بوابة الوفد:
2025-04-29@22:29:16 GMT

إنصاف المبدعين بأثر رجعي

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

أنا مع الإنصاف، ورد الاعتبار، ولو بأثر رجعي، وكل فعل، وكل طرح، وكل محاولة فى هذا الشأن تستحق التقدير، والتحية، والتشجيع. 

وخيرا فعل المنصفون فى الساحة الأدبية عندما قدموا كتابات مغايرة غير نمطية استهدفت رد اعتبار لمظاليم من أهل الابداع، وهو ما ظهر مؤخرا فى كتابين جميلين لكاتبين مبهرين انطلقا من قيمة العدالة ونشطا تحت تأثير شغف الكشف.

 

أما الأول فهو كتاب «الكشف عن تشيكوف المصري» للروائى والناقد سامح الجباس، صاحب النص الجميل «جمعية كارهى سليم العشي» وغيرها من الابداعات، والذى يحاول من خلاله إعادة اكتشاف مبدع قصصى عظيم هو محمود البدوى (1908-1986).

 كان شائعا وراسخا لدى الذهنية العامة أن يوسف إدريس (1927-1991) هو تشيكوف مصر، بمعنى أنه أول مَن طور فن القصة القصيرة، وسما به نحو سماوات الإجادة والإمتاع. ورغم اعترافنا بروعة ما قدمه يوسف إدريس من فن قصصي، إلا أن «البدوي» كان سابقا فى صناعة وتطوير فن القصة، والأعجب أنه حاز لقب «تشيكوف مصر» قبل سنوات من إدريس. وكان نجيب محفوظ نفسه هو من أطلق لقب «تشيكوف مصر» على « البدوي»، لكن انزواء « البدوي» وميله للعزلة – مثل كثير من المبدعين الحقيقيين- أتاح ليوسف إدريس التالى له، والأقل منه إنتاجا أن يختطف اللقب منه.

 بدأ «البدوي» مشواره فى الثلاثينيات وزار سيجموند فرويد فى سنة 1934 وتأثر به، ودرس الطب، وكتب فى موضوعات جديدة على القص العربي  مثل علاقات الرجل بالمرأة وعالم الفلاحين، وترك 375 قصة قصيرة، بينما ظهر «إدريس» لاحقا فى الخمسينيات، ودرس الطب أيضا مثل تشيكوف، وترك لنا 103 قصص قصيرة واهتم أيضا بموضوعات الفلاحين خاصة المقهورين منهم، لكنه تميز باختيار عناوين لافتة وجديدة لقصصه.

وخلص سامح الجباس إلى أن انشغال يوسف إدريس بالسياسة، واقترابه من دوائر الضوء، أهلّه لخطف الأضواء من منافسه الذى كان يفضل الانزواء. وفى المُجمل، فالكتاب يتضمن جهدا مُقدرا واستقراء عميقا ونقدا نافعا يستحق الالتفات والتقدير.

أما الكتاب الثانى فهو كتاب «سيد درويش.. المؤلف الحقيقى للنشيد الوطني» للكاتب النابه خيرى حسن، وقد صدر قبل أيام عن سلسلة «كتاب اليوم». وخيرى حسن مُبدع جميل معروف بدأبه وسعيه واهتمامه بالتنقيب فى الماضي، وله كتب مهمة ومؤثرة، تمتاز بالعذوبة.

وفى هذا الكتاب يحقق خيرى حسن فى جريمة سطو فنى تاريخية، قام بها شاعر غنائى هو يونس القاضى (1888-1969) بسرقة كلمات نشيد «بلادى بلادي» من نص سابق وضعه الموسيقار سيد درويش، ونسبه لنفسه وسجله فى جمعية المؤلفين والملحنين.

لقد تتبع المؤلف سجلات وزارة العدل، ومركز الدراسات القضائية، والشهر العقاري، ليؤكد عدم وجود أى وثيقة تثبت نسبة النشيد للشاعر يونس القاضى. كما لجأ المؤلف إلى أرشيف مجلة « التياترو» المصرية سنة 1925 ليثبت فيه الكلمات الحقيقية للنشيد الذى يقول: بلادى بلادي/ لك حبى وفؤادي/ مصر يا أم البلاد/ أنت غايتى والمراد/ وعلى كل العباد/ كم لنيلك من أياد/ مصر أولادك كرام /أوفياء يرعوا الزمام/ وستحظى بالمرام/ باتحادكم واتحادى..».

وجرت الجريمة عندما ترأس الشاعر يونس القاضى جمعية المؤلفين والملحنين خلال الفترة من 1926 إلى 1937، وادعى أنه مؤلف الأغنية بعد أن غير بعض الكلمات ليضيف «مصر يا ست البلاد/ أنت غايتى والمراد/ أنت لى نعم الوطن/ اشترى صفو الزمن/ ادفع الروح له ثمن/ وعلى الله اعتمادي». وفى الستينيات ادعى يونس القاضى أنه حرر وثيقة بتسجيل الأغنية قضائيا فى 26 يناير 1926.

لكن شقاوة خيرى حسن، دفعته للبحث والمراجعة ليكتشف أن 26 يناير 1926 الذى أشار إليه القاضى كتاريخ للتسجيل كان يوم جمعة تتعطل فيه كافة المصالح وعلى رأسها القضاء، كما أنه لم يجد أى وثيقة قضائية مسجلة بهذا التسجيل المزعوم.

وخلص إلى أن سيد درويش، لم يكن ملحنا فقط، وإنما كان فى بعض الأحيان يؤلف الأناشيد خاصة الحماسية منها فى وقت ثورة 1919، وكان هذا النشيد واحدا منها. ولا شك أن ذلك عمل عظيم يقدر.

والله اعلم

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الساحة الأدبية

إقرأ أيضاً:

انفجارات ضخمة غرب خان يونس جنوب غزة

شهدت منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، فجر اليوم، سلسلة من الانفجارات العنيفة نتيجة غارات جوية إسرائيلية استهدفت خيامًا تؤوي نازحين فلسطينيين. 

وأسفرت هذه الغارات عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال، وفقًا لمصادر طبية محلية.​

أفادت التقارير بأن الغارات استهدفت بشكل مباشر خيام النازحين في منطقة المواصي، التي تُعتبر من المناطق التي لجأ إليها آلاف الفلسطينيين هربًا من القصف المستمر على مناطق أخرى في القطاع. 
نعيم قاسم: الاعتداء على الضاحية الجنوبية جاء لتثبيت قواعد للاحتلال

وأدى القصف إلى تدمير الخيام واندلاع حرائق، مما زاد من عدد الضحايا بين المدنيين.​

يأتي هذا التصعيد في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس الماضي. وقد أسفرت هذه العمليات عن مقتل أكثر من 52,000 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وتدمير واسع للبنية التحتية والمرافق الحيوية في القطاع.​

من جهتها، أعربت منظمات حقوقية وإنسانية عن قلقها البالغ إزاء استهداف المناطق التي تؤوي النازحين، مشيرة إلى أن مثل هذه الهجمات قد ترقى إلى جرائم حرب وفقًا للقانون الدولي الإنساني. كما دعت المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف الأعمال العدائية وتوفير الحماية للمدنيين في قطاع غزة.​

في الوقت ذاته، تستمر الجهود الدولية لإيجاد حل سياسي ينهي الصراع المستمر، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع إذا استمرت العمليات العسكرية دون توقف.​

طباعة شارك منطقة المواصي مدينة خان يونس قطاع غزة الانفجارات العنيفة غارات جوية إسرائيلية نازحين فلسطينيين

مقالات مشابهة

  • عباس شومان: الميراث لا يقبل التغيير.. ومن يريدون إنصاف المرأة يظلمونها.. فيديو
  • انفجار ضخم غرب خان يونس
  • انفجارات ضخمة غرب خان يونس جنوب غزة
  • الرئيس السيسي يمنح نوط الامتياز من الطبقة الأولى للواء معتز البدوي رئيس الأحوال المدنية بالمنيا
  • المدفعية الإسرائيلية تقصف المناطق الجنوبية من خان يونس
  • شاهد بالفيديو.. تبادلن القفشات والحديث باللهجة المصرية.. جمهور مواقع التواصل ينفجر بالضحكات بعد متابعته بث مباشر للمطربتين إنصاف مدني وحنان بلوبلو
  • محمد إدريس: غرب القاهرة مستقبل واعد.. والمتحف الكبير مركز قوة جديد للقطاع العقاري
  • بين العنب والدم… داريا تحوِّل جراحها لفنٍّ يسعى إلى إنصاف ضحايا الاعتقال والاختفاء القسري
  • محافظ الغربية يتابع تطوير محيط السيد البدوي
  • استمرار توافد السياح على معرض التراث البدوي بشرم الشيخ