سلطت مجلة إيكونوميست البريطانية، في تقرير جديد، الضوء على تقييد الصين لحرية المعلومات، خلال العقد الماضي، وتأثير ذلك على مستقبل البلاد.

وقالت الصحيفة تحت عنوان "المشكلة الحقيقية في اقتصاد الصين" إن البلاد "تخاطر بارتكاب بعض الأخطاء التي ارتكبها الاتحاد السوفييتي"، مشيرة في ذلك إلى "أزمة ثقة متزايدة في المعلومات" المتعلقة بالاقتصاد.

وهناك اعتقاد واسع النطاق في الصين بأن الحكومة في عهد الرئيس، شي جينبينج، "تتلاعب بالبيانات، وتمنع ظهور الحقائق الحساسة، وتقدم أحيانا وصفات وهمية للاقتصاد".

وتخضع حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لمراقبة صارمة على نحو متزايد. وأصبح المسؤولون أكثر حذرا بالمناقشات الصريحة مع الغرباء.

وتحرف الحكومة معدلات البطالة بين الشباب لجعلها منخفضة، "وأصبحت إحصاءات ميزان المدفوعات غامضة للغاية لدرجة أن وزارة الخزانة الأميركية نفسها في حيرة من أمرها".

وحذر تقرير سابق لمؤشر حرية الصحافة من أن الصين تحتجز أكبر عدد من الصحفيين في العالم، وتواصل ممارسة رقابة صارمة على قنوات المعلومات، وتراقب تنظيم المحتوى عبر الإنترنت، وتقيد انتشار المعلومات التي تعتبر حساسة أو مخالفة لخط الحزب الحاكم.

في يومها العالمي.. السياسة والحروب تقلص حرية الصحافة حول العالم يعتبر اليوم العالمي لحرية الصحافة، المحدد من قبل الأمم المتحدة في اليوم الثالث من شهر مايو كل عام، مناسبة لتسليط الضوء على واقع هذه الحرية والتحديات التي تواجهها وتقوضها، وفرصة لتقديم جردة حساب سنوية للانتهاكات التي تعرض لها الجسم الإعلامي والصحفيين حول العالم، ما من شأنه أن يقدم صورة عن المخاطر والاستحقاقات التي تهدد واحدة من أبرز مقومات الديمقراطية حول العالم. 

ويشير تقرير إيكونوميست إلى تراجع الصين عن سياسة استمرت لعقود من الزمان تستهدف تحرير تدفق المعلومات جزئيا، وهو ما يهدد استكمال مشرع إعادة هيكلة الاقتصاد.

والصين، بحسب ما يقول التقرير، مثل الاتحاد السوفييتي، تخاطر بأن تصبح مثالا على فشل الحكم الاستبدادي.

وفي منتصف القرن العشرين، كان هناك اعتقاد سائد بين المفكرين الليبراليين بأن الحرية السياسية والنجاح الاقتصادي يسيران جنبا إلى جنب: فالسلطة اللامركزية وتدفق المعلومات يمنعان الاستبداد ويسمحان للشركات والمستهلكين باتخاذ قرارات أفضل والعيش حياة أفضل.

وقد أثبت انهيار الاتحاد السوفييتي صحة ذلك، "فمن أجل الحفاظ على الهيمنة السياسية، سيطر حكامه بلا رحمة على المعلومات. ولكن هذا تطلب قمعا وحشيت، وخلق صرحا من الأكاذيب بشأن الاقتصاد".

ومع تزايد انفتاح الصين في أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، كان قادتها يأملون في الحفاظ على السيطرة مع تجنب أخطاء الاتحاد السوفييتي. ولسنوات عدة، سمحوا للمعلومات التقنية في مجال الأعمال والاقتصاد والعلوم بالتدفق بحرية أكبر.

وخضعت شبكة الإنترنت لرقابة مكثفة، لكنها لم تُحظر، واستخدم القادة الصينيون التكنولوجيا "للتخطيط المركزي المستنير الذي فشل فيه السوفييت".

لكن هذه الرؤية للصين المفتوحة جزئيا "أصبحت موضع شك الآن، ففي خضم ثقافة الخوف المتزايدة والعزم على وضع الأمن القومي قبل الاقتصاد، أثبت الحزب الحاكم عجزه أو عدم رغبته في الحد من نطاق تدخله في تدفقات المعلومات".

والآن تعتمد السياسة النقدية على فكر شي جينبينج، ويُعامَل مستشارو الإدارة الأجانب باعتبارهم جواسيس، "والنتيجة الواضحة تراجع الحريات الفردية".

وعلى عكس الانفتاح الجزئي، "أصبحت الصين مكانا أكثر قمعا. ولايزال العديد من الصينيين يحملون وجهات نظر ليبرالية ويستمتعون بالنقاش ولكن بالتجمعات الخاصة".

وكان تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أشار إلى سياسات شي التي تضيق على المستثمرين الغربيين، بسبب أجندة الأمن القومي الصينية، التي تهدف لدرء التهديدات الخارجية، لكنها "تجعل من الصين حقل ألغام محتملا للشركات الأجنبية".

وول ستريت جورنال: الرئيس الصيني يخنق اقتصاد البلاد بينما وصفت بكين 2023 بـ"عام الاستثمار في الصين"، تعاني عدة مناطق في البلاد من شح الاستثمارات، ولا سيما الغربية منها، بسبب سياسة الرئيس شي جين بينغ، التي تضيق على المستثمرين الغربيين.

وتقول إيكونوميست إنه قد يرد المعجبون بالصين بأن صناع القرار الرئيسيين في البلاد لديهم معلومات جيدة لتوجيه الاقتصاد، "لكن لا أحد يعرف حقا ما هي البيانات والتقارير التي يطلع عليها شي".

"وعلاوة على ذلك، مع إفراغ الساحة العامة، فمن المرجح أن يصبح تدفق المعلومات أكثر تشويها، وأقل خضوعا للتدقيق". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاتحاد السوفییتی

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي يطلق مشاريع تعدين لوقف اعتماده على الصين

الاقتصاد نيوز - متابعة

كشفت أوروبا عن 47 مشروعا لاستغلال معادنها النادرة والاستراتيجية كالليثيوم الأساسي لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، بهدف تقليل اعتمادها على الصين وحماية صناعتها.

تعلم الاتحاد الأوروبي بعدما عانى خلال جائحة كوفيد-19 ثم خلال الحرب في أوكرانيا، أن الاعتماد المفرط على الواردات للحصول على مواد خام حيوية قد يعرقل سلاسل إمداداته.

وحذر نائب رئيسة المفوضية الأوروبية المسؤول عن الاستراتيجية الصناعية ستيفان سيجورنيه في مؤتمر صحافي في بروكسل الثلاثاء من أن "الليثيوم الصيني لا يمكن أن يصبح الغاز الروسي في المستقبل".

وكشف عن 47 مشروعا ذات أولوية لاستخراج معادن نادرة واستراتيجية على الأراضي الأوروبية ومعالجتها وإعادة تدويرها.

وستستفيد هذه المشاريع التي تشمل افتتاح مناجم ليثيوم ونحاس ونيكل وتنغستن في الاتحاد الأوروبي، من إجراءات ترخيص مبسطة ودعم مالي أوروبي.

واعترف المسؤول الفرنسي بأن "هناك شعور بحاجة ملحة لم تكن موجودة قبل ثلاثة أو أربعة أشهر"، معربا عن الرغبة في التحرك بسرعة في سياق التوترات الجيوسياسية المتزايدة منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

في ألييه وألزاس

وستُنفّذ المشاريع التي كُشف عنها الثلاثاء، في 13 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. وتقع ثمانية من هذه المشاريع في فرنسا، بينها مشروعان لاستخراج الليثيوم في ألييه (مجموعة إيمريس) وألزاس (مجموعة إيراميه).

وأكد سيجورنيه أنه "خلال فترة طويلة، كانت المواد الخام تُمثل نقطة ضعف في سياستنا الصناعية".

وأضاف "بسبب تعقيداتها وكلفتها العالية وطول مدة إنتاجها، فضلت أوروبا شراء معظم المواد الخام التي تحتاج إليها بشكل شبه حصري، من خارج حدودها"، لافتا إلى أن تلك الأيام قد ولّت.

وأقر الاتحاد الأوروبي تشريعا العام الماضي لحماية إمداداته بهدف تقليل الاعتماد على الصين في المواد المستخدمة خصوصا في تصنيع البطاريات وطواحين الهواء والذخائر.

وقال "لا يمكن خفض الكربون من دون غاليوم لبناء ألواح شمسية، ومن دون نحاس لنقل الكهرباء. ولا توجد صناعة دفاعية من دون معادن نادرة تستخدم في صنع راداراتنا، وأجهزة سونار، وأنظمتنا للاستهداف التي نعتمد فيها بنسبة 100 بالمئة على مواد صينية".

وأضاف "لا توجد صناعة على الإطلاق من دون نحاس وألومنيوم ومنغنيز يعزز بنية الفولاذ"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتنقسم الخطة الأوروبية إلى أجزاء عدة: استخراج المزيد من المواد الخام في أوروبا (ولكن أيضا تحويلها وإعادة تدويرها)، وتنويع الموردين الأجانب، وتطوير الشراء المشترك لتقليل التكاليف وبناء مخزونات استراتيجية.

"فتح مناجم جديدة"

لكن الأولوية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي تتمثل في استغلال موارده الخاصة مع احترام معايير بيئية صارمة، في حين يعترض ناشطون بيئيون على هذه المشاريع.

وقال سيجورنيه "دعونا نكون واضحين: نحن ملزمون فتح مناجم جديدة في أوروبا"، مؤكدا أن القارة العجوز يمكن أن تصبح مثلا "مكتفية ذاتيا بشكل كامل من الليثيوم" خلال خمس سنوات.

وستستفيد المشاريع المصنّفة استراتيجية من تصاريح سريعة. ويجب ألا تتجاوز مدة منح التصاريح 27 شهرا لمشاريع الاستخراج و15 شهرا لمشاريع المعالجة والتدوير.

ووعد سيجورنيه بتوفير ما يصل إلى ملياري يورو من التمويل في شكل قروض وضمانات ومنح.

وفي المجموع، تلقت المفوضية الأوروبية 170 طلبا لمشاريع، يقع 49 منها خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك في غرينلاند وأوكرانيا.

وسيكون بوسع المشاريع الواقعة خارج الاتحاد أيضا المطالبة بوضع المشروع الاستراتيجي الأوروبي. وستُعلن المشاريع المختارة في دول خارج الاتحاد "في الأسابيع المقبلة".

ويضع القانون الأوروبي قائمة تضم 17 مادة خام استراتيجية مثل الكوبالت والنيكل والألمنيوم محددا أهدافا كمية لها. ولكل منها، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون قادرا على تلبية ما لا يقل عن 10 بالمئة من حاجات الاستخراج، و40 بالمئة من حاجات المعالجة، و25 بالمئة من حاجات إعادة التدوير داخل أراضيه بحلول العام 2030.

ولا ينبغي أن يعتمد الاتحاد الأوروبي على دولة أخرى واحدة لتلبية أكثر من 65 بالمئة من حاجاته من أي من هذه المواد.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • أزمة في البنتاجون وغضب بين الطيارين الأمريكيين بسبب تسريبات سيجنال
  • عقلية الساسة السودانيين والمآلات القادمة- قراءة في أزمة النظام السياسي
  • رئيس الاتحاد المصري: ضيق الوقت وراء أزمة الأهلي والزمالك
  • الاتحاد الأوروبي يطلق مشاريع تعدين لوقف اعتماده على الصين
  • ما هي المنتخبات التي تأهلت إلى «كأس العالم 2026»؟
  • مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة الدكتور زهير قراط خلال المؤتمر: في ‏لحظة فارقة وخاصة فيما يتعلق بواحدة من أهم وأصعب التحديات التي ‏نواجهها وهي نقص أدوية السرطان وتأثيره الكارثي على حياة آلاف ‏المرضى وعائلاتهم في مختلف أنحاء البلاد؛ لقد أصبح هذ
  • الاستخبارات الأمريكية: الصين أكبر خطر عسكري على البلاد
  • أزمة السكن في أوروبا: هل تجد دول الاتحاد الحل؟
  • مركز أمن المعلومات بوزارة الاتصالات يوضّح آلية عمل الروابط الاحتيالية التي تنتحل صفة ‏جهات خيرية ومواجهتها
  • استراليا تحقق الفوز على الصين وتقترب من التأهل إلى كأس العالم