عام على فيضانات درنة.. الكارثة التي تحولت منجما للذهب في ليبيا
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
قبل عام، خلّفت فيضانات عنيفة قتلى ودمارا في درنة الواقعة في الشرق الليبي، التي تحوّلت عمليات إعادة إعمارها إلى منجم ذهب لمعسكر خليفة حفتر، وإلى وسيلة لتوسيع نطاق نفوذه في البلاد، وفقا لخبراء.
وليل 10-11 سبتمبر 2023، ضربت العاصفة دانيال ساحل ليبيا الشرقي، مسبّبة فيضانات كبيرة في درنة، حيث انهار سدّان، مما أسفر عن سقوط نحو 4 آلاف قتيل، وآلاف المفقودين، وأكثر من 40 ألف نازح، بحسب الأمم المتحدة.
وبعد عام على هذه المأساة، يسبب حجم الدمار والحصيلة البشرية التي لم تحدد بعد نهائيا الصدمة، في وقت كشفت فيه أعمال إعادة البناء عن شبهات فساد في هذا البلد الغني بالنفط.
وفي ظل الخصومات وانعدام الأمن منذ سقوط نظام معمر القذافي ومقتله عام 2011، انقسمت ليبيا إلى معسكرين متناحرين، يتمثل الأول في الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، التي تتخذ في طرابلس مقرّا بقيادة عبد الحميد الدبيبة، بينما يتمثّل الثاني بسلطة تنفيذية مقابِلة بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يسيطر على الشرق وجزء كبير من الجنوب.
وفي الأشهر الأخيرة، تحوّلت درنة التي كان عدد سكانها 120 ألف نسمة قبل الكارثة، إلى موقع بناء ضخم تتقدم فيه مشاريع البناء بسرعة كبيرة، مع استبعاد أي دور في ذلك للسلطات في طرابلس، الواقعة على أكثر من 1300 كيلومتر.
وفي فبراير، أنشأ عقيلة صالح رئيس البرلمان الذي يتخذ في الشرق مقرّا "صندوق تنمية وإعمار ليبيا" برئاسة بلقاسم حفتر (43 عاما) أحد أبناء حليفه، خليفة حفتر.
ويقول أنس القماطي مدير معهد الصادق لوكالة فرانس برس، إنّ صالح "أعطى بلقاسم 10 مليارات دينار (حوالى ملياري دولار)"، في ما يشكّل "شيكا على بياض من دون أي رقابة".
ويضيف أنّ هذا الصندوق يعدّ "مؤسسة منيعة، إذ يتم ابتلاع المليارات وتظهر مبانٍ من دون التأكّد من جودتها وبتكاليف مختلفة عمّا هي في الواقع".
ويؤكد هذا الخبير أنّه كان ينبغي إخضاع إعادة الإعمار هذه لإشراف وكالات الأمم المتحدة والمسؤولين المنتخبين محليا، "مع اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد".
من جهته، يقول جلال حرشاوي الباحث المتخصص في الشؤون الليبية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنّ "الغموض الذي يحيط بهذه المشاريع يثير تساؤلات بشأن احتمال إساءة استخدام الأموال العامة".
غير أنّ الخبيرين يؤكدان أنّ الصندوق لا يُدر مكاسب مالية فقط. ويشير القماطي في هذا السياق، إلى أنّ "أبناء حفتر يبنون منصة انطلاقهم السياسية. وكلّ لبنة يتم وضعها في درنة هي نقطة انطلاق لخطّة خلافتهم (لوالدهم الثمانيني) التي تموّلها المأساة".
ويوضح حرشاوي أنّه بالنسبة إلى بلقاسم حفتر الذي، على عكس شقيقيه صدام وخالد، لا يقوم بدور عسكري، فإنّ "الوعد بإعادة بناء ليبيا بأكملها، بما في ذلك طرابلس، يوفّر إمكانية تشكيل هوية سياسية على المستوى الوطني والدولي".
ويضيف هذا الخبير أنّه من خلال "هذا الحكم الاستبدادي... تستخدم الأُسرة ككل رأس مال سياسيا ودبلوماسيا ضخما وتظهر الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة على أنّها غير فعّالة وغير ضرورية".
والخميس، أشاد بلقاسم حفتر، خلال زيارة إلى الجنوب، واكبتها وكالة فرانس برس، بـ"نسبة إنجاز مرتفعة جداً، يعني تفوق الـ70 في المئة في جميع المشاريع" في درنة. وقال "قمنا باستكمال ألفي وحدة سكنية وأنشأنا 1500 وحدة سكنية (جديدة) بسبب العجز الكامل والكبير في السكن في درنة".
كذلك، أشار إلى "صيانة شبكة الكهرباء والطرق والبنية التحتية"، موضحا في الوقت ذاته أنّ "جميع المدارس (تلقّت) صيانة كاملة... وقمنا بإنشاء مدارس جديدة".
وعلى الصعيد القضائي، تقدّم البحث عن المسؤولين عن الكارثة في إطار تحقيق بدأ منذ عام، خصوصا أنّ السدود في درنة التي بنتها شركة يوغوسلافية في السبعينيات، لم تتلقَّ إلّا صيانة بسيطة على الرغم من تخصيص ميزانية لذلك.
وفي نهاية يوليو، أُدين 12 موظفا مسؤولا عن إدارة هذه السدود، بأحكام تراوح بين تسعة أعوام و27 عاما.
غير أن التحقيق الذي تجريه النيابة العامة الوطنية لم يتجاوز مستوى رئيس بلدية درنة وهو أيضا ابن شقيق عقيلة صالح. وقد أحرق متظاهرون غاضبون منزله بعد وقت قصير على وقوع المأساة.
ويضاف إلى ذلك، ثمة جدل آخر يتعلّق بعدد الضحايا الذي يُشتبه في أنّ السلطات في الشرق تحاول تقليله.
وقال كمال السيوي رئيس الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين لوكالة الأنباء الليبية (وال)، إنّ "الهيئة أنجزت ما يقارب 98 في المئة من ملفات أسر ضحايا كارثة إعصار درنة، وما زالت جهودها (جارية) في التعامل مع هذا الملف".
وأضاف أنّه "تم أخذ عينات الحمض النووي من كل الجثامين"، موضحا أنّ الهيئة "التزمت بالقوائم التي احيلت إليها من مكتب النائب العام ومن النيابة".
ولكن إلى جانب الأشخاص المدفونين الذين يبلغ عددهم 3800 شخص، تمّ جمع ما لا يقل عن "10 آلاف عيّنة من الحمض النووي من أقارب لمفقودين" خلال عام واحد، وذلك "باستثناء العائلات التي ليس لديها ناجون"، وفقا للقماطي الذي يقدّر الحصيلة الحقيقية بـ"ما بين 14 ألف و24 ألف" ضحية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی درنة
إقرأ أيضاً:
تعرف على ميلانيا ترامب "الجديدة".. كيف تحولت عشية تنصيب زوجها
في عشية تنصيب دونالد جيه ترامب رئيساً للولايات المتحدة، أوضحت السيدة الأولى القادمة لأمريكا ميلانيا ترامب شيئاً واحداً، وهو أنها لن تكتفي بدور ثانوي.
وتبدو ميلانيا ترامب عازمة على إنتاج وإخراج دور البطولة الخاص بها، وفق "دايلي ميل"، وفي يوم الخميس، تم تصوير عارضة الأزياء السابقة التي تبلغ من العمر 57 عاماً، والتي تشتهر بخصوصيتها، وهي تلتقي بالملكة رانيا ملكة الأردن في منتجع مار إيه لاغو، الخاص بترامب في بالم بيتش.
وأظهرت الصورة، المنشورة على حساب الملكة على إنستغرام، الاثنتين وهما تتناولان القهوة، وتنخرطان في حديث، ويتساءل المرء عما إذا كان طاقم الفيلم الوثائقي، الذي يتتبع ميلانيا منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكنا من التقاط جوهر دردشتهما.
ووقعت السيدة الأولى السابقة والمستقبلية صفقة بقيمة 40 مليون دولار مع شركة أمازون المملوكة للملياردير جيف بيزوس لإنتاج فيلم وثائقي طويل وسلسلة وثائقية لاحقة عن حياتها العملية، مع ظهور زوجها دونالد وابنه بارون.
وميلانيا منتجة تنفيذية للمشروع، ولم يتضح بعد مقدار الراتب الذي سيذهب إلى محفظتها، لكن من المتوقع أن يكون المبلغ كبيراً.
وكل هذا يشكل تغيراً كبيراً عن السنوات الأربع الأولى لميلانيا في دائرة الضوء في العاصمة واشنطن، عندما استضافت عددا قليلاً من الأحداث العامة، وأجرت عدداً أقل من المقابلات الإعلامية، وظلت بعيدة عن الأنظار إلى حد كبير، ووراء هذه النسخة الثانية من ميلانيا، كما قيل لصحيفة ميل حصرياً، عزم جديد، إذ تريد ميلانيا السيطرة وما تعتقد أنها تستحقه.
"المال أولويتها"
وقال مصدر مطلع على تفكير السيدة الأولى: "المال هو أولويتها الأولى".
ومن المعروف أن ميلانيا قضت سنواتها بين فترات عملها في البيت الأبيض في العودة إلى عالم الأعمال، ففي ديسمبر (كانون الأول) 2021، باعت NFTs - أعمال فنية رقمية تحمل عنوان "رؤية ميلانيا" وتباع بالتجزئة مقابل 150 دولاراً، وبحسب ما ورد ذهب جزء على الأقل من العائدات إلى الأطفال والمراهقين الذين خرجوا من نظام رعاية الأطفال.
كما كانت السيدة الأولى مشغولة ببيع زينة عيد الميلاد والمجوهرات، وكانت هناك مذكراتها الأكثر مبيعاً في نيويورك تايمز، والتي صدرت في يوليو (آيار)، والتي ورد أنها لم تتلق دفعة مقدمة كبيرة لكتابتها، ولكن من المرجح أنها تدر مدفوعات جيدة.
وقال المصدر: "لقد أرادت دائماً أن يُنظر إليها على أنها سيدة أعمال ذكية".
مبلغ من 6 أرقام
وفي أحد الأحداث القليلة لحملة الانتخابات الرئاسية لعام 2024 التي حضرتها، ورد أن ميلانيا حصلت على راتب مكون من ستة أرقام.
وتم الكشف عن الدفعة في نموذج الإفصاح المالي الذي قدمه ترامب في أغسطس (آب)، وقد أظهرت هذه الوثائق أن ميلانيا حصلت على 237500 دولار مقابل "مشاركة في الحديث" في فعالية لجمع التبرعات لزوجها، نظمتها جماعة Log Cabin Republicans في أبريل (نيسان) ومع ذلك، يظل الشخص أو الكيان الذي أصدر الشيك مخفياً.
وقال متحدث باسم جماعة Log Cabin Republicans - وهي جماعة محافظة لشبكة CNN إنهم لم يدفعوا لها.
ولقد فوجئ خبراء الأخلاقيات بهذا الكشف، وقالت فيرجينيا كانتر، المستشارة الأخلاقية الرئيسية في جماعة Citizens for Responsibility and Ethics غير الحزبية، عن الدفعة الضخمة في ذلك الوقت: "يبدو الأمر أنانيا للغاية، من ملاحظتي العامة، لست معتادة على رؤية ذلك".
ولا شك أن التكهنات بأن ميلانيا ستحاول الآن الاستفادة من ترشحها الثاني للبيت الأبيض تثير تساؤلات حول الأخلاق، ولكن ليس بالضرورة حول الشرعية.
ويحظر بند المكافآت في الدستور على المسؤول الفيدرالي المنتخب الاستفادة من منصبه العام، لكن منصب السيدة الأولى هو منصب فخري، ولم يتم ذكره في الدستور أو في القانون الفيدرالي.
وقال مكتب أخلاقيات الحكومة لصحيفة ميل: "لا تنطبق قواعد الأخلاق لأن هذا الشخص ليس موظفاً حكومياً".
ولم يجب مكتب ميلانيا بشأن أنها تخطط لمواصلة مشاريعها المهنية بعد يوم التنصيب، رغم أنها بالتأكيد لن تكون أول من يفعل ذلك، حيث قامت السيدة الأولى السابقة جيل بايدن بالتدريس في كلية مجتمع شمال فيرجينيا أثناء وجودها في البيت الأبيض، ونانسي ريغان، عندما كانت السيدة الأولى، تلقت إتاوات عن أعمالها السينمائية والتلفزيونية والإذاعية السابقة، والتي تبرعت بها للجمعيات الخيرية.
رسالة مبطنة
ويبدو أيضاً أن هناك قوة أخرى تدفع ميلانيا أيضاً، حيث قال مصدر: "إنها تريد أن يكون لها سيطرة كاملة على ما يراه الناس، لطالما تم الاعتراف بالسيدة الأولى كشخص يتمتع بقدرة فائقة على التحكم في الذات، والآن يبدو أنها تسعى إلى السيطرة على الآخرين".
وعندما واجهت ميلانيا الجمهور خلال فترة ولاية ترامب الأولى، تحولت إطلالاتها غالباً إلى أخطاء علاقات عامة تشتت الانتباه، وليس أقلها ما حدث أثناء زيارتها لمرفق احتجاز الأطفال المهاجرين في يونيو (حزيران) 2018.
حينذاك ارتدت السيدة الأولى التي تعشق الموضة، سترة خضراء عسكرية مكتوب عليها "أنا حقاً لا أهتم. هل تهتم أنت؟"، كتبت بطلاء أبيض على الظهر، وفي غياب أي تفسير أولي من ميلانيا، فسر المنتقدون الأمر على أنه رسالة مبطنة حول سياسة فصل الأسرة، المثيرة للجدل، التي انتهجها زوجها على الحدود.
وبعد أشهر - في أعقاب عاصفة من التغطية الإعلامية السلبية - زعم المتحدث باسم ميلانيا أن السترة ليس لها "معنى خفي"، ولكن بعد سنوات، في مذكراتها، صححت ميلانيا السجل، قائلة إنها كانت ترسل رسالة بعد كل شيء.
وكتبت: "كنت مصممة، على عدم السماح للسرديات الإعلامية الكاذبة بالتأثير على مهمتي لمساعدة الأطفال والأسر على الحدود".
"تحرير ميلانيا".. الاستعداد
إن هذه الشكوى من التقارير الإعلامية الكاذبة تعود إليها ميلانيا بشكل متكرر، وربما لسبب وجيه، ففي فترة ولاية ترامب الأولى، وصفها المنتقدون بأنها منعزلة وأسوأ من ذلك، وفي مرحلة ما، روج المتصيدون على الإنترنت لحركة "تحرير ميلانيا"، مما أثار المؤامرة القائلة بأنها أسيرة لطموحات زوجها السياسية.
وقال أحد المطلعين لصحيفة ميل: "إن أكبر مخاوف عائلة ترامب هي الصحافة السيئة، إنهم يكرهون الصحافة المسيئة، إنهم مهووسون بها".
والآن، توضح ميلانيا أن هذه المرة ستكون مختلفة، في مقابلة مطولة مع فوكس نيوز يوم الاثنين، تحدثت بصراحة غير عادية وغير نمطية حول هذا الموضوع، قالت: "أشعر فقط أن الناس لم يقبلوني، ربما، ولم أحظ بالكثير من الدعم، ربما ينظر إلي بعض الناس باعتباري مجرد زوجة للرئيس، لكنني أقف على قدمي، مستقلة".
وإذا كان هناك كلمة لوصف ميلانيا في ولايتها الثانية، فهي الاستعداد، وفق مراقبين.
وقالت الدكتورة كاثرين جيليسون، أستاذة في جامعة أوهايو وخبيرة في شؤون السيدات الأوليات: "أتخيل أنها تشعر بالتأكيد بأنها تعرف بشكل أفضل المخاطر وتعرف ما لا ينبغي لها فعله".
وقالت ميلانيا لفوكس نيوز: "أعرف إلى أين سأذهب، أعرف الغرف التي سنعيش فيها، أعرف العملية".