الوحدة نيوز:
2025-04-01@07:31:06 GMT

رياض بيدس : كوابيس

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

رياض بيدس : كوابيس

رعب

وجد صعوبة كبيرة في متابعة نشرة أخبار التلفزيون. كان القتل، قتل الأطفال يفوق الوصف والخيال، إضافة إلى قتل النساء الختيارية والعجائز وتدمير البيوت كما لو كانت علب كبريت، وكل ما على الأرض يفوق الوصف. كان كل شيء عرضة للقتل والتدمير والتهجير. تأمل الصور في التلفزيون وكانت مروّعة وصعبة جدا عليه. قالت له زوجته: لما تتابع الأخبار إن كانت صعبة جدا؟
قال: أنت تتابعين أيضا بالجوّال.


قالت لمساعدته: أخبار الجوّال أقل صورا.
دارت له الفكرة. غيّر المحطة، لكنه شعر بحيرة. كيف يتابع الأخبار دون مشاهدة الصور الكثيرة للشهداء؟ هل من وسيلة لوقف شلال الدم والقتل والتدمير والتهجير؟ يصعب عليه أن يصدّق ما يجري. هل يخرج من البيت ويقوم بجولة قصيرة في الحي؟ لقد فعل ذلك صباحا. وحاول أن يستذكر أحلامه لكن رأسه كان خاويا. أنه لا يتذكر شيئا. كم كان يود لو أنه كان بعيدا عن البلاد. وماذا كان يجدي ذلك البعد والابتعاد؟ ستلاحقه الصور في كل مكان. وتساءل بينه وبين نفسه: ألم يكن من الأفضل لو أنه لم يكن عنده تلفزيون أو فضائيات أو قنوات أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي – أن الأمر غير ممكن لا بل مستحيل. واستراح لفكرة أن ثمة حسنات كثيرة لوجود التلفزيون وكل ما يصله بما يجري في العالم، لأنه دون هذه الوسائل كانت الإبادة ستكون كاملة لشعب أعزل دون أن يعرف أحد الراديو؟ تردد الأمر في ذهنه كما لو كان ضربة حظ هائلة جدا. يستطيع أن يستمع إلى أخباره دون أن يشاهد أي صور تزعزع كل عالمه وتجعله مريضا. وفجاة رفع صوته متسائلا: أين الراديو؟
أجابت زوجته: أنجنيت؟ الراديو خربان.
صرخ: أريد الراديو.
غابت امرأته قليلا ثم عادت وهي تحمل جهاز راديو ومسجّلا قديما جدا علاه الغبار. بسرعة ذهب إلى المطبخ وعاد وهو يحمل خرقة بالية ومسح الغبار عن الجهاز القديم. عمل على إيصال السلك بالكهرباء. أدار كبّاس الراديو، لكن لا حياة ولا صوت كان ينبعث من الراديو، وظل الترانزستور صامتا صمت أهل القبور. ردّد بصوت ناشف اللعنة.. إنه مدمّر تماما.
قالت زوجته: مثلك تماما
تساءل بتعب: ليش؟
قالت: ألا تستطيع مشاهدة الأخبار في التلفزيون؟
كانت تعرف حساسيته إزاء ما يحدث في غزة، لكنها أحبت أن تقويه، إلا أنه لم يكن قويا، بل كان ضعيفا من بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول. لم تكن حربا عادية، بل كانت حرب قتل وتدمير. لقد تزعزع كل عالمه. وكان عليه أن يجد مخرجا من الحال الذي هو فيه. ضرب بكف يده اليسري على الراديو المعطّل، ثم فرك كباس المحطات العربية العديدة لكن ما من حياة. واستدار وحدّق في فضائيات تلفزيونية غالبا ما لا يشاهدها ووصلت إليه رسالة مؤلمة ومنغصة جدا: فضائيات تبث المسلسلات التركية التافهة والأغاني والكليبات وبعض المسلسلات العربية مع كثير من شخصيات المحلّلين التي تثرثر وتبربر في محاولة منها لتحليل ما يجري. وجد صعوبة في تحمل كل ذلك. وفجأة خطر له خاطر غريب: أنه يستطيع أن «يسمع» كل الفضائيات التي تنقل الأخبار مع الصور، صور كل الشهداء والدمار والقتل والتشريد.
سألته زوجته: مالك صافنا ذاهلا؟ّ
نظر إلى زوجته نظرات طويلة فيها شيء من الراحة، ثم قال لها الآن أستطيع أن أسمع كل القنوات التي تبث الأخبار مع صور الشهداء (وأردف) وعلى الرغم من صعوبة الأمر لكنه ممكن.
سألت: كيف؟ ستمرض
قال: أنا مريض (وأضاف) كل ما عليّ فعله هو أن أن أدير شاشة التلفزيون الى الحائط وأسمع الأخبار فقط.
سألت: أيش؟
قال: بسيطة. وأتجه نحو التلفزيون وأبقى على الصوت عاليا وأدار شاشته نحو الحائط. وأخذت الأخبار التي تسم البدن تتساقط على أذنيه بصعوبة، لكن دون مشاهد صور الشهداء والدمار.
(يناير) 2024

عطش

كان المطر يتساقط مدرارا. حمل الشمسية وأراد الخروج من البيت، لكن زوجته التي كانت تعرف مدى عشقه للمطر سألته: إلى أين؟
قال: بعض الأمتار من المشي لاستنشاق بعض الهواء النقي.
غاب مدة ساعة ثم عاد وهو يشعر بسعادة ليس من الممكن أن يخفيها.
سألته زوجته: كيف الشتاء؟
أجاب وهو يداري نظراتها: رائع.
كانت تعرف مدى عشقه لفصل الشتاء والمطر مع أنه لم يكن رومانسيا، لكنه كان يعشق المطر وقصيدة السياب عن المطر. ركن شمسيته في الحمّام ونفض نفسه مما علق به من المطر وقال: خير، خير كثير. كان التلفزيون يبث أخبارا عما يجري في غزة. التقت نظراته بنظرات زوجته التي قالت: جهنم فاتحة أبوابها، مساكين هالفلسطينية
ورد بصوت يائس: فعلا مساكين ما إلهم حدا
تنحنح وقال لنفسه: ليس من المفروض أن تشعر بالخجل أمام الناس، بل أن تشعر بذلك بينك وبين نفسك. الحقيقة أنه يشعر إلى حد ما بالخجل، الخجل الشديد لأنه يعشق المطر. ماذا يفعل أهالي غزة الذين صاروا في العراء في هذا الشتاء الصعب؟ وكما لو أن زوجته قرأت أفكاره قالت: يمكن هالشتا شتا خير وبركة. وأزاح نظراته عن عينيها. كيف لا يشعر بالخجل هو ينعم بالبيت بكل ما فيه بينما أهالي غزة تحت المطر؟ ضغط بسرعة على كباس بعض محطات التلفزيون، فظهرت فضائيات مختلفة كان من الصعب عليه تحمّل ما تبثه وتنقله، خاصة أنه يشعر بالخجل الشديد لأنه يعشق المطر.
سألت زوجته: هل أنت جائع؟
هز رأسه نفيا.
أختفت زوجته في صالون البيت وقالت وهي تنفخ: يجب أن تأكل شيئا يا أمين.
شوّح بيده أنه لا يرغب. وغالب نفسه وأخذ يقلّب المحطات التلفزيونية إلى أن وقع على فضائية كانت تنقل تقريرا عن انقطاع ماء الشرب في غزة.
صرخ: أوف
وتابع ما يحدث للولد باهتمام شديد. كان الولد يعبئ جالونا من مياه الشتاء. تسمّر أمام التلفزيون وهو يتابع باهتمام ما يجري. وشعر براحة شديدة عندما قال الولد الصغير للصحافي إنه يشعر بنعمة شديدة لأن المطر يسقط بغزارة وأنه يستطيع أن يعبئ بعض جلنات الماء للشرب. وشعر أمين بالراحة وأقل خجلا وذنبا، لأن المطر ساعد أهالي غزة، ولأنه هو يحب المطر، فالمطر ليس ضارّا، بل هو مفيد جدا، للشرب في غزة العطشى
(10 يناير 2024)

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي ما یجری فی غزة لم یکن

إقرأ أيضاً:

رهاب الطيران يعيق سفرك… هذا ما عليك فعله!

#سواليف

رغم التكنولوجيا التي تتطوّر يوماً بعد يوم، وتأكيد الخبراء في #عالم_الطيران استناداً إلى علم الطيران، أنّ #الطائرة هي إحدى أكثر وسائل النقل أماناً، لا يزال عدد كبير من الناس يخافون السفر في الطائرة، وهو حالة تُسمّى بـ “رهاب الطيران” أو الأييروفوبيا. لكلّ أسبابه طبعاً. لكن لا شكّ في أنّ الأمر غير مرحّب به البتّة، خصوصاً إذا كان ضمن عائلة واحدة أو ثنائي يريد #السفر في #إجازة، فالأمر محرِج للشخص الذي يخاف، ومربِك ومزعج لمَن يرافقه، ويحرمهما متعة السفر.

قد تعلم أنّ خوفك غير منطقي وأنّ الإحصائيات تشير إلى أنّ السفر الجوّي يُسجل أدنى معدّلات وفيات بين وسائل النقل الأخرى، لكنّك لا تستطيع التغلّب على هذا القلق بعقلك.

لماذا يعاني الشخص من رهاب الطيران؟
لا يوجد سبب محدَّد لرهاب الطيران، فخوف كلّ شخص فريد من نوعه، سواء أكان متجذراً بسبب صدمة سابقة، أو اضطراب قلق عام، فهناك محفّزات عديدة مثل الإقلاع والهبوط، أفكار حول انتشار حريق أو مرض في الطائرة، الاضطرابات الجوية، أحداث تحطّم طائرة، أو ببساطة عدم الإلمام بعالم الطيران، تقول المعالجة النفسية الأستاذة المحاضرة في جامعة الروح القدس الكاسليك الدكتورة سندي الترك، في حديث إلى”النهار”.

مقالات ذات صلة السعودية ..غدا الأحد أول أيام عيد الفطر 2025/03/29

يمكن أن تزيد أنواع أخرى من الرهاب (الفوبيا) من تفاقم رهاب الطيران، مثل رهاب المرتفعات، الخوف من الاحتجاز داخل الطائرة أو عدم القدرة على الهروب من مكان ما أو طلب المساعدة ورهاب الأماكن المغلقة.

يشعر الشخص الذي يخاف من الطيران بأعراض مثل الدوخة، التعرّق المفرط، خفقان القلب، الغثيان، ضيق في التنفّس، ارتجاف واضطراب في المعدة.

كيف تتعامل مع رهاب الطيران؟

اكتشف سبب الخوف، فقد يكون ذلك نتيجة تجارب سابقة لرحلة مضطربة، أو سماع قصص من الآخرين في طفولتك زادت من خوفك، أو معتقدات ذات صلة ربما ساهمت في هذا الخوف. جرّب العلاج بالتعرّض التدريجي، لتهدئة جهازك العصبي، كمشاهدة مقاطع فيديو لطائرات تقلع، أو زيارة مطار من دون ركوب طائرة، لتشكّل الثقة بدلاً من الذعر. تعلّم تقنية تنفّس بسيطة في المرة القادمة التي تشعر فيها بالقلق على متن الطائرة: استنشق لمدّة أربع ثوانٍ، ثمّ احبس أنفاسك لمدّة أربع ثوانٍ، ثمّ ازفر لمدة أربع ثوانٍ، ثم احبس أنفاسك مرة أخرى لمدّة أربع ثوانٍ. عند التوتر خلال رحلتك، قم بتمرين “5-4-3-2-1″، الذي يقوم على تحديدك خمسة أشياء تراها، وأربعة أشياء تلمسها، وثلاثة أشياء تسمعها، وشيئين تشمّهما، وشيء واحد تتذوقه، ليبقى ذهنك حاضراً بدلاً من التركيز على الخوف. فكّر في العلاج السلوكي المعرفي لتحديد المخاوف غير المنطقية المتعلقة بالطيران ومواجهتها، واستبدال أفكار أكثر توازناً بالأفكار المبالَغ فيها. تجنَّب المحفّزات مثل الكحول والكافيين أو السكر، فالكافيين يسبّب القلق، والسكر قبل الرحلة يزيد من قلقك على رغم أنّه يُوفّر راحةً موقّتة. والكحول والسكر يُسببان ارتفاعاً حادّاً في مستويات السكر في الدم أثناء هضمهما، وهذه الزيادة المفاجئة في نبضات القلب تؤدّي إلى تسارعها. أبقِ عقلك مشغولاً أثناء الرحلة لصرف انتباهك عن أيّ مخاوف، كقراءة كتاب أو الاستماع إلى موسيقى أو مشاهدة فيلم، بذلك يقلّ الوقت المتاح لك للتفكير في مخاوفك والتأمل فيها. تحدّث مع طاقم الطائرة قبل الإقلاع لتهدئة أعصابك. لذا، إطرح أيّ أسئلة لديك، فسيُزيل ذلك غموض الطيران ويساعدك على فهم المزيد عن الأمور مثل الاضطرابات الهوائية، والتي قد تُثير مخاوف الكثيرين.

-افهم أنّ الطيران هو أحد أكثر طرق السفر أماناً، إذ صُمّمت الطائرات للتعامل مع الاضطرابات الهوائية، ويتدرب الطيارون فيها تدريباً مكثفاً على كلّ سيناريو.

تعرّف إلى علم الطيران لاستبدال الفهم بالخوف، وتعرّف إلى المزيد حول سلامة الطيران، وفهم الأنظمة المعمول بها للحفاظ على سلامتنا.

نصائح ستفيدك!

هدئ نفسك جيداً قبل ركوب الطائرة وفي يوم سفرك. لا تكدّس كلّ مهماتك وأعمالك المنزلية قبل المغادرة. ردّد شعاراً أو قولاً لنفسك، لتخفيف التوتر والشعور بالاسترخاء، مثل أشعر بالثقة بأننا سنهبط بسلام، أنا متحمس لوجهتي التالية، وذكّر نفسك بأنّه وقعت حوادث بالفعل، لكن تُقلع ملايين الطائرات وتهبط بسلام كل عام دون حوادث. برّد جسمك بالأطعمة والمشروبات الباردة، وضع شيئاً بارداً على جبهتك لتقليل التوتر. تأكّد من تزوّدك بأدوات حسية مثل الحلوى الحامضة والمستحضرات الصغيرة المعطرة. اطلب من رفقائك في السفر لمسك بلطف، أو تدليك فروة رأسك بهدوء. استفد من البطانيات المُثقلة، ستشعرك بالراحة ابحث عن طرق للتركيز على الحاضر، مثل عدّ جميع من حولك على متن الطائرة، وفرزهم بحسب الجنس والعمر، لتُهمل أفكار القلق قريباً في ذهنك.

استلهم الراحة من تجاربك السابقة في الطيران
يقول كارول إن المسافرين القلقين قد يفكرون في التخلص من خوفهم. يكمن السرّ في تحديد أنماط التفكير السلبيّة وتحديها، وإعادة صوغها لتكون أكثر واقعية وإنتاجية.

قد تُخبر نفسك، على سبيل المثال، أنك سافرت على متن عشرات الرحلات الجوية من قبل، وكلها هبطت بسلام. أو يمكنك تذكير نفسك بأنّ الطيارين في قمرة القيادة قضوا مئات الساعات في التدريب على هذه الرحلة تحديدًا. يقول: “أنت تستخدم الجزء العقلاني والمنطقي من دماغك لمواجهة الجزء الخوفي المُحرك بالعواطف. هذا فعّال للغاية”.

توقّف عن متابعة الأخبار
قد يبدو من المستحيل الهروب من عناوين الأخبار حول سبب تحطّم طائرة “أميركان إيغل” الرحلة رقم 5342 في واشنطن العاصمة، أو مقاطع الفيديو من داخل طائرة “دلتا” التي انقلبت على سقفها أثناء هبوطها في تورنتو. لكنّ كارول ينصح بتجاهل الأخبار المتعلقة بالطيران، بما في ذلك التكهّنات حول كيفية تأثير تسريح موظفي إدارة الطيران الفيدرالية على السلامة. يقول: “لا نعرف بعد كيف ستسير الأمور، والقلق لن يضمن سير رحلتك بسلاسة. إن أمكن، ابدأ بتجاهل الأخبار قبل أسبوعين على الأقل من رحلتك. قد تبدو هذه فترة طويلة لشخص مدمن على الأخبار”. “لست مضطراً للتوقّف فجأة، لكنّ تقليل متابعة الأخبار تدريجياً سيجعلك أكثر هدوءاً بشكل عام”.

مقالات مشابهة

  • محافظ البحر الأحمر يؤدي صلاة العيد بمسجد عبد المنعم رياض بالغردقة وسط حشد من المواطنين
  • صلاة تحت المطر.. بغداديون يحيون شعائرهم في مرقد الشيخ الكيلاني (صور)
  • نائب أمير منطقة الرياض يعزي رياض العتيبي في وفاة زوجته
  • مقدمات نشرات الأخبار المسائية
  • التلفزيون الإسباني الرسمي RTVE يحصل على حقوق نقل مونديال 2026
  • شروط التقديم في 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال
  •  استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة ناسفة قرب خانيونس
  • جاسم العثمان يستعيد ذكريات “مساء الخير” وأول أجر تلقاه من التلفزيون .. فيديو
  • رهاب الطيران يعيق سفرك… هذا ما عليك فعله!
  • قهوة المحطة الحلقة الأخيرة.. رياض الخولي أنهى حياة أحمد غزي