لجريدة عمان:
2025-03-06@13:04:04 GMT

مكبوس موسكو

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

في اليوم الأخير لها من رحلة موسكو أصرت على المرشد السياحي أن يأخذها إلى مطعم يقدم (عيش)، فأخذها إلى مطعم عربي في قلب الساحة الحمراء، أكلت فيه (المكبوس) الذي اشتهت، والذي دفعت فيه أضعاف ما كانت ستدفعه في أفخم مطاعم مسقط، كانت رفيقتها التي نقلت لي القصة مصدومة من الفاتورة التي اضطرت إلى مقاسمتها إياها لصحن عيش.

لكنني لم أستغرب أن تدفع أي مبلغ مقابل تناول صحن عيش بعد أيام طويلة قضتها بعيدًا عن أسرتها، ذلك أنها طوال الأيام التي سبقت حدث البرياني كانت تتحدث كثيرًا عن أسرتها، وعن عمان، وعن بيتها، وصحن العيش كان يهدّئ الحنين ليس إلا.

الفتاة لم تنظر لسعر صحن العيش، فما يهم هو (قيمته)، فالقيمة التي تمثلها تلك الوجبة كانت تستحق، هي اشترت دفء العائلة، ورائحة الوطن، وألفة المكان. في حياة كل منا (صحن عيش) مستعدين لدفع الغالي من أجله، البعض هذا الصحن هو كتاب أو دورة تدريبية، أو جهاز هاتف، أو سيارة، أو لوحة فنية... إلخ،

فقبل مدة سمعت تعليق من فتاة على سعر كتاب وقعت عينها عليه، وكان (20) ريالًا عمانيًا، كانت مصدومة من السعر وقالت معلقة: من المجنون الذي سيدفع 20 ريالًا في كتاب؟! دون أن تعي أن بجانبها كانت تقف (مجنونة) مستعدة لدفع أضعاف هذا المبلغ من أجل كتاب، ولا شك أن هذه الفتاة ذاتها مستعدة لدفع ضعف هذا المبلغ مقابل شيء ذي قيمة معنوية عالية بالنسبة لها.

كلنا مجانين في عيون بعضنا البعض حين يتعلق الأمر بما نحب، فالرجل الذي يفضل دفء المرأة وحنانها على جمالها هو مجنون برأي من حوله، والشابة التي تدفع مبالغ طائلة من أجل تغيير شكل وجهها الذي كنا نراه جميلًا هي أيضًا مجنونة برأينا، لكن الواقع أن لا أحد مجنون، كما يقول مورجان هاوسل فنحن فقط نختلف في تقييم الأمور من حولنا، فما يستحق بالنسبة لك، قد أجده أنا تافها والعكس صحيح أيضا، لا لشيء سوى لكوننا نقف في زاوية أخرى.

وكما تقول الحكمة العربية (لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع).

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

"فليحيَ الشِعر" كتاب يسلط الضوء على أهمية الأدب في تعليم البابا فرنسيس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت رابطة الأبحاث والدراسات "أريس" كتابا بعنوان "فليَحيَ الشعر" جمعت فيه النصوص والمداخلات التي يتطرق فيها البابا فرنسيس إلى أهمية الشعر والأدب في التكوين والتربية وأيضا بالنسبة للحوار بين الكنيسة والثقافة المعاصرة. وقد أعد هذا الكتاب الأب اليسوعي أنطونيو سبادارو الذي كان مديرا للمجلة اليسوعية "الحضارة الكاثوليكية". ومن بين ما يتضمن هذا الإصدار حديث قداسة البابا للمجلة في مقابلة أجراها معه الأب سبادارو سنة ٢٠١٦ عن قدرة الأدب على قراءة قلب الإنسان وعلى المساعدة في معانقة الأمنيات والبريق والسر. وأضاف البابا فرنسيس حينها أن الأدب ليس نظرية وهو يساعد على الكرازة وعلى معرفة قلب الإنسان.

وللتعريف بتعليم البابا فرنسيس حول أهمية الأدب والشعر يعود الأب اليسوعي، وهو لاهوتي وناقد أدبي إلى جانب كونه حاليا وكيلا في الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتربية، إلى نصوص مختلفة للأب الأقدس ما بين رسائل عامة وإرشادات رسولية وكلمات ورسائل، هذا على جانب التذكير بما كتب قداسة البابا في تقديمه لبعض الكتب وما قال في مقابلات أُجريت مع قداسته أو حتى ما كتب في بعض رسائله الشخصية. ومن بين هذه الوثائق هناك على سبيل المثال الرسالة التي وجهها البابا فرنسيس في ١٧  يوليو ٢٠٢٤ حول دور الأدب في التنشئة، وأيضا رسالة الحبر الأعظم التي نُشرت في كتاب صدر السنة الماضية بعنوان "نحو الله. مختارات من الشعر الديني".

هذا وفي تقديمه للكتاب يحاول الأب أنطونيو سبادارو إعطاء القارئ مفتاحا لفهم المعرفة الأدبية للبابا فرنسيس الذي يعود في أحاديثه إلى الكثير من الكتاب الأرجنتينيين والعالميين الذين كانوا جزءً هانما من تكوينه مثل بورخيس ودستويفسكي، مانزوني ودانتي. وأشار الأب سبادارو إلى أن البابا يُدخل في تعلميه جوانب شعرية ورمزية وهو ما يعتبره الأب اليسوعي أمرا ذا أهمية كبيرة. وأراد هنا إعطاء مَثلا الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس حول الأمازون Querida Amazonia الذي استعار فيه البابا فرنسيس ما كتب ١٧ من الكُتاب والشعراء.

هذا ويُختتم الكتاب الذي يجمع نصوص البابا فرنسيس حول أهمية الشعر والأدب بمقابلة مع الصحفي الأرجنتيني خورخي ميليا والذي كان تلميذا للبروفيسور برغوليو حين كان يُدَرِّس في منتصف ستينيات القرن الماضي في مدرسة ثانوية في سانتا في الأرجنتينية. وكشف الصحفي عن بعض جوانب شغف البروفيسور اليسوعي الشاب برغوليو بالأدب والفن، كما وأشار إلى أسلوب تعليمي مميز شمل أيضا تحفيز الطلاب على كتابة قصص قصيرة كانت قد جُمعت في كتاب كتب مقدمته الشاعر الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس. بل وقد ساهم البروفيسور برغوليو في تأسيس فرقة روك مدرسية تستلهم من فريق البيتلز الشهير.

ومن الجدير بالذكر أن ما يبدا به الكتاب، بعد مقدمة الأب سبادارو، رسالة قصيرة بخط الي كتبها البابا فرنسيس للأب اليسوعي يشدد فيها على أهمية الأدب والشعر وتتضمن العبارة التي أختيرت عنوانا للكتاب: "فليحيَ الشِعر". ويضيف الأب الأقدس في هذه الرسالة أن علينا استعادة مذاق الأدب في حياتنا وفي تنشئتنا وإلا فسنصبح كثمرة جافة، كما ويؤكد البابا أن الشِعر يساعدنا على أن نكون بشرا وهو ما نحن في حاجة كبيرة إليه اليوم، كتب قداسته.

هذا ومن بين الأفكار الكثيرة التي ينقلها الكتاب من خلال كلمات البابا فرنسيس خلال حديثه عن الأدب والشعر ضرورة ألا تسقط الكنيسة في فخ اللغة الساذجة وما يصفها البابا فرنسيس بعبارات تتكرر بشكل آلي ومُجهَد. وقد تحدث البابا عن ضرورة أن يكون الإنجيل ينبوع إبداع ومفاجأة وقادرا على هز الأشخاص في الأعماق. هناك أيضا نداء قداسة البابا الذي وجهه مشددا فيه على حاجتنا إلى لغة جديدة إبداعية وإلى كُتاب وشعراء وفنانين قادرين على أن يجعلوا العالم يرى يسوع، وذلك في هذا الزمن الذي تطبعه الحروب والاستقطاب ويواجه تحديات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والبيئي. وينقل الكتاب أيضا النصوص التي تعكس اهتمام البابا فرنسيس بتنشئة الكهنة والعاملين الرعويين، هذا إلى جانب تشديد قداسته على كون الأدب الأداة الملائمة بشكل كبير لتعزيز الحوار بين الإيمان المسيحي والثقافة المعاصرة ومن أجل التعريف بالرسالة المسيحية ونقلها بشكل أفضل ومفهوم.
 

مقالات مشابهة

  • إهداء مليون كتاب.. هنو يستعرض جهود وزارة الثقافة في 2025
  • تجنبا لدفع 1500 جنيه.. طريقة استخراج الملصق الإلكتروني 2025
  • ما حجم مشاركة المرأة العربية بالأدب؟ وماذا تعرف عن صاحب كتاب قل ولا تقل؟
  • "فليحيَ الشِعر" كتاب يسلط الضوء على أهمية الأدب في تعليم البابا فرنسيس
  • البابا تواضروس الثاني يستلم كتاب الأب قنواتي
  • مساع من الإنجيليين الأمريكيين لدفع ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على الضفة
  • مجموعة أصدقاء صهيون تسعى لدفع ترامب لضم الضفة
  • لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
  • مسيحيون أمريكيون من أجل إسرائيل تسعى لدفع ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على الضفة
  • إيلام الفيلية.. صدور أول كتاب سردي بالكوردية البهلوية للكاتبة مريم رهنما