لماذا يصر بنموسى على إقصاء من تجاوزوا الثلاثين من اجتياز مباريات التعليم؟
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
لم يعد أحد اليوم يجادل في أن قرار وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، القاضي بعدم السماح لمن تجاوز سن الثلاثين من العمر بالترشح لاجتياز مباراة توظيف الأساتذة، أصبح شرطا أساسيا ضمن الشروط التي تندرج في إطار "إصلاح المنظومة التعليمية"، التي لم يعد حالها يعجب أحدا.
وبعيدا عما خلفه القرار السالف الذكر من استياء عميق خاصة في أوساط آلاف الشباب خريجي الجامعات المغربية وأسرهم، الذين لم يسعفهم الحظ في إيجاد فرص عمل مناسبة، تخرجهم من غياهب البطالة، فإن ما يحز في النفس كثيرا أنه وفي ظل تزايد أعداد الأطر التربوية المحالة على التقاعد حد السن وكذا التقاعد النسبي سنويا، وما يترتب عن ذلك من نقص حاد في الموارد البشرية، وتفاقم إشكالية الاكتظاظ في الفصول الدراسية، مما يحول دون توفير الشروط التربوية اللازمة من أجل النهوض بمستوى تلاميذ المدرسة العمومية إسوة بزملائهم في مؤسسات التعليم الخصوصي.
ذلك أن شكيب بنموس مهندس النموذج التنموي الجديد والوزير الوصي على قطاع التربية الوطنية، يعلم أكثر من غيره أن اللجوء إلى التوظيف بالتعاقد، لن يكون كافيا أمام الكم الهائل من الخصاص في مواجهة إشكالية الاكتظاظ التي ما انفكت تتفاقم بالمؤسسات التعليمية التابعة للقطاع العمومي، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة تكرار التلاميذ التي بلغت إلى حوالي 40 في المائة بالنسبة لبعض المؤسسات حتى في المدن الكبرى من قبيل الدار البيضاء ومراكش وغيرهما، حيث يبلغ معدل تلاميذ الفصل الواحد قرابة 50 تلميذا، وهو ما يساهم في تعميق الأزمة وتعقيد المهمة التربوية لنساء ورجال التعليم، الذين لا يتوانون عن القيام بواجبهم على الوجه الأمثل ويبذلون قصارى جهدهم لتبليغ رسالتهم التربوية إلى تلامذتهم في مختلف الأسلاك التعليمية.
ويعلم أيضا أن تقريرا صادرا عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي سبق أن شدد منذ حوالي أزيد من خمس سنوات على ضرورة توفر المدرس على تكوين ذي جودة عالية، وكشف آنذاك عن كون التلاميذ الذين يستفيد مدرسوهم من تكوينات مستمرة قبل الالتحاق بمهنة التدريس، يكون أداؤهم أفضل بكثير من باقي التلاميذ. وأن القطع مع التكوين في المراكز الجهوية للتربية والتكوين، شكل خسارة كبرى لمنظومة التعليم، ولاسيما بعد أن تم الاقتصار في تكوين المتعاقدين من الأطر على بعض التدريبات والدروس النظرية فقط، وهو الأمر الذي أثار في حينه جدلا واسعا على مستوى جودة المتعلمين والارتقاء بالمنظومة التربوية...
بيد أن الوزير بنموسى يبدو "تائها" في عديد المناسبات، مما يزيد من تعميق أزمة التعليم في بلادنا. إذ طالما استغرب الكثير من الفاعلين والمهتمين بالشأن التربوي ومعهم عدد من نواب الأمة في الأغلبية والمعارضة على حد سواء، ليس فقط من تماديه في غض الطرف عن ملف الأساتذة الموقوفين منذ ثمانية شهور بدون أجور ولا يستفيدون وأسرهم من حق التغطية الصحية، رغم مثولهم أمام المجالس التأديبية، لا لشيء سوى لانخراطهم في تلك الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية، التي دعت إليها التنسيقيات الوطنية وشلت الدراسة في مؤسسات التعليم العمومي بجميع ربوع المملكة لمدة تزيد عن ثلاثة شهور، معلنين إلى جانب زميلاتهم وزملائهم عن رفضهم البات للنظام الأساسي المجحف وغير المنصف، الذي جاء دون تطلعات نساء ورجال التعليم، وأصبح يعرف بينهم ب"نظام المآسي" قبل إجباره على التراجع عنه بعد تدخل رئيس الحكومة عزيز أخنوش على الخط.
بل هناك كذلك ملف آخر لا يقل أهمية عن باقي الملفات الحارقة، وهو الذي يتعلق بفئة من خريجي المدارس العليا للأساتذة وكلية علوم التربية من الحاصلين على الإجازة في التربية والإجازة المهنية في المسالك الجامعية، وهم فئة قليلة لا يتعدى عددهم 85 خريجا، ما انفكوا ينتظرون أن ينظر وزير التربية الوطنية بكثير من العدل والإنصاف ودون تشنج أو تعنت، من خلال تجاوز شرط السن ولو بصفة استثنائية، وهو الشرط الذي بات يشكل حائلا دون مشاركتهم في مباراة ولوج مهنة التدريس، علما أنهم تخرجوا قبل إقرار شرط السن، والأكثر من ذلك أنهكم خضعوا لانتقاء أولي وامتحان كتابي وآخر شفوي واستفادوا من تكوين معمق وذي فاعلية في مجالات علوم التربية والتدريس ومناهج البحث التربوي وتطبيقاته، وعلوم التكنولوجيا والتواصل والإعلام واللغات والتنشيط التربوي والتشريع وغيره من المواد حسب التخصصات.
وإذا كان وزير التربية الوطنية ومعه رئيس الحكومة يؤمنان فعلا بأن مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار، فلماذا يتم حرمانه من مثل هذه الفئة من الخريجين الذين يبدون أكثر حماسا للعطاء المثمر، وعلى استعداد تام لتقديم ما يلزم من إضافة نوعية والإسهام بفعالية في تكريس الجودة المنشودة، والنهوض بمستوى تلاميذ الفصول الدراسية المسندة إليهم، ولاسيما أن الأمر لا يتطلب أكثر من إعفائهم استثناء من شرط السن على غرار إعفائهم من الانتقاء الأولي؟
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: التربیة الوطنیة
إقرأ أيضاً:
وفد طلابي كرواتي يطلع على التجربة التربوية والثقافية بالداخلية
زار اليوم وفد تربوي مكون من مشرفين ومعلمين وطلبة من المدارس المنتسبة لليونسكو بالجمهورية الكرواتية الصديقة تعليمية الداخلية. وتأتي هذه الزيارة التي تستمر حتى ٢٧ فبراير في إطار برنامج التوأمة الذي تقيمه مدارس سلطنة عمان المنتسبة لليونسكو مع نظيراتها في الدول الشقيقة والصديقة، والذي يتم تنفيذه عبر تقنية الاتصال المرئي.
كان الوفد برئاسة ساشا سكينيزيك، رئيس القطاع المستقل للشؤون الأوروبية والتعاون الدولي بوزارة العلوم والتعليم، وتأتي الزيارة بهدف التعرف على الثقافة العمانية، واكتشاف المواقع العمانية الأثرية والتاريخية، وزيارة المدارس المنتسبة لليونسكو للاطلاع عن قرب على أنشطتها وفعالياتها وحضور بعض الحصص الدراسية.
رافق الوفد عبدالله بن محمد الهنائي، رئيس قسم التنسيق والمتابعة. وابتدأت الزيارة بمركز العلوم والتكنولوجيا بتعليمية الداخلية، حيث تم تقديم نبذة تعريفية عن مركز العلوم والتكنولوجيا بنزوى الذي يضم 11 قاعة ومختبرًا تم إنشاؤها بدعم من شركات ومؤسسات القطاع الخاص، منها مختبر الروبوت، وقاعة المخترع الصغير، ومختبر نظام التعليم التفاعلي، وقاعة تقنية النانو، وقاعة الذكاء الاصطناعي، وقاعة السينما التعليمية 7D، وقاعة الاستوديو التعليمي، وقاعة الطاقة المتجددة، ومختبر الأمن السيبراني، ومختبر نظم المعلومات الجغرافية، ومختبر النمذجة.
وقدم المدربون شرحًا وافيًا عن المركز، وأهم الأنشطة والبرامج التي يقدمها للطلاب والزائرين، ودوره في نشر برامج العلوم والتكنولوجيا ومضامين الثورة الصناعية الرابعة، بالإضافة إلى التعريف بالجهود والأدوار التي يقوم بها المركز لخدمة أولياء الأمور ومختلف شرائح المجتمع في الجوانب العلمية والتقنية، مع استعراض الفعاليات والبرامج المجتمعية التي يقوم بها بين فترة وأخرى، واستعراض أعداد المستفيدين من أنشطته منذ افتتاحه ومراحل تطويره.
ولأهمية هذه الزيارة في تبادل الخبرات التربوية والثقافية بين الجانبين، قام الوفد كذلك بزيارة إلى مدرسة بلعرب بن سلطان (10-12) بولاية بهلا باعتبارها إحدى المدارس المنتسبة لشبكة مدارس اليونسكو.
وعند وصول الوفد إلى المدرسة، كان في استقبالهم هلال بن عبدالله العلوي، المدير العام المساعد بتعليمية الداخلية، ومحمد بن عدي العبري، مدير المدرسة، وإسحاق المفرجي، منسق المدرسة لدى اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، حيث تم تعريف الوفد الزائر بالفعالية التي تقيمها المدرسة وتفعيل البرامج والخطط التي تقرها منظمة اليونسكو والتواصل مع الهيئات والمنظمات.
بعد ذلك، قدم الطلبة المدرسة عرضًا مصورًا بالإنجازات والفعاليات التي قامت بها المدرسة ممثلين الطلاب وطاقمها، وناقش الوفد الزائر الطلاب عن مدى تفاعلهم مع برامج اليونسكو.
كما قدمت فرقة مدرسة بلعرب بن سلطان للفنون الشعبية وفرقة فرسان بلعرب والفرقة الكشفية بالمدرسة فقرات إنشادية وفولكلورية.
عقب ذلك، قام الوفد الزائر بجولة في أروقة مركز بلعرب لتنمية مهارات المستقبل، وهو مركز مختص بتدريب الطلاب على مهارات لها دور كبير في صقل شخصية الطالب وتهيئته للمستقبل، ويشرف عليه أخصائيو التوجيه المهني بالمدرسة. كما تم عرض مجموعة من الشركات الطلابية بالمدرسة.
بعدها، قام الوفد بزيارة إلى قاعة واحة بهلا؛ وهي قاعة خاصة بالمدرسة تحت مسمى القرية المستدامة، حيث تُعد الواحة تجسيدًا مصغرًا لواحة بهلا التي أدرجت في قائمة التراث عام 1987، التي تحتوي على القلعة والسور والسوق التقليدي والصناعات التقليدية. وتم عرض داخل قاعة الواحة نماذج وبعض من هوايات ومهارات وأعمال الطلبة وهم يجسدون بعض معاني الواحة مثل صناعة الفخار والنقش على الجلود والرسم عليها، وكذلك اطلعوا على بعض الابتكارات العلمية.
كما اطلع الوفد الزائر على مشروع المرشد السياحي الناشئ الذي يرشد السائحين إلى واحة بهلا باللغات الثلاث العربية والإنجليزية واليابانية، بالتعاون مع اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم.
وتعرف أعضاء الوفد الطلابي الكرواتي على أعمال الطلبة الفنية من إنتاجات دروس مادة الفنون التشكيلية، واطلعوا عن قرب على الطرق والوسائل التعليمية المعينة بالإضافة إلى إدخال عنصر التقانة في تأدية الدروس، كما اطلعوا على الأنشطة الصفية و اللاصفية التي تُنفذ داخل القاعات الدراسية. واختتم الوفد زيارته بزيارة إلى مشتل المدرسة، حيث تعرفوا على تجربة المدرسة في زراعة القهوة.