هل ينجح العراق في وقف تهريب الدولار بعد قرار إلغاء المنصة الإلكترونية؟
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
أثار إعلان البنك المركزي العراقي، عن قرب إنهاء العمل بـ"المنصة الإلكترونية"، التي تتم عبرها عمليات التحويل الدولار الأمريكي للخارج، العديد من التساؤلات عن مدى تمكن العراق من منع تهريب العملة الصعبة، وإيقاف عمليات غسيل الأموال.
وفي مطلع عام 2023، أعلن العراق اعتماد منصة إلكترونية من أجل مراقبة حركة بيع الدولار وعمليات غسيل الأموال، وذلك بعد تحذيرات أطلقها البنك الفيدرالي الأمريكي، إضافة إلى معاقبة وزارة الخزانة الأمريكية العديد من المصارف المحلية لتورطها في أعمال مشبوهة.
توفر البديل
وتعليقا على ذلك، قال الخبير الاقتصادي العراقي، مثنى جبار التميمي، إن "البنك المركزي في السابق كان هو من يدير الحوالات للمصارف عبر حساب سويفت، وبالتالي يسيطر على الحوالات بملايين الدولارات، لكن هذا الأمر سبب له مشكلات، لأن بعضها اتهم بغسيل أموال وتمويل إرهاب".
وأوضح التميمي لـ"عربي21" أن "البنك المركزي أنشأ بعد ذلك منصة إلكترونية مشتركة بينه وبين شركة تدقيق دولية (كي تو آي) من أجل مراقبة العمليات المصرفية، وعلى ضوء ذلك كانت تخرج الحوالات المالية".
وأشار إلى أن "النظام الطبيعي المعتمد حول العالم، هو أن المصارف المحلية تكون مؤهلة لإجراء حوالاتها بشكل طبيعي مع المصارف الدولية، لذلك فإن قرب إنهاء مهمة المنصة الإلكترونية يأتي بعد تأهيل بنوك محلية بالتعاون مع الجانب الأمريكي".
ولفت التميمي إلى أن "تأهيل المصارف العراقية، حتى تتمكن من أخذ دورها بشكل في عملية الحوالات مع مصارف دولية كبيرة مراسلة مثل (سيتي بنك، جي بي مورغان) وهذه أيضا لديها تدقيق للحفاظ على سمعتها أيضا. بالتالي أصبح النظام العالمي الطبيعي بديلا عن المنصة".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي، صلاح العبيدي، لـ"عربي21" أنه "رغم أن عمل المنصة الإلكترونية كان هدفه السيطرة على الدولار ومنع حركات غسيل الأموال، لكن جرى التحايل عليها، مع أنها ساهمت في السيطرة على حركة الدولار، وبالتالي اختلفت القضية عن السابق".
وتابع: "الآن على اعتبار أن الكثير من الشركات التجارية جرى تسجيلها في البنك المركزي وطبقت عليها جملة من آليات العمل بعد تجربة المنصة الإلكترونية، بالتالي أصبح للبنك إمكانية أكبر من السابق للسيطرة على الدولار، وإعطاء حرية أكبر للتجار والمستثمرين في العمل".
وبحسب بيان للبنك المركزي، الأربعاء، فإن المنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية بدأت في بداية عام 2023 كمرحلة أولى لإعادة تنظيم التحويلات المالية بما يؤمِّن الرقابة الاستباقية عليها بدلا من الرقابة اللاحقة من خلال قيام الاحتياطي الفيدرالي بتدقيق الحوالات اليومية.
وأضاف البيان، أن ذلك كان "إجراء استثنائيا إذ لا يتولى الفيدرالي عادة القيام بذلك، وجرى التخطيط للتحول التدريجي نحو بناء علاقات مباشرة بين المصارف في العراق والبنوك الخارجية المراسلة والمعتمدة، يتوسط ذلك شركة تدقيق دولية للقيام بالتدقيق المسبق على الحوالات قبل تنفيذها من قبل البنوك المراسلة".
وتابع: "خلال سنة 2024 ولغاية الآن تم تحقيق ما نسبته 95 بالمئة من عملية التحويل من المنصة الإلكترونية إلى آلية البنوك المراسلة مباشرة بينها وبين المصارف العراقية، وذلك يعني أن المتبقي حوالي 5 بالمئة فقط منها داخل المنصة، والذي سينجز تحويله بذات الآلية قبل نهاية هذا العام وحسب الخطة".
تداعيات محتملة
وعن انعكاس إلغاء المنصة الإلكترونية على سعر الصرف في العراق، قال التميمي: "لدينا تخوف من تداعيات التحول من المنصة إلى النظام الطبيعي، وخصوصا في ما يتعلق بسعر صرف الدينار أمام الدولار، والتي من المتوقع أن يحدث إرباكا في السوق".
ورأى التميمي "ضرورة أن يبقى العمل بالمنصة الإلكترونية، بشكل متواز مع عمل المصارف المحلية التي جرى تأهيلها، حتى يحصل انتقال كامل بشكل أسلس في عملية التحويلات المالية، وذلك تجنبا للأزمات والاهتزازات التي تحصل في السوق".
وتوقع الخبير أن "يكون تأخر في حوالات التجار أثناء توقف العمل بالمنصة الإلكترونية، لأن السواد الأعظم من التجار العراقيين، هم من صغار التجار، وبالتالي تعاملهم محدود مع المؤسسات المصرفية، ويكاد ينحصر مع مكاتب الصرافة والسوق السوداء".
وأشار إلى أنه "عند إدخال حوالات التجار إلى المصارف المحلية أثناء عمل المنصة الإلكترونية لم تتمكن الأخيرة من تلبية كل المتطلبات المصرفية، وبعد إلغاء الأخير ستكون الطلبات أكثر لأنها ستضاف إليها الاعتمادات، وبالتالي سيسبب إرباكا في السوق".
ويشهد العراق تفاوتا في سعر الصرف، إذ أن المعتمد من البنك المركزي منذ عام 2022، هو 1320 دينارا مقابل الدور الأمريكي الواحد، لكن في السوق السوداء يصل إلى 1500 دينار للدولار.
وعلى الصعيد ذاته، أكد العبيدي أن "تداعيات إلغاء المنصة على الاقتصاد العراقي مستقبلا يبقى السؤال المطروح، فهل سترتفع أسعار الدولار أمام الدينار أم العكس، رغم البنك المركزي يعتقد بإمكانية استقرار سعر الصرف".
وأوضح العبيدي أن "البنك المركزي يعتقد أن المرحلة الحالية أصبحت أفضل من السابق، لذلك ربما يتيح فرصة أكبر تساهم في استقرار الدولار بالشكل الذي يقترب من سعر الصرف الرسمي، لكن لن تتضح الأمور إلا بتطبيقها ورؤية آليات السيطرة على غسيل الأموال والفساد وتهريب العملة".
ونوه إلى أن "هناك دعوات كثيرة في السابق للتعاقد مع شركات عالمية تتولى عملية التدقيق في الحوالات، لكن اليوم هناك جدية أكبر في هذا الصدد. ونحن نفتقر إلى وجود بنوك عالمية في العراق، كونها تمتلك رصانة كبيرة، وبالتالي كل التحويلات التي تتم عن طريقها تكون تحت السيطرة".
ولفت العبيدي إلى أن "الواقع حاليا أفضل بعد تحديد مجموعة مصارف محلية ومعاقبتها أميركا لتورطها بتهريب العملة، إضافة إلى الاتفاق مع بنوك دولية وسيطة مثل "جي بي مورغان" وغيره، لأن وجود هذه البنوك سيدعم الاستثمار في العراق ويزيد ثقة المستثمرين".
وخلص إلى أن "العراق منذ مدة يسعى إلى جذب بنوك دولية للعمل في البلاد من أجل تأمين مستقبله الاقتصادي ويكون مصدر ثقة من المستثمرين، لأن هذه البنوك رصينة ولديها حسابات موثوقة، وبالتالي تعتمد الحكومة عليها، وتكون البديل الأمثل للمصارف التي كانت تتلاعب بالسوق العراقي".
لكن الخبير الاقتصادي العراقي، صفاء الشمري أكدوا خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، أن رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني، أكد في تصريح سابق عند تدشين المنصة الإلكترونية أن استيرادات العراق كلها 35 مليون دولار في اليوم الواحد.
وأكد الشمري أن "البنك المركزي الآن يبيع يوميا من 250 إلى 280 مليون دولار يوميا، بالتالي نحو 220 مليون دولار خارج نطاق الاستيرادات العراقية، فهي تذهب ما بين التهريب وغسيل الأموال".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "العراق رغم وجود المنصة أخفق في تبيان مصير الدولار الذي يزود العراق به البنك الفيدرالي الأميركي، وبالنتيجة كانت هناك عقوبات أميركية على المصارف العراقية".
وفي الوقت ذاته، أكدت وسائل إعلام محلية عراقية، الأربعاء، أن البنك المركزي العراقي تعاقد مؤخرا مع شركة استشارية دولية "أوليفر وايمان" لتقديم رؤية واضحة حول كيفية استجابة البنوك العراقية لخطوات التي ترضي الفيدرالي الأمريكي، منها دمج مصارف أو إلغاء بعضها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي البنك المركزي العراقي سعر الصرف العراق البنك المركزي سعر الصرف المنصة الالكترونية تهريب الدولار المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المنصة الإلکترونیة الخبیر الاقتصادی المصارف المحلیة البنک المرکزی غسیل الأموال فی العراق سعر الصرف فی السوق إلى أن
إقرأ أيضاً:
سياسة البنك المركزي في ضوء الامتثال المصرفي للمعايير الدولية بين جدل التوقعات والمتطلبات
يحتدم النقاش حول خطوات البنكالمركزي العراقي تجاه الفدرالي الاميركي والخزانة الاميركية والتشكيك بأنها خطوات غير صحيحة في ادارة السياسة النقدية ،لا بل ذهبت آراء اخرى الى التحذير من وقوع انهيار مصرفي نتيجة لتلك الاتفاقات وما سينجم عنها في مطلع العام المقبل من ارتباط للمصارف العراقية /العربية مع البنوك الاميركية المراسلة، وصفته تلك الآراء بالتخبط والخطأ في اتباع سياسات نقدية غير مناسبة للوضع الاقتصادي الحالي.
لذا نقول في هذا الشأن وننبه الى عدم صحة هذه الآراء فيما اذا حملناها على محمل حسن النية، اذ ان الخطوات والاجراءات المذكورة ماهي الا انعكاس لسياسة البنك المركزي لدعم الاقتصاد الوطني في توجهاته نحو تأسيس علاقات مع المصارف المراسلة العربية والدولية والانتقال التدريجي لعمليات تعزيز الرصيد المسبق لحسابات هذه المصارف وهذا ينسجم مع ما اعلنه البنك المركزي العراقي عام 2023 في خطته بالتقليل التدريجي من الاعتماد على المنصة الالكترونية وصولاً لانهاء العمل بها خلال العام 2024 واقتصارها على عمليات تسجيل التحويلات المالية لاغراض الرقابة والتدقيق والتحليل. فقد أكد محافظ البنك المركزي في العديد من المواضع ان البنك المركزي مصمم على دعم المصارف العراقية وتعزيز قدراتها وتهيئتها للعمل وفق الممارسات والاتفاقيات الدولية التي تصب باتجاه بناء وتعزيز قدرات مصارفنا دوليا.
ان اجراءات السياسة النقدية لربط المصارف العراقية والعربية الستة بمصارف عالمية مرموقة وقادرة ومتمكنة،، هو عين الصواب المتناعم مع واقع النشاط والممارسة الدولية في عمليات الاستيراد وتحويل العملات وحركة المالعبرالمصارف العالمية المرموقة .ذلك ان تطبيق هذا الاجراء من المتوقع ان يسهم فيما يأتي:
ضبط عمليات تحويل الاموال وتشخيص الجهات النهائية التي سيصل اليها، ومنه ستكون مفصلا رقابيافي مرحلة ما قبل التحويل بديلا عن المفصل الرقابي البعدي .
الربط المذكور يدعم عددا من مصارفنا المؤهلة تجاه رفع مكانتها مصرفيا وزيادة مقبوليتها ونفاذها عالميا ، ولاسيما ان اغلب المصارف العراقية تعاني من مشاكل ادارية وتنظيمية على المستويين التشغيلي والاستثماري.
تحجيم المصارف التي تقع ضمن القوائم السوداء التي تمارس نشاطات غير رسمية تتأطر حول تهريب او بيع الدولار بالسعر الموازي، على حساب ممارستها للنشاط المصرفي داخل حدود الاقراض والاستثمار .وتحفيزها نحو اعادة بناء نشاطاتها داخل حدود العمل المصرفي الحقيقي.
وبناء على تحقق النقاط اعلاه وفي ضوء تحسن الموقف الدولي من المصارف العراقية بعد اتباعها سياسة الربط والامتثال وما ينجم عنه من ضبط وتحجيم عمليات تهريب الدولار وغسيل الاموال ، فان من المتوقع ان يكون نواة لجذب استثمارات مالية جديدة من الممكن ان تعمل على مسارات التنمية لقطاعات اقتصادية رائدة ، سيتولد استقرار في دورة الطلب على الدولار ومنه استقرار مستويات الاسعار على المستوى متوسط او طويل الاجل.
لامحالة ستحدث فجوة سعرية تعمل على رفع مستويات التضخم لكنها لن تلبث ان تزول بشرط ضرورة المضي بشكل علمي بتنفيذ اجراءات الربط والتحويل الدولي ضمن بنود وتعليمات الامتثال للمعايير الدولية وضرورة تحقق النقاط اعلاه .
لذا وفي هذا السياق نقترح متطلبات عدة لرفع قدرة المصارف العراقية نحو سلوك معايير الإمتثال وتحفيز علاقاتها مع البنوك المراسلة وتعزيز الثقة بادائها، من بينها :
اتباع قوانين الإمتثال والتشريعات الدولية الحديثة،التي تُصدرها المؤسسات والسلطات الرقابية الدولية، منها لجنة بازل، ومجموعة العمل المالي الدولية FATF والتي أصدرت توصياتها الاربعين لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. فضلا عن ان القرارات والقوانين الأميركية الصادرة من وزارة الخزانة، تمثل شروطا اساسية للإمتثال وتشكل حالة مستمرة للقطاع المصرفي في العالم، وليس للقطاع المصرفي العراقي والعربي فقط.
يتوجب على مصارفنا الاستثمار في البنى التحتية اللازمة لمشاريع التنمية العملاقة كطريق التنمية، وتطبيق التكنولوجيا المتطورةالتي تدعم بلوغ مراحل الامتثال الدولي.
دعم كل ما يؤدي الى تعميق الاسهام الفعال لمصارفنا في التنمية عبر اصدار التسهيلات القانونية والتيسير المالي لدعم دورة راس المال المصرفي تجاه التجارة الخارجية والصناعة والاستثمار.
لابد من اعتماد مبدأ الشفافية في العمليات المصرفية واعداد التقارير المالية؛ لبناء ثقة مستدامة مع المجتمع الدولي، واعداد خطة وطنية شاملة لتنمية القدرات والتدريب والتأهيل في مجال الامتثال المصرفي من خلال انشاء مفصل اداريمتخصصلهذا الغرض.
اذن تعد خطوة الربط هذه خطوة استراتيجية للسياسة النقدية للبنك المركزي العراقي، ذلك ان حجم القطاع المصرفي العراقي من الودائع يفوق 100 مليار دولار، مما يعد محفزا على تفعيل عمل المصارف. وفي نفس السياق اذا ما علمنا بان العراق يستورد ماقيمته 70 مليار دولار، فيكون من الاجدى اقتصاديا تغطّية هذه الأموال عبر قطاع مصرفي رصين يفتح اعتمادات ويرتبط مع النظام المالي العالميوالمؤسسات الدولية بكفاءة وشفافية.
يستنتج مما سبق وطبقا لأهمية خطوة الربط والامتثال ، بات على القطاع الخاص أن يكون جاهزاً للشروع فيتطوير وتمويل الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو المنشود. ولا سيما بعد ان أبدى مصرف(جي بي مورغان) الأميركي اخيرا استعداده لدعم عمليات تمويل التجارة العراقية وهوالاكبر حجما ورصانة بين المصارف العالمية، وله دور كبير في عمليات المراسلة فيما بين البنوك على مستوى العالم.