتصل بالناس الذين نعيش معهم والمبادئ التي نؤمن بها في هذا الوطن".
واختتم قائلاً: "النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا أن نحب وطننا ونحترمه، وأنه لا يجب أن ننسى فضل المكان والناس الذين يشاركوننا الحياة".