«الكمون النووي».. خيار كوريا الجنوبية الاستراتيجي لردع جارتها الشمالية
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
واشنطن"د. ب. أ": يرى الباحث سيونج هوان كيم أن النقاش بشأن الأسلحة النووية في كوريا الجنوبية تزايد واصبح أكثر أهمية واستقطابا. وتسيطر استراتيجيتان رئيسيتان على المناقشات، تتعلق الأولى بتحقيق ردع مستقل ضد كوريا الشمالية من خلال برنامج نووي مستقل. وقال سيونج هوان كيم، وهو باحث مقيم في واشنطن العاصمة في مؤسسة كوريا وزميل باحث في مؤسسة فانجارد للأبحاث، إن الاستراتيجية الثانية تركز على تقوية المظلة النووية الأمريكية، بما في ذلك إتخاذ إجراءات مثل المشاركة النووية وإعادة نشر أسلحة نووية تكتيكية وتعزيز الردع الممتد.
وأضاف سيونج هوان كيم، الذي عمل في المعهد الاقتصادي الكوري، ومعهد الدراسات الكورية في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أن هذه الاستراتيجية تبلورت أكثر في الخطوط الاسترشادية الأمريكية الكورية المشتركة للردع النووي بشأن التكامل التقليدي - النووي خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن 71% الكوريين الجنوبيين يدعمون تطوير ترسانة نووية محلية،مدفوعين بالمخاوف من القدرات النووية لكوريا الشمالية وتعاونها العسكري المتزايد مع روسيا. وفي الوقت نفسه، يؤيد سياسيون محافظون،مثل الحاكم كيونج وون نا، برنامجا نوويا.ووفقا لوجهة النظر هذه، يتعين على كوريا الجنوبية أن تسلح نفسها بأسلحة نووية لضمان الأمن القومي وللرد على تهديدات محتملة على نحو مستقل. ومع ذلك، هناك معارضة كبيرة حيث يؤيد الكثير من النخب الاستراتيجيين وصناع السياسة تقوية آليات الدفاع والاعتماد على المظلة الأمنية الأمريكية، ويعتقدون أن قدرات كوريا الجنوبية العسكرية التقليدية، مع الدعم الأمريكي، توفر ردعا مناسبا ويحذرون من أن أي تطوير نووي يمكن أن يؤدي إلى عقوبات دولية،ويعرقل التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ويثير سباق تسلح إقليمي.
وفي ظل المناقشات الجارية في كوريا الجنوبية، قال الباحث إنه يقترح خيارا ثالثا، يتمثل في امتلاك تكنولوجيا أكثر قوة لتخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة النووية لزيادة الكمون النووي. ومع نراعاة قدراتها العالية على الردع، يجب على كوريا الجنوبية أن تبحث بشكل جدي تحقيق "كمون نووي" من خلال تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة النووية.
وتابع الباحث أن هذا سوف يسمح لها بتطوير القدرة على انتاج أسلحة نووية بدون القيام بذلك فعليا، وبالتالي عدم انتهاك معاهدة منع الانتشار النووي، وهذه استراتيجية تطبقها اليابان بنجاح.
وبمقدور دول لديها قدرة نووية كامنة محتملة أن تنفذ استراتيجية هجوم مضاد نووي "متأخر"، وهذا يعني أنه إذا ما تم مهاجمة مثل هذه الدولة،فإنها تستطيع شن هجوم نووي في غضون أسابيع أو شهور،وبالتالي،ردع العدوان الأولي. ويتمثل أحد بواعث القلق فيما إذا كانت كوريا الجنوبية مستعدة على نحو مناسب لتحقيق التوازن في علاقاتها بين الولايات المتحدة والصين، مع الوضع في الاعتبار عدم اتساق سياستها الخارجية. واتسم نهج كوريا الجنوبية بالتقلب مع الإدارات المختلفة: حيث تعزز الحكومات المحافظة عادة علاقاتها مع الولايات المتحدة والدول ذات التفكير المماثل. وفي المقابل،تهدف الإدارات التقدمية لتحقيق توازن في العلاقات من خلال تحسين الصلات مع الصين بجانب الحفاظ على التحالف مع الولايات المتحدة والتواصل مع كوريا الشمالية.ويمكن أن يوجد عدم الاتساق هذا تحديات بالنسبة للتخطيط الاستراتيجي على المدى الطويل عند التعامل مع واشنطن.
وإذا تعين على الولايات المتحدة أن تسمح بـ"الكمون النووي "لكوريا الجنوبية، فإن ذلك سيكون مرتبطا بشروط بأن تتبع سياستها الخاصة بالصين. وعلاوة على ذلك، فإن ثقة الجمهور في سياسات الحكومة الكورية الجنوبية اقل من المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية،حيث الخطاب المحلي منقسم بشدة. وفي ظل المشهد السياسي المستقطب بشدة في كوريا الجنوبية،سوف يكون من الصعوبة الشديدة بالنسبة لأي إدارة أن تكسب قبول عامة الشعب لأي سياسات خارجية أو نووية تحويلية. وسمح تعديل اتفاقية التعاون النووي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في عام 2015لكوريا الجنوبية بتخصيب اليورانيوم بأقل من 20% بموافقة الولايات المتحدة بينما لايزال يمنع معالجة الوقود النووي المستنفد أو اليورانيوم عالي التخصيب. ورغم ذلك، فإن هذا غير كاف للحصول على "الكمون النووي"، مع مراعاة أن تخصيبا بنسبة 90% أمر ضروري للحصول على يورانيوم يستخدم في صنع أسلحة. وبالتالي، سيكون من الضروري تعديل الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لزيادة التخصيب إلى أكثر من 20%.
وفي الوقت نفسه، من أجل ضمان أن تمضي المفاوضات مع الولايات المتحدة بشكل سلس، فإن من المهم مواصلة بناء الثقة الثنائية من خلال زيادة الشفافية والتمسك بالمعايير الدولية. ويعد نهج اليابان على مدار 15إلى 20 عاما، والذي تميز بزيادة الشفافية والتحسينات المتواصلة في التكنولوجيا النووية، نموذجا قيما بالنسبة لكوريا الجنوبية. وبمقدور سول أيضا تطبيق ذلك بإتباع المعلومات وتحديثها من خلال المجموعة الاستشارية النووية الكورية الأمريكية ونموذج البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبوصفها دولة تعطي أولوية لمنع الانتشار النووي، لدى الولايات المتحدة بالفعل أسبابا وجيهة لرفض طلب كوريا الجنوبية. مع ذلك ـ تمثل التوترات الجيوسياسية الحالية تحديات للوضع الراهن الذي تدعمه الولايات المتحدة.
ويشير التقرير السنوي لوزارة الدفاع الأمريكية لعام 2023بشأن القوة العسكرية الصينية إلى أن جهود الصين الحالية للتحديث النووي "تفوق محاولات سابقة من حيث الحجم والتعقيد". وبينما لا يزال مسار التحديث النووي من جانب الصين موضوعا لمناقشة مستمرة، فإنه مما لا شك فيه أن توسعه الكمي والكيفي يزيد تعقيد أي تهديد نووي. وبسبب هذه التهديدات النووية الناشئة،إضافة إلى التعاون العسكري بين كوريا الشمالية وروسيا، تزداد حاجة الولايات المتحدة لاستراتيجية ردع نووي جديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وهنا يأتي التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة. ويمكن أن يعزز الكمون النووي لكوريا الجنوبية تحالفها مع الولايات المتحدة من خلال إضافة العمق الاستراتيجي وضمان قدرات الردع المستقلة.
ولا يعزز هذا فحسب وضع الردع الشامل ضد كوريا الشمالية والتهديدات النووية المحتملة من جانب أعداء الولايات المتحدة، بل يظهر أيضا أن كوريا الجنوبية غير معتمدة تماما على الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأمن، وبالتالي المشاركة في تحمل عبء الدفاع الإقليمي.
واختتم سيونج هوان كيم تقريره بالقول إن تبني استراتيجية طويلة المدى بشأن قدرة التخصيب وإعادة المعالجة النووية سوف يفيد بشكل كبير كوريا الجنوبية في بناء ثقة ثنائية ودولية في كمونها النووي، مع تعظيم مصالحها الأمنية القومية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مع الولایات المتحدة لکوریا الجنوبیة کوریا الجنوبیة کوریا الشمالیة من خلال
إقرأ أيضاً:
السبكي يبحث مع سفير كوريا الجنوبية تعزيز التعاون بمجالات الرعاية الصحية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
التقى الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، بالسفير كيم يونج هيون، سفير كوريا الجنوبية لدى مصر، بمقر الهيئة الرئيسي بالقاهرة، لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية، بما يسهم في تطوير الخدمات الصحية المقدمة تحت مظلة التأمين الصحي الشامل.
وأكد الدكتور أحمد السبكي أن اللقاء شهد مناقشات حول إقامة شراكة استراتيجية مع الهيئة الكورية للتغطية الصحية (NHI) لتبادل الخبرات في الأنظمة العلاجية والتأمينية، بالإضافة إلى بحث سبل ربط هيئة الرعاية الصحية بمدينة سامسونج الطبية لتبادل المعرفة في إدارة المستشفيات والتكنولوجيا الطبية، إلى جانب تطوير النظم الصحية والتدريب الطبي.
وأوضح الدكتور السبكي، أنه سيتم تنظيم مائدة مستديرة لاستكشاف فرص التعاون المشترك في توطين الأجهزة الطبية وفقًا للاحتياجات الفعلية للسوق، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية والتعاون مع القطاع الخاص الكوري المهتم بالاستثمار في مصر، كما كشف عن زيارة مرتقبة لوفد استثماري كوري في سبتمبر المقبل، حيث ستستقبلهم الهيئة وتنظم لهم جولة تعريفية في المنشآت الصحية بالمحافظات التي يُطبق بها نظام التأمين الصحي الشامل.
وأشار الدكتور السبكي إلى أن التعاون مع الجانب الكوري سيتضمن نقل الخبرات في مجالات الذكاء الاصطناعي وتطوير أنظمة المستشفيات الافتراضية من خلال إنشاء منصة تكنولوجية متقدمة، مما يسهم في تحسين إمكانية وصول المواطنين إلى خدمات الرعاية الصحية وتعزيز جودة تقديم الخدمات الطبية عبر حلول تكنولوجية متطورة.
كما أوضح رئيس هيئة الرعاية الصحية، أن اللقاء تناول سبل التعاون في مجال إدارة النفايات الطبية وتعزيز التحول الأخضر في الرعاية الصحية وفق المعايير البيئية المستدامة، مما يسهم في تحقيق الاستدامة البيئية بالقطاع الصحي ويدعم رؤية مصر للتحول نحو نظام صحي أكثر استدامة.
وأضاف الدكتور السبكي، أن اللقاء ناقش تعزيز التعاون مع الوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA) في مجالات إدارة الأزمات والطوارئ الصحية، وتطوير جودة خدمات الطوارئ الطبية، من خلال برامج تدريبية متخصصة للكوادر الصحية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يعزز الدور الوطني للهيئة العامة للرعاية الصحية في تقديم خدمات طبية عالية المستوى للمواطنين، إلى جانب دعم الخدمات الصحية المقدمة للاجئين والمستضافين على أرض مصر في المحافظات التي يُطبق بها النظام.
وأعرب السفير كيم يونج هيون عن تقديره للتعاون القائم مع الهيئة العامة للرعاية الصحية، مؤكدًا دعم بلاده لتوسيع آفاق الشراكة مع مصر في مختلف مجالات الرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية، وتعزيز جودة الخدمات بما يسهم في دعم الابتكار في الخدمات الطبية، وتبادل الخبرات، وبناء شراكات مستدامة بين البلدين.
وحضر اللقاء من جانب الهيئة العامة للرعاية الصحية، كل من: الدكتور مجدي بكر، مستشار رئيس الهيئة للشؤون الفنية والحوكمة الإكلينيكية، الدكتور أحمد حماد، مستشار رئيس الهيئة للسياسات والنظم الصحية ومدير عام الإدارة العامة للمكتب الفني لرئيس الهيئة، الدكتورة ريهام سلامة الشناوي، مدير عام الإدارة العامة للتعاون الدولي، والدكتور مازن علاء الدين، المشرف العام على منظمات التنمية الدولية ومساعد مدير عام الإدارة العامة للتعاون الدولي.
IMG-20250305-WA0024 IMG-20250305-WA0025 IMG-20250305-WA0023 IMG-20250305-WA0026