سودانايل:
2025-04-17@21:58:41 GMT

تراجع الذهنية السودانية خلال الحرب !

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

تراجع الذهنية السودانية بعد الحرب وسيطرة السلوك الهمجي على حياتنا , خلال السنوات الأخيرة، شهد السودان تحولاً كبيراً في بنيته الاجتماعية والثقافية، خاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية التي أججت العنف والفوضى في البلاد. هذا التحول لم يكن مقتصراً فقط على الدمار المادي أو السياسي، بل امتد ليشمل تراجعًا ملحوظًا في الذهنية السودانية وتغيراً جذرياً في السلوك المجتمعي.

المثقف، الذي كان في يوم من الأيام رمزًا للوعي والتغيير، تراجع دوره بشكل لافت، وانحسر تأثيره وسط سيطرة السلوك الهمجي على الحياة العامة.
المثقف بين الأمس واليوم
في الماضي، كان المثقف السوداني يشغل مكانة مرموقة في المجتمع، يُنظر إليه باعتباره ضمير الأمة، والمسؤول عن توجيه الرأي العام نحو مستقبل أفضل. كان الأطباء والمدرسون والكتاب قادة الفكر، وهم من كانوا يقودون حوارات التغيير والتطوير. لكن مع تعاقب الأزمات وتفاقم الحرب، فقد المثقف دوره الريادي. تراجع حضوره الاجتماعي والسياسي، وأصبح محاصراً في دائرة ضيقة من التأثير، متخلياً عن مسؤولياته تجاه المجتمع.
هذا التراجع لم يكن بسبب قصور في المثقف نفسه، بقدر ما هو نتاج لعدة عوامل متشابكة. الحرب خلقت واقعاً جديداً، حيث لم تعد الثقافة أو الفكر أو الإبداع تُقدَّر بنفس الطريقة التي كانت تُقدَّر بها في السابق. انزوت الفكرة، وانكمشت القدرة على التفكير النقدي، لتحل مكانها أنماط من الفوضى والعنف الهمجي.
سيطرة السلوك الهمجي
مع تفكك البنى المجتمعية التقليدية بفعل الحرب، ظهرت أنماط جديدة من السلوك تهيمن عليها الفوضى والعنف. في غياب القانون وضعف المؤسسات، طفت على السطح القيم الغوغائية، وأصبحت لغة القوة والسلاح هي المهيمنة. في هذا السياق، انتشرت موجات من السلوك الهمجي في التعامل بين الأفراد والجماعات. تفاقمت هذه الحالة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت منصة للفوضى الفكرية والتلاعب بالعقول، وظهر قادة رأي جدد لا يمتلكون إلا القدرة على إثارة الغرائز والشحن العاطفي.
أسباب تراجع المثقف السوداني , من الأسباب الرئيسية لتراجع المثقف السوداني , هي انهيار النظام التعليمي: الحرب دمرت البنية التحتية للتعليم وأضعفت قدرة النظام التعليمي على تخريج كوادر قادرة على التفكير النقدي والمساهمة في الحياة العامة.
الضغط الاقتصادي: هجرة الكثير من العقول السودانية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي بدورها حرمت البلاد من الكفاءات القادرة على تقديم حلول للأزمات.
ضعف المؤسسات الثقافية: تفكك المؤسسات الثقافية التي كانت في الماضي توفر منصات للحوار والتفكير، وتراجع دور النقابات المهنية والمؤسسات الأكاديمية.
تأثير الحرب على الذهنية السودانية
الحرب لا تقتصر آثارها على الجانب المادي فقط، بل تمتد لتشمل الجانب النفسي والعقلي. في ظل الحرب، تم تشكيل عقلية جديدة تقوم على الصراع والقوة. غابت القيم التي تقوم على الحوار والتسامح، وتم استبدالها بثقافة العنف والإقصاء. فقدان المثقف لدوره أفسح المجال لتلك العقلية الهمجية، حيث أصبح الصوت الأعلى هو صوت من يملك القوة، وليس من يملك الحجة أو الفكرة.
ضرورة إعادة الاعتبار للثقافة والتعليم
إذا كان هناك أمل في استعادة السودان لمكانته الثقافية والفكرية، فإن الحل يبدأ من إعادة الاعتبار للثقافة والتعليم. لا يمكن للسودان أن يستعيد عافيته بدون دور فعّال للمثقفين والمفكرين، والذين يجب أن يعودوا للواجهة ويشاركوا في رسم مستقبل البلاد. يجب أن يكون هناك استثمار حقيقي في التعليم، وإعادة بناء المؤسسات التي تدعم الفكر الحر والإبداع. كما يجب أن يتم منح المثقف المكانة التي يستحقها، وأن يُدعم دوره كصاحب رأي مؤثر في الحياة العامة.
الحرب في السودان لم تدمر البنى التحتية فقط، بل امتدت آثارها لتشمل العقلية السودانية نفسها، التي تحولت من الحوار والتفكير إلى العنف والفوضى. المثقف الذي كان في الماضي رمزًا للتغيير والتقدم، انسحب إلى الخلف، مفسحًا المجال لسلوكيات همجية هيمنت على المجتمع. الحل يكمن في العودة إلى العلم والثقافة، واستعادة المثقف لدوره المحوري في توجيه المجتمع نحو مستقبل أفضل.

زهير عثمان

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تراجع ا

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان

قال نائب رئيس حزب الامة القومي الدكتور ابراهيم الامين ان شعار لا للحرب لم يحقق اهدافه، وان ما يسمى بمجموعة تأسيس اتجهوا للحكومة الموازية بعد ان انتصر الجيش وتقدم في الميدان، واعلن عن استحالة قيام الدولة الموازية دون سند شعبى ودون جماهير، ودون امكانيات.واشار خلال حديثه حول الراهن السياسي بفندق مارينا الأحد، الى ان الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان وتفكيكه.وكشف نائب رئيس حزب الامة القومي عن اجتماعات سرية شاركت فيها قيادات من تقدم، وان المجموعة المشاركة في فكرة الحكومة الموازية توسعت خلافاتها وانقسمت الى ثلاثة اجسام، الاول يتمسك بالحكومة الموازية، والطرفين الآخرين كان لهم تحفظات على الخطوة وكانوا يعترضون على ذلك في الاجتماعات السرية، ولا يجاهرون بها في العلن واصفا بأنهم تجار سلطة.وقال انه تحدى برمة ناصر بالظهور والمناظرة عن مشروع ما يسمى بالدولة الموازية، وكل يدافع عن رايه ومبرراته الا انه لم يرد حتى الآن، واضاف انهم ناصحوه بالتخلي عن الامر وانه تمسك برأيه، مبينا ان المجموعة المساندة له تتخذ قرارات دون الرجوع اليه وهو آخر من يعلم.واضاف نائب رئيس حزب الامة القومي ان عملية الاصلاح في الحزب ليس بالامر السهل، بل في غاية الصعوبة، وان حزب الامة متماسك.وكشف عن مطالبته لبرمة ناصر بالخروج عن ما يسمى منصة تأسيس التي تدعو للحكومة الموازية والاستمرار في رئاسة الحزب الا انه رفض.الى ذلك دعا الدكتور ابراهيم الامين الى تشكيل حكومة بأسرع وقت واختيار رئيس وزراء تتم محاسبته، وان تضع قضايا المواطن في الاولوية، وعدم تجاهل قضاياه.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحرب السودانية ودور الاعلام السوداني ووسائل التواصل الاجتماعي
  • مرور عامان: تقرير خاص عن الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية
  • الدرقاش: الرئيس الشرع يتمتع بصفات قيادية ويغلب عليه السلوك الهادىء المتزن
  • الحرب التجارية ستؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على النفط
  • هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة 
  • موقع أفريقي: هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة
  • أزمة بالجيش الإسرائيلي وزامير يحذر من تراجع “المكاسب” الميدانية
  • حين تكتب الحرب ذاكرة شعب- في مأساة المثقف السوداني ومعقولية الخراب
  • كتابات ما بعد الحرب: هل تصلح الخرطوم أن تكون عاصمة للدولة السودانية الجديدة؟
  • نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان