كييف- استقبلت أوكرانيا سبتمبر/أيلول الجاري بزوبعة استقالات وإقالات مفاجئة، ثم بتعيينات شملت 9 وزراء جدد في المجلس الحكومي الذي يضم 19 وزيرا، مع نقل وزراء سابقين إلى مواقع ومناصب أخرى، بعضها في "مكتب الرئاسة".

ومن المفترض أن تشمل زوبعة "التغيير العظيم" هذه، كما يقول نواب في حزب "خادم الشعب" الحاكم، 50% من باقي موظفي الوزارات أيضا، مع مساءلة وزراء سابقين، وتوجيه تهم التقصير والفساد إلى مسؤولين بارزين في مؤسسات حكومية ومواقع عسكرية حساسة، من أبرزهم رئيس شركة "أوكر إنيرهو" للطاقة، ونائب وزير الدفاع، ورئيس أركان "النظم المسيرة" في الجيش.

وجاءت أبرز التعيينات الجديدة في أوكرانيا على النحو التالي:

أندريه سيبيها وزيرا للخارجية خلفا لدميترو كوليبا، وكان قبل ذلك نائبا لمدير مكتب الرئاسة. أولغا ستيفانيشينا وزيرة للعدل، مع احتفاظها بمنصب نائبة رئيس الوزراء لشؤون التكامل اليورو أطلسي. أوليكسي كوليبا وزيرا للتنمية، ونائبا لرئيس الوزراء لشؤون إعادة الإعمار، بعد أن كان نائبا لرئيس مكتب الرئاسة، ورئيسا للإدارة العسكرية الإقليمية في كييف. هيرمان سميتانين على رأس وزارة الصناعات الإستراتيجية، بعد أن كان مدير عاما لصناعة الدفاع الأوكرانية.

وفي أبرز الإقالات جاءت إيرينا فيريشتشوك، التي عينت نائبة لمدير مكتب الرئاسة، بعد إقالتها من منصب نائب رئيس الوزراء ومنصب وزيرة إعادة دمج الأراضي المحتلة.

أندريه سيبيها أصبح وزيرا لخارجية أوكرانيا خلفا لدميترو كوليبا (رويترز) تجديد أم تفرد بالقرار؟

في مكتب الرئاسة وأروقة الحزب الحاكم، كل ما حدث وسيحدث ضروري لتعزيز عمل الحكومة في مجالات داخلية، كزيادة التفاعل بين الحكومة المركزية والمجتمعات المحلية، وزيادة حجم الإنتاج الدفاعي.

أما على المستوى الخارجي، فالتغييرات ضرورية -بحسبهم- لتعزيز العمل مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتحقيق مزيد من الخطوات على طريق عضوية الاتحاد الأوروبي.

ويرى أنصار هذا التوجه أنه لا يعبر عن خلافات أو انقسامات داخل الحكومة، ومنهم إيهور بيترينكو، أستاذ العلوم السياسية وخبير في مركز "أوكرانيا الموحدة" للتحليل. يقول بيترينكو للجزيرة نت "ما يجري في أوكرانيا هو عملية تغيير تنظيمية كبيرة متطابقة مع التشريعات الأوروبية، وترتبط ارتباطا مباشرا بتكاملنا الأوروبي".

ودلل على ذلك بالقول إن "ما حدث أشبه بتناوب على مراكز صنع القرار، للابتعاد عن الروتين وخشية الفساد. لهذا السبب رأينا أن بعض الوزراء سينتقلون إلى مكتب الرئيس، والبعض الآخر أصبحوا وزراء بعد أن كانوا في المكتب، أو في مواقع إدارية أخرى".

لكن آخرين يأخذون على "مكتب الرئاسة" تفرده بقرار التغيير هذا، ويخوضون في أسباب شخصية تدفع الرئيس فلوديمير زيلينسكي و"أعوانه" إلى "احتكار" السلطة.

إينا فيديرنيكوفا الكاتبة بصحيفة "مرآة الاسبوع" (زيركالا نيديلي) المحلية، كتبت تقول "بدلا من إنشاء حكومة ائتلافية مبنية على أساس المهنية وثقة الشعب، زاد زيلينسكي عدد الموالين له في مجلس الوزراء ومساحة دائرة حكمه. والأمر يتم على أساس الولاء، والقرب من شخص الرئيس وبعض أعوانه في مكتب الرئاسة، وعلى رأسهم مدير المكتب أندري يرماك".

وفي ذات السياق، قال ياروسلاف جيليزنياك، النائب عن حزب "الصوت" (هولوس) للجزيرة نت "في نظام السلطة الحالي منصب الوزير فني وغير مهم إلى حد ما. لقد شهدنا ببساطة تغييرا في أسماء الوزراء أصبحت لدينا حكومة خاصة بزيلينسكي، لا وزن فيها حتى لرئيس الوزراء دينيس شميهال. لا يمكن للوزراء بناء سياساتهم الخاصة وفرق عملهم بشكل مستقل عن إرادة الرئيس".

وأضاف أيضا "قضينا 14 شهرا دون وزير ثقافة، وهذا يثبت أن طريق التغييرات السريعة يمر حصرا عبر مكان واحد وبإرادة شخص واحد (مكتب الرئيس وشخصه)".

أولغا ستيفانيشينا عيّنت وزيرة للعدل مع احتفاظها بمنصب نائبة رئيس الوزراء لشؤون التكامل اليورو أطلسي (غيتي) تستر على "فضائح مدوية"

وتأتي هذه التعديلات أيضا على خلفية فضائح مدوية جديدة، أبرزها كان هروب النائبين عن حزب "خادم الشعب" الحاكم، أوليكساندر دوبينسكي، وأرتيم دميتروك، خارج البلاد، ثم توجيه اتهامات ضدهما بالفساد.

ثم أثارت عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، النائبة ماريانا بيزوهلا، قضية حصول زوجة رئيس أركان "النظم المسيرة" في الجيش، رومان هلادكي، على الجنسية الروسية في القرم سنة 2014، ومشاركة ابنته في منافسات رياضية لصالح روسيا بالقرم.

وبعد ذلك، وُجهت اتهامات جديدة في وزارة الدفاع إلى رئيس دائرة المشتريات، بوهدان خميلنيتسكي، تتعلق باختلاس 1.2 مليار هريفنيا (نحو 292 مليون دولار) عن طريق رفع أسعار الوقود والسلع المشتراة لصالح الجيش.

وآخر الفضائح تتعلق بهدر أموال خصصتها الحكومة لتعزيز أمن نظام الطاقة ضد الضربات الروسية، واتهامات لزيلينسكي بالسعي إلى الإطاحة برئيس شركة "أوكر إنيرهو" للطاقة، فولوديمير كودريتسكي، ككبش فداء لصرف النظر عن عجز الحكومة إزاء استمرار تعرض نظام الطاقة للضربات والضرر.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية أندري زولوتاريف للجزيرة نت "تم التخطيط لتغيير مكونات الحكومة منذ فترة طويلة، وتم تأجيل ذلك بسبب تركيز القيادة الأوكرانية خلال فصلي الربيع والصيف على المفاوضات مع الشركاء الغربيين من أجل تلقي المساعدة العسكرية والمالية".

وتابع "لكن الحاجة إلى هذا التغيير أصبحت ماسة، فالرئيس فولوديمير زيلينسكي يشعر بالقلق بسبب تراجع شعبيته وزيادة المشاعر السلبية ضده بسبب المسؤولين المهملين ووجود العديد من المشاكل التي تثير سخط المجتمع".

رجال إطفاء أوكرانيون يخمدون حريقا في منشأة للطاقة تضرر بسبب ضربة صاروخية روسيا في وقت سابق (رويترز) هل تحقق التغييرات أهدافها؟

وبينما يترقب الأوكرانيون نتائج هذه التغييرات لتحسين ظروف معيشتهم وتحديد أفق لنهاية الحرب الروسية المستمرة على البلاد منذ فبراير/شباط 2022، يتخوف مراقبون من عدم إمكانية تحقيق كل أهدافها.

ويرى مدير مركز دراسات المجتمع المدني فيتالي كوليك أن "الحاجة إلى هذه التغييرات في مجلس وزراء أوكرانيا محل تساؤل كبير. جودة الإدارة لن تتغير، لأنه لا توجد إستراتيجيات جديدة في الوزارات، ولا يوجد تعديل على الإستراتيجيات القديمة".

ويضيف في حديث مع الجزيرة نت "كان على الوزراء المنتهية مهامهم الحديث بصراحة أمام البرلمان حول ما حققوه وما لم يفعلوا. الشكل العاجل من التناوب وتجديد الدماء والطاقات والنشاط، الذي تتحدث عنه الحكومة ومؤيدوها، لن يصحح المسار أو يغيره، ولن يسهم بإعادة تشغيل حقيقية لنظام الدولة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مکتب الرئاسة رئیس الوزراء

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اجتماع عبر الإتصال المرئي عقده رئيس الحكومة اليمنية مع رئيس وسفراء بعثة الإتحاد الأوروبي

أكدت الحكومة اليمنية حرصها على تطوير مستوى الشراكة والتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية، واهمية اتخاذ مواقف صارمة تجاه الحرب الاقتصادية لمليشيات الحوثي ضد الشعب اليمني، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الانسان، بما في ذلك اختطاف الموظفين الامميين والدوليين.. مشددة على ضرورة إبقاء اليمن على جدول الأعمال الدولي، نظراً للتحديات الاقتصادية والأمنية المستمرة.

وعقد رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، اليوم الاثنين، اجتماعاً موسعاً مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي غابرييل فيناليس، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى اليمن، وسفير استراليا، كرس لمناقشة مستجدات الاوضاع على الساحة الوطنية في مختلف المستويات، والمواقف الأوروبية الداعمة للحكومة لتجاوز التحديات القائمة.

واستعرض الاجتماع المنعقد عبر الاتصال المرئي، بمشاركة سفراء فرنسا، والمانيا، وهولندا، وإيطاليا، والسويد، واسبانيا، والدنمارك، وايرلندا، وبولندا، والبرتغال، ورومانيا، وسلوفينيا، واليونان، الدور الحيوي الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي في دعم اليمن من خلال الجهود الدبلوماسية والمساعدات الإنسانية والدعم الاقتصادي، إضافة الى دعم قوات خفر السواحل اليمنية لمكافحة التهريب وتأمين الملاحة الدولية.

وتناول الاجتماع، ما يمكن ان يقدمه الاتحاد والدول الأوروبية، من إسناد ودعم لجهود الحكومة في تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي، باعتبارها اطاراً أساسياً للتعاون مع الشركاء الدوليين، والمسارات الخمس لرئيس الوزراء لضمان فاعلية المؤسسات، وتعزيز التدخلات في القطاعات الحيوية، وكذا الإجراءات الحكومية المتخذة لعدم تأثر العمل الإنساني بإعادة تصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية.

وأحاط رئيس الوزراء، السفراء الأوروبيين، بصورة كاملة حول مستجدات الأوضاع في الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية، ورؤية الحكومة للتعامل معها، وفي مقدمتها الجهود المنسقة مع الشركاء الاقليميين والدوليين لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والخدمي ومعالجة تراجع سعر صرف العملة الوطنية، لتخفيف المعاناة المعيشية للمواطنين.. لافتاً الى أولوية الحكومة في تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي، والإصلاحات الرئيسة لرفع كفاءة المؤسسات الحكومية، وكذا مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة، والإجراءات المتخذة في هذا الجانب، ومنها إلغاء جميع عقود الطاقة المشتراة والتي كانت تشكل مصدر رئيسي من سوء الإدارة المالية والفساد.

وطمأن رئيس الوزراء مجتمع العمل الإنساني والشركاء الدوليين، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتوجيه متطلبات تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية اجنبية، نحو اهدافه الرئيسية في تفكيك بنيتها الإرهابية دون الاضرار بمصالح المواطنين والمساعدات الاغاثية والواردات الغذائية.. مجدداً التزام الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي بنهج السلام الشامل والعادل المرتكز على المرجعيات الثلاث للحل السياسي، من اجل انهاء المعاناة الإنسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الإيراني.

 بدورهم، أكد رئيس بعثة الاتحاد والسفراء الأوروبيين، دعمهم الكامل للحكومة وجهودها في تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي، والمضي في مسار الإصلاحات، والتنسيق لحشد الدعم الدولي للموازنة العامة بما يحقق الاستقرار الاقتصادي والخدمي.. معربين عن مساندتهم لرؤية رئيس الوزراء والمسارات التي يعمل عليها، والحرص على دعم قوات خفر السواحل اليمنية.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اجتماع عبر الإتصال المرئي عقده رئيس الحكومة اليمنية مع رئيس وسفراء بعثة الإتحاد الأوروبي
  • رئيس وزراء السويد السابق" يصف مفاوضات ترامب للسلام حول أوكرانيا بأنها مباحثات "هواة"
  • رئيس وزراء بريطانيا: فشل مقترح الهدنة في أوكرانيا ودعم غير مسبوق لكييف
  • رئيس الوزراء البريطاني: سنمول أوكرانيا بملياري دولار لشراء 5000 صاروخ دفاع جوي
  • رئيس الوزراء البريطاني: هدفنا توحيد جهود الشركاء بشأن تعزيز دفاع أوكرانيا
  • رئيس وزراء بريطانيا: أكدت للقادة ضرورة وقف القتال بأوكرانيا والتواصل مع واشنطن
  • رئيس وزراء سابق لماليزيا يكشف ثروته للسلطات بعد مصادرة أصول
  • رئيس وزراء كندا: نعمل مع الزعماء الأوروبيين من أجل تحقيق سلام عادل ودائم في أوكرانيا
  • مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يعترف: تلقينا تحذير من هجوم حماس ليلة 7 أكتوبر لكن نتنياهو ظل نائما
  • رئيس الوزراء البريطاني يعقد محادثات مع الرئيس الأوكراني