جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-17@00:01:01 GMT

إعادة النظر في النظريات الاقتصادية

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

إعادة النظر في النظريات الاقتصادية

 

محمد بن أنور البلوشي

قراءة السطر الأول من المقدمة تقول: "في 17 مارس 1883، حضر جنازة كارل ماركس أحد عشر مشيعًا فقط"، والكتاب الذي يتحدث عن كارل ماركس، من تأليف فرانسيس وين، ويستعرض حياة هذا المفكر العظيم.

وبما أن القراءة أثناء شرب الشاي، تُعزِّز اهتمامي بالقراءة، فقد طلبت "شاي كرك" على الفور؛ حيث كنتُ جالسًا، لكي أتمكن من إنهاء المقدمة والفصل الأول من الكتاب.

أصبح "شاي كرك" شائعًا جدًا في عُمان وأجزاء أخرى من دول الخليج. في الأصل، نشأ في دولة قطر الشقيقة، ثم تم تحضيره هناك قبل أن ينتشر إلى دول الخليج الأخرى على حسب معلوماتي.

"ماذا تقرأ ومن هو في الصورة؟"، سألني الطفل الصغير وهو ينهج. بينما كنت أقرأ الكتاب، طلب هو وشقيقته السندويشات وبدأوا بطرح الأسئلة علي. فأجبت: "إنه كارل ماركس."، فقال الطفل بدهشة: "كارل ماركس!" في تلك اللحظة، فوجئت أيضًا. لم يسبق لي أن سُئلت هذا النوع من الأسئلة من طفل في عمره من قبل.

"أخبرنا ماذا فعل كارل ماركس؟"، طلبت شقيقته بإصرار على أن أشاركهم بعض المعلومات عنه، وقالت "أنا في الصف السابع وأود أن أعرف المزيد عنه"،. لكنني لم أتمكن من الإجابة بشكل كافٍ لأنني لم أكن قد قرأت حتى الجملة الثانية من المقدمة. غير أني تمكنت من مشاركة بعض المعلومات عن كارل ماركس التي قرأتها وعرفتها سابقًا. قلت للفتاة الصغيرة: "كان فيلسوفًا، اقتصاديًا، ومفكرًا".

لم أدخل في تفاصيل حياة كارل ماركس، مثل أين وُلد وأين تُوفي. في الواقع، لم أخبر الأطفال عن هوايات كارل ماركس عندما كان طفلًا؛ حيث يحب الأطفال سماع مثل هذه القصص.

في تلك اللحظة، لم أتمكن من متابعة قراءة الفصل الأول من كتاب كارل ماركس كما خططت. لقد انتهيت فقط من قراءة المقدمة.

أثناء قراءة الكتاب، أخذت لحظة للتفكير في الطفل الصغير. لقد جذبني بلغة جسده. وضع يدًا واحدة على طاولة "المقهى" والأخرى في الهواء، وبدأ الحديث معي قبل أن يحرك شفتيه.

فتح فمه ليتحدث، وكان يبدو كطائر يطير بلا حدود. بمعنى آخر، لقد أثار إعجابي بشجاعته في طرح الأسئلة. كان يبدو أنيقًا في سروال قصير أحمر وقميص.

ذكّرني زيه الكروي بطفولتي عندما كنت ألعب كرة القدم ثم أذهب إلى المقاهي المحلية في "وادي البحائص" لشراء "بيبسي وبسكويت نبيل". ماركة بسكويت نبيل معروفة جيدًا في عُمان.

في مقدمة الكتاب، على الصفحة الثانية، قرأت القصيدة التالية:

"من يحمل إنجيلًا

ليطلقه على البشر،

رغم أنه يخدمه تمامًا

بجسده، روحه وعقله

رغم أنه يذهب إلى الجلجثة

يوميًا من أجل مكسبه

إنه تلميذه

سيجعل عمله عبثًا"

بينما كنت أحاول فهم معنى هذه القصيدة، قاطعتني الفتاة الصغيرة بسؤال جديد عنها. رغم أننا في عصر المعلومات والتكنولوجيا الذي ينشغل فيه معظم الأطفال في مثل هذا العمر بـ"الهواتف المحمولة" والألعاب، يظهر هذا الطفل الصغير وأخته اهتمامًا كبيرًا بالكتب.

يبدو أن الاقتصاد العالمي غير مستقر ومخيف، لذلك ينبغي إعادة النظر في مثل هذه النظريات الاقتصادية التي طرحها كارل ماركس وتطبيقها. يجب اتخاذ القرارات الاقتصادية بطريقة مناسبة حتى لا يستمر الاقتصاد العالمي في الاتجاه الخاطئ.

انتقاد الرأسمالية وعيوبها كان أحد الموضوعات الرئيسية في نظرياته. وفقًا لكارل ماركس، فإن النظام الرأسمالي سيدمر نفسه في النهاية.

نشهد يوميًا كيف يزداد الأثرياء ثراءً، بينما يزداد الفقراء فقرًا تحت النظام الرأسمالي. سيستمر هذا الاتجاه ما لم يُعاد تقييم النظام ويُعاد توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة في المجتمع.

ما هي أهمية تعاليم ونظريات كارل ماركس في سياق الاقتصاد العالمي اليوم؟

ماركس قدم إطارًا لفهم الصراع بين الطبقات الاجتماعية، خاصة بين الطبقة الرأسمالية (البرجوازية) والطبقة العاملة (البروليتاريا). هذا التحليل لا يزال يُستخدم لتفسير التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية التي نراها اليوم؛ حيث تزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وهذا ما نسمي "تحليل الصراع الطبقي".

باختصار.. نظريات كارل ماركس توفر إطارًا نقديًا قويًا لفهم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العالم اليوم، وهي بمثابة مرجع مُهِم للنقاش حول الإصلاحات الاقتصادية والبحث عن نظم أكثر عدالة واستدامة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قراءة في ملف الاغتيالات الإسرائيلية

برغم أن ملف الاغتيال والقتل خارج القانون والاستهداف الانتقائي كلها من أساليب نظام الاحتلال، إلا أن بعض حالات القتل تتميز بفظاعتها من جهة وردود فعل بعض الجهات أو الدول من جهة ثانية.
وقد أصبح واضحا أن عيون العالم لا تذرف دموعها للقتل اليومي الذي يحصد أرواح المدنيين بشكل مكشوف خصوصا خلال العام الأخير. مع ذلك تحدث ضجة حين يكون الاستهداف وقحًا وفظًّا ويحمل سمات التحدي للجهات أو الدول التي ينتمي إليها الضحية. وقد جاء قتل الناشطة التركية الأمريكية، عائشة نور إزجي البالغة من العمر 26 عاما ليحرّك مشاعر الحكومة التركية نظرا لما فيه من تحدٍّ واستهتار.

ولكن السؤال: هل ستفعل تركيا شيئا؟ لم تكن الضحية عنصرا قياديا في مقاومة الاحتلال، ولكن مشاعرها الإنسانية دفعتها للمشاركة في احتجاج ضد التوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية.

واعتبرت وزارة الخارجية التركية أن عائشة «استُهدفت وقُتلت عمدا على يد جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية تضامنا مع الفلسطينيين».

الواضح أن القتل كان عملية اغتيال ميدانية، ولذلك فهي جريمة تقع ضمن «القتل خارج القانون».
والسؤال هنا: هل تمارس سلطات الاحتلال سياساتها ضمن القانون الدولي؟ أم أن الاحتلال نفسه ليس له صفة قانونية؟ ألا تعتبر الأمم المتحدة أن الوجود الإسرائيلي في الأراضي التي احتلت في العام 1967 غير قانوني؟ ولكن في عالم ليس فيه من يحمي القانون استمر احتلال تلك الأراضي قرابة العقود الستة ولا يلوح في الأفق احتمال إنهاء «إسرائيل» احتلال الضفة الغربية وغزة.

القتل أقسى ما يمكن أن يمارسه إنسان بحق آخر. ومنذ القدم كان البشر يتحدثون عن أن الإعدام هو عقوبة القتل. وجاء في شرائع الأمم السابقة «العين بالعين، والسن بالسن» حسب التعبير القرآني. والهدف من التشدد في العقوبة الردع عن إزهاق الأرواح وقتل الأنفس البريئة. ولكن التجربة البشرية تشير إلى أن الشر لا تردعه العقوبة حتى لو كانت الإعدام. هذا يؤكد قوة الشر وهيمنته على النفس الإنسانية، وضعف إرادة البعض أمام ما تعتبره «استفزازا» أو دفاعا عن النفس أو تصديا للآخر المناوئ.

 ومن الضروري التأكيد على أن القتل ليس ممارسة محبّبة لدى أغلبية البشر، فهو ممارسة مقززة تخافها النفوس الطيّبة ولا يقدم عليها ذوو العقل الراجح والأخلاق السامية. وقد حرّم الله الاعتداء على النفس فاعتبر قتل نفس واحدة بمثابة قتل الناس جميعا: من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا. إنه التشريع السماوي الهادف لكبح النزوات الشيطانية واستبدالها بنوازع الخير والصلاح. فما أحلى الحياة حين يسود الحب والتفاهم والإخاء والرأفة، وما أقساها إذا استحوذ الشيطان على النفوس وعاث في الأرض فسادا بانتشار ثقافة الانتقام والتشفّي خارج القانون.

وتجدر الإشارة إلى أن القانون وحده لا يكفي لردع البشر عن ارتكاب الموبقات. وتقل قوته الردعية حين يتجرّد الحاكم من إنسانيته ويستبدلها بالقسوة والعنف. يضاف إلى ذلك أن غياب الخوف من ردة الفعل والقدرة على إنفاذ حكم القانون يشجع ذوي السلطة على ارتكاب الفظاعات بحق البشر. وهذا ما يحدث في الأراضي المحتلة. وما قتل الشابة المذكورة إلا تأكيد لذلك.

هل غريب أن يُقتل أكثر من 41 ألفا من الفلسطينيين أمام مرأى العالم ومسمعه. هذا العدد لم يُقتل دفعة واحدة في يوم واحد، بل على مدى أحد عشر شهرا ضمن حملة عسكرية متواصلة لم يمتلك «العالم الحر» الجرأة أو الشجاعة أو الإنسانية للدعوة لوقفها
صحيح أن الحكومة التركية تعهدت بإجراءات ضد كيان الاحتلال، ولكن ليس ورادا أن يكون هناك رد فاعل ورادع حقا. ألم تقتل القوات الإسرائيلية في مايو 2010 عشرة من الأتراك الذين كانوا على ظهر سفينة «مرمرة» التي كانت تسعى لكسر الحصار على غزة؟ كان هناك احتجاج كبير ولكن لم يدفع المعتدون فاتورة جريمة قتل الأبرياء.
عندما استهدفت القوات الإسرائيلية الشابة الأمريكية راتشيل كوري في مارس 2003 وقتلتها عمدا، تجاهلت الحكومة الأمريكية تلك الجريمة ولم تتعرض قوات الاحتلال لرد حقيقي. كانت الشابة التي لم تكمل الرابعة والعشرين من العمر تحاول وقف جرافة عسكرية تابعة للقوات الإسرائيلية كانت تقوم بهدم مبان مدنية للفلسطينيين في مدينة رفح بقطاع غزة. وكان بإمكان سائق الجرّافة التوقف عندما اعترضت الشابة المتعاطفة مع القضية الفلسطينية طريقها، ولكنه لم يفعل، بل قتلها أمام كاميرات التصوير. يومها حدثت ضجة كبرى لما اعتبر «إعداما» وقع خارج القانون، واعتقد البعض أن أمريكا سوف تتخذ إجراءات ضد القتلة، ولكن لم يحدث شيء. الحديث هنا يدور حول مواطنة أمريكية مارست حقها في الاحتجاج السلمي ودفعت حياتها ثمنا لذلك على أيدي حليف مقرّب من أمريكا التي تدعمه بالمال والسلاح وتصر على ضمان أمنه وتفوقه العسكري على الجانب العربي.

فماذا يعني ذلك؟ أليس ذلك الموقف تشجيعا على ارتكاب المزيد من القتل خارج القانون؟ هل غريب بعد ذلك أن يُقتل أكثر من 41 ألفا من الفلسطينيين أمام مرأى العالم ومسمعه. هذا العدد لم يُقتل دفعة واحدة في يوم واحد، بل على مدى أحد عشر شهرا ضمن حملة عسكرية متواصلة لم يمتلك «العالم الحر» الجرأة أو الشجاعة أو الإنسانية للدعوة لوقفها. ما معنى ان يصمت إنسان أو حكومة أو مجتمع أو عالم على القتل الجماعي لآلاف المدنيين بشكل متواصل لم يتوقف يوما؟ كيف يمكن الحفاظ على أمن الكوكب وشعوبه من العقليات الشغوفة بالقتل والمصرّة على الانتقام بأبشع الأساليب؟

على مدى ثلاثة أرباع القرن لم تتوقف آلة الموت الإسرائيلية عن استهداف أهل فلسطين وكل من يمارس دورا ولو كان سياسيا لوقف عملها. هذه الآلة وسّعت نطاق عملها لتطال اغتيالاتها رموزا سياسية خارج حدود فلسطين، شملت لبنان والأردن ومصر والعراق وتونس ومالطا وسواها. تم ذلك تحت شعار «الدفاع عن النفس» الذي رفعته قوات الاحتلال. وكرّر المسؤولون الأمريكيون والغربية ذلك الشعار بدون توقف، حتى بدا أن تكراره تبرير للقتل الجماعي الذي تمارسه قوات الاحتلال والاغتيالات خارج الحدود والقتل خارج القانون في كل مكان.

أهذا هو الشرق الأوسط الذي يتحدث البعض عن مشاريع لحماية أمنه بمشاركة إسرائيلية؟ فإذا كان الناس لا يأمنون على أنفسهم من الاعتداءات الإسرائيلية فما الأمن الذي يتوقعونه؟ إذا كان الفلسطيني مهددا بفقد حياته وتصفية عائلته وهدم منزله في أية لحظة بدون تردد، فكيف يستطيع منح محتليه الثقة بإمكان التعايش الآمن على أرض فلسطين؟ هل هناك اليوم شعب يعاني من الاحتلال والتصفية وفقدان الأمن وتكالب الغربيين عليه كما هم أهل فلسطين؟

لقد أصبحت مشاهد الشباب والأطفال الذين هم في عمر الزهور وقد مزقت آلة العدوان الإسرائيلية أشلاءهم بدون رحمة منظرا مألوفا يحدث كل يوم، وتتناقه وسائل التواصل الاجتماعي، حتى فقد تأثيره على النفوس لكثرة تكرره. وربما يكون ذلك ضمن سياسة إسرائيلية لتطبيع النفوس على التعايش مع القتل الجماعي والمشاهد المروّعة. فلو حدث واحد من تلك الجرائم في بلد آخر لاهتز العالم لفظاعتها، ولكن نظرا لتكررها في فلسطين لم تعد قادرة على تحريك المشاعر وشحذ همم النشطاء للعمل لوقف العدوان المتواصل. إنها إزمة أخلاقية من شأنها أن تضعف المشاعر الإنسانية إزاء الكوارث والمآسي، والأحاسيس التي تعتبر ضرورة لتوجيه السلوك الإنساني.

وهكذا أصبحت مشاهد الدم التي تراق في غزّة غير ذات أثر على السياسين وكذلك البشر العاديين، لغزارتها، كما أصبح عويل الأمهات لفقد أبنائهن لا يحرّك مشاعر الأسى في النفوس. فليس الغربيون وحدهم الذين توقفت أحاسيسهم عن إدراك معاناة أهل فلسطين، بل العرب والمسلمون وصلوا إلى هذا المستوى من البرود في المشاعر، حتى توقفت أساليب الاحتجاج التي كانت من قبل مؤشرا للتفاعل مع قضية فلسطين.

فأين هي التظاهرات الداعمة لغزة والضاغطة على الأنظمة ليس لوقف التطبيع فحسب، بل لدفع الحكومات لعمل شيء ما لحماية الأطفال والنساء والدفاع عن حق الحياة الذي تخلّت عنه قوات الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العراقي ينهي قراءة قانون العفو العام ويرفع جلسته ليوم غد
  • «الحرية المصري» يرحب بدعوة الحوار الوطني بشأن مناقشة قانون الإجراءات الجنائية
  • تجار السيارات يطالبون بإعادة النظر بقرار رفع الضريبة على المركبات الكهربائية
  • قراءة في ملف الاغتيالات الإسرائيلية
  • حراك المعلمين المتعاقدين تواصل مع الحلبي ومدير التعليم الثانوي وتمنى عليهما إعادة النظر بقرار فسخ العقود
  • المسيحيون ينددون بقرار تجريدهم منصب محلي في كركوك ويطالبون بإعادة النظر فيه
  • غدا.. النظر في استئناف المتهم بـ خطف «فتاة مدينة نصر»
  • مؤسسة بيت الفن الحضرمي للتنمية الثقافية تختتم دورة علم النظريات العامة للموسيقى بحفل ختامي وتكريمي بالمكلا
  • كيت وينسلت: نجاح "تايتانيك" لم يكن إيجابياً بحتاً
  • قراءة في صور وجوه المرشحين