انتحال الشخصيات: نفوذ مزيّف للابتزاز لكسب النفوذ والمال
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
8 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة: في حادثة جديدة تضاف إلى سجل قضايا انتحال الشخصيات، أعلن جهاز الأمن الوطني في بغداد عن إلقاء القبض على متهم ينتحل صفة لواء مرافق لرئيس الوزراء.
ووفقاً لبيان صادر عن الجهاز، فإن العملية تمت بناءً على معلومات استخبارية دقيقة وبعد استحصال الموافقات القضائية اللازمة، حيث استغل المتهم هذا الدور المزعوم لممارسة الضغط على الكوادر المتقدمة في الجامعات والمؤسسات الحكومية بهدف الحصول على الموافقات الاستثمارية وتسهيل المعاملات.
تعد حوادث انتحال الشخصيات خاصة لشخصيات مسؤولة ظاهرة متكررة تهدف عادة إلى الابتزاز والاحتيال على رجال الأعمال والمستثمرين. ويستغل المنتحلون الثغرات الأمنية واستغلال الصفة الرسمية المزعومة في تحقيق أهدافهم غير القانونية. في الحادثة الأخيرة، كشف البيان أن المتهم سبق له انتحال صفة مستشار لمحافظ الأنبار بهدف الحصول على استثمارات غير مشروعة، وهو ما يعكس نمطاً مألوفاً لدى أصحاب السوابق في هذا النوع من الجرائم.
وشهدت السنوات الماضية عدة حوادث مشابهة لانتحال الشخصيات البارزة. من أبرزها، القبض على شخص ادعى أنه مستشار لرئيس الجمهورية في قضية أثارت ضجة إعلامية كبرى.
كما تم الكشف في عام 2018 عن شبكة منتحلين كانت تدعي صلاتها بمسؤولين كبار لاستدراج المستثمرين. هذه الحوادث المتكررة تسلط الضوء على الحاجة الماسة لتعزيز التدابير الأمنية وإغلاق الثغرات التي يستغلها المحتالون في تحقيق مصالحهم الشخصية.
تؤكد الجهات الأمنية على أهمية الإبلاغ الفوري عن مثل هذه الحوادث، حيث أن انتحال الشخصيات لا يقتصر ضرره على الشخصيات أو المؤسسات فقط، بل يمتد ليؤثر سلباً على ثقة المجتمع بمؤسساته العامة والخاصة.
وشهدت ظاهرة انتحال الشخصيات تزايداً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى ان المنتحلين يسعون إلى تحقيق مكاسب مادية سريعة من خلال استغلال صفات ومناصب مزيفة للحصول على استثمارات أو تسهيلات غير قانونية، فضلا عن الضعف في آليات التحقق الأمني في بعض المؤسسات يسمح للمحتالين باستغلال هذه الثغرات، كما يتيح التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي بيئة مناسبة للمنتحلين لنشر معلوماتهم المزيفة بسهولة وإقناع ضحاياهم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الانعزالية الأمريكية: خسارة النفوذ... وفرصة للصين
في خطوة تعكس نزعة انعزالية متزايدة وتجاهلًا لدورها التاريخي، يسعى مشرعون جمهوريون إلى سحب واشنطن من الأمم المتحدة، في مشروع يعكس أيديولوجيا (أمريكا أولًا) التي تبناها الرئيس ترامب في ولايته الأولى وعززها أكثر في ولايته الحالية.
لكن هذا القرار - برأيي- لا يهدد فقط مكانة واشنطن كقوة عظمى، بل يضعف النظام الدولي الذي ساهمت في بنائه منذ الحرب العالمية الثانية، ويفتح الباب أمام بكين لملء الفراغ.فرغم عيوبها، تبقى الأمم المتحدة المنصة الوحيدة التي تجمع دول العالم لمعالجة القضايا المشتركة، من الأزمات الإنسانية إلى تغير المناخ، وعليه فإن الانسحاب ليس مجرد عزلة دبلوماسية، بل تنازل طوعي عن القيادة العالمية، ولاسيما أنها ساهمت بأكثر من 18 مليار دولار عام 2022 أي ما يعادل ثلث ميزانية المنظمة، فهل تتخلى اليوم عن نفوذها في منظومة دولية تمولها بهذا الحجم.
تاريخياً سبق تقديم مثل هذه المشاريع المشابهة في الكونغرس، لكنها لم تحظَ بالدعم الكافي، ومع ذلك، أرى أن الانسحاب من الأمم المتحدة ليس فقط خيانة للنظام العالمي، بل هو أيضًا خيانة للمبادئ التي قامت عليها الولايات المتحدة، فبدلًا من إصلاح المنظمة، تختار واشنطن تقويضها، وبدلًا من دعم حقوق الإنسان تنسحب من الساحة الدولية، تاركة فراغًا قد تملؤه قوى أخرى.
لكن إن أبصر المشروع النور، ستكون بكين المستفيد الأكبر، إذ تعد ثاني أكبر مساهم مالي، وستعزز نفوذها داخل المنظمة، كما ستوسع وجودها في المنظمات الأممية الفرعية مثل الصحة العالمية ومجلس حقوق الإنسان، وغياب واشنطن سيمنحها فرصة ذهبية.
أما موسكو، فستعمل على تعزيز تحالفاتها مع دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية لتعزيز تأثيرها داخل المنظمة، ورغم ذلك، يظل تأثيرها محدودًا مقارنة بالصين، ذات النفوذ الاقتصادي الأقوى.
أما القارة العجوز وفي ظل غياب الولايات المتحدة، فقد يسعى الاتحاد الأوروبي إلى لعب دور أكبر رغم عدم قدرته على تعويض التمويل الأمريكي بالكامل، لكن ربما تزيد دول القارة مساهماتها تدريجيًا، فيما قد تلعب فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة دورًا دبلوماسيًا أكثر نشاطًا، وإن كان دون أن يعوض الغياب الأمريكي بالكامل.
أما نيودلهي، التي تسعى للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، فقد تستغل الفرصة لتعزيز مطالبها، فيما قد تزيد البرازيل وجنوب إفريقيا، الأعضاء في «بريكس»، من نفوذها داخل المنظمات الأممية الفرعية مثل برنامج الغذاء العالمي.
عربياً، قد تعمل دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، على زيادة مساهماتها المالية لتوسيع نفوذها الدبلوماسي عالميًا.
وأرى أن انسحاب الولايات المتحدة لن يؤدي مباشرة إلى حرب، لكنه سيزيد من عدم الاستقرار العالمي، ويؤدي إلى تصعيد الصراعات الإقليمية وسباق تسلح جديد، مما قد يرفع من احتمالات نشوب حروب مستقبلية، وعليه لمواجهة هذا التغيير، قد تلجأ الدول إلى بدائل عن الأمم المتحدة، مثل حلف الناتو الذي قد يزداد نفوذه في بعض القضايا الأمنية، والتحالف الرباعي الذي يضم الولايات المتحدة، اليابان، الهند، وأستراليا ليشمل مزيدًا من الدول لمواجهة النفوذ الصيني.
وقد نشهد تحالفات إقليمية جديدة، بما قد يقسم العالم إلى محاور متنافسة، حيث تتحالف الدول الغربية بقيادة الاتحاد الأوروبي مع اليابان وكندا وأستراليا، بينما تقود الصين وروسيا محورًا مضادًا يضم إيران وكوريا الشمالية وبعض دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
لكن الحسنة الوحيدة تكمن في أن الكيان الصهيوني، الذي طالما استفاد من الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، قد يجد نفسه أمام حقيقة جديدة: لا حماية أمريكية أبدية، ولا حصانة من العدالة الدولية، ولاسيما أنه ومنذ سبعينيات القرن الماضي، استخدمت واشنطن حق النقض عشرات المرات لحمايته من الإدانة الدولية.
إذن، نحن لسنا أمام «أمريكا أولًا» التي يروّج لها ترامب وفريقه، بل «أمريكا وحدها» ومن ثم حلفاؤها في عالم لن ينتظرهم.