الوحدة نيوز:
2024-09-16@22:52:14 GMT

رياض بيدس : كوابيس

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

رياض بيدس : كوابيس

رعب

وجد صعوبة كبيرة في متابعة نشرة أخبار التلفزيون. كان القتل، قتل الأطفال يفوق الوصف والخيال، إضافة إلى قتل النساء الختيارية والعجائز وتدمير البيوت كما لو كانت علب كبريت، وكل ما على الأرض يفوق الوصف. كان كل شيء عرضة للقتل والتدمير والتهجير. تأمل الصور في التلفزيون وكانت مروّعة وصعبة جدا عليه. قالت له زوجته: لما تتابع الأخبار إن كانت صعبة جدا؟
قال: أنت تتابعين أيضا بالجوّال.


قالت لمساعدته: أخبار الجوّال أقل صورا.
دارت له الفكرة. غيّر المحطة، لكنه شعر بحيرة. كيف يتابع الأخبار دون مشاهدة الصور الكثيرة للشهداء؟ هل من وسيلة لوقف شلال الدم والقتل والتدمير والتهجير؟ يصعب عليه أن يصدّق ما يجري. هل يخرج من البيت ويقوم بجولة قصيرة في الحي؟ لقد فعل ذلك صباحا. وحاول أن يستذكر أحلامه لكن رأسه كان خاويا. أنه لا يتذكر شيئا. كم كان يود لو أنه كان بعيدا عن البلاد. وماذا كان يجدي ذلك البعد والابتعاد؟ ستلاحقه الصور في كل مكان. وتساءل بينه وبين نفسه: ألم يكن من الأفضل لو أنه لم يكن عنده تلفزيون أو فضائيات أو قنوات أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي – أن الأمر غير ممكن لا بل مستحيل. واستراح لفكرة أن ثمة حسنات كثيرة لوجود التلفزيون وكل ما يصله بما يجري في العالم، لأنه دون هذه الوسائل كانت الإبادة ستكون كاملة لشعب أعزل دون أن يعرف أحد الراديو؟ تردد الأمر في ذهنه كما لو كان ضربة حظ هائلة جدا. يستطيع أن يستمع إلى أخباره دون أن يشاهد أي صور تزعزع كل عالمه وتجعله مريضا. وفجاة رفع صوته متسائلا: أين الراديو؟
أجابت زوجته: أنجنيت؟ الراديو خربان.
صرخ: أريد الراديو.
غابت امرأته قليلا ثم عادت وهي تحمل جهاز راديو ومسجّلا قديما جدا علاه الغبار. بسرعة ذهب إلى المطبخ وعاد وهو يحمل خرقة بالية ومسح الغبار عن الجهاز القديم. عمل على إيصال السلك بالكهرباء. أدار كبّاس الراديو، لكن لا حياة ولا صوت كان ينبعث من الراديو، وظل الترانزستور صامتا صمت أهل القبور. ردّد بصوت ناشف اللعنة.. إنه مدمّر تماما.
قالت زوجته: مثلك تماما
تساءل بتعب: ليش؟
قالت: ألا تستطيع مشاهدة الأخبار في التلفزيون؟
كانت تعرف حساسيته إزاء ما يحدث في غزة، لكنها أحبت أن تقويه، إلا أنه لم يكن قويا، بل كان ضعيفا من بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول. لم تكن حربا عادية، بل كانت حرب قتل وتدمير. لقد تزعزع كل عالمه. وكان عليه أن يجد مخرجا من الحال الذي هو فيه. ضرب بكف يده اليسري على الراديو المعطّل، ثم فرك كباس المحطات العربية العديدة لكن ما من حياة. واستدار وحدّق في فضائيات تلفزيونية غالبا ما لا يشاهدها ووصلت إليه رسالة مؤلمة ومنغصة جدا: فضائيات تبث المسلسلات التركية التافهة والأغاني والكليبات وبعض المسلسلات العربية مع كثير من شخصيات المحلّلين التي تثرثر وتبربر في محاولة منها لتحليل ما يجري. وجد صعوبة في تحمل كل ذلك. وفجأة خطر له خاطر غريب: أنه يستطيع أن «يسمع» كل الفضائيات التي تنقل الأخبار مع الصور، صور كل الشهداء والدمار والقتل والتشريد.
سألته زوجته: مالك صافنا ذاهلا؟ّ
نظر إلى زوجته نظرات طويلة فيها شيء من الراحة، ثم قال لها الآن أستطيع أن أسمع كل القنوات التي تبث الأخبار مع صور الشهداء (وأردف) وعلى الرغم من صعوبة الأمر لكنه ممكن.
سألت: كيف؟ ستمرض
قال: أنا مريض (وأضاف) كل ما عليّ فعله هو أن أن أدير شاشة التلفزيون الى الحائط وأسمع الأخبار فقط.
سألت: أيش؟
قال: بسيطة. وأتجه نحو التلفزيون وأبقى على الصوت عاليا وأدار شاشته نحو الحائط. وأخذت الأخبار التي تسم البدن تتساقط على أذنيه بصعوبة، لكن دون مشاهد صور الشهداء والدمار.
(يناير) 2024

عطش

كان المطر يتساقط مدرارا. حمل الشمسية وأراد الخروج من البيت، لكن زوجته التي كانت تعرف مدى عشقه للمطر سألته: إلى أين؟
قال: بعض الأمتار من المشي لاستنشاق بعض الهواء النقي.
غاب مدة ساعة ثم عاد وهو يشعر بسعادة ليس من الممكن أن يخفيها.
سألته زوجته: كيف الشتاء؟
أجاب وهو يداري نظراتها: رائع.
كانت تعرف مدى عشقه لفصل الشتاء والمطر مع أنه لم يكن رومانسيا، لكنه كان يعشق المطر وقصيدة السياب عن المطر. ركن شمسيته في الحمّام ونفض نفسه مما علق به من المطر وقال: خير، خير كثير. كان التلفزيون يبث أخبارا عما يجري في غزة. التقت نظراته بنظرات زوجته التي قالت: جهنم فاتحة أبوابها، مساكين هالفلسطينية
ورد بصوت يائس: فعلا مساكين ما إلهم حدا
تنحنح وقال لنفسه: ليس من المفروض أن تشعر بالخجل أمام الناس، بل أن تشعر بذلك بينك وبين نفسك. الحقيقة أنه يشعر إلى حد ما بالخجل، الخجل الشديد لأنه يعشق المطر. ماذا يفعل أهالي غزة الذين صاروا في العراء في هذا الشتاء الصعب؟ وكما لو أن زوجته قرأت أفكاره قالت: يمكن هالشتا شتا خير وبركة. وأزاح نظراته عن عينيها. كيف لا يشعر بالخجل هو ينعم بالبيت بكل ما فيه بينما أهالي غزة تحت المطر؟ ضغط بسرعة على كباس بعض محطات التلفزيون، فظهرت فضائيات مختلفة كان من الصعب عليه تحمّل ما تبثه وتنقله، خاصة أنه يشعر بالخجل الشديد لأنه يعشق المطر.
سألت زوجته: هل أنت جائع؟
هز رأسه نفيا.
أختفت زوجته في صالون البيت وقالت وهي تنفخ: يجب أن تأكل شيئا يا أمين.
شوّح بيده أنه لا يرغب. وغالب نفسه وأخذ يقلّب المحطات التلفزيونية إلى أن وقع على فضائية كانت تنقل تقريرا عن انقطاع ماء الشرب في غزة.
صرخ: أوف
وتابع ما يحدث للولد باهتمام شديد. كان الولد يعبئ جالونا من مياه الشتاء. تسمّر أمام التلفزيون وهو يتابع باهتمام ما يجري. وشعر براحة شديدة عندما قال الولد الصغير للصحافي إنه يشعر بنعمة شديدة لأن المطر يسقط بغزارة وأنه يستطيع أن يعبئ بعض جلنات الماء للشرب. وشعر أمين بالراحة وأقل خجلا وذنبا، لأن المطر ساعد أهالي غزة، ولأنه هو يحب المطر، فالمطر ليس ضارّا، بل هو مفيد جدا، للشرب في غزة العطشى
(10 يناير 2024)

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي ما یجری فی غزة لم یکن

إقرأ أيضاً:

استعدادات المدارس لاستقبال طلاب رياض الأطفال

أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني استعدادات المدارس لاستقبال طلاب مرحلة رياض الأطفال في العام الدراسي الجديد 2024-2025. 

ونوهت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بتوفير منظومة تعليمية متميزة قائمة على ضمان الجودة والتي من شأنها تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

استعدادات استقبال رياض الأطفال 

ووجهت وزارة التربية والتعليم بقيام موجه عام رياض الأطفال بالمديريات بتخصيص الأسبوع الأول من الدراسة لأنشطة التهيئة المخطط تنفيذها كل عام، ذذ من أجل الاستعداد لاستقبال الأطفال وتجهيز الروضات وإضفاء جو من البهجة والسرور. 

ونبهت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بتقديم أنشطة تهيئة لطلاب رياض الأطفال  تتصف بالإبداع والتنوع الجذب الأطفال إلى الروضة، الاستثمار هذا الوقت تحديداً في تكوين أفضل انطباع للطفل عن الروضة والعاملين بها وعلى أساسه يتحقق تكيف الطفل الإيجابي مع بيئة الروضة.

وأكدت وزارة التربية والتعليم ضرورة إعطاء مساحة للمعلمات الجدد في مرحلة رياض الأطفال للمشاركة في إعداد وتنفيذ أنشطة التهيئة مما يكسبهن جميعاً المزيد من الثقة في العمل وتحمل المسئولية.

وشددت وزارة التربية والتعليم على إتاحة الفرصة لإشراك أولياء أمور الأطفال في أنشطة التهيئة المقدمة لأطفالهم في رياض الأطفال، وفى ذات الوقت إعطائهم صورة كاملة عن طبيعة عمل الروضة وأنشطتها التربوية المختلفة وتحديد طرق وآليات التواصل معهم، ومن ثم دعم وتقوية علاقة الروضة بالأمر وبناء الثقة فيما بينهم الأمر الذي يترتب عليه ضمان المشاركة الإيجابية للأسر في دعم تنفيذ أنشطة الروضة طوال العام الدراسي.

ولفتت وزارة التربية والتعليم إلى التأكيد على خلق مجتمعات تعلم مهنية بين المعلمات وموجهات رياض الأطفال اللاتي حصلن على برامج التنمية المهنية خلال فصل الصيف - المنفذة بالتعاون مع وحدة مشروع دعم إصلاح التعليم ( البنك الدولي)، للتخطيط من أجل توظيف ما تم اكتسابه من خبرات من تلك البرامج داخل قاعات رياض الأطفال؛ ومن ثم تحقيق نواتج التعلم المستهدفة من كل برنامج، وذلك لحين استكمال باقي برامج التنمية المهنية المخطط تنفيذها.

وشددت وزارة التربية والتعليم على توثيق هذه الأعمال ونشر وتعزيز النجاحات بين الإدارات بعضها البعض لتبادل أوجه الاستفادة.

ونبهت وزارة التربية والتعليم على التأكيد على توجيه رياض الأطفال بالإدارات التعليمية بالقيام بدوره المنوط به نحو تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في نظام تحسين الجودة ومتابعة مساعدة المعلمات على تنفيذ الإجراءات الموكلة إليهن في توقيتاتها وكذا مساعدتهن في إعداد خطط التحسين من أجل ضمان استيفاء جميع المؤشرات والمعايير المنصوص عليها في نظام تحسين الجودة.

ووجهت وزارة التربية والتعليم بموافاة الإدارة العامة لمرحلة رياض الأطفال بتقارير حول ما يتم من جهود تتعلق بتطبيق نظام تحسين الجودة بمؤسسات رياض الأطفال بالمديرية. الالتزام بالقرارات الوزارية والكتب الدورية المنظمة للعملية التعليمية ولاسيما ما يتعلق بمرحلة رياض الأطفال.

ونوهت وزارة التربية والتعليم بالتأكيد على قيام التوجيه بالمتابعة المستمرة لمؤسسات رياض الأطفال للتأكد من حضور الأطفال وممارسة الأنشطة التعليمية والتربوية المخطط لها، وتقديم أوجه الدعم المختلفة التي تساعد المعلمات على تحقيق نواتج التعليم المستهدفة.

وأكدت وزارة التربية والتعليم العمل وفقاً للخريطة الزمنية على إيجاد آليات تضمن تواجد الأطفال بالروضة باستخدام (جميع الوسائل، والأنشطة والمبادرات والاحتفال بالمناسبات المختلفة ) التي تجعل من الروضة بيئة جاذبة للأطفال طوال العام.

مقالات مشابهة

  • مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الاثنين
  • استعدادات المدارس لاستقبال طلاب رياض الأطفال
  • إستخبارات القوة المشتركة ترصد تحركات عبدالرحيم دقلو وتنفي شائعات أسرّه
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: هاريس تطمئن على حالة ترامب بعد حادث إطلاق النار
  • الاثنين .. فرصة لهطول زخات من المطر 
  • مقدمات نشرات الأخبار المسائية
  • تأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل الإعلام التقليدية (3-3)
  • «رحلة إبداعية أثرت السينما والمسرح».. التلفزيون المصري يحتفل بذكرى ميلاد عزت العلايلي
  • المتهم بقتل زوجته في المرج للنيابة: كانت زي الاطفال وبتشتكي كتير
  • مشهد من «لن أعيش في جلباب أبي» دفع ابنة ناهد رشدي لمحاولة «كسر التلفزيون»