العائدون في اليمن .. دراسه مسحية تكشف كلفة الحرب والدمار وأثرها على حياة النازحين
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
كشفت دراسة مسحية حكومية، عن احتياجات هائلة للعائدين من متضرري الحرب بمناطق العودة في 12 محافظة محررة.
جاء ذلك في دراسة للوحدة التنفيذية للنازحين، أطلقتها اليوم الأحد، بعنوان بـ "العائدون في اليمن"، وتناولت الوضع الإنساني للعائدين في 12محافظة يمنية.
وأوضحت الدراسة تفاصيل واقع العائدين في المنازل ومناطق العودة وأعدادهم ومواقع تواجدهم واحتياجاتهم ضمن القطاعات الإنسانية المتعددة بناء على مسح ميداني شامل.
وقالت الوحدة التنفيذية للنازحين- وهي مؤسسة حكومية تتبع رئاسة الوزراء - معنية بإدارة وحماية ومساعدة النازحين والعائدين إن عدد العائدين في المناطق المحررة في اليمن بلغ 410,770 أسرة بما يعادل مليونين و199ألفاً و60 فرداً يتوزعون في (1,433) منطقة احتلت محافظة عدن المرتبة الأولى حيث يتواجد فيها (755,036) عائدًا وبنسبة (%34.33) من اجمالي العائدين في المحافظات المحررة. وبنسبة (49%) من اجمالي العائدين في المناطق.
وكشفت الدراسة عن تسجيل 271 ألفاً و197 حالة ضعف في أوساط العائدين.
الاحتياجات الإنسانية
وكشفت المسوحات أن عدد المنازل المدمرة كلياً في مواطن العودة بلغت 40163 منزلاً أي بنسبة 6.42% من اجمالي عدد منازل 625538 منزلاً، فيما بلغت المنازل المدمرة جزئياً 93011 منزلاً بنسبة %14.87%.
وأوضحت أن 1433 منطقة من مناطق العودة تحتاج للأثاث والمواد ايوائية وترميم المنازل، باحتياج 434 منطقة للأثاث والمواد الايوائية، و239 احتياج مواد أخرى، و760 احتياج ترميم منازل أكثرها في تعز وشبوة.
وفي قطاع المياه والاصحاح البيئي كشفت الدراسة أن (43.34 %) من المناطق التي يتواجد فيها العائدين لا يوجد فيها مشاريع مياه، و(1122) منطقة لا يوجد فيها شبكة مجاري عامة موزعة على 73 مديرية و12محافظة، و(1091) منطقة يتم فيها تصريف الصرف الصحي بطريقة عشوائية بيارات غير مخططه، و %51.22 من شبكات الصرف الصحي في 73 مديرية و1433 منطقة متوقفة بسبب عدم صيانتها.
وأوضحت الدارسة أن 236 مشروعا من مشاريع المياه لا تعمل على مستوى 73 مديرية وفي 12 محافظة من المحافظات المشمولة في عملية المسح. فيما 17 % من نسبة مناطق العائدين بحاجة الى انشاء شبكة مياه متكاملة، و%18 من نسبة مناطق العائدين بحاجة الى صيانة شبكات المياه /المضخات.
وفي قطاع الصحة والتغذية قال التقرير "ان عدد مناطق العائدين التي بأمس الحاجة للمرافق الصحية 835 منطقة وبنسبة 58%. وكشفت الدراسة عن المرافق الصحية المتوقفة عن عملها، حيث أوردت أن 28% من المرافق الصحية في مناطق العودة لا تحصل على دعم، و26% من المرافق الصحية في مناطق العودة مدمرة بسبب الحرب.
وأوضح التقرير أن "24% من المرافق الصحية في مناطق العودة لا يتواجد فيها كادر طبي،و9% من المرافق الصحية لم يتم استكمال بنائها فيما 16% من المرافق الصحية بحاجة الى صيانة وترميم جزئي.و67% من المرافق الصحية بحاجة الى مستلزمات طبية، و16% من المرافق الصحية بحاجة الى إعادة تأهيل بالكامل، 40% من المرافق الصحية بحاجة الى توفير سيارات اسعاف.
وأضافت ان 56% من المرافق الصحية في مناطق العودة بحاجة إلى دعم الكادر الصحي بالرواتب، 12% من المرافق الصحية بحاجة الى استكمال للبناء.
وفي قطاع الامن الغذائي، بينت الدراسة أن (285388) أسرة عائدة لا يتوفر لديها مصدر دخل ثابت وبنسبة 45% من اجمالي عدد الاسر العائدة، فيما (86874) أسرة لا تستطيع ممارسة أعمالها السابقة (أي قبل النزوح).
وأشارت إلى أن (41648) أسرة عائدة بحاجة الى استصلاح الأراضي الزراعية. وأظهر تحليل البيانات أن (91307) أسره عائدة تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش و(112908) أسرة تعتمد على الاجر اليومي كمصدر ثانوي للعيش.
وفي قطاع التعليم كشف التقرير الصادر عن الدراسة المسحية أن عدد المدارس في مناطق العودة المشمولة في المسح والموزعة على 73 مديرية بلغت (1724) مدرسة، فيما 28.12 % من المناطق العودة المشمولة في مناطق العودة لا يوجد فيها مدارس. وبين التقرير ان 103,194 طالبا غير ملتحق بالتعليم موزعين على 1433 منطقة و73 مديرية و12 محافظة، فيما بلغ عدد الاطفال في سن التعليم (513857).
واوضح التقرير ان 135 مدرسة في مناطق العودة لا تعمل ويرجع أسباب توقفها الى عدم وجود كادر تدريسي فيما ان 364 مدرسة بحاجة الى إعادة تأهيل بشكل كامل، و1214 مدرسة وبنسبة 69.89% بحاجة الى دعم بكادر التدريسي.
وكشف التقرير ان 48 % من مرافق التعليم العالي لا تقوم بمهامها بالمستوى المطلوب بسبب عدم توفر الكادر التدريسي، و%14.49 من المباني الخاصة بالتعليم العالي في مناطق العودة بحاجة الى استكمال بناءها، و%35.27 من مرافق التعليم العالي بحاجة الى توفير مستلزمات تعليمية، فيما %33.82 من تلك المرافق بحاجة الى توفير كادر تعليمي.
وفي قطاع الحماية، كشفت الدراسة أن "22512 أسرة فقدت وثائقها موزعة على 1433 منطقة و73 مديرية و 12 محافظة، و315248 أسرة بحاجة الى دعم قانوني، فيما 76231 أسرة بحاجة الى استشارات قانونية".
وأظهرت الدراسة أن "هناك 15 مديرية من اجمالي 73 مديرية تحتاج اقسام الشرطة فيها الى إعادة تأهيل بحيث يستطيع القيام بدورها وبالمستوى المطلوب، واوردت الدراسة عدة أسباب لتوقف اقسام الشرطة عن القيام بواجبها بسبب الحرب وبنسبة 40% فيما 60% من الأسباب تعود الى ضعف الإمكانيات، واشارت ان "36 مديرية وبنسبة 49 المحاكم فيها لا تقوم بدورها فيما 37 مديرية وبنسبة (51) توجد فيها محاكم تقوم بدورها، و59%. من الأسباب في توقف المحاكم كانت نتيجة لظروف الحرب أما 41% من الأسباب كانت بسبب تدمير المباني الخاصة بالمحاكم.
وذكرت الدراسة ان 20.17% من المناطق المشمولة في عملية المسح ملوثة بالألغام و25 مديرية وبنسبة 34% من اجمالي 73 مديرية مشمولة في المسح لا يتواجد فيها مكتب للأحوال المدنية فيما 48 مديرية وبنسبة 66% يتواجد فيها مكتب للأحوال المدنية.
توصيات
وأوصت الدراسة بالعمل على الحلول الدائمة من خلال تبني مشاريع مستدامة والعمل من خلال المؤسسات الحكومية المقدمة للخدمة، وتبني استراتيجية الخروج في جميع المشاريع التي تنفذها المنظمات، وضرورة العمل على إيجاد آلية لتوفير الاحتياجات في جميع القطاعات الانسانية.
كما أوصت بـ "تعزيز السلم المجتمعي وتخفيف التوتر بين المجتمعات المضيفة والمستضافة".
وشددت الدراسة على "ضرورة العمل المشترك بين مؤسسات الدولة وفريق العمل الانساني وأن هذا هو السبيل الوحيد للتعامل مع الازمة الإنسانية وتخفيف وطئتها، وإشراك العائدين في التخطيط لمستقبلهم
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
عُمان وسياسة الحكمة والاعتدال.. اليمن نموذجًا
د. محمد بن خلفان العاصمي
وسط هذه المنطقة الجغرافية من العالم ليس من السهل أن تحافظ الدول على استقرارها، فمهما كانت حريصة لا بُد من أن تتأثر، خاصة عندما تستمر هذه الأزمات فترة زمنية طويلة، وهو ما يحدث في الشرق الأوسط منذ أكثر من 100 عام تقريبًا، وفي منطقة الخليج العربي منذ اكتشاف النفط فيها.
وخلال هذه السنوات تعددت الأزمات والقضايا التي واجهت دول المنطقة، ولعل المعضلة الكبرى التي واجهتها هي وجود الكيان الصهيونى الغاصب الذي يقف خلف 99% من صراعات المنطقة، ولن يتوقف هذا الكيان اللقيط عن افتعال الأزمات حتى يحقق أهدافه السياسية الاستعمارية التوسعية التي يسعى إليها. وهذه حقيقة لا بُد أن تكون حاضرة في أذهان العرب والمسلمين، خاصة عندما يتعاطون مع قضية فلسطين، وكأنها أزمة مفاوضات وتقسيم وتوافقات، وهو التسطيح السياسي للقضية والذي نجحت فيه إسرائيل وأقنعت العرب به.
لقد وجدت سلطنة عُمان الحديثة منذ بزوغ فجر النهضة نفسها في صراع مباشر مع جارة شقيقة، وهي ما كان يعرف- وقتها- باليمن الجنوبي، بسبب أطماع غربية وصراعات دولية لا ناقة لها فيها ولا جمل، ولولا لُطف الله تعالى بهذه البلاد أن سخَّر لها قائدًا حكيمًا جاء في توقيت مناسب، لكُنَّا نتحدث اليوم عن صراعات مستمرة، وبفضل الله وشجاعة هذا القائد السلطان قابوس بن سعيد- رحمة الله عليه- وبسالة وإخلاص شعبه، استطاع أن يدحر المُعتدين ويُفسد مخططاتهم ويفضح أطماعهم، ويحافظ على دولته موحدة.
وبعد انتهاء الحرب مدَّ سلطان الحكمة يده البيضاء للأشقاء في اليمن، وترك الحرب والصراع والخلاف خلف ظهره، واعتبر كل ذلك من الماضي، ووقَّعت سلطنة عُمان اتفاقية مع اليمن الجنوبي في عام 1982 تُنهي حالة الحرب وتطوي صفحة من صفحات التاريخ، وتعلن بداية جديدة في علاقتها مع الدولة الجارة.
وقد ساهمت سلطنة عُمان بجهودها السياسية في ملف توحيد اليمن الشقيق، وعملت على تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية منذ بداية فكرة الوحدة إلى أن تحققت في عام 1989، معتبرةً أن هذه الخطوة هي الطريق الصحيح الذي يخدم أبناء الجمهورية اليمنية. وعندما حاولت بعض الدول وسَعَتْ لتفكيك هذه الوحدة، فيما بعد، وقفت سلطنة عُمان بحزم أمام هذا التوجه، ورفضت- من خلال مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية- التدخل في شؤون اليمن الذي سعت له بعض الدول التي كانت ترى في الوحدة ضربًا لمصالحها وأطماعها.
استمرت سلطنة عُمان في تقديم الدعم والمساندة لجهود الوحدة، وحتى عندما نشبت الحرب الأهلية وفَرَّ بعض قادة الصراع وطلبوا اللجوء السياسي، لم تغلق عُمان أبوابها؛ بل مدَّت يد السلام لمن أراد السلام، وسعت لاحتواء الأزمة واستمرار الوحدة اليمينة واستقرار النظام السياسي في اليمن، ومنعت أي شكل من أشكال الممارسة السياسية للفصائل اليمنية من داخل أراضي سلطنة عُمان، وكانت مسقط مدينة مرحبة دائمًا بهذه الأطراف للتفاوض وتقريب وجهات النظر وحل الخلافات. وبذلت سلطنة عُمان جهودَ وساطةٍ مشهودة بين القوى السياسية اليمنية على مدى السنوات الثلاثين الماضية، كل ذلك إيمانًا منها بأن استقرار اليمن يمثل جزءًا أساسيًا من الاستقرار السياسي في المنطقة.
لقد رفضت سلطنة عُمان المشاركة بأي شكل من الأشكال للتدخل في الشأن الداخلي اليمني، ووقفت بحزم أمام محاولات جرِّها إلى هذا الجانب، ورفضت بشكل صريح المشاركة في "عاصفة الحزم"، ورفضت التدخل لمصلحة أطراف معينة في الصراع الداخلي اليمني، ولم تدعم أي قوى من القوى السياسية اليمنية، ووقفت على الحياد والتزمت بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، وهذا مبدأ أساسي للسياسة الخارجية العُمانية، ينطلق من فكرة أساسية وهي أن التدخل في شؤون الآخرين يفتح الباب لتدخل الآخر في شؤونك الداخلية؛ وهو ما ترفضه سلطنة عُمان بشكل مُطلق نتيجة معرفة ودراية وخبرة حول آثر ذلك على الأمن الوطني والاستقرار الداخلي.
مواقف سلطنة عُمان وسياستها المعتدلة أغضبت أصحاب الأطماع والأهداف السياسية والاقتصادية، الذين يرون في اليمن المُتناحِر المُتصارِع فرصةً لتحقيق أطماعهم، ويسعون بكل قوة إلى استمرار حالة الفوضى والصراع وإطالة أمدها؛ تحقيقًا لمصالحهم، وهو ما جعلهم يشنون حربًا قذرة ضد سلطنة عُمان التي سعت وتسعى إلى تحقيق الاستقرار في اليمن.
وما نشاهده من حملة مسعورة مستمرة تحاول زج اسم سلطنة عُمان في هذا الصراع وتتهمها بدعم قوى معينة وتهريب الأسلحة والذخائر واحتضان قيادات هذه الفصائل، ما هي إلّا جزء من محاولة الانتقام من مواقف سلطنة عُمان وسياسة الاعتدال والنأي عن الصراعات السياسية، وجهودها لاستقرار اليمن وإنهاء حالة الحرب والفوضى التي تعصف بهذا الشعب منذ عقود طويلة.
لقد سُخِّرت جميع الإمكانيات لهذه المجموعة المُنظَّمة لتفتري الكذب على وطننا، وكل ذلك بسبب مواقفنا الثابتة، وخاصة موقف سلطنة عُمان من القضية الفلسطينية، ويبدو أن هذا الموقف هو الأشد إيلامًا لأعداء العدالة والحرية والصهاينة وأتباعهم الذين أخذوا على عاتقهم مهمة إرضاء هذا الكيان الغاصب. كما إن موقف سلطنة عُمان المُعتدل ورفضها التدخل في شؤون الآخرين وضع أصحاب الأطماع السياسية في موقف مُحرج، رغم أن ما قامت به قيادتنا الرشيدة هو حق أساسي من سيادة الدولة واستقلالية قرارها، وهو أمر تعوَّدنا عليه في عُمان؛ إذ لم ولن تكون سلطنة عُمان تابعًا لأحد في يوم من الأيام؛ فالدول العريقة التي ترتكز على تاريخ عريق وحضارة عميقة وماضٍ مجيد لا تكون إلّا هكذا.
لن تكون هناك دولة أكثر سعادة باستقرار الأوضاع في جمهورية اليمن أكثر من سلطنة عُمان، والأسباب عديدة وكثيرة ويعلمها أهل اليمن الشرفاء قبل كل أحد، ولن تجد دولة تسعى لاستقرار اليمن أكثر من سلطنة عُمان؛ ولذلك ظلَّت الحكومة تبذل جهودًا دبلوماسية مستمرة طوال أربعة عقود ونصف العقد، دون كلل أو ملل؛ وذلك لأهمية هذا الاستقرار في إعادة ضبط مستقبل المنطقة واستقرارها، ولتجنُّب الحروب والصراعات التي لا تأتي بخيرٍ، ولمعرفةٍ حقيقةٍ بأهداف الطامعين الذين يريدون تحقيق أهدافهم في المنطقة. كما لن تتوقف سلطنة عُمان عن دعم عملية السلام في اليمن الشقيق حتى يتحقق لشعبها الاستقرار والأمن والازدهار.