نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ مع الوضع الحالى فى السودان والذى يعد صراعًا للحصول على السلطة بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وللوصول إلى افضل سيناريو لانتهاء تلك الأزمة سيكون هو السيناريو الأسوأ بالنسبة للشعب السوداني، الذى يعانى الآن من ويلات الحرب بعد تدمير مرافق البنية التحتية لديه، وانقطاع الماء بعد سيطرة قوات الدعم السريع على محطة المياه التى تمد الخرطوم بالمياه الصالحة للشرب، فضلًا عن سيطرة قوات حميدتى على مصفاة النفط الرئيسية بالخرطوم التى تزود العاصمة بالطاقة، وعلى الجانب الآخر فالجيش السودانى متمركز بشكل يحيط بقوات الدعم السريع، ويساعده على ذلك القوات الجوية التى تفتقر إليها قوات الدعم السريع التى تعانى أيضًا فى ظل نقص الإمدادات اللوجيستية، ما يعزز تفوق الجيش السودانى فى ميدان المعارك، ويبدو أنه من الصعب تحديد توقيت لانتهاء الحرب المشتعلة فى السودان، ويظهر فى الأفق بأنه لا حل عسكرى فى السودان، وهذا ما يعنى أن أى طرف من طرفى الصراع غير قادر على حسم المعركة حاليًا، فالصراع معقد وهناك عدد من العوامل التى تسهم فى استمراره، كدعم الأطراف الخارجية، وقوة كل طرف من الأطراف المتنازعة، ومستوى الدعم الدولى للحكومة المدنية، واستعداد الجيش لتقديم تنازلات، وطول أمد الصراع يجعل من الصعب التنبؤ بنتيجة الأزمة الحالية فى السودان، إلا أن الشىء الأكيد هو الدمار الذى حل وسيحل بالبلاد، وحالة عدم الاستقرار التى تمثل تحديًا كبيرًا على دول المنطقة، خاصة مع عمليات نزوح المواطنين السودانيين من ديارهم المدمرة إلى الدول المجاورة، فالأزمة السودانية تعد تحديًا على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى كذلك، وهو ما جعل المجتمع الدولى يطالب بهدنة لأكثر من مرة لتأمين عمليات إجلاء مواطنيها من السودان.

السؤال الأهم والمفيد، ما العمل أو بمعنى آخر ما الرؤية المصرية للتعامل مع الازمة السودانية؟!! وما آليات التحرك المصرى فى التعاطى مع تلك الأزمة؟، وللإجابة عن هذا السؤال، يجب أولا التعرف على مفهوم الأمن القومى على اعتبار أنه يشكل المحدد الرئيسى للسياسة الخارجية لأى بلد تجاه الأوضاع الداخلية والخارجية على حد سواء، مفهوم الأمن القومى يعنى ببساطة ودون الدخول فى جدل نظرى لا طائل من ورائه الحفاظ على مقدرات وإمكانات الدولة من الأخطار، وهذه المقدرات تشمل أولا كيان الدولة والرموز الدالة على وجودها كالدستور والعلم والشعار الوطنى والعملة الوطنية، ويضم كذلك الإقليم بحدوده المعروفة، والهوية الوطنية واستقرار النظام السياسي، ثم السيادة الوطنية فى الداخل وتعنى السيطرة التامة للدولة على كامل ترابها وعلى من يعيشون على هذا التراب، وخارجيا وقوف الدولة على قدم المساواة مع الدول الأخرى فى المجتمع الدولى، وحصولها على جميع حقوقها ووفاءها بكامل التزاماتها، يضاف إلى ذلك استقلالية الدولة سواء فى مواجهة القوى الخارجية أو الداخلية، وتتضمن المقدرات أيضا كينونة المجتمع، والموارد المادية (الطبيعية والاقتصادية)، والموارد البشرية (نوعية البشر وصحتهم وتعليمهم وثقافتهم ونظام القيم).

ووفقا لهذا التعريف عزيزى القارئ لا يمكن اعتبار ما يحدث فى السودان شأنا داخليا لا يخص الأمن القومى المصرى لعدة أسباب اولا: عدم الاستقرار السياسى فى السودان قد تكون له آثار اقتصادية وسياسية سيئة على مصر، ففى حالة حدوث قلاقل فى الخرطوم مثلا كتلك التى حدثت مؤخرا، فإنه سيترتب على ذلك حدوث نزوح جماعى للاجئين الفارين من الحرب تجاه دول الجوار، ومن بينها مصر ونحن نعلم جميعا أن هؤلاء اللاجئين قد يشكلون عبئا على مصر سواء فى النواحى الاقتصادية، أو حتى الأمنية، لأن هؤلاء اللاجئين قد يهربون ومعهم السلاح، وقد يفكرون فى استخدام الأراضى المصرية فى شن هجوم مضاد داخل الأراضى السودانية، كما أن بعضهم قد يفكر فى التغلغل داخل الأراضى المصرية لحساب دول أخرى تهتم بزعزعة الأمن القومى المصرى، والمقصود بذلك تحديدا إسرائيل، خاصة بعدما أثبتت أحداث أزمة جنوب السودان، وأزمة دارفور وجود علاقات إسرائيلية مشبوهة سواء مع الجيش الشعبى لتحرير السودان فى الجنوب، أو بعض حركات التمرد فى دارفور مثل حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد نور الذى افتتح منذ أكثر من خمسة شهور تقريبا مكتبا لحركته فى تل أبيب، فأى مساس بالاستقرار فى السودان هو مساس بالأمن القومى المصري، ومن ثم فإن مصر ترغب دائما فى البقاء على استقرار السودان ومنع تفتيته وتجزئته إلى أقاليم فرعية، أو حتى إضعافه كما ترغب فى ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل والعديد من الدول التى لها مصالح أخرى فى السودان ولا مجال لذكرها هنا، وللحديث بقية

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: من الإخوان الإرهابية السودان مصر الوضع الحالي قوات الجيش السودانى مرافق البنية التحتية الخرطوم قوات الدعم السریع الأمن القومى فى السودان

إقرأ أيضاً:

الشائعات وأثرها على الأمن القومى ندوة بمركز إعلام المحلة

نظم مركز إعلام المحلة الكبرى بمحافظة الغربية بالتعاون مع مجلس مدينة المحلة الكبرى اليوم  تحت أشرف  اللواء وائل زغلول رئيس مركز مدينة المحلة الكبرى وإدارة الأوقاف وإدارة التضامن أول المحلة ندوة تثقيفية تحت عنوان " الشائعات وأثرها على الأمن القومى " بمقر المكتبة العامة حاضر فيها ا.د أميرة صابر  أستاذ الإعلام بكلية تربية نوعية جامعة طنطا.

وأدارت الندوة نهى العشماوى الإعلامية بالمركز وبحضور محمود السمرى  مدير المركز .

وجاء ذلك فى ختام فعاليات حملة " إتحقق قبل ما تصدق "التى ينظمها  قطاع الإعلام الداخلى بالهيئة العامة للإستعلامات لمواجهة الشائعات والحملات الإعلامية التى تستهدف تماسك الدولة ومؤسستها الوطنية وبناء على توجيهات د.أحمد يحيي رئيس القطاع .

وبدأت العشماوى اللقاء بالتعريف بدور الهيئة فى رفع وعى المواطنين بخطورة المؤامرات التى تهدف لإثارة البلبة داخل صفوف المجتمع المصرى ، وتوضيح الجهود التى يقوم بها قطاع الإعلام الداخلى فى نشر الوعى وتصحيح المفاهيم بمختلف القضايا الهامة التى تؤثر على المجتمع.
وأوضحت صابر الفرق بين الإشاعة التى تعد تضخيم لحدث صغير فى الأصل أو ذكر جزء من الحقيقة فى سياق مشوش ، وبين الشائعة التى تعد إختلاقا لأكاذيب غير موجودة أصلا على أرض الواقع ، وكلاهما يتم للوصول لأغراض مشبوهة من بعض الأفراد أو الجهات .

وذكرت أن البيئة الهزيلة التى تفتقر إلى المعلومات الصحيحة والوعى الكافى هى الأنسب لإنتشار الشائعات ومضاعفة تأثيرها ، ويكون المستهدف دائما من هذه الشائعات الشخصيات الهامة المؤثرة أو المؤسسات المنتجة أو الدول التى تتميز بالإستقرار الداخلى .

وعن آثار الشائعات على الأمن القومى أشارت صابر إلى أنها تتسبب فى فقدان الثقة بين الحكومة والشعب وتهدف إلى تضليل الرأى العام وخلق التفتت بين فئات المجتمع وزعزعة الأمن الداخلى وزيادة التوتر الطائفى وإنتشار الصراعات والفتن بين الأفراد والمؤسسات .

وفى سياق متصل أكدت صابر على أهمية مواجهة أخطار الشائعات وذلك عن طريق وجود إعلام قوى مستنير يقدم الحقائق والمعلومات الموثقة ويخلق المزيد من المصداقية بين الشعب ومؤسسات الدولة ، كما يمكن مواجهة الشائعات عن طريق تعزيز الوعى وتعليم الشباب وتوجيههم لكيفية التحقق من دقة المعلومات ومصدرها .  

وأكد السمرى أن على المواطن الإصطفاف لمواجهة التحديات الراهنة التى تواجه الدولة المصرية وعلى رأسها حملات التشكيك ونشر الفتن لإضعاف الولاء والإنتماء للوطن .

حضر اللقاء لفيف من المثقفين ورواد المكتبة العامة و مكلفات الخدمة العامة وأئمة من الأوقاف و عاملين بمجلس مدينة المحلة الكبرى .

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وسط انسحابات مستمرة لقوات الدعـ ـم السريع
  • بالفيديو..ياسر العطا من غرفة سيطرة العمليات يعلق على دخول الجيش مدينة بحري ويتوعد بملاحقة قوات الدعم السريع في هذه المناطق
  • قوات الدعم السريع بالسودان تعلن مقتل القيادي البارز "جلحة"
  • السودان: قصة ناجٍ من الموت بين مطرقة الدعم السريع وسندان الجيش 
  • السودان: مقتل قائد ميداني بارز بقوات الدعم السريع في معارك الخرطوم
  • الشائعات وأثرها على الأمن القومى ندوة بمركز إعلام المحلة
  • رئيس أركان الجيش السوداني: وصلنا إلى نقاط فاصلة
  • الجيش السوداني يعلن “نقطة تحول” بعد فك حصار القيادة العامة
  • عاجل الجيش السوداني يتقدم في ولاية الخرطوم والقوات الجوية تستهدف مواقع قوات الدعم السريع
  • شاهد بالفيديو.. الجيش يصل منزل معشوق الجماهير الفنان الراحل محمود عبد العزيز والجنود يوثقون التخريب والدمار الذي خلفته قوات الدعم السريع داخل المنزل