اتفق محللان سياسيان على أن إسرائيل ستحاول ممارسة هوايتها المعتادة في الابتزاز السياسي بعد عملية إطلاق النار في معبر اللنبي الحدودي بين الأردن والضفة الغربية المحتلة، رغم أن العملية فردية.

ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي إن مسارات الابتزاز الإسرائيلي لا تتوقف، إذ ستتصاعد دعوات محمومة لاستيطان غور الأردن وضمه للسيادة الإسرائيلية، إضافة إلى فرض عقوبات جماعية على أهل الضفة وخطوط التجارة والتنقل.

ويضيف الرنتاوي -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن إسرائيل ستحاول التسريع من خطة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت ببناء "محور فيلادلفيا الشرقي" على الحدود الأردنية الإسرائيلية، وتشكيل فرقة مسلحة تنتشر على طول هذه الحدود.

ولن يتوقف مسار الابتزاز الإسرائيلي عند هذا الحد؛ بل ستتصاعد دعوات إسرائيل إلى الأردن بضرورة فعل ما هو أكثر من الوضع الحالي لإحكام السيطرة على الحدود، وفق المتحدث.

ولفت إلى أن إسرائيل تعتبر تهديدا وجوديا لفلسطين والأردن، حيث قال الأخير علنا إن تهجير فلسطينيي الضفة بمثابة إعلان حرب، مشيرا إلى الدعم الحكومي الإسرائيلي لاقتحامات المسجد الأقصى وتهديد الوصاية الهاشمية.

وأضاف أن هناك سياسة رسمية إسرائيلية تشهر العداء للأردن وليس للفلسطينيين فحسب، في حين تدرك عمّان أن أي سيناريو يستبعد قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة سيدفع اليمين الإسرائيلي لحل القضية الفلسطينية خارج فلسطين وعلى حساب دول أخرى.

حالة عجز إسرائيلية

بدوره، يقول الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إن هناك حالة عجز سياسي وأمني وعسكري في إسرائيل، إذ تربط أي عملية -دوافعها شخصية وشعور بالظلم- بإيران ما يبرز محدودية قوة تل أبيب.

ومنذ أشهر، تحاول إسرائيل -وفق مصطفى- إخماد إحدى الجبهات التي تعمل فيها لتتفاجأ بأن جبهة ثانية اشتعلت بعمليات منظمة أو فردية، مؤكدا أنها لا تستطيع التعامل مع كل التهديدات باستخدام القوة فقط.

وأضاف "جبهة الضفة تشهد عمليات فردية، لكن إسرائيل تسارع للهروب من عجزها لاتهام أطراف أخرى للتستر على ذلك، وهو ما يثبت إخفاق حكومة نتنياهو في توفير الأمن للإسرائيليين".

ونبه إلى أن اليمين الإسرائيلي يفشل في تحقيق الأمن بعدما هيمن على المشهد السياسي بعد اتفاق أوسلو والانتفاضة الثانية، إذ كان يتبجح بأنه الوحيد القادر على توفير الأمن عبر سياسة "ما لا يحل بالقوة يحل بمزيد من القوة".

أسباب العملية

وعن أسباب عملية إطلاق النار بمعبر اللنبي، يقول الرنتاوي إن العملية فردية بسلاح بسيط وتعبر عن غليان الدم عند الأردنيين وليس كما يردد قادة إسرائيل بأنها موجهة من إيران.

واستحضر روابط التاريخ والجغرافيا والنسب بين الأردنيين والفلسطينيين التي تؤثر على مجريات الحياة اليومية، ويقول إنه قل نظيرها.

وأكد أن الشعب الأردني يشهد احتقانا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث لم تتوقف مدن وبلدات أردنية عن التظاهر والاعتصام والتنديد وجمع التبرعات إدانة للحرب الإسرائيلية على غزة وانتصارا للشعب الفلسطيني ومظلوميته.

في الجهة المقابلة، يقول مصطفى إن إسرائيل لا تفكر بأسباب وجذور الأزمة وتفكر بعقلية استعمارية قائمة على مزيد من القمع والاستيطان، مضيفا أن حكومة نتنياهو تمضي في أهداف سياسية وأيديولوجية، حيث باتت حرب غزة من أجل اليمين الاستيطاني.

وتعليقا على عزم إسرائيل إعادة فتح المعابر الحدودية البرية مع الأردن صباح الاثنين، قال الخبير بالشؤون الإسرائيلية إن إغلاق معابر دولية يدل على ضعف إسرائيل وتحاول الأخيرة الإيحاء بأن كل شيء تحت السيطرة.

واتفق الضيفان أنه لا توجد فرصة تلوح في الأفق لإبرام صفقة لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى، حيث ترغب إسرائيل باحتلال طويل الأمد للقطاع، وتتطلع لإطالة أمد الحرب حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

ما أهمية تحذير أبو عبيدة بشأن أسرى الاحتلال وتداعياته؟ محللان يجيبان

اتفق محللان سياسيان على أن تحذير أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- بشأن مصير أسرى الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة يبعث رسالة مزدوجة إلى كل من القيادة الإسرائيلية والرأي العام في تل أبيب، مفادها أن استمرار العمليات العسكرية سيؤدي إلى فقدان أسرى أحياء لا محالة.

وأعلن أبو عبيدة أن "نصف أسرى العدو الأحياء يوجدون في مناطق طلب جيش الاحتلال إخلاءها خلال الأيام الأخيرة"، مشيرا إلى أن الكتائب قررت إبقاءهم في أماكنهم ضمن "إجراءات تأمين مشددة، لكنها خطيرة على حياتهم"، كما حمّل حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية عن أي مصير يتعرض له الأسرى، وأن التفاوض هو السبيل الوحيد لحمايتهم.

وفي حديث للجزيرة، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد الأخرس أن التهديد -الذي حمله بيان أبو عبيدة- يعكس معادلة باتت راسخة في سلوك المقاومة، وهي الربط المباشر بين الواقع الميداني داخل القطاع وبين مصير الأسرى، في ظل تصعيد ميداني يضع حياة هؤلاء على المحك بشكل فعلي وملموس.

وأوضح أن السوابق الميدانية تمنح هذا التحذير مصداقية عالية، لا سيما بعد حادثة سبتمبر/أيلول 2024، عندما قُتل 6 من الأسرى الإسرائيليين في منطقة تل السلطان برفح، بسبب وجودهم في مناطق خطرة لم يُنقلوا منها، تحت ظروف مشابهة لما يجري حاليا في مناطق الإخلاء التي يطالب بها الاحتلال.

إعلان

ولفت الأخرس إلى أن المقاومة تكرس بذلك سياسة مفادها أن كل تقدم إسرائيلي نحو تلك المناطق سيحمل معه ثمنا بشريا، سواء من المدنيين الفلسطينيين أو من الأسرى المحتجزين، كما حدث في الشجاعية حين قُتل 3 من الأسرى الإسرائيليين بنيران جيشهم في ديسمبر/كانون الأول 2023.

وحسب الأخرس، فإن التلويح بمخاطر تهدد الأسرى يتعدى كونه ورقة ضغط عسكرية، ليشكل أيضا خطابا تحذيريا تجاه المجتمع الإسرائيلي، يضعه أمام مسؤولياته الأخلاقية في مساءلة حكومته عن نتائج سياساتها التصعيدية، لا سيما مع فشل المسار التفاوضي وتراجع إسرائيل عن المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة مارس/آذار الماضي.

معلومة عينية

من جهته، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن ما ورد في بيان أبو عبيدة لا تمكن قراءته فقط على أنه تصريح ميداني، بل على أنه رسالة دقيقة تحمل "معلومة عينية" ذات أثر مباشر على النقاش الداخلي الإسرائيلي، مفادها أن نصف الأسرى الأحياء معرضون للموت في مناطق العمليات العسكرية الحالية.

واعتبر مصطفى أن هذا النوع من الرسائل أكثر تأثيرا من الخطاب العام حول المخاطر، لأنه يقدّم رقما دقيقا يجعل المسألة أقرب إلى الإنذار الحقيقي، ويضع القيادة الإسرائيلية أمام مأزق كبير، خاصة أن المجتمع الإسرائيلي يدرك خطورة هذه المعطيات ويتهم الحكومة بتعريض الأسرى للخطر.

وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية لا تنظر إلى حياة الأسرى باعتبارها أولوية حقيقية، بل تعتبرها جزءا من معركة العلاقات العامة مع الشارع الإسرائيلي، وتحاول التنصل من المسؤولية عبر تحميلها لحماس، في وقت تشير فيه كل الدلائل إلى أن العمليات العسكرية هي التهديد الفعلي لحياة الأسرى.

وأضاف أن أهمية ما طرحه أبو عبيدة تكمن في أنه يعري السردية الإسرائيلية التي تزعم أن الحرب تهدف إلى تحرير الأسرى، بينما الحقيقة أنها قد تفضي إلى تصفيتهم، وهو ما يجعل نتنياهو في موضع اتهام مباشر من عائلات الأسرى والشارع الذي يتابع تطورات الحرب بقلق متزايد.

إعلان

وأشار إلى أن تسجيل الفيديوهات التي تنشرها كتائب القسام بين الحين والآخر للأسرى الأحياء تترك أثرا بالغا في الرأي العام الإسرائيلي، يفوق بكثير تأثير التصريحات الرسمية، لأنها تنقل معاناة حقيقية تُقابل ببرود رسمي واستخفاف حكومي في المقابل.

توجيه بوصلة الداخل

وأكد مصطفى أن المقاومة بهذه المعلومة العينية تعيد توجيه بوصلة الجدل داخل إسرائيل، لتجعل من استمرار الحرب قضية تهدد سلامة الأسرى، لا طريقا لتحريرهم، وهو ما يُفترض أن يرفع منسوب الضغط الشعبي على الحكومة، لكنه رهن ذلك بمدى تفاعل الشارع الإسرائيلي وتخليه عن عفويته الحالية.

ولفت إلى أن الاحتجاجات الإسرائيلية المتواصلة على الحكومة ما زالت محدودة التأثير وغير ناضجة في أدواتها، إذ تتجه نحو شخصيات عديمة التأثير كالمستشارين أو ممثلي الأجهزة، بدل أن تتحول إلى حركة ضغط حقيقية تهدد موقع نتنياهو وتفرض تعديلا في نهج الحكومة.

ورغم خطورة التحذير الفلسطيني من فقدان مزيد من الأسرى، فإن مصطفى يرى أن غياب التصعيد الشعبي الحقيقي في إسرائيل يتيح لنتنياهو الاستمرار في تجاهل هذه المخاطر، خاصة أن المجتمع الدولي لا يضغط باتجاه إنقاذ الأسرى أو استئناف التفاوض بشأنهم.

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلت اليوم عن مسؤول أمني رفيع أن ما لا يقل عن 21 أسيرا إسرائيليا في غزة ما زالوا على قيد الحياة، في حين تشير تقديرات أخرى إلى وجود 24 أسيرا حيا، بينما قتل 36 من أصل 59 أسيرا منذ بدء الحرب، وسط تضارب في الأرقام حول مصير 2 آخرين.

وحسب تقارير فلسطينية وإسرائيلية، فإن أكثر من 9500 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، بينما انتهت المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة وتبادل الأسرى في مارس/آذار الماضي دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، بعد تنصل إسرائيل وعودتها إلى العمليات العسكرية، التي تسببت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مصرع 9 مسلحين خلال عملية أمنية شمال غربي باكستان
  • مديرية الإعلام في حلب لـ سانا: لا صحة للأنباء التي تتحدث عن توقف عملية تبادل الموقوفين بين مديرية الأمن بحلب وقوات سوريا الديمقراطية.
  • حزب نداء مصر يدين صمت العالم تجاه المجـ.ازر الإسرائيلية بحق سكان غزة
  • الاحتلال الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية توغل لتفكيك أسلحة الجيش السوري
  • أونروا: نحو 1.9 مليون نزحوا قسريًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • ما أهمية تحذير أبو عبيدة بشأن أسرى الاحتلال وتداعياته؟ محللان يجيبان
  • الخارجية تجدد مطالبتها مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته لوقف حرب غزة
  • الأردن: نؤكد رفضنا بشكل مطلق لتوسيع إسرائيل عدوانها على غزة
  • الأردن تدين قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدرسة تؤوي نازحين في غزة
  • الأردن تدين قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة تؤوي نازحين في غزة