أُمامة بنت مصطفى اللواتية

التساؤل الثاني في نطاق مناقشتنا لقضية القبول الموحد للطلاب بمؤسسات التعليم العالي، يتعلق بتصريح أحمد بن محمد العزري مدير عام مركز القبول الموحد بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار؛ حيث يقول حسب ما أفادت وكالة الأنباء العمانية "إن 2611 طالبًا وطالبة من أصحاب المعدلات العامة 80% وأعلى، لم يحصلوا على عرض دراسي، ويعود ذلك إلى قلة الخيارات من البرامج الدراسية التي أدرجوها، منهم 1126 طالبًا وطالبة أدرجوا أقل من عشرين برنامجًا دراسيًا في صفحة تسجيلهم، مشيرا إلى أنَّ مرحلة تعديل الرغبات متاحة لهم لتصحيح أوضاعهم، وزيادة عدد اختياراتهم من البرامج الدراسية".

ما الذي يُمكن أن نستخلصه من هذا التصريح؟ أولًا نشكر المركز على تفهُّمه لوضع الطلبة وإتاحة المجال لتعديل الرغبات وزيادة الاختيارات حتى لو كانت اختيارات إجبارية وقسرية لا يرغبون في دراستها، ولا ميل لديهم فيها، لكن لإكمال الرقم عشرين فقط!! ثانيًا نستنتجُ أن هناك طلبة قد اجتهدوا وثابروا وحصلوا على ما نسبته 80% وأعلى مع الإيمان بالفروقات الفردية، لكن المركز لم يتمكن من استيعابهم، وتحميل الخطأ لنصف هذا العدد لا ينفي أن هناك ظلمًا يتعرض له هؤلاء الطلبة. لأنه بمقياس النجاح، لم يفشل هؤلاء الطلبة ولم يُحققوا درجات متدنية، فلا يُمكن اعتبار 80% وأعلى درجات متدنية! إلّا إذا كُنَّا نشكو من تضخُّم الدرجات وعدم الثقة بهذه النسب السنوية. كل ما هناك أنَّ هذه الفئة لم تقترب من تلك الأرقام النهائية التي لا يرى النظام التعليمي طريقًا غيرها لتقييم مستويات الطلبة، والتي- وإن حقق الطالب معها درجات قياسية- فهو لا يضمن الحصول على رغبته الأولى مُطلقًا، وعليه أن يخوض سباق المارثون للعشرين تخصصًا حسب نظام مركز القبول الموحد. النظام التعليمي يقول ببساطة لهؤلاء الحاصلين على درجات تتراوح ما بين 80% وأقل من 90% إنه لا مكانَ جيدًا لهم وإن عليهم أن يقبلوا بالمقاعد المتوفرة لأنهم لا يستحقون اختيار تخصصاتهم أو المؤسسات التي يرغبون بالدخول فيها. ولنفترض ان هؤلاء الـ1126 طالبًا وطالبة لم يجدوا عشرين تخصصًا يتفق مع رغباتهم، فما هو مصير 1485 طالبًا وطالبة- وهو عدد يتجاوز النصف- الذين لم يذكرهم التصريح؟ كيف أضاع هؤلاء بوصلتهم وأين يمكن استيعابهم؟

يؤكد مركز القبول الموحد أيضًا على "ضرورة تسجيل أكبر قدر ممكن من البرامج الدراسية المستوفاة شروط التقدم إليها، والتنويع في الاختيار ما بين المؤسسات التعليمية والتخصصات من أجل ضمان الحصول على مقعد دراسي".

ونعود هنا إلى السؤال الأول الذي بدأنا به المقال: ما الهدف من التعليم العالي في هذه الحالة؟!

هل الهدف تنظيم قبول الطلبة حسب رغباتهم ومعدلاتهم؟ أم زج الطلبة فيما هو موجود ومتوفر وكيفما كان؟ وهل يُعقل أن يُطلب من الطالب أن يضع 20 تخصصًا ومؤسسة تعليمية، وكأنَّه يختار مقعدًا للجلوس في قاعة سينما مُمتلئة ومُزدحمة وضيِّقة، فُيضطر في سبيل ذلك للقبول بأي مقعدٍ كان ملائمًا له أو لم يكن! أو ربما مقعد سيئ أو حتى قد ينتهي به الأمر للرضوخ بالأمر الواقع والجلوس على الأرض من أجل أن يضمن وجوده في هذه القاعة الضيقة؟ هل الهدف زج الطلبة في تخصصات لا يرغبون فيها ولا يميلون إليها، والتسجيل في مؤسسات تعليمية بعضها متفاوتة في مستوياتها وجودتها التعليمية، وعدد محدود منها جدًا معروف إقليميًا أو عالميًا؟

هل أصبح الهدف من التعليم العالي ينحصر في ضمان مقعد دراسي وكفى؟! لأنَّ هذا ما يعنيه وجود 20 اختيارًا، فلا يمكن واقعًا أن تكون لدى الطالب ميول ورغبات للدراسة في 20 تخصصًا مُختلفًا بنفس الرغبة والشغف، لينتهي به الأمر في قبول دراسة ما لا يرغب بدراسته أو القبول بمؤسسة دون المستوى الذي يطمح إليه.

هذا الإجراء في اختيار التخصصات يقودنا إلى تساؤل ثالث: هل وضعت وزارة التعليم العالي خططًا مستقبلية لرفع مستوى وكفاءة وسمعة مؤسسات التعليم العالي الخاصة بالذات، بعد تكرر حالات سحب الثقة والاعتراف ببعض المؤهلات التي تطرحها الكليات الخاصة، بعد أن أمضى الطلبة فيها سنوات عدة؟ وكيف تم تعويض هؤلاء الطلبة ماليًا ونفسيًا بعد أن سقطت شهاداتهم وسنوات مرَّت من أعمارهم في دراسة بلا مؤهلاتٍ مُعترفٍ بها؟ ومن يتحمل المسؤولية؟! من المُؤسف القول إننا قد نجد أنفسنا أمام أزمة حقيقية وتحدٍ يواجه ليس فقط مجموعة من الطلبة؛ بل ربما جيلا بأكمله!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نداء عاجل من نقابة الأطباء لشيخ الأزهر ووزير التعليم العالي

جددت النقابة العامة لأطباء مصر، مخاطبتها إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي د. أيمن عاشور، للمطالبة برفع قيمة مكافأة أطباء الامتياز.

وأوضح نقيب الأطباء، د. أسامة عبد الحي، بأن المادة (3) من قانون (153) لسنة 2019، والمتضمن بعض التعديلات على أحكام قانون (415) لسنة 1954، قد نصت على أن تعادل مكافأة طبيب الامتياز، 80% من راتب الطبيب المقيم.

مكافأة أطباء الامتياز

وأشار (عبد الحي) إلى أن المادة (3) سالفة الذكر قد تم تعديلها بالمادة (3) من قانون (18) لسنة 2023، التي نصت على أن تكون المكافاة بقيمة مقطوعة تبلغ 2800 جنيه، ويمكن زيادتها بقرار من رئيس مجلس الوزراء.

نقيب الأطباء: سفر الفريق الطبي إلى غزة جزء من الموقف الأصيل للدولة المصريةنقيب الاطباء: فريق مصري توجه إلى غزة لتقديم الرعاية الصحية لسكان القطاعنقيب الأطباء: الموقف المصري واضح من تهجير الفلسطينيين

وأكد الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، د. خالد أمين زارع، ضرورة رفع مكافأة أطباء الامتياز لتكون بنسبة 80% من راتب الطبيب المقيم، خاصة وأن الدفعات الحالية تغير نظام التدريب الخاص بها لإمضاء سنتين امتياز بدلا من سنة واحدة.

وطالب خالد أمين، بضرورة وضع تعديل تشريعي لربط مكافأة أطباء الامتياز براتب الطبيب المقيم بنسبة لا تقل عن 80%، حتى تكون المكافأة متغيرة طبقا للتغيرات والظروف المختلفة، لافتا إلى أن المادة (3) من قانون (153) لسنة 2019، والخاصة بالتعديلات على قانون (415) لسنة 1954، بشأن مزاولة مهمة الطب، كانت قد نصت على أن تكون مكافأة الامتياز بقيمة تساوي 80% من راتب الطبيب المقيم، ولكنها عُدلت بالمادة (3) من قانون (18) لسنة 2023.

وتلقت النقابة العامة للأطباء، مناشدة من أطباء امتياز كليات الطب بالجامعات المصرية بضرورة رفع مكافأة طبيب الامتياز إلى 80% من راتب الطبيب المقيم، وصرف بدل مخاطر المهنة لأطباء الامتياز، أسوةً بالأطباء المقيمين، نظرًا لتشابه بيئة العمل والمخاطر الصحية.

كما طالب أطباء الامتياز بتحسين أوضاعهم، مؤكدين أنه ليس مجرد مطلب شخصي، بل ضرورة لضمان تقديم خدمة طبية ذات جودة عالية للمواطن المصري.

مقالات مشابهة

  • 3 آلاف طالب يتنافسون في مسابقة حفظ القرآن الكريم ببني سويف
  • «التعليم العالي»: اختيار 300 عضو لتمثيل المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي
  • التعليم العالي: إعادة تشكيل المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي
  • «التعليم العالي» تبحث تعزيز التعاون مع جامعة إيست إنجليا البريطانية
  • وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع وفد جامعة إسكس البريطانية
  • نداء عاجل من نقابة الأطباء لشيخ الأزهر ووزير التعليم العالي
  • ندوة تناقش دور التحول الرقمي في استدامة التعليم العالي
  • التعليم العالي تحدد مواعيد التقديم والاختبار للدراسات العليا 2025-2026
  • بالأسماء.. هؤلاء هم الأمناء العامّون الجُدد للولايات
  • السوريون الآتون من أوروبا.. من سيراقبهم في لبنان؟