قالت الباحثة داليا شيندلين بمقال في صحيفة "الغارديان" ، إن التحرك الصغير لبريطانيا، بحظر تراخيص أسلحة، لن يحد من طموحات إسرائيل للسيطرة على المناطق الفلسطينية.

وقالت إن الإعلان في الأسبوع الماضي عن تعليق بريطانيا 30 رخصة تصدير أسلحة إلى إسرائيل، أثار كما هو "متوقع عاصفة من النقد. فقد اتهم منتقدو الحرب على غزة الحكومة البريطانية بالتساهل الإجرامي مع إسرائيل".



 ومن ناحية أخرى، عبر الحاخام الأكبر لبريطانيا عن غضبه، فيما تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلازمته المعروفة التي يقول فيها إن بلاده تقاتل إيران وحماس، اللتان يقارنهما بشكل دائم بالنازيين.

كما أشار أقرب مساعديه، وهو وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، إلى أن هذه السياسة البريطانية هي مثل حرمان وينستون من الحصول على الأسلحة اللازمة لمحاربة هتلر. وهاجم أخرون الحكومة البريطانية لأن إعلانها تزامن مع الكشف عن جثث ستة أسرى كانوا لدى حماس.

 وبعيدا عن هذا الانتقاد للتوقيت السيء للإعلان عن السياسة البريطانية، فالصورة الكاريكاتورية التي رسمتها حكومة نتنياهو لن تحمي إسرائيل من العقوبات الدولية المتسارعة ضدها حالة استمرت في السياسات الحالية.

وقالت إن زعمه بأن إسرائيل هي وحدها التي تقاتل إيران نيابة على الغرب، فشل في ملاحظة الإعلان البريطاني عن عقوبات ضد أعضاء من فيلق القدس التابع للحرس الثوري ووحدة من الحرس الثوري لتزويدها أسلحة لوكلاء إيران بما في ذلك حزب الله. كل هذا يضعف إلى حد ما الزعم بأن بريطانيا غير مبالية بالتهديد الإيراني.

وقالت شيندلين إن القرار البريطاني لا علاقة به بقتال إسرائيل ضد إيران، ولكن بسياستها في غزة. فقد حددت المراجعة القانونية لرخص تصدير السلاح، ثلاث انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي: فشل إسرائيل في السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة، وسوء معاملة السجناء الفلسطينيين وسلوكها أثناء الأعمال العدائية في غزة.

وبعبارة أخرى، كان الهدف من المراجعة هو حماية أدنى المعايير الإنسانية في زمن الحرب. وقد حددت بريطانيا الانتهاكات المحتملة في الحالتين الأوليين، ولكنها لم تتمكن من تحديد ما إذا كانت إسرائيل تنتهك القانون في سلوكها أثناء الحرب نفسها.

وترى الكاتبة أن غزة هي "جزء لا يتجزأ من النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس أيضا، ومن خلال هذه الصورة الأكبر، فقد سرعت إسرائيل من انتهاك القانوني الدولي بطريقة متطرفة لا يمكن لأحد تجاهلها".

فعلى مدى ستة عقود تعثرت الجهود الرامية لتحقيق السلام وبدا الاحتلال الإسرائيلي كقوة ضاربة. فيما استمر المجتمع الدولي المنهك بإصدار البيانات التي تشجب المستوطنات باعتبارها عقبة للسلام، لكن الكلمات باتت أمرا روتينيا.


ويمكن للمشاهدين في العالم والحالة هذه، نسيان أن المستوطنات ليست مجرد مظهر غير سعيد من مظاهر سرقة الأراضي والتهجير والعنف الديني الأصولي في بعض الأحيان.

ومن منظور قانوني، تمثل المستوطنات المدنية في الضفة الغربية ضما دائما للأراضي التي تم الاستيلاء عليها في الحرب. وهذا هو بالضبط ما حظره المجتمع الدولي من أجل إزالة الحوافز للحرب.

فقبل الحرب الحالية، مزقت الحكومة التي أنشأها نتنياهو في كانون الأول/ديسمبر 2022 القناع عن جهود الضم الإسرائيلي الفعلي للضفة الغربية. وقد نص اتفاق تشكيل الائتلاف على الحق الحصري لليهود بتقرير مصيرهم في أرض إسرائيل بما فيها "يهودا والسامرة" أي الضفة الغربية.

 ولهذا فقد تم استحداث منصب وزاري خاص لنقل السلطات من هيئة عسكرية مؤقتة إلى ذراع مدني للدولة، وهو علامة بيروقراطية عن ملكية دائمة.

ومنذ هجمات تشرين الأول/أكتوبر، وصل الوضع المادي للفلسطينيين في الضفة الغربية إلى أدنى مستوياته، فقد ألغت إسرائيل مباشرة تصاريح عمل لحوالي ١٦٠ ألف عامل من الضفة يعملون في المستوطنات وإسرائيل، الأمر الذي أدى إلى خفض معدلات الداخل وزيادة مستويات البطالة بنحو الثلث.

كما حجبت إسرائيل عائدات الضرائب التي تجمعها لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية، بشكل دفعها لتخفيض رواتب القطاع العام إلى النصف.

وقالت إن "انهيار السلطة الوطنية أدى لظهور جماعات مسلحة نفذت عمليات في داخل إسرائيل، إلى جانب عنف المستوطنين والجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الضفة، كل هذا قبل هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي".

وأخيرا وفي الشهر الماضي، فجر رجل فلسطيني من الضفة الغربية نفسه عن طريق الخطأ أثناء تحضيره لقنبلة في تل أبيب. وفي 28 آب/أغسطس الماضي توغلت القوات الإسرائيلية في عدة بلدات ومخيمات للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية. وأطلق الجيش على هذه العملية اسم "عملية المخيمات الصيفية"، وهي الحملة الأوسع نطاقا منذ أكثر من عشرين عاما.


وفي الجمعة الماضية، ذكرت تقارير أن الجيش الإسرائيلي انسحب من جنين بعد تسعة أيام من حصاره لها، حسب وصف البعض. لكن لا أحد يعرف إن كانت العملية قد انتهت أو متى ستنتهي.

وقالت الباحثة "لكن إسرائيل جيدة في وقف القتال العنيف مع مواصلة السيطرة العسكرية ولسنوات على المناطق، مثلما فعلت في غزوها واحتلالها لجنوب لبنان لمدة 18عاما بعد غزو عام 1982، وما يحتمل أن يحدث في المستقبل بالنسبة لقطاع غزة".

وفي الضفة الغربية، كان الجيش الإسرائيلي يسيطر بالفعل على "المنطقة ج" التي تمثل 60 بالمئة من الأراضي حسب اتفاقيات أوسلو. ويبدو أن العملية الأخيرة تهدف إلى دفع الجيش الإسرائيلي لمناطق خاضعة اسميا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وإظهار الانسحاب الجزئي وكأنه تقدما.

 وفي كل توغل جديد، تحت الذريعة المشروعة المتمثلة في القضاء على التهديدات الإرهابية، محاولة لتعزيز الهدف الذي لم تخفه حكومة نتنياهو أبدا: السيطرة الكاملة والسيادة الدائمة على الضفة الغربية كلها.

وتقول شيندلين إن إسرائيل لن تتوقف عند هذه النقطة، فوزراء الحكومة يشعرون بالفرح لفرصة الهيمنة من جديد على غزة. فقد دعا وزير الأمن الوطني اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير لعودة المستوطنات في غزة ويدفع باتجاه طرد الفلسطينيين لهذا الغرض.

 وأنشئت كتلة برلمانية من النواب المتطرفين للدفع بهذا الغرض. وفي هذه الأثناء، يعمل ناشطون على إنشاء بؤر استيطان بالقرب من جدار غزة، في انتظار اليوم الذي يمكنهم فيه عبور الجدار.


ومنذ كانون الثاني/يناير الماضي، دعا وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إلى تسليم الجيش الإسرائيلي مهمة توزيع المساعدات الإنسانية هناك، باعتباره النواة لحكومة عسكرية مستقبلية في القطاع. ثم ظهرت في الأسبوع الماضي تقارير تفيد بأن نتنياهو أصدر تعليماته للجيش الاستعداد لتوزيع المساعدات في غزة.

وربما كان النقاد من معسكر اليسار محقين في القول بأن تعليقا محدودا لتصدير أسلحة بريطانيا إلى إسرائيل لن يكون كافيا من أجل وقف أجندة إسرائيل الأوسع في الضفة والقطاع، فقد فشلت عقوبات أشد صرامة في كبح تصرفات أنظمة مثل إيران أو روسيا.

 ومن ناحية أخرى، ينبغي لأولئك الذين يهاجمون بريطانيا على اتخاذها تدابير لتقييد أخطر قرارات إسرائيل تحدي حكومة نتنياهو للتخلي عن استراتيجيتها الواسعة والمشؤومة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية أسلحة بريطانيا نتنياهو الضفة الغربية بريطانيا نتنياهو أسلحة الضفة الغربية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی فی الضفة الغربیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

حملة دهم واعتقالات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية طالت 25 فلسطينيًا

شنت القوات الإسرائيلية منذ أمس وحتى صباح اليوم السبت حملة مداهمات واعتقالات جديدة طالت عدة مدن ومحافظات بالضفة الغربية وأسفرت عن اعتقال 25 فلسطينيًا، وفقا لنادي الأسير الفلسطيني.

وأشار نادي الأسير الفلسطيني في بيان رسمي إلى أن حملة الاعتقالات تركزت في بلدة برقة بمدينة نابلس، فيما توزعت بقيتها على محافظات جنين وبيت لحم وطولكرم والقدس، لافتا إلى أن من بين المعقلين طفلين اثنين وأسرى سابقين، بالإضافة إلى رهائن للضغط على أبنائهم لتسليم أنفسهم.

ووفقا للبيان فقد "رافق المداهمات عمليات اعتداء على المواطنين وتخريب وتدمير واسعة في منازلهم، إلى جانب عمليات التحقيق الميداني والتي تصاعدت مؤخرا تحديدا في محافظة الخليل".

ولفت البيان إلى أن "عدد حالات الاعتقال منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر 2023 بلغت أكثر من 12 ألف مواطن من الضفة والقدس.

كما أشار البيان إلى أن القوات الإسرائيلية "تواصل اعتقال المدنيين من غزة وتحديدا من الشمال، وتنفذ جريمة الإخفاء القسري بحقهم، وترفض الإفصاح بشكل كامل عن هوياتهم وأماكن احتجازهم".

وأكد أن المؤسسات المختصة ومنذ بدء الحرب على غزة لم تتمكن من حصر حالات الاعتقال في القطاع والتي تقدر بالآلاف.

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال تقتحم عدة بلدات في الضفة الغربية
  • حملة دهم واعتقالات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية طالت 25 فلسطينيًا
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة بلدات في الضفة الغربية
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 25 فلسطينيا من الضفة الغربية
  • قوات العدو الصهيوني تقتحم مدن الضفة الغربية وتشن حملة اعتقالات
  • قوات العدو الصهيوني تدمر البنية التحتية في مخيم بلاطة شمالي الضفة الغربية المحتلة
  • إسرائيل تستعد لسيناريو الرعب في الضفة الغربية
  • مستعمرون يحرقون مسجدا بالضفة الغربية
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تسرّع ضم الضفة الغربية وانتهاك القانون الدولي
  • رئيس وزراء بريطانيا: يجب التعامل مع الوضع في الضفة الغربية بالقانون الدولي