المبعوث الأمريكي الخاص للسودان يبدأ جولة دبلوماسية في السعودية ومصر وتركيا
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
توم بيرييلو يسافر إلى الرياض والقاهرة وأنقرة لبحث وقف الحرب وتوسيع وصول المساعدات الإنسانية في السودان..
التغيير: الخرطوم
أعلن مكتب المتحدث الرسمي اليوم أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، بدأ جولة دبلوماسية تشمل المملكة العربية السعودية، مصر، وتركيا، في إطار الجهود المستمرة لإنهاء الحرب المستعرة والمجاعة المتفاقمة في السودان.
وتستهدف الجولة التي تبدأ اليوم الأحد، الجولة، تهدف إلى متابعة نتائج مبادرة الانحياز من أجل تعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان (ALPS) وتحقيق تقدم في الوصول إلى المساعدات الإنسانية.
ووفقًا لبيان صادر عن مكتب المتحدث الرسمي، ستركز الجولة على تنسيق الجهود لحث القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية، مع ضمان حماية المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
كما ستسعى الدبلوماسية الأمريكية إلى تحقيق وقف الأعمال العدائية بين الأطراف المتنازعة.
وأضاف البيان أن بيرييلو سيلتقي خلال زيارته باللاجئين السودانيين في المنطقة، بالإضافة إلى القادة المدنيين والمسؤولين الحكوميين الرئيسيين من الدول المستضيفة، إلى جانب مناقشات مع الشركاء متعددي الأطراف من جامعة الدول العربية والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد).
وأكدت الولايات المتحدة التزامها المستمر بالعمل مع الشركاء الدوليين لتخفيف معاناة الشعب السوداني، مشيرة إلى أن الجهود ستستمر لتحقيق اتفاق لوقف الأعمال العدائية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، يعاني الملايين من المدنيين من أوضاع إنسانية كارثية، حيث تتصاعد المجاعة والتهجير الداخلي والخارجي.
الوسومالمبعوث الأمريكي الخاص للسودان المجاعة في السودان حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المبعوث الأمريكي الخاص للسودان المجاعة في السودان حرب الجيش والدعم السريع فی السودان
إقرأ أيضاً:
السودان على المفترق: استراتيجية دبلوماسية لإحباط شبح الحكومة الموازية
في خضم الصراع الدائر في السودان، تلوح في الأفق فرضية مقلقة جدا تتمثل في إعلان قوات الجنجويد وحلفائها المحليين والدوليين تشكيل حكومة موازية، وهي خطوة قد تعصف بوحدة الدولة وتدفعها نحو هاوية التقسيم. إن هذا الاحتمال ليس مجرد تهديد عابر، بل هو تحدٍ وجودي يتطلب من الحكومة السودانية الحالية، بقيادة مجلس السيادة والقوات المسلحة المسنودة شعبيا، استنهاض كامل طاقاتها السياسية والدبلوماسية لمواجهته. في هذا المقال، أضع بين يدي القارئ رؤية استراتيجية متكاملة ترتكز على الدبلوماسية النشطة كسلاح أساسي لإحباط هذا المسعى، مع التركيز على تشكيل فريق دبلوماسي نزيه قادر على تفكيك الدعم الدولي المحتمل لمثل هذه الحكومة الموازية والاستعداد لكل الاحتمالات قبل حدوثها..
الفرضيات الأساسية: تقييم المشهد
أولى الفرضيات التي يجب على الحكومة السودانية استيعابها هي أن إعلان حكومة موازية لن يكون مجرد فعل داخلي، بل سيرتبط حتماً بدعم خارجي من دول تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة أو تصفية حساباتها مع الخرطوم. تشير التطورات الأخيرة إلى أن قوات الجنجويد المتمردة قد تلقت دعماً لوجستياً وعسكرياً من جهات إقليمية، مثل الإمارات، التي يُعتقد أنها ترى في الجنجويد أداة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في القرن الأفريقي. كما أن استضافة كينيا لمؤتمر "تحالف السودان التأسيسي" في فبراير 2025 تثير تساؤلات حول موقف نيروبي، التي قد تكون منحازة ضمنياً لهذا التوجه تحت غطاء الحياد السياسي. ثانياً، يتعين على الحكومة افتراض أن هذا الإعلان سيصاحبه محاولات لكسب الشرعية الدولية عبر خطاب يروج لـ “حكومة سلام "، كما أشار إليه عز الدين الصافي، المستشار السياسي لقائد الدعم السريع. أخيراً، ينبغي توقع أن يؤدي هذا التحرك إلى تعميق الانقسامات الداخلية، مما يستدعي استراتيجية تضمن تماسك الجبهة الوطنية إلى جانب التصدي للتهديد الخارجي المتمثل في خطة "النخبة" التي تري السودان كثلاثة دول متناحرة قبل حلول 2030. العام
الخطة الاستراتيجية: الدبلوماسية كسلاح فعال
لإحباط هذه الفرضية الكارثية، أقترح خطة دبلوماسية ثلاثية الأبعاد ترتكز على تشكيل فريق دبلوماسي متكامل، يضم نخبة من السياسيين والدبلوماسيين ذوي الوطنية العميقة في الشؤون الإقليمية والدولية، على النحو التالي:
. تشكيل الفريق الدبلوماسي: العقل المدبر
يجب أن يترأس هذا الفريق شخصية وطنية نزيهة، مدعوماً بمجموعة من الخبراء الوطنين النزهاء تشمل
ممثلين عن القوات المسلحة: لضمان تنسيق الجهود العسكرية والسياسية، مع إبراز الرواية الرسمية حول جرائم الجنجويد.
- مستشارين قانونيين دوليين: لصياغة ملفات تتهم قوات الجنجويد و الامارات و كينيا و تشاد و اثيوبيا و جنوب السودان بانتهاكات حقوق الإنسان، و اخرها مجزرة القطينة التي راح ضحيتها 433 مدنياً، وتقديمها لمحكمة العدل الدولية.
دبلوماسيين مخضرمين بشرط الوطنية والنزاهة: مثل سفراء سابقين في الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي، لهم شبكة علاقات واسعة تتيح التأثير على القرار الدولي.
خبراء إعلاميين "ليس من المجربين": لتصميم حملة عالمية تكشف أجندة الامارات ودول الجوار الافريقي و الاتحاد الافريقي و كل المنظمات المفضوحة وتفضح أي دعم للجنجويد..
استهداف الدول الداعمة المحتملة: تفكيك التحالفات
الخطوة الأولى لهذا الفريق هي تحديد الدول التي قد تدعم الحكومة الموازية، سواء علناً أو ضمناً، ووضع استراتيجية لكل منها
الإمارات: يتعين على الفريق الضغط عبر قنوات عربية مثل السعودية "حليفة الامارات بالقوة الناعمة" والولايات المتحدة الامريكية ، اللتين تمتلكان نفوذاً على أبوظبي، لتأكيد أن دعم الجنجويد يهدد استقرار المنطقة بأكملها. يمكن أيضاً استغلال الخلافات الإقليمية بين الإمارات وقطر لتحييد موقف أبو ظبي و كذا ايران و الامارات لمزيد من الضغط..
كينيا: بعد استنكار الخرطوم استضافة نيروبي لمؤتمر الجنجويد و اعوانهم ، ينبغي تصعيد الضغط عبر مجلس الامن، مع تقديم مذكرة رسمية تتهم كينيا بانتهاك مبدأ حسن الجوار. في الوقت ذاته، يمكن للفريق فتح قنوات حوار مع نيروبي لتقديم حوافز اقتصادية مقابل التراجع عن هذا الدعم.
تشاد وليبيا: كدولتين متاخمتين تُعتبر معبراً للدعم اللوجستي للجنجويد، يجب أن يركز الفريق على تعزيز العلاقات معهما عبر اتفاقيات أمنية مشتركة تمنع تسلل الأسلحة والمقاتلين.
الدول الغربية: مع وجود مخاوف أميركية من توسع النفوذ الروسي في السودان عبر دعم الجيش، يمكن للفريق استغلال هذا القلق لكسب تأييد واشنطن ضد أي شرعية للحكومة الموازية، مع التأكيد على أن تقسيم السودان سيفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من موجات الهجرة نحو أوروبا و الغرب عموما .
تعزيز الجبهة الداخلية والشرعية الدولية
لا يمكن للدبلوماسية أن تنجح دون أرضية داخلية صلبة. لذا، يتعين على الحكومة السودانية
توحيد الصف الداخلي: تشكيل منظومة وطنية واسعة تتحدث بصوت الشعب، الذي رفض فكرة الحكومة الموازية، لإظهار جبهة موحدة ضد التقسيم.
تعزيز الموقف في الأمم المتحدة: تفعيل الاستفادة من تحذير الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أن الحكومة الموازية ستزيد الانقسام، عبر تقديم قرار في مجلس الأمن يدين هذا التوجه ويؤكد وحدة السودان في فقه التصعيد الديبلوماسي.
حملة إعلامية عالمية: توثيق انتهاكات الجنجويد لتقويض أي ادعاءات بـ"السلام والوحدة"، مع التركيز على الفظائع في دارفور والجزيرة و القطينة و تدمير البُني التحتية استهدافاً..
خلاصة القول: سباق ضد الزمن
إن إعلان حكومة موازية ليس مجرد تهديد سياسي، بل هو محاولة لتغيير خريطة السودان وإعادة صياغة مصيره. الحكومة السودانية الحالية، بكل ما تملك من أدوات السيادة، مطالبة بخوض معركة دبلوماسية حاسمة لإحباط هذا المشروع. تشكيل فريق دبلوماسي متكامل، يعمل بذكاء وسرعة لتفكيك الدعم الخارجي وتعزيز الشرعية الداخلية والدولية، هو السبيل لضمان بقاء السودان موحداً. إنها ليست مجرد استراتيجية، بل هي واجب وطني في مواجهة شبح التقسيم الذي يتربص بالبلاد. الوقت يمضي، والسودان على مفترق طرق: إما دولة واحدة، أو أشلاء متناثرة في مهب رياح الحروب المتواصلة والنزوح الابدي.
فهل من سامع؟.
الدكتور عزيز سليمان – أستاذ السياسة والسياسات العامة
quincysjones@hotmail.com