دعا العلامة السيد علي فضل الله، المؤسسات التعليمية في جمعية المبرات إلى "تطوير مناهجها، بحيث توفّق بين التحصيل العلمي وبناء الشخصية وتطويرها"، مشددا على "إعداد المعلمين والإداريين ليكونوا قدوة يحتذى بهم على مستوى الالتزام بالقيم والسلوكيات الحسنة".

ورأى أنه "من المؤسف في بلدنا الذي يُنعت بأنه بلد الأديان أن نشهد هذا التردي على مستوى القيم الأخلاقية وفي العلاقات داخل كل طائفة أو في علاقاتها مع الطوائف الأخرى"، مؤكداً أن "مؤسسات المبرات عملت على تفعيل الدور التربوي والأخلاقي وفتحت أبواب الحوار والعلاقات التواصلية على مستوى الوطن، وستبقى ضمن أولوياتها ورسالتها".



جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها فضل الله في اختتام فاعليات المؤتمر التربوي الثالث والثلاثين لجمعية "المبرات الخيرية"، والتي شدّد في بدايتها على أن "أهمية هذا المؤتمر تعود إلى ما يدعو إليه من تعزيز حضور التربية والقيم الأخلاقية في صلب العملية التعليمية، حتى لا يبقى تقويم نجاح المؤسسات التعليمية على أساس أرقام الانتساب إليها أو على معدلات النجاح في المواد التعليمية على صعيد المدارس أو في الجامعات، أو إنجازات الخريجين من الجامعات في سوق العمل أو حضورهم فيها، من دون الأخذ في الوقت نفسه بالاعتبار دور هذه المؤسسات التربوي والأخلاقي أو على الصعيد الاجتماعي أو الوطني بطلابها والمتخرجين منها".

أضاف: "ونحن عندما ندعو إلى دور للمؤسسات التعليمية لا نُغفِل دور الأسرة في تنمية القيم وتربية الشخصية، فالأسرة تعتبر المؤسسة الأولى التي يتلقى فيها الطفل قيمه وأخلاقه، ولكن مع تعقيدات الحياة المعاصرة وانشغال الأهل غالباً بتأمين متطلبات الحياة، ونظراً إلى حجم التداعيات التي باتت تتركها وسائل الإعلام ومواقع التواصل على منظومة القيم التي يريد الأهل ترسيخها، بات دور الأهل يتراجع على الصعيد القيمي والأخلاقي، الأمر الذي يلقي على المدرسة مسؤولية أكبر ويجعلها شريكاً أساسياً في العملية التربوية، وهو ما يتطلب توثيق العلاقة بين المدرسة والأسرة لتكون العلاقة بينهما علاقة تعاون وتكافل".

ودعا المؤسسات التعليمية إلى "العمل على تطوير المناهج التعليمية بأن توفق فيها ما بين التحصيل العلمي الأكاديمي وبناء الشخصية وتطويرها، فالمناهج لا ينبغي أن تتجزأ بحيث يكون هناك حيّز للتعليم والتلقين الأكاديمي، وحيز آخر للأخلاق والتربية والدين وسلوكيات التواصل، نحن بحاجة إلى مقاربة شاملة تضمن هذا التكامل"، آملا "إعداد المعلمين والإداريين في المؤسسات التعليمية على الصعيد الخلقي والتربوي والإيماني واختيارهم على قاعدة ما يملكون من مقومات على هذا الصعيد، حتى يكونوا قدوة يحتذى بهم في عالم تزداد فيه المعضلات الأخلاقية وتضيع فيه القيم لحساب المصالح حتى باتت القيم وجهة نظر، بحيث يتعدى دور المعلم نقل المعرفة إلى نقل القيم والسلوكيات إلى الطلاب ويتعامل مع طلابه على أساسها ويعبر عنها".

وشدد فضل الله على "بناء التفكير النقدي لدى الطلاب لحمايتهم مما بات يصل إليهم عبر مواقع التواصل والإعلام أو من أقرانهم أو بأن لا يأخذوا بما يرد إليهم إلا بعد تدقيق وتمحيص ودراسة واستشارة، ليكونوا واعين للتداعيات حتى لا يخدعهم الآخرون أو يكونوا صدى لأفكار لا تمت إلى العقل أو القيم بصلة".

وقال: "إننا معنيون بتثبيت القيم الأخلاقية التي هي أساس في بناء المجتمع والوطن، فلا تبنى المجتمعات والأوطان إلا بها، وتعزيز التواصل بين أفراده ومكوناته والمناعة فيه، ونحن نراها تمثل عمق الدين والهدف الذي لأجله جاء. لذا كان من الطبيعي أن يشير رسول الله إلى رسالته وكل الرسالات السماوية، بقوله "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

وأضاف: "نحن إذا كنا نعيش المعاناة في هذا العالم إن على الصعيد الاجتماعي او السياسي او الاقتصادي، فلأن القيم لم تعد حاكمة ولم يعد لها الحضور في كل هذه الميادين، وباتت الغلبة لغة المصالح الخاصة والفئوية على حساب المصالح العامة وعلى حساب القيم، فلم يعد الصدق ولا الأمانة ولا العدالة ولا الشفافية ولا الصداقة والقول بالأحسن والاحترام لأموال الناس ومقدراتهم هي القيم السائدة".

وتابع: "من المؤسف أن نشهد ذلك في بلد ينعت بأنه بلد الأديان السماوية الذي يعني أنه بلد القيم الأخلاقية، إن في العلاقات داخل الطائفة الواحدة أو في علاقات الطوائف بعضها مع بعض، والذي نشهد مظاهره السلبية على أرض الواقع، ما بات يهدد أمان هذا البلد ووحدته ونهوضه والصورة المشرقة التي ينبغي أن يظهر بها".

وختم مؤكداً أن "مؤسساتنا عملت على تفعيل الدور التربوي والأخلاقي وفتحت الأبواب للحوار والعلاقات التواصلية، وهي اليوم تمد يدها إلى كل المؤسسات التعليمية والرعائية للتواصل لتحقيق هذا الهدف الذي لم تحد عنه ولن تحيد عنه، وهنا لا بد من الشكر والتقدير لمعلمينا ومربينا على الجهود التي بذلوها والتي تركت آثارها على أرض الواقع من خلال التميز الذي نشهده في هذه المؤسسات على هذا الصعيد".

 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المؤسسات التعلیمیة القیم الأخلاقیة على الصعید فضل الله

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: القرآن الكريم هو نبراس الأمة الذي ينير طريقها

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر الشريف ،، والتي دار موضوعها حول تأملات حول آيات الصيام. 

وقال الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر: إن كتاب الله سبحانه وتعالى فيه الخير والفلاح، والأخذ بأيدي العباد من الظلمات إلى النور، ومن الباطل إلى الحق، وفيه دعوة إلى الوحدة والتمسك بسنة النبي ﷺ فالقرآن الكريم هو نبراس الأمة فيه الهدى والنور والتقى والعفاف.

وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن المولى عزّ وجلَّ نادى المؤمنين بنداء الإيمان في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ فالصوم مدرسة إيمانية ترتقي بالنفس عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس امتثالاً لأمر الله، وإذا كان الأمر كذلك فإن التوقف عن الحرام يظل الباب أمامه مغلقا إلى أن يفتح بكلمة الله وسنة رسوله ﷺ.

وأشار خطيب الجامع الأزهر إلى التكامل بين القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، يقول ﷺ: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ). فالصوم يمنع الإنسان من الوقوع في المحرمات ويحقق من الفوائد البدنية والمعنوية الكثير والكثير، يمتنع الإنسان عن الشهوات امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى ليعطي فرصة لهذا الجسد ليقوم بالتجديد والنشاط وهناك من الأبحاث الطبية التي كشفت عن أن الصوم يعطي فرصة للجسم للتخلص من الكثير من السموم الموجودة بالجسم وتقوية بعض الأجهزة ما وقف أمامه الأطباء عاجزين، لأن هذا تشريع من الخالق عزَّ وجلَّ، فهو أدرى بخلقه، يقول تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.  

وتابع بقوله: إن الصوم فرصة لمن فرط وأسرف في ارتكاب الذنوب كأن سرق وقتل، وأكل من الحرام، وأكل أموال الناس بالباطل إلى أن يتوب ويرجع إلى ربه عزَّ وجَّل وأن يتدبر ويتيقن أنه سبحانه وتعالى يقبل توبة العبد إذا عاد إلى رشده وأناب إلى ربه. فالمتمسك بالكتاب والسنة ينجو وينأى بنفسه من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة حتى لا يقع في الحرام ثم يرتقي ويصل إلى المرتبة الأعلى وهى النفس المطمئنة وبذلك تتحقق التقوى التي جاءت في نهاية آيات الصوم وهى الغاية التي تتحقق بالصوم.    

ودعا خطيب الجامع الأزهر الشباب إلى العمل والإنتاج وعدم الجلوس في المنازل عالة على الآباء لافتاً إلى مسئولية الآباء والأمهات عن أولادهم، وتربيتهم التربية السليمة، ومراقبة سلوكهم، وتقويم أفعالهم. كما أوصى الجميع بضرورة توحيد الصف والوقوف خلف ولاة الأمور حتى تتحقق الغلبة ويتحقق النصر في شهر رمضان، الذي هو شهر الانتصارات، فمن التزم المنهج سعد و انتصر ومن خالفه خاب وخسر.

مقالات مشابهة

  • عبد الله: ودعنا اليوم رفيقنا علي عويدات الذي تشهد له الساحات والمواقف
  • جنبلاط: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف تفتيت سوريا عبر الطوائف
  • مستشار ترامب يشبه زيلينسكي بـالصديقة السابقة التي تريد الجدال بدلا من تحسين العلاقة
  • الأمين العام للناتو: اللقاء بين ترامب وزيلينسكي كان مؤسفًا
  • معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟
  • العبسي: الأديان السماوية تتلاقى على المحبة والخير
  • عون مهنئاً بشهر رمضان: فليتشارك اللبنانيون معاني القيم الروحية التي يجسدها الصيام
  • حارس الجبلين يعتذر عن الاعتداء على الحكم
  • خطيب الجامع الأزهر: القرآن الكريم هو نبراس الأمة الذي ينير طريقها
  • العلامة فضل الله: الاعتداءات الاسرائيلية تستدعي استنفاراً واحتجاجا حكوميا لدى المؤسسات الدولية