(1)
الذين يقولون بسعادةٍ واطمئنان بالغي الثِّقة بنفسيهما: «انظروا كيف ذهب الطُّغاة، وزال الطَّواغيت، وغاب الظَّالمون، ورحل الجلَّادون، وغُلَّت الشَّياطين، وجاءت الملائكة» عليهم أن يتساءلوا، بالثِّقة الزَّائدة نفسها: «وإلى أين سنذهب نحن بعد كل ذلك الذي حَدَث»؟
سأردد هنا المقطع الشهير لقسطنطين كافافيس:
«والآن، ما الذي سيحل بنا بعد رحيل البرابرة؟
لقد كان هؤلاء البرابرة نوعًا من الحل».
ولكني، أيضًا، أسعى إلى تَجَلٍّ آخر للسؤال المُعَذِّب في محاولة استكشافٍ جديد للورطة التي لا تزال في طور التَّكون في غير مكان.
(2)
أيها الجندي المجهول: تعال نقتسم آخر الفضيحة.
(3)
أتعفَّفُ على هيكلي في القضاء، وأعزُّ على القدر والصَّحائف. أتنزَّه عن الخلق أشرارًا وطيبين، ولا أترك شيئًا لأحد، ولا أدري لماذا أتذكَّرك.
(4)
اللَّحد ليس المكان المثالي للقلب واللِّسان (وليست الحياة من مقامات الإقامة أو الهلاك لكل إنسان).
(5)
أحبُّكِ في الزَّوال، في آخر خطوة خارج مجز الصُّغرى، في العودة نعشًا، ولا أبغيكِ في النَّخيل، لا أزال أتذكر لون ورائحة الطَّلع.
أشتهيكِ في الرَّحيل، وأسعى إلى القيامة.
(6)
طَعم الموت القادم في المرَّة الأولى يشبه نكهة الثَّدي الأول وعبق النَّهد الثَّاني (لا تتذكَّر الأم ولا الحبيبة في المرَّة القادمة).
كُن قريباً من الفحم والحليب أكثر في المرَّة التي لا شيء بعدها، ولا أحد.
(7)
لا يتَّخذون أيَّة تدابير ضد عاصفة تتخلَّق فيهم (بعد نصرٍ منقوصٍ على الأعداء، وعلى الرَّغم من آخر تنبؤات الطَّقس حسب النَّشرات المناخيَّة في الإذاعة الوطنيَّة).
(8)
يقتتلون، وقطعان الإبل المطرودة من نجٍد إلى سهلٍ تلوك قصص الشَّهامة، والمروءة، وإغاثة الملهوف، ونجدة المحتاج، وإكرام الوفادة، وأخبار مراعي العرب في القرن الحادي والعشرين، وتلك القصص السَّخيفة المرويَّة عن حاتم الطائي (أستثني لازمة الوقوف على الأطلال في المُعَلَّقات الجاهليَّة).
(9)
نحن لا نعلم، لكن الرِّيح (أيضًا) تمضي إلى مكان لا تعلمه.
(10)
ازدحمت الكنائس والمعابد، وهرب الأنبياء من النَّوافذ (وكثيرون في الرِّيش لا يزالون ينتظرون السَّماء).
(11)
نسي الكرسي قانون الرَّفس عند الموت، فصار يبتسم بفتور كلما صار عرشًا جديدًا.
(12)
يتَّسع ما تبقى من العمر لخطيئة أخرى (وأنا خائف، ليس للمرَّة الأولى، بل للمرَّة الأخيرة).
(13)
فليطمئنوا ولتقَرَّ عينك: الموت يمضي قُبالتك (من خلفهم، ومن أمامهم، وقد جعل التَّاريخ سدَّاً).
(14)
تعالي نُقَشِّر النار؛ هَلُمِّي نختصر الصُّوْر.
(15)
لم يبدأ اليوم، ولستُ في وارد حصاد البارحة.
(16)
كأن في حلوقهم الطَّير، وعلى رؤوسهم الطَّير، وكأن الطَّير في حجرتك.
(17)
أعيش في النَّار، وأستدرج الأصل الذي عندي من الصُّورة التي لديكم.
(18)
يَرْشُونَهم بالتَّيَمُّم بعد سرقة الآبار.
(19)
أموتُ في التِّذكار (الغيلة، كلمة أخرى ومناسبة قادمة).
(20)
يهلكون في القوائم (ويُبعثون في القائمة القادمة).
(21)
كلُّ هذا الحديد الذي في غرفة النَّوم، وفي كلِّ اقتباس من الشِّعر والذِّكريات.
(22)
معلومٌ هنا أن القَتَلَةَ مبنيُّون للمجهول.
(23)
وا أسفاه، يهدر هذا الميّت كل وقته في الزِّيارات.
(24)
يبدو أفقيّا في الحياة أمام النَّاظرين، عموديٌّ في الكتابة قبالة من لا ينظر، ولا ينتظر.
(25)
الهلاك يقين، والتبرير هلاك (أو ما ندعوه: الكتابة).
(26)
أنتِ في الأعالي يا أكثر شجرة «شريش» حزنًا في هذا العالم.
(27)
بَحْرٌ بحجم قدمين على عُشبٍ لَدِن، على طينٍ غائر وشفرة مصقولة.
(28)
الدُّمع ليس التَّضحية لأجل القصيدة، بل خسرانها (حتَّى ولو لم يكن ذلك صحيحًا).
(29)
شاطئ مليء بالحصى، وفي كل حصاة ذكرى آبقة من بحَّار لا يزال في درس الغرق.
(30)
الضَّرع والنَّخلة منفى، والثَّدي موت.
(31)
في تلك البلاد صاروا يكرِّرون تاريخ تلك البلاد.
(32)
ألا مرحى، ألف مرحى لهؤلاء الثُّوار؛ فقد أداموا المَلِك وأبقوا على السُّلالة.
(33)
الذين ينسون ويصفحون فيهم مُرَكَّب نقصٍ ما. أما الذين يتذكَّرون ولا ينتقمون ففيهم مُركَّب نقصٍ ما (أيضاً).
(34)
بين عينيك جُثَّة نسر، ومكحلة، وقصيدة غير منشورة.
(35)
يطاردهم السَّراب، ولا يعودون إلى الفَزَّاعات.
(36)
لا أنتِ ولا أنا: لا أُضاعِفُ الغد، لا أقبِّلكِ خلف النَّافذة، لا أحتضنكِ لدى الباب، لا أقول لكِ نكتة بذيئة في السَّيارة، ولا أقرص خصركِ في المطبخ.
(37)
لن يحصل السُّعداء على ما ينقصهم، أبداً.
(38)
يأخذون الصَّريع إلى العريش (وفي الغُسل والتَّكفين لا يفهمون كلام السَّعف).
(39)
لا تقتلُ المسافة الناس. ما يُهِلِكهم هو قلِّتهم في الطَّريق.
(40)
يتمتَّع الأشخاص الذين يتكلمون كثيرًا، ليلًا ونهارًا، بمزارع كبيرة تقع على حافة اللسان والأخدود (بالضبط).
(41)
أستدركُ الدَّراجة الناريَّة (ولا أحب أدوات التَّشبيه).
(42)
القتلُ كلُّ الحب (وهذا قد يكون جوهره).
(43)
العذاب خيرُ استغناء (وينتج من ذلك إلغاء الطُّقوس والبروتوكولات في النهايات).
(44)
يصارعوننا حتَّى على هذا (أولئك الذين سبقونا في الموت).
(45)
لا أقصدكِ في المناجاة، لا أسعى إليكِ في التَّبَتُّل. لا أشتمُّ رائحتكِ في خزانة الثياب أو الحقائب. أراكِ في إرث القمر، في «نجم سهيل»، في بنات الخرافات والأساطير، في انكسار المجاذيف على الأشواق، وفي خنجر الصَّحراء على حنجرة حادي القافلة المتَّجهة إلى قريةٍ في «وادي المُر» (مهد وموطن الذكريات التأسيسيَّة للمترجم والروائي العُماني محمد عيد العريمي) التي ابتلعتها -أي القرية- عن بكرة ذكرياتها، وبالمعنى الحرفي للكلمة، الرِّمال في المنطقة الشَّرقيَّة من عُمان («كان الصَّوت «غناء الرِّمال»، ويسميه العرب زمجرة» (وِلفرِد ثسِجَر، «الرِّمال العربيَّة»).
(46)
الموتُ نشاطٌ (بمعنى: activity).
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الم
إقرأ أيضاً:
نمو نشاط قطاع التصنيع في الصين خلال فبراير
تسارعت وتيرة نمو نشاط قطاع التصنيع في الصين خلال الشهر الماضي، بفضل زيادة الإنتاج والطلبيات، وفقًا للنتائج النهائية لمسح مؤسسة إس أند بي غلوبال الصادرة اليوم الاثنين.
وحسب المسح، ارتفع مؤشر كايشين لمديري مشتريات قطاع التصنيع إلى 50.8 نقطة في فبراير، مقابل 50.1 نقطة في يناير، في حين كانت القراءة الأولية للمؤشر 50.4 نقطة خلال الشهر الماضي.
وتشير قراءة المؤشر فوق 50 نقطة إلى نمو النشاط الاقتصادي في القطاع، بينما تشير القراءة أقل من 50 نقطة إلى انكماشه، بحسب وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).
واستمر المؤشر فوق مستوى 50 نقطة للشهر الخامس على التوالي، مما يعكس تحسنًا طفيفًا في أوضاع تشغيل قطاع التصنيع في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ نوفمبر الماضي.
وسجل المؤشران الفرعيان للإنتاج والطلبيات الجديدة ارتفاعات متزامنة، ليبلغا أعلى مستوياتهما منذ نوفمبر.
وتعكس الزيادة في الطلبيات الجديدة تحسنًا عامًا في الظروف الاقتصادية وإدخال منتجات جديدة. كما ارتفعت أعمال التصدير الجديدة لأول مرة منذ نوفمبر.
وساهم ارتفاع الإنتاج في زيادة نشاط المشتريات، في حين انخفضت مخزونات مستلزمات التصنيع لدى الشركات المصنعة لأول مرة منذ يوليو الماضي.
ورغم تحسن النشاط، استمر تراجع التوظيف في قطاع التصنيع للشهر السادس على التوالي.
وعلى صعيد الأسعار، ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج بنسبة طفيفة، مما أتاح للشركات تقديم خصومات للعملاء، ليستمر تراجع أسعار المنتجات للشهر الثالث على التوالي.