mugheira88@gmail.com
مهما حاولنا ان ننحاز الي مكاسب التجربة السياسية في السودان , وأن نصفها بالتجربة الريادية , باعتبارها الدولة الأولي الأفريقية جنوب الصحراء التي نالت استقلالها , وتبنت من بعد نظاما سياسيا قائما علي التعددية الحزبية و الانتخابات , فإنها في الحقيقة لا تخلو من أعطال بنيوية واضحة , والأعطال هنا تتصل بآلية النظام السياسي و الاجتماعي و الذي تشرف عليه النخب المتعلمة أو التي اكتسبت حظها من الوجاهة الاجتماعية التي كرسها المستعمر لأغراض تخص إدارة شأن الدولة أبان فترة الحكم البريطاني الكونونيالي (( Colonialism)) .
لقد نشأ العقل السياسي السوداني وتشكلت و تحددت ملامحه وبرزت تجلياته , أينما توزع علي الجغرافيا السودانية , من البني الثقافية و الاجتماعية والنفسية و ظل يتغذى منها و يتزود بمعطياتها حتي تجلت السمات التي تحدد فهم السلطة السياسية و مقاصدها و غاياتها والتي تقوم في الغالب علي الاستحواذ و التملك والارتياب و الطرد . و ظل النسق الاجتماعي الحاكم وفي كل العصور يمثل نسقاً حزبيا أو شموليا ذو طبيعة أيدولوجية قبلية وايدلوجية جهوية . و رغما عن اختلاف طبيعة الهيمنة ,فانهما يقومان علي بنية الاخضاع وتعبران عن اديلوجيتي حكم ترجع الي تواريخ ما قبل الدولة الحديثة والي علاقات من طبيعة اقطاعية مدعمة بالمال و السلاح و السلطة الرمزية , حتي و ان تحالفت مع طبقة الانتجلنسيا .
و من نافلة القول , فإن النخب التي ظلت تحكم البلاد , ومنذ الاستقلال , حتي في ظل الفترات الديمقراطية , هي وحدها من يملك اصدار القرار و تنفيذه , وليس الشعب , اذ لا وجود لإرادة شعبية متحررة تملك قراراها بنفسها , أو ارادت تنظيمية حزبية فاعلة تستطيع أن تغير موازين الحكم لمصلحة ماهو شعبي جماهيري ينأي و ينفك عن تأثير قادته الرمزيين . وإن جل ما يثار في سوح البرلمانات و ميادين السياسة و الاعلام المختلفة , لا يعدو أن يكون مجرد مقولات أدبية شاعرية دعائية يطلقها قادة الأحزاب بغية توجيه العقل الجمعي للتعبية الشعبية , متبعة أساليب التصعيد الهيجاني العرقي الطائفي الحزبي و القبلي و الديني . و هو تصعيد لا يعتبر بالمعرفي التنويري , ولا بالرؤية السياسية المستقبلية الراشدة , وهذا هو السياق السائد رغما عن وجود طبقة من المثقفين المستقلين و رغما عن وجود نتاجات ثقافية مستقلة عن النسق الرسمي العام .
إن مقولات التعددية السياسية والثقافية في البلاد ليست سوي مظهر كاريكاتوري لا يلامس الجوهر الثوري و لا الأساس النظري الذي تقوم عليه التجربة السياسية , وهذا يتطلب , وبصورة ملحة التعديل و العمل علي ترسيخ القيم علي نهج صحيح- و يتطلب من جهة أخري , ظهور نخب سياسية جديدة تحل محل النخب التقليدية , وتعمل علي وضع تصورات حزبية بديلة تتخلي عن المواريث الانشقاقية الماضية والأيدولوجيات الاحادية المتزمتة , تعبر عن ارادة الشعب و تعيد تعريف علاقات الهامش بالمركز و تفعيل المشاركة الشعبية الواسعة وتصحيح تصورات هذا العقل السياسي الشائه.
لقد أضحت القيم التاريخية الحديثة كالتنمية والحرية وسائر حقوق الانسان والديمقراطية و المساواة والتعاون الاجتماعي , موضوعا من مواضيع المقدس , وهذا لن يتحقق الا بتوسيع المواعين السياسية و تعزيزالمشاركة المجتمعية . و لكن , وبازاء ذلك , فان الارادة الشعبية ما تزال مغيبة , وإن من يعمل علي تمثيلها حاليا هم قادة الأحزاب التقليديون و جنرالات الجيش و ثلة المثقفين مجهضي الأجنحة . و من اجل تجاوز ذلك , لا بد من حضور نخب سياسية جديدة , تحمل رؤي و أفكار تستنهض معها منطقا جديدا , و بعقل سياسي سوداني مختلف, يمتلك القدرة على إنتاج فكر سياسي جديد يعيد الأمور إلى نصابها ويعيد تحديد الأولويات السياسية والاقتصادية الفكرية والتربوية تمكنهم من اللحاق بركب الحضارة الإنسانية والتفاعل معها ويحررهم من عقلية القبيلة و التسلط و الغاء الآخر , وتقود لتأسيس مشروع نهضوي سوداني ناظم , متكامل .
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
شيخ العقل يستنكر الاعتداء على اليونيفيل: لمحاسبة المتسببين بالحادثة والمخلين بالأمن
تواصل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، وأكّدا بحسب بيان لمشيخة العقل، "التلاقي الدائم بين المرجعيات الروحية، لمواكبة المستجدات ومباركة حركة النهوض بالدولة"، وتوافقا على لقاء قريب في مركز المجلس في الحازمية.من جهة ثانية استنكر شيخ العقل "الاعتداء الذي جرى امس على قوات اليونيفيل على طريق المطار، والممارسات الفوضوية في بعض مناطق بيروت، التي من شأنها الاساءة للسلم الاهلي والاستقرار والتأثير على سمعة لبنان الدولية والأمل المعقود على العهد الجديد".
ودعا "الجيش والاجهزة الامنية والقضائية لمحاسبة المتسببين بالحادثة والمخلّين بالامن، والتعاون بين جميع المسؤولين لعدم تكرار مثل تلك التجاوزات والانتهاكات، في وقت يتوق فيه اللبنانيون للاستقرار والتطلّع معا للنهوض بالوطن على مختلف المستويات".
وكان الشيخ ابي المنى استقبل في دارته في شانيه وفداً من مشايخ حاصبيا بينهم مجموعة من الطلاب والفتيان في خلوات البياضة الزاهرة، لشكره على زيارته الاخيرة للخلوات، وقد عبّر شيخ العقل عن غبطته برؤية اخوانه وابنائه "الملتزمين بنهج التوحيد والسلف الصالح ومتانة الرابط الروحي والاجتماعي الذي يجمع بينهم، بعيداً من اي تنافر"، ومتمنياً لهم التوفيق في نهضتهم ومثابرتهم.
كما استقبل وفداً من عائلة سعيد في صليما ضم، قاضي المذهب الشيخ دانيال سعيد وفاعليات من العائلة والبلدة، لشكره على مؤاساتهم ومتابعة قضية فقيدهم المرحوم هشام سعيد، الذي قضى منذ حوالي شهر في حادث سير مؤسف على طريق المديرج.
واستقبل ايضا رئيس غرفة عمليات قيادة سرية بيت الدين النقيب بشّار زيدان، ثم رئيس بلدية رويسة البلوط فضل زيدان، فالشيخين روزبا ابو فخر الدين وعماد التيماني.
وشارك شيخ العقل في مأتم مروان محمد الصايغ في بلدة شارون الى جانب جمع من المشايخ والاهالي، يتقدمهم المشايخ الاجلاء ابو زين الدين حسن غنام وابو فايز امين مكارم وابو طاهر منير بركة.
وبعد شهادة بالراحل من شقيقه الشيخ اسعد الصايغ، كانت للشيخ ابي المنى كلمة، اكد فيها ان "في الموت فسحة وفرصة، فسحة للتأمل والاعتبار بزوال الدنيا وبقاء الذكر الحسن والعمل الصالح، وفرصة للتلاقي وجمع الشمل، كما نلتقي اليوم بمعية مشايخنا الأجلاء في دار آل الصايغ في هذه المنطقة التي تربطنا بأهلها علاقة روحية كما تربطنا بالفقيد علاقة عائلية".