رحلة بناء الهُوية والمواطنة
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
أحمد بن موسى البلوشي
الهوية والمواطنة مفهومان أساسيان في تشكيل المجتمعات الحديثة؛ حيث يُسهمان في بناء الشخصية الفردية والجماعية، وتحديد الانتماءات والقيم التي تجمع أفراد المجتمع؛ فالهوية تُعبر عن الخصائص الفريدة التي تميز الفرد أو المجموعة، مثل اللغة، الدين، الثقافة، والتقاليد.
والهوية ليست مجرد انعكاس لماضينا؛ بل أيضًا توجيه لمستقبلنا، وتشكل الهوية الوطنية جزءًا من الهوية الشخصية للفرد؛ حيث ترتبط بمكان ولادته، تاريخه، وثقافته، والمواطنة هي العلاقة بين الفرد والدولة، وتتضمن حقوقًا وواجبات.
وتؤدي وزارة التربية والتعليم دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز قيم المواطنة من خلال المناهج الدراسية التي تُعد الوسيلة الرئيسية لتحقيق هذا الهدف، ويتعرف الطلبة من خلال المناهج على تاريخ بلادهم وجغرافيتها، بالإضافة إلى القيم والتقاليد التي تشكل هويتهم الوطنية. وفي إطار جهودها المستمرة لتعزيز هذه القيم، استحدثت وزارة التربية والتعليم هذا العام منهجًا خاصًا يُركز على تعليم الناشئة مفاهيم الهوية والمواطنة، مما يُسهم في بناء جيل واعٍ بتراثه وثقافته وقادر على المُشاركة الإيجابية في المُجتمع.
بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لتعزيز الهوية الوطنية وقيم المواطنة، إلا أنَّ هناك تحديات تعترض هذه الجهود، ومن أبرز هذه التحديات تأثير العولمة وانتشار تكنولوجيا المعلومات، التي قد تؤدي إلى تآكل بعض جوانب الهوية الوطنية نتيجة للتعرض المكثف لثقافات وقيم خارجية، وأركز هنا على وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تساهم في تشكيل الآراء، نشر المعلومات، وبناء العلاقات الاجتماعية. لكن تأثيرها يتجاوز ذلك ليشمل جوانب أعمق تتعلق بالهوية والمواطنة، وتلعب هذه المنصات دورًا معقدًا في تشكيل وتغيير الهوية الفردية والجماعية، وفي الوقت نفسه، تؤثر بشكل كبير على ممارسات المواطنة وسلوكيات الأفراد داخل المجتمع، ويتطلب الأمر هنا توازنًا دقيقًا في ذلك، ويأتي هنا دور الوالدان في غرس هذه القيم في نفوس أبنائهم، حيث تبدأ رحلة بناء الهوية والمواطنة في الأسرة قبل أن تتعزز في المدرسة والمجتمع.
وتمارس الأسرة دورًا حيويًا في تكوين الهوية الوطنية وغرس قيم المواطنة في نفوس الأبناء. من خلال التربية السليمة والتوجيه المُستمر، ويمكن للوالدين تشكيل جيل واعٍ يعتز بهويته الثقافية والدينية، ويفهم دوره كمواطن فاعل في بناء المجتمع والوطن. بالتالي، فإنَّ التعاون بين الأسرة والمدرسة والمجتمع هو المفتاح لضمان تنمية هوية وطنية قوية ومواطنة إيجابية لدى الأجيال القادمة.
في الختام.. إنَّ الهوية والمواطنة ركيزتان أساسيتان في تشكيل المجتمعات المتماسكة والمزدهرة، ومن خلال تعزيز الهوية الوطنية والفخر بالتراث الثقافي، يتم تمكين الأفراد ليصبحوا جزءًا فاعلاً في بناء مجتمعهم. وفي الوقت ذاته، تُعزز المواطنة روح المسؤولية والتعاون بين الفرد والدولة، مما يسهم في استقرار وتطور المجتمع. ومع التحديات المتزايدة الناتجة عن العولمة والتكنولوجيا الحديثة، يصبح دور كل من الأسرة والمدرسة والمجتمع أكثر أهمية في الحفاظ على توازن الهوية والمواطنة، لضمان تنشئة أجيال تدرك قيمها وتشارك بإيجابية في مستقبل وطنها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ترامب يخطط لحرمان أطفال المهاجرين من حقهم في الحصول على الجنسية الأميركية.. هل ينجح ؟
قال تقرير لمجلة بوليتيكو الأميركية إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يخطط لإصدار أمر تنفيذي يقضي بإلغاء حق المواطنة بالولادة، إذا كان ذوو الطفل مهاجرين غير قانونيين أو زوارا لفترة قصيرة، ومن المتوقع أن يؤدي الأمر لمعركة قانونية عارمة بينه وبين المجموعات الحقوقية والداعمة للهجرة.
ووفق التقرير، ينص التعديل الـ14 للدستور الأميركي على أن "جميع الأشخاص المولودين أو المجنسين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية هم من مواطني الولايات المتحدة"، وهو ما يعرف بحق المواطنة بالولادة، ويضمن القانون الجنسية التلقائية لأي طفل يولد على الأراضي الأميركية، باستثناء أطفال الدبلوماسيين الأجانب.
وحسب كاتبتي التقرير، مراسلة البيت الأبيض ميا وورد والمراسلة الوطنية بيتسي وودروف سوان، فإن تفاصيل الخطة لا تزال غير واضحة، ولكنها ستفي بوعود قطعها ترامب على نفسه طوال مسيرته السياسية، وهي تعديل حق المواطنة بالولادة، والحد من الهجرة غير القانونية.
ويهدف ترامب إلى إعادة تفسير عبارة "الخاضعين لولايتها القضائية" في الدستور، ليقتصر تطبيقها على الأطفال الذين يولدون لآباء مقيمين قانونيا، مستندا بذلك إلى حجج المحافظين بأن هذا المبدأ كان يقصد به استثناء المهاجرين غير القانونيين أصلا.
ولكن -يتابع التقرير- تقول مجموعات حقوق المهاجرين والمنظمات الحقوقية إن هذا التفسير يتعارض مع النص الدستوري والتاريخ القانوني، ويصف المعارضون محاولة ترامب بأنها "غير دستورية" وستواجه تحديات قانونية كبيرة.
وكانت هذه المجموعات تتأهب على مدار العام الماضي لمواجهة مساعي إدارة ترامب الثانية لتعديل نظام الهجرة، وحللت مقترحات ترامب ووعوده الرئاسية طوال الانتخابات، وصياغة المذكرات القانونية تحضيرا للقضية، بجانب إعداد المساعدات للمهاجرين وطالبي اللجوء.
ومن المرجح أن تتسلق القضية السلم القضائي لتصل إلى المحكمة العليا، وهو ما يريده المحافظون إذ إن سلطة المحكمة تخول لها تحقيق التعديلات، و3 من قضاتها الثمانية عينهم ترامب، ولكن التقرير يشير إلى أنه ليس هناك ما يضمن موافقة المحكمة على تفسير المحافظين للتعديل الـ14.
ويرجح حلفاء ترامب أن تشمل التعديلات تكليف وزارة الخارجية برفض إصدار جوازات سفر للأطفال من دون إثبات وضع الوالدين القانوني، أو أمر إدارة الضمان الاجتماعي بمنع أرقام الضمان الاجتماعي عنهم، وتعد هذه الأرقام ضرورية لجميع المعاملات القانونية.
وطبقا للتقرير، يرى أغلب خبراء القانون، بمن في ذلك من يتبنون سياسية يمينية، أن النص الدستوري يمنح بوضوح الجنسية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة، بغض النظر عن تفاصيل إقامة ذويهم، وأن الطعن في هذا المبدأ القائم منذ الحرب الأهلية الأميركية سيواجه صعوبات كبيرة.
ويعود حق المواطنة بالولادة إلى السنة التي تلت انتهاء الحرب عندما أراد الكونغرس ضمان منح أبناء المستعبدين السابقين الجنسية الأميركية.