خبراء اقتصاد في إسرائيل: أزمة مالية متوقعة تزيد صعوبة الحرب
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
أكد تحليل أجراه كبير الخبراء الاقتصاديين السابق في وزارة المالية الإسرائيلية، يوآف نافيه، ونائبه في هذا المنصب، ليف دروكر، على مخاطر أزمة مالية خلال السنوات الثلاث حتى الخمس المقبلة "مرتفعة"، ومن شأنها أن تؤدي إلى ركود اقتصادي وتزايد المخاطر الأمنية على إسرائيل بسبب صعوبة تمويل الإنفاق الأمني.
ويرى الخبيران الاقتصاديان، بعد استمرار الحرب على غزة منذ 11 شهرا، أنه "لن يكون بالإمكان الافتراض أن تنتهي الحرب قريبا، وإمكانية أن مستوى القتال الحالي سيستمر طوال العام 2025 ليس مستبعدا"، خلافا لتقديرات بنك إسرائيل بحدوث انتعاش اقتصادي في العام المقبل، وفق ما ذكرت صحيفة "ذي ماركر" اليوم، الأحد.
وجاء في تحليل الخبيرين أن "تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي تبرز في أي مكان، بعد أكثر من عشرة أشهر من القتال"، وأن "خفض تدريج إسرائيل الائتماني وارتفاع علاوة المخاطر، والارتفاع الهائل في الإنفاق الأمني والمدني، ونتيجة لذلك العجز المتراكم في ميزانية الدولة، الانخفاض الحاد في الاستثمارات، ووتيرة تضخم الذي استقر عند السقف الأعلى للهدف، يرسم مسارا آخذ بالازدياد في نسبة الدَين من الناتج، ومخاطر أزمة اقتصادية شديدة في المستقبل المنظور".
ويعزز مخاطر الأزمة بشكل كبير "عجز الحكومة غير القادرة على توجيه سياسة اقتصادية، ويدل على ذلك إرجاء المداولات حول ميزانية الدولة للعام 2025"، وفق ما جاء في تحليل الخبيرين.
وحول الأزمة المالية الإسرائيلية المتوقعة، كتب الخبيران أنها ستكون مشابهة للأزمة خلال الانتفاضة الثانية، في العام 2002، وأنه "في هذه الأزمة سيفقد المستثمرون الثقة بقدرة الدولة على تسديد ديونها، وعوائد سندات الدين سترتفع ولن تكون الحكومة قادرة على تمويل إنفاقها".
وأضافا أن "أزمة مالية كبيرة التي من شأنها باحتمال مرتفع أن تجرّ الاقتصاد كله إلى ركود عميق هي خطر أمني أيضا، إذ أن مناعة إسرائيل الاقتصادية تسمح بتمويل الإنفاق الأمني وتنشئ دعامة أمن اقتصادية لمواجهة أحداث أزمة أمنية".
وأشارا إلى أن إنفاق الحكومة في العام الحالي ارتفع بنسبة 33%، وهذا بالأساس نتيجة ارتفاع الإنفاق الأمني، بينما الإنفاق المدني ارتفع بنسبة 16%، وبالرغم من ارتفاع دخل الدولة من الضرائب إلا أنه لا يغطي الارتفاع الكبير في الإنفاق، ونتيجة لذلك ارتفع العجز في الميزانية إلى 8%، وتوقع الخبيران أن يصل في أيلول/سبتمبر الجاري إلى 10%.
وخلص الخبيران إلى أن "تصريحات رئيس الحكومة ووزير المالية، وعدم إجراء مداولات حول ميزانية العام 2025، وقرارات الحكومة حول اختراق آخر لإطار ميزانية العام 2024، تدل على أن الحكومة الإسرائيلية لا تدرك حجم المشكلة الاقتصادية الماثلة أمامها وتحتار تجاهل المخاطر المقرونة بمس شديد بالاقتصاد الإسرائيلي ونتيجة لذلك بالأمن القومي".
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: الإنفاق الأمنی
إقرأ أيضاً:
«بوليتيكو»: الحرب التجارية بين أمريكا والاتحاد الأوروبي في صالح «الصين»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت صحيفة “بوليتيكو” إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بحاجة إلى التخلى عن الحرب التجارية مع الاتحاد الأوروبى ومواجهة العدو الحقيقي.
وأوضحت “بوليتيكو” فى تحليل لها أنه بعد ستة عشر عامًا من القرارات غير السليمة استراتيجيا والمدمرة للذات، يريد المستشار الألمانى المعين فريدريش ميرز، التغيير ويحتاج إليه بشدة. و"ميرز" مصلح محافظ، وحكومته الجديدة هى الفرصة الأخيرة للبلاد لتحقيق النمو الاقتصادي، وآخر ما يحتاج إليه هو حرب تجارية مع الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة، أنه من المؤسف أن هذا هو بالضبط ما بدأه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؛ حيث هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة ٢٥ ٪ على الواردات الأوروبية. والهدف الأول هو صناعة السيارات الألمانية ــ العمود الفقرى للاقتصاد الأوروبي.
وأضافت "بوليتيكو" أن الواقع من تهديدات "ترامب" للرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، الصاخبة بفرض رسوم جمركية على الحلفاء الأوروبيين تثير نفس الأسئلة؛ فهل كلماته مجرد جزء مما يراه ديناميكية تفاوضية ستنتهى باتفاق مقبول؟ أم أنه يعتقد حقا أن شعار "أمريكا أولًا" يعنى أمريكا وحدها ــ الحلفاء القدامى الذين تم إبعادهم جانبًا. فقد ألقى محاضرة على "زيلينسكي" قائلًا له: "ليس لديك الأوراق". ولكن فيما يتصل بالتجارة، تمتلك ألمانيا وغيرها من الاقتصادات الغربية أوراقا سيكون من النكسة الرهيبة أن تلعب بها".
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى أكبر وثالث أكبر اقتصادين فى العالم على التوالى من شأنها أن تدمر آمال "ميرز" فى النمو وتزيد من إضعاف الكتلة. ولكنها من شأنها أيضًا أن تدفع التضخم فى الولايات المتحدة، وتعاقب وتحبط الطبقات الدنيا والمتوسطة فى أمريكا، وتؤدى إلى نتائج عكسية على إدارة ترامب. وعلاوة على ذلك، فإنها لن تؤدى إلا إلى تعزيز ثانى أكبر اقتصاد فى العالم "الصين".
وهذا أمر مثير للسخرية؛ لأن الصين هى التهديد الحقيقى هنا، وليس أوروبا، ولا ألمانيا.
تجنب الحرب
قالت "بوليتيكو": "أولًا وقبل كل شيء، إن انزعاج "ترامب" من العلاقة التجارية الحالية بين أوروبا وأمريكا أمر مفهوم. فالعجز التجارى ضخم. ويبلغ ٢٣٥.٦ مليار دولار ــ بزيادة قدرها ١٢.٩٪ منذ عام ٢٠٢٣. وتفرض دول الاتحاد الأوروبى تعريفة جمركية متوسطة تبلغ ٥٪ على السلع الأمريكية، فى حين تفرض الولايات المتحدة تعريفة جمركية متوسطة تبلغ ٣.٣٪ على السلع الأوروبية. والأسوأ من ذلك أن الاتحاد الأوروبى يفرض تعريفة جمركية بنسبة ١٠٪ على واردات السيارات ــ أى أربعة أمثال التعريفة الجمركية الأمريكية البالغة ٢.٥٪"، فالعلاقة غير متكافئة؛ ما يصب فى صالح الشعب الأمريكي".
ويتعين الآن أن يتم تغيير هذا الوضع ــ وهو أمر ممكن ــ ولكن ليس من خلال سباق متبادل لفرض تعريفات جمركية أعلى؛ بل يتعين بدلًا من ذلك خفض التعريفات الجمركية ومراعاة التماثل.
ومن الناحية المثالية، ينبغى أن تكون التجارة بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة خالية من التعريفات الجمركية.
لكن إذا كان هذا غير قابل للتحقيق؛ فينبغى أن تكون التعريفات الجمركية فى المتوسط ٢٪ على الجانبين، وهذا من شأنه أن يخلق حافزاً هائلاً لكلا الاقتصادين، وقد يشكل الأساس والشرط المسبق لما هو ضرورى وجوديا: استراتيجية تجارية مشتركة بشأن الصين.
ومنذ أن أصبحت الصين عضوًا كامل العضوية فى منظمة التجارة العالمية فى ديسمبر ٢٠٠١، عملت على التلاعب بالتجارة الحرة لتحقيق مكاسبها الذاتية لكى تصبح ثانى أكبر اقتصاد فى العالم.
وقد كانت هذه التطورات نتيجة لقواعد غير متكافئة. فعند انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، كانت الصين تعد دولة نامية، وفى المقابل كانت تتمتع بالعديد من الامتيازات والإعفاءات، فضلًا عن الإعانات التى كانت محظورة على الآخرين. وكانت النتيجة عكسية تماماً لمبدأ المعاملة بالمثل.
لقد تصرفت منظمة التجارة العالمية على أساس نموذج كان موضع شك لفترة طويلة: التغيير من خلال التجارة.
وكانت الفكرة التى دعا إليها الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون والمستشار الألمانى السابق هيلموت كول والعديد من زعماء العالم الآخرين هى أنه كلما زادت الديمقراطية فى التعامل التجارى مع الدول غير الديمقراطية، كلما زادت انفتاح هذه الأخيرة، وزادت الحرية. كان هذا ساذجا. لقد حدث التغيير من خلال التجارة بالفعل، ولكن فى الاتجاه المعاكس. فمنذ عام ٢٠٠١، أصبحت الصين أكثر استبداداً وأقل حرية من عام إلى آخر. إن رأسمالية الدولة التى يتبناها الحزب الشيوعى الصينى هى الشكل الأكثر كفاءة للرأسمالية حتى الآن، لأنه لا توجد قيود تنظيمية أو أخلاقية، ولا تتأخر القرارات بسبب أى ضوابط وتوازنات ديمقراطية، ويوفر نظام المراقبة الصينى إمكانية الوصول إلى جميع البيانات السلوكية لـ ١.٤ مليار شخص.
لذا؛ فبدلًا من تفاقم الضرر الذى ألحقناه بالفعل باقتصاداتنا من خلال بدء حرب تجارية، ينبغى لألمانيا والولايات المتحدة أن تفعلا العكس وتتعاونا.
ويتعين علينا أن نؤسس لاستراتيجية تجارية (ودفاعية) عبر الأطلسى حقيقية تقوم على تعريفات جمركية منخفضة بشكل متماثل أو، أفضل من ذلك، خالية منها على الإطلاق. ومن ثم يمكننا أن نبدأ مفاوضات مشتركة مع الصين لوقف الممارسات غير العادلة وبناء بنية تجارية تصب فى مصلحتنا.
إعادة التفاوض
وأضافت "بوليتيكو"، إن الأمر واضح للغاية: إذا أعاد أكبر اقتصاد فى العالم التفاوض على الشروط مع ثانى أكبر اقتصاد، فسيكون هناك تقدم ولكن من غير المرجح أن يحدث اختراق. ومع ذلك، إذا تفاوض أكبر اقتصاد فى العالم جنبًا إلى جنب مع ثالث أكبر اقتصاد، فإن احتمالات حدوث اختراق ستكون أكبر بكثير.
إن الاتفاق بين ميرز "والاتحاد الأوروبي" و"ترامب" قد يكون بسيطًا للغاية، خفض التعريفات الجمركية إلى الصِفر، أو على الأقل إلى متوسط ٢ ٪ على الجانبين، والاتفاق على استراتيجية تجارية مشتركة بشأن الصين. إن إبرام اتفاق عبر الأطلسى جديد من شأنه أن يمنحنا اليد العليا فى التعامل مع الخصم الحقيقى وهو ما يعنى أن الطرفين مربحان. والواقع أن الحرب التجارية بين الحلفاء لا يمكن أن تكون إلا خسارة للطرفين.
وإذا كان ترامب جادًا بشأن "أمريكا أولًا"، فهناك شيء واحد يجب أن يتقبله ــ لا ينبغى أن يعنى ذلك "أمريكا وحدها". إن المزيد من النفوذ على طاولة المفاوضات مع الصين، والاقتصاد الأمريكى السليم الخالى من التضخم، وألمانيا المزدهرة القادرة على تحويل الاتحاد الأوروبى المتعثر، من شأنه أن يصب فى مصلحة الشعب الأمريكى وأوروبا.