القدس المحتلة- أجمعت قراءات محللين ومراكز أبحاث إسرائيلية على أن العملية التي نفذها سائق شاحنة أردني على معبر الكرامة (اللنبي) الحدودي مع الأردن وأسفرت عن مقتل 3 مستوطنين من عناصر الأمن في المعبر، كانت "مسألة وقت ليس إلا".

وعزت التقديرات الإسرائيلية هذه العملية إلى تصاعد التوتر الأمني في الضفة الغربية، واستمرار الحرب على غزة، وغياب أي أفق للهدنة، مع تواصل الاحتجاجات قرب السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمّان.

وفي الوقت الذي امتنع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توجيه الانتقادات إلى الأردن، سارع إلى اتهام إيران بالسعي إلى استخدام الأراضي الأردنية لتهريب الأسلحة والأموال إلى المقاومة الفلسطينية في الضفة، بينما وجهت بعض التحليلات الانتقادات للحكومة الأردنية والقصر الملكي.

وسوّغت القراءات الإسرائيلية انتقاداتها لديوان الملك عبد الله الثاني، كونه وضع على رأس أولوياته تقديم المساعدات الإغاثية للنازحين في قطاع غزة، وذلك على حساب التنسيق الأمني بين الجانبين بشأن المناطق الحدودية، وهو التنسيق الذي وصل إلى أدنى مستوياته بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار.

جسر الملك حسين يعد المعبر الرئيسي بين الأردن والضفة الغربية وتسيطر عليه إسرائيل (الجزيرة) تراجع التعاون

تأتي هذه التقديرات للمحللين، وسط هواجس للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذر من مغبة تعرض استقرار المملكة الأردنية للخطر، وأن يؤدي ذلك إلى خلق وضع تتمركز فيه إيران ووكلاؤها على الحدود الإسرائيلية الأردنية.

وبسبب هذه الهواجس، تجنبت حكومة نتنياهو المواجهة العلنية مع الجانب الأردني، رغم الانتقادات الأردنية الحادة لإسرائيل على خلفية الحرب على قطاع غزة، مراعاة من تل أبيب للاحتياجات الوجودية للمملكة وأمنها القومي، والاستجابة لها عبر قنوات الاتصال السرية.

وقدرت محررة الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سمدار بيري، أن العملية المسلحة على معبر الكرامة، هي نتاج لتراجع التنسيق والتعاون بين البلدين بكل ما يتعلق بالجوانب الأمنية على المناطق الحدودية، وذلك بسبب استمرار الحرب على غزة.

وحسب وجهة نظر الكاتبة الإسرائيلية، فإن العملية المسلحة تشكل إخفاقا لأجهزة الأمن الأردنية، علما أن الجانبين الإسرائيلي والأردني عملا -كل من موقعه- منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 واندلاع الحرب على غزة، من أجل منع عمليات مسلحة وإحباط أي عمليات تهريب أسلحة بالمعبر.

وتقول بيري إن الجانب الإسرائيلي يحاول ومنذ عدة أشهر الضغط على الأردنيين لإقامة حدود مغلقة في المعبر، مثل محطة الشحن بمعبر كرم أبو سالم "كير شالوم" المتاخمة لقطاع غزة، وأعلن الأردنيون أنهم مهتمون بذلك "لكنهم عمليا لم يتقدموا في هذه الخطوة، مقابل مواصلة الضغط في إسرائيل، لكن دون رد، حيث تقرر سحب طلب إغلاق معبر البضائع".

ومنذ بداية الحرب على غزة، أصبح التعاون الأمني بين الجانبين سلوكا روتينيا، دون تبادل الإحاطة والتحديثات الكثيرة، حسب بيري، وتضيف "في وقت الهجوم مباشرة، تحدثت الملكة رانيا، في مؤتمر بإيطاليا، وألقت مرة أخرى باللوم الرئيسي في الحرب بغزة على إسرائيل".

مسؤولية مشتركة

ومن وجهة النظر العسكرية، يعتقد المراسل العسكري لموقع "والا" الإلكتروني أودي عتصيون، أن العملية المسلحة في المعبر "كسرت حاجز الهدوء الذي ساد في المكان على مدار 30 عاما"، وعزا تنفيذ العملية للتصعيد الأمني المتوتر بالضفة، واستمرار الحرب على غزة، والرفض الإسرائيلي لوقف القتال والانسحاب من القطاع.

وأوضح أن المعبر الموجود في غور الأردن يقع تحت المسؤولية المشتركة بين إسرائيل والأردن، ويمر عبره كل عام نحو 100 ألف شاحنة وأكثر من 3 ملايين مسافر، وعلى خطى المستوى الإسرائيلي الرسمي تجنب المراسل العسكري توجيه اتهامات مباشرة إلى عمّان وتحميلها مسؤولية ما حدث، مضيفا: "لقد تمكن الأردنيون من الحفاظ على المعبر كجزيرة معزولة للنشاط الاقتصادي والمدني، حتى الحرب على غزة".

وألمح عتصيون إلى أن العملية المسلحة تأتي على خلفية التوتر والفتور بالعلاقات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والملك عبد الله الثاني، بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، قائلا إن "القدرة على ضمان عدم وصول سائق أردني إلى المعبر مسلحا، تعتمد على جهود القوى الأمنية الأردنية، والجهد الذي استثمرته إدارة الملك عبد الله في هذا الشأن".

ويضيف أن هذا الهجوم المسلح يأتي في أعقاب "زيادة النشاط العدائي" على طول الحدود الطويلة مع الأردن خلال العام الماضي، "والذي تجلى في زيادة تهريب الأسلحة ودخول المسلحين على طول الحدود إلى منطقة الأغوار، وسط جهود حماس وإيران لإشعال جبهة الضفة"، بحسب تقديراته.

تقويض الاستقرار

أما على الجانب الإستراتيجي، فذهبت الباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أوريت بيرلوف، إلى سيناريو من شأنه أن يزيد من التوتر الأمني على جانبي الحدود في منطقة الأغوار، وذلك في حال استمرت الحرب على غزة، وتصاعدت حدة المظاهرات والاحتجاجات قبالة السفارة الإسرائيلية في عمّان.

وتساءلت بيرلوف، في تقدير موقف، إذا ما كان ما وصفته بـ"الشر" سيتطور من الشرق؟ وذلك على خلفية استمرار الحرب على غزة، مشيرة إلى أن عودة الاحتجاجات ضد إسرائيل في العاصمة عمّان، قد تهدد بتقويض الاستقرار الداخلي في الأردن، "وهو تطور ستكون له عواقب وخيمة على أمن إسرائيل".

وأوضحت الباحثة الإسرائيلية أنه بعد مرور نحو 30 عاما على توقيع اتفاق السلام بين المملكة الأردنية وإسرائيل، لا يزال الجمهور الأردني ثابتا في معارضته للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وللسلام والتطبيع مع إسرائيل.

وخلصت للقول إنه "يجب على إسرائيل أن تستجيب بشكل إيجابي للمبادرات الأردنية لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وتفهم الاحتياجات الوجودية للمملكة الأردنية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العملیة المسلحة الحرب على غزة أن العملیة

إقرأ أيضاً:

مسيرات شعبية حاشدة في العاصمة الأردنية عمان رفضاً لخطط تهجير الفلسطينيين

يمانيون../ شهدت العاصمة الأردنية عمان ومختلف المحافظات ، اليوم الجمعة مسيرات شعبية حاشدة، رفضاً لمخطط تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والمخطط الأمريكي القاضي بتهجير الفلسطينيين بقطاع غزة.

وحملت المسيرات التي نظمتها الحركة الإسلامية في الأردن وقوى وطنية وأحزاب سياسية، شعار “لا للتهجير”، حيث انطلقت مسيرة حاشدة من أمام المسجد الحسيني بمنطقة وسط البلد بالعاصمة عمان، وصولا إلى ساحة النخيل .

وأكد المشاركون على ضرورة مواصلة دعم صمود المقاومة الباسلة على أرض فلسطين في الضفة وغزة لمواجهة كل مؤامرات العدوّ الصهيوني التي تستهدف الأردن وفلسطين، بدعم أمريكي غربي.

وشددوا على أنّ الشعب الأردني والدولة الأردنية مجتمعون على كلمة واحدة: لا للوطن البديل لا للتهجير وقالها الشعب الأردني بكل عناوينه السياسية.

وعبر المشاركون عن أنّ الأردن رسميا وشعبيا يتوحدون خلف دعم صمود غزة بكل اشكال الدعم المادي والمعنوي.

ووجهوا التحية للمقاومة الفلسطينية التي استطاعت تحرير الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال وإرضاخ الاحتلال لشروط المقاومة في غزة.

ورفع المشاركون في المسيرة لافتات كُتب على بعضها “نعم لحق العودة.. لا لهجرة إلا للقدس”، و”لا للتهجير لا للتوطين لا للوطن البديل”، و”غزة تنتصر على الاحتلال والإبادة”.

كما ردد المشاركون هتافات رافضة لتهجير الفلسطينيين من بينها “قضيتنا فلسطين.. وهذا الوطن غالي كثير”، و”لا للتهجير.. يسقط حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)”، و”لا للتهجير.. شعبك يا غزة جبار.. رغم الألم والحصار”.

ونددت بعض الهتافات بسياسة الولايات المتحدة الداعمة للاحتلال “الإسرائيلي”، حيث قالوا من بينها “أمريكا هي هي .. أمريكا رأس الحية”، و”اسمع يا ترامب وتعلم، اتعلم من غزة وافهم، شعبي عمره ما استسلم”.

مقالات مشابهة

  • محللون: نشر تحقيق الجيش الإسرائيلي سابقة أكدت انهيار نظرية الردع
  • إيكونوميست: ما أثر الحملة الإسرائيلية في الضفة الغربية على استقرار الأردن؟
  • مسيرات شعبية حاشدة في العاصمة الأردنية عمان رفضاً لخطط تهجير الفلسطينيين
  • هل اقتربت الحرب .. تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل وتهديدات بشأن النووي | تقرير
  • ارتفاع شاحنات المساعدات الأردنية إلى غزة 3 أضعاف منذ وقف إطلاق النار
  • قيادي يحددّ شرط التخلي عن إدارة غزة.. وإسرائيل تنفّذ عملية اغتيال في غزة
  • أمريكا الإسرائيلية وإسرائيل الأمريكية.. الأسطورة التي يتداولها الفكر السياسي العربي!
  • الداخلية الأردنية: 42 ألفاً و675 سورياً غادروا الأردن طوعاً
  • أبو الغيط: الاحتلال يستهدف إشعال فتيل التوتر في المنطقة
  • أحمد الشرع يصل إلي العاصمة الأردنية عمان