أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن صدمته إزاء أوضاع الأطفال الذين التقاهم في السودان، وقال إن السودانيين يعانون من مجموعة متكاملة من الأزمات منها استمرار الصراع وأكبر أزمة نزوح في العالم والمجاعة التي ضربت بعض المناطق.

وفي مؤتمر صحفي في بورتسودان في ختام زيارته للبلاد أشار دكتور تيدروس غيبريسوس المدير العام للمنظمة إلى أن 25.

6 مليون شخص في السودان- أي أكثر من نصف عدد السكان- يُتوقع أن يواجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وقد زار دكتور تيدروس، أمس، منشأة صحية مدعومة من منظمة الصحة العالمية لعلاج الأطفال في بورتسودان تقدم رعاية منقذة للحياة للرضع المصابين بسوء التغذية الحاد. وقال إنه صُدم من وضع الكثير من الأطفال الصغار الذين يعانون من الهزال ومن الشهادات المروعة التي روتها أمهاتهم اللاتي نزحن عدة مرات بسبب انعدام الأمن والآن يشعرن بالامتنان "لأنهن وجدن ملاذا في هذه العيادة".

وفي مؤتمره الصحفي، حذر دكتور تيدروس من تفشي الأمراض مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والحصبة مع مخاطر مرض إمبوكس (جدري القردة). وأشار إلى التقارير العديدة عن وقوع حوادث عنف جنسي مرتبط بالصراع، وإلى الانهيار شبه التام للنظام الصحي إذ لا تعمل بشكل كامل ما يتراوح بين 70 و80% من المنشآت الصحية بأنحاء السودان.

أزمة منسية
وقال المسؤول الأممي الرفيع: "يبدو أن المجتمع الدولي قد نسي السودان، ولم يعد يولي اهتماما كبيرا بالصراع الذي يمزقه وعواقبه على المنطقة. لهذا السبب جئت إلى السودان".

رافقت دكتور تيدروس خلال الزيارة، الدكتورة حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط. وقد التقيا عددا من الشركاء الذين يقومون بالاستجابة، ودعا المسؤولان إلى توسيع نطاق العمل بشكل عاجل لتوفير مزيد من الموارد والوصول الإنساني للمساعدات والأمن لعمال الإغاثة والعاملين في المجال الصحي والمرضى.

وقد أدت الحرب، التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص وتشريد أكثر من 10 ملايين.

وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من هول نطاق الأزمة والعمل غير الكافي لمواجهة الصراع والاستجابة للمعاناة التي يتسبب فيها. وقال إن ذلك يتجسد في المستويات غير الكافية للتمويل، والعدد الكبير للهجمات على منشآت الرعاية الصحية- التي تعدت المئة- والاعتداءات على عمال الإغاثة الآخرين والمدنيين، وعدم القدرة على تأمين الوصول الإنساني بدون عوائق عبر الحدود وعبر الخطوط الأمامية للصراع.

دعوة للاستيقاظ ودعم السودان
ودعا دكتور تيدروس العالم إلى "الاستيقاظ ومساعدة السودان على الخروج من الكابوس الذي يمر به". وحدد عددا من المطالب أولها الوقف الفوري لإطلاق النار الذي يؤدي إلى حل سياسي دائم، وقال إن "السلام هو أفضل دواء".

كما دعا إلى حماية المنشآت الصحية والعاملين في المجال الطبي والمرضى، والوصول المستدام للإمدادات والمساعدات، وتوسيع نطاق الكشف عن الأمراض، وزيادة تغطية التحصين ضد الكوليرا وشلل الأطفال والحصية وغيرها من الأمراض في المناطق المتضررة. وطالب بزيادة التمويل من المجتمع الدولي بشكل هائل لتعزيز الاستجابة.

وقال إن ذلك سينقذ الملايين، ومعظمهم من النساء والأطفال، الذين يعيشون على حافة البقاء على قيد الحياة، ويوفر الهدوء الذي يحتاج إليه بشدة ويستحقه جميع الناس. وشدد على ضرورة عدم خذلان شعب السودان.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لمنظمة الصحة العالمیة المدیر العام وقال إن

إقرأ أيضاً:

خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا.. مخاوف على القارة وتأثيرات على السودان

تنفيذا لسياساته الجديدة، يدرس الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا، ما يعد تنازلا عن مساحات دبلوماسية مهمة لصالح قوى أخرى تتمدد سريعا في القارة على حساب واشنطن.

تقليص الانخراط

تناقلت وسائل الإعلام الدولية في اليومين الماضيين أن الولايات المتحدة قد تكون بصدد تقليص انخراطها الدبلوماسي في أفريقيا وإغلاق مكاتب تابعة لوزارة الخارجية تعنى بتغيّر المناخ والديمقراطية وحقوق الإنسان، وفق أمر تنفيذي قيد المراجعة للبيت الأبيض، ووفق ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” عن مذكرة غير مؤرخة لوزارة الخارجية الأمريكية، تدرس إدارة ترامب خططا لإغلاق 10 سفارات و17 قنصلية، وتقليص أو دمج موظفي العديد من البعثات الأجنبية الأخرى، وذكرت الصحيفة أن 6 من السفارات التي اقترحت المذكرة إغلاقها تقع في أفريقيا، وهي أفريقيا الوسطى، وإريتريا، وغامبيا، وليسوتو، وجمهورية الكونغو، وجنوب السودان، كما يفترض إغلاق مكتب أفريقيا العامل حاليا، وسيحل محله مكتب المبعوث الخاص للشؤون الأفريقية والذي من المفترض أن يقدم تقاريره لمجلس الأمن الداخلي بالبيت الأبيض بدلا من وزارة الخارجية.

مخاوف وتساؤلات

التخفيضات الجديدة المقترحة أثارت مخاوف من أن الولايات المتحدة ستتنازل عن مساحة دبلوماسية حيوية لروسيا والصين، بما في ذلك في مناطق العالم التي تتمتع فيها واشنطن بحضور أكبر من موسكو وبكين، وهو ماقد يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية، كما آثارت التخفيضات المقترحة تساؤلات حول ارتدادات الانسحاب الأمريكي على القارة السمراء، وهل يؤثر هذا الإنسحاب على التعاون الإستخباراتي والعسكري الأمريكي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، ومن يملأ الفراغ الأمريكي، وهل يفتح الانسحاب الباب أمام محاور نفوذ جديدة، إضافة إلى السؤال الأهم حول تأثير هذا الانسحاب الأمريكي على السودان؟

تأثير على المعارضة

من جانبه رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني محمد محمد خير أن كل المشاكل التي حدثت في السودان منذ 2019 بعد سقوط نظام البشير حتى الحرب كانت بتأثيرات مباشرة من الخارجية الأمريكية. وقال خير لـ “المحقق” إن الخارجية الأمريكية تأتي ضمن خمس دوائر في التأثير على القرار الخارجي، وإنها أضعف هذه الدوائر في التأثير، مضيفا أنه دائما ما تصدم مشاريع الخارجية بالبنتاجون والسي أي ايه، لافتا إلى أن غياب الخارجية الأمريكية بتركيبتها السابقة سيكون له تأثير مباشر على المعارضة السودانية بالخارج (تقدم- صمود- وغيرها)، وقال إن هذه المعارضة كانت المرجعية الرئيسية لكل العمل الذي تم في السودان، بداية من تعيين مبعوث خاص مرورا بالرباعية حتى الإتفاق الإطاري، مضيفا أن كل الترتيبات السياسية في السودان كانت بتدبير من الخارجية الأمريكية وخلفها مساعدة الوزير مولي في، وتابع أن الخارجية الأمريكية أيضا كانت توجه الوكالات المانحة في أمريكا وأوروبا والتي كانت تدفع تكاليف أنشطة “تقدم”، وأن ذلك توقف بحل ترمب للوكالة الدولية للمنح، مؤكدا أن أكبر جهة تضررت من ذلك هي المعارضة السودانية الخارجية، لافتا إلى أن أهم ماجاء في القرار الأمريكي هو غياب أي مشروع يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية في أفريقيا، وقال إن ذلك يعني أنه لم يعد هناك أي نوع من أنواع الإهتمام الأمريكي بتغيير النظم في أفريقيا، مضيفا أن تأثيره على الحكومة السودانية يعتمد على الحكومة نفسها وعلى المشروعات التي ستقدمها إلى أمريكا، ورأى أنه من المفروض تقديم رؤية استثمارية سودانية بها تصور لمشروعات استثمارية بالبلاد.

الإهمال أفضل

من جهته رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني مكي المغربي أن العالم في عهد الإنحسار الأمريكي لا محالة، وقال المغربي لـ “المحقق” تحدث عن ذلك عدد من المفكرين بأن مشاكل أمريكا الداخلية وانقسامها العميق سيشغلها عن التمدد في العالم، والجواب واضح من عنوانه، مضيفا ترمب في حملته الانتخابية كان واضحا حول هذا الأمر، مؤكدا أن الدول والجهات التي كانت تعتمد على أمريكا وضوئها الأخضر وغطائها في الإعتداء على السودان ستفشل، وقال إن هذه الدول ستكون مكشوفة وتتخلى أمريكا عنها لتواجه لعنات الشعب السوداني وحيدة، مبينا أن غلق مكتب أفريقيا يعني تقليص الإرتباط الدبلوماسي الطبيعي عبر الخارجية الأمريكية، واختزال الملف الأفريقي في الشئون الطارئة أو المهمة، وقال إن ذلك أقرب لحذف أفريقيا من الخارطة الدبلوماسية الأمريكية والإبقاء على عدد من الدول، والتعامل مع الطوارئ والمستجدات عبر البيت الأبيض، مضيفا باختصار تعودنا أن الإهمال الأمريكي أفضل من الإهتمام.

الانعزالية الجديدة

بدوره أكد الخبير المصري في الشؤون الأفريقية الدكتور حمدي عبد الرحمن أن انسحاب أمريكا من أفريقيا وخاصة منطقة الساحل سوف يؤثر بشكل كبير على الحرب ضد الإرهاب. وقال عبد الرحمن لـ “المحقق” إن الوجود الأمريكي والغربي عموما كان له دور كبير للغاية في مراقبة وملاحقة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وبوكو حرام، اضافة إلى الحد من عمليات تهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية، لافتا إلى أن هذا الانسحاب في ظل الترامبية الجديدة وفكرة جعل أمريكا قوية وعظيمة مرة أخرى هي مايسمى بـ “الانعزالية الجديدة” على يد ترمب، لافتا إلى أن ذلك يثير مخاوف من تصاعد الجماعات الإرهابية وتدهور الوضع الأمني، وقال إن الجيوش الوطنية تفتقر في الغالب إلى القدرة المالية والتقنية لمواجهة هذه التحديات بشكل منفرد.

المستفيد الأول

ولفت الخبير المصري إلى أن هناك فراغ أمني واضح بأفريقيا، وقال إن دول تحالف الساحل حاولت أن تسد هذا الفراغ من خلال التحالف مع روسيا، مضيفا أن روسيا هي المستفيد الأول من ذلك ومن خلال فاغنر سابقا والفيلق الأفريقي حاليا، لتعويض الغياب من الدعم الغربي، مشيرا إلى أن الصين وتركيا عززتا حضورهما في المنطقة بالتركيز على الإقتصاد أكثر من الأمن، مؤكدا أن ذلك يخلق مناطق نفوذ جديدة، وقال إن ذلك يتمثل في إعادة رسم خريطة النفوذ الدولي في أفريقيا، مضيفا أن روسيا بدأت بالفعل في تعزيز وجودها العسكري والأمني وكذلك الصين وتركيا وحتى الهند في توسيع نفوذها الاقتصادي، لافتا إلى أن ذلك يجعل من أفريقيا ساحة تكالب جديدة من قبل قوى دولية متعددة، وقال إن هذا التحول قد يدفع أفريقيا إلى مزيد من الاستقطاب، وربما يجعلها إحدى جبهات الحرب الباردة الجديدة في ظل التنافس الدولي على الموارد والممرات الاستراتيجية بالقارة، مشيرا إلى أنه في ظل التراجع الأمريكي هناك حرب الممرات، مثل ممر “ليبيتو” الذي تدعمه أمريكا، ومبادرة “الحزام والطريق” وكلاهما متعارضان، محذرا من تصاعد التهديدات الإرهابية في ظل هذا الانسحاب وتفاقم الأزمة الأمنية.

الأكثر تضررا

كما رأى الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن إدارة ترمب الجديدة لديها قرارات تجاه أفريقيا قد تختلف تماما عن الإدارات السابقة. وقال تورشين لـ “المحقق” إن ذلك سيؤثر كثيرا على التعاون العسكري والاستخباراتي بين أمريكا والعديد من الدول التي تعاني من أنشطة للجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي ودول خليج غينيا، مضيفا أن دول خليج غينيا ستكون الأكثر تضررا بما يدفعها للتعاون مع الدول الإقليمية والدولية الأخرى مثل روسيا والصين وتركيا، لافتا إلى أن ذلك يعني بأن هنالك ستكون مسارات جديدة لتعزيز تنافس القوى في المنطقة.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • المدير العام لقوى الأمن استقبل السفيرين البريطاني والمجري
  • المدير العام لقوات الشرطة بالنيابة يلتقى مدير عام بنك امدرمان الوطني
  • كمال مولى يلتقي المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج في المفوضية الأوروبية ستيفانو سانينو
  • خفض الانخراط الأمريكي في أفريقيا.. مخاوف على القارة وتأثيرات على السودان
  • منظمة الصحة العالمية تتعهد بإعادة تأهيل النظام الصحي في السودان
  • ما هي حكاية يوم الأرض الذي يحتفل به العالم في 22 أبريل من كل عام؟
  • خفض المساعدات الأميركية يجبر منظمة الصحة العالمية على تقليص الوظائف
  • الحكومة ستنقل إلى الخرطوم في غضون ستة أشهر
  • منظمة الصحة.. إعادة تنظيم وتسريح موظفين بسبب قرار ترامب
  • سفير إسرائيل السابق في إيطاليا يدعو لعدم المشاركة بجنازة البابا