سودانايل:
2024-09-16@21:50:13 GMT

الشرعية والديمقراطية صراع غياب الفكر

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

أن شرعية أي نظام سياسي يستمدها من قبول و مشاركة أكبر قطاع اجتماعي في السلطة، هذه المشاركة الواسعة هي التي تحدد اتجاهات النظام القائم، و مادام هناك قبول بالمشاركة الواسعة، تأتي عملية تنظيم تداول السلطة بالطرق السلمية لكي يحافظ النظام على القبول الاجتماعي و توسيع دائرة المشاركة، و تبدأ بانتخابات منتظمة بمواقيت محددة لمجالس الأحياء لأنها تعتبر القاعدة الأساسية للنظام، من خلال المشاركة الواسعة للجماهير في انتخابات، و انتخابات الأحياء هي الأصل لأن التنافس و الدعاية و الالتزام بقوانين العمل هي التي ترسخ ثقافة الديمقراطية في المجتمع، ثم تتصاعد الانتخابات "الأحياء و المحليات و الولايات و المركز" و كلما تقدمت الانتخابات درجة تقل دائرة المشاركة ما بين انتخابات الأحياء و المركز.

. و جميعها تشارك فيها الجماهير و يشتد التنافس بين المرشحين.. هذا التنافس لابد أن يكون محكوما بقوانين، لذلك تطر السلطة إلي صناعة دستور مقبول من قبل أغلبية الشعب، و تتفرع منه القوانين و اللوائح التي تضبط العملية السياسية، و تحفظ للمجتمع أمنه، و استقراره السياسي و الاجتماعي.. الديمقراطية فكر و فعل و احترام لللأخر.
أن عملية التغيير السياسي، خاصة من نظام شمولي إلي نظام ديمقراطي، لا تعتمد على الشعارات التي درجت الأحزاب على إطلاقها، فقط لكي ترددها الجماهير دون منتج على الواقع.. لابد للجماهير أن تستوعب عملية التغيير، و مطلوباتها، و الثقافة التي تحكمها.. و كان على الأحزاب السياسية أن تقوم بهذا الدور لتثقيف الجماهير، و اتضح من خلال التجربة أن فاقد الشيء لا يعطيه، و لابد أن تدرك الجماهير أن هناك فرقا نوعيا و ثقافيا بين النظام الشمولي و الديمقراطي.. و أن الرأي الأخر يمثل حجر الزاوية في النظام الديمقراطي، و ليس كل من يخالفك الرآي هو عدو يجب إقصائه.. و قبول و احترام الرآي الأخر هو الذي يفسح الطريق للحوار بين تيارات الفكر المختلفة، و في نفس الوقت يقلل فرص بروز العنف في المجتمع بكل أنواعه.. لكن مشكلة السياسة الأن، أصبحت الأحزاب نفسها في تعاملاتها و خطاباتها و ممارساتها تنتج ثقافة شمولية، و تعتقد أنها تمارس الديمقراطية.. أن فرض الشروط على الآخرين و دعوات الإقصاء و مواجهة الرأي الأخر بتوصيفات عدائية كلها تنتمي للثقافة الشمولية.. قال تعالى عن رؤية فرعون في علاقته مع قومه " قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى و ما أهديكم إلا سبيل الرشاد" هي رؤية الديكتاتور..
أن الأحزاب التي تحاول أن تفرض ثقافة الأستاذية على الآخرين، هي أحزاب لن تكون مفيدة لعملية التحول الديمقراطي في البلاد، فالديمقراطية تشيد قواعدها في المجتمع من خلال الحوارات التي بين المختلفين في الرآي، لآن الحوار يهدئ النفوس و يعيد بناء الثقة بين الكل، و تتحول إلي ممارسة دائمة، بمعنى أصح تنتج الثقافة الديمقراطية، و من خلال الممارسة تتحول لسلوك تلقائي يمارسه أي فرد في المجتمع... و كما يقول جورج طرابيشي في كتابه " ثقافة الديمقراطية" يقول ( أن الديمقراطية في العالم العربي هي موضع طلب أيديولوجي شديد، و لكن بدون عرض على صعيد الواقع الفعلي، و بدون تأسيس نظري على صعيد المفهوم) و هذا بالفعل الذي يعاني منه السودان، أن الأحزاب السياسية السودانية جميعها دون استثناء غير منتجة للفكر و لا منتجة للثقافة الديمقراطية، بل تتعامل بالثقافة الشمولية باعتبار أنها ثقافة ديمقراطية، إذا كانت الأحزاب جميعها ترفع شعار الديمقراطية و تمارس غيرها داخل تنظيماتها، بالضرورة تشكل عقبة في نمو و تطور الديمقراطية في البلاد، حتى خطابها يصبح مغايرا لشعاراتها، وأي أختلاف في الرآي يحصل الانقسام ..
معلوم أن الديمقراطية أدواتها الأحزاب السياسية، و منظمات المجتمع المدني و في نفس الوقت الأحزاب نفسها تعتبر هي معامل لإنتاج الثقافة الديمقراطية، و إذا رجعنا إلي الأحزاب الكبيرة منها، و التي يجب أن تكون سندا لعملية التحول الديمقراطي نجدها لا تملك الأدوات الفاعلة التي تساعد على بناء صروح الديمقراطية " الاتحادي – الأمة – الإسلاميين – الشيوعي" الحزب الاتحادي أصبح أحزاب متعددة " الاتحادي الديمقراطي – ألاتحادي الأصل – الوطني الاتحادي – الحركة الاتحادية – التجمع الاتحادي و غيرها" حزب الأمة " الأمة القومي – مبارك المهدي – عبد الله مسار – و غيرهم" الإسلاميين " المؤتمر الشعبي السنوسي – المؤتمر الشعبي على الحاج – المؤتمر الوطني – الإصلاح الآن – حركة المستقبل – الإصلاح و التنمية – الأخوان المسلمين – انصار السنة" و الحزب الشيوعي " الحزب الشيوعي – حركة حق – حشود و غيرها" كل هذه التقسيمات و التفرعات نتجت بسبب رئيس هو انعدام الممارسة الديمقراطية داخل الآربعة أحزاب الكبيرة، و ليس هناك أي أمل أن ترجع تلك التفرعات إلي الأصل، لآن الاصل نفسه يعاني من إشكاليات فكرية و تنظيمية و حتى قيادات تكون مقبولة تلتف حول المجموعات المختلفة مرة أخرى.
هناك بالفعل معضلة أساسية في قضية الديمقراطية في السودان، و لابد التعامل معها بوعي سياسي ينطلق من أفكار و ليس شعارات، و كما ذكرت كثيرا؛ ليس تعدد الشعارات دلالة على القناعة بالديمقراطية، و لكن دلالة على غياب العناصر التي تشتغل بالفكر، الإزمة الحقيقة أزمة فكرية داخل الأحزاب.. و كما يقول المفكر البناني على حرب في كتابه " اوهام النخبة" يقول ( فمن لا ينتج معرفة بالمجتمع لا يستطيع المساهمة في تغييره، و من لا يبدع فكرا هو اعجز من أن يؤثر في مجرى الأحداث، و تطور الأفكار، هذا هو المأزق الذي يمسك بخناق المثقف العربي) أن أحزابنا لا تنتج معرفة و لا ثقافة ديمقراطية، و الشعارات التي ترفعها هي هزيمة لها، و تفضح تواضع قدرات قياداتها.. فالجماهير تدفع مهرا غاليا للتغيير، و لكنها لا تحظى بتغيير يعبر عن تلك التضحيات التي دفعتها.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ثقافة الدیمقراطیة الدیمقراطیة فی فی المجتمع من خلال

إقرأ أيضاً:

المجلس الوطني الاتحادي يجسّد نهج الشورى في مجتمع الإمارات

يجسد المجلس الوطني الاتحادي في ممارسته لاختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، وفي مختلف نشاطاته، تميز العلاقة بين مختلف السلطات في الدولة، ومدى خصوصية مجتمع الإمارات والنهج الذي اختطته باعتبار أن للديمقراطية قيماً عليا، تستند إلى تعزيز مشاركة أبناء وبنات الوطن في نهضة الدولة وتقدمها وريادتها.

ويشارك المجلس الوطني الاتحادي برلمانات العالم الاحتفال باليوم الدولي للديمقراطية، الذي يصادف في 15 سبتمبر (أيلول) من كل عام، وهو يواصل مسيرة التنمية المستدامة استمراراً للنهج الذي اختطه الآباء المؤسسون، حيث مارس شعب الإمارات الشورى وعرفها منذ عقود طويلة.
ويواصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، نهج الآباء المؤسسين في ترسيخ الشورى، وتعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار وتمكين المجلس الوطني الاتحادي من ممارسة اختصاصاته الدستورية، من خلال تأكيده على أهمية تعزيز دور المجلس في تبني مختلف القضايا التي تهم أبناء الوطن وتسهم في تعزيز تطور الدولة وتقدمها.
وتمثل مسيرة العمل البرلماني في الدولة بمضامينها وآلياتها والرؤية التي توجهها نموذجاً في دعم القيادة ومشاركة المواطنين في المسيرة الوطنية، فقد حدد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول للمجلس في 12 فبراير(شباط) 1972 مهام المجلس ودوره وتعزيزاً لنهج الشورى بقوله " إن جماهير الشعب في كل موقع تشارك في صنع الحياة على تراب هذه الأرض الطيبة، وفي بناء مستقبل باهر ومشرق وزاهر لنا وللأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا".

مرحلة جديدة

وعلى مدى ثمانية عشر فصلاً تشريعياً جسد المجلس الوطني الاتحادي النهج الذي اختطته القيادة الرشيدة لتعزيز الحياة البرلمانية والمشاركة السياسية، وتمكين المواطنين انطلاقاً من البرنامج الذي أعلنه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، والذي من ضمن مرتكزاته إجراء انتخابات لنصف أعضاء المجلس، ومشاركة المرأة ناخبة وعضوة، حيث بلغت نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي 50% وذلك منذ عام 2019.
وشهدت دولة الإمارات مع بدء أعمال الفصل التشريعي الثامن عشر للمجلس الوطني الاتحادي خلال عام 2023، مرحلة جديدة في مسيرة العمل البرلماني، في ظل زيادة كبيرة في أعداد القوائم الانتخابية وزيادة نسبة الشباب، فقد بلغت نسبة الأعضاء الشباب في المجلس في هذا الفصل 22.5%.
ويشكل "برلمان الطفل الإماراتي" الذي تم انشاؤه بموجب اتفاقية وقعها المجلس الوطني الاتحادي مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، حرص المجلس الوطني الاتحادي على التواصل مع كافة شرائح المجتمع والاستماع إلى كافة الرؤى والتصورات التي تسهم في تحقيق الهدف الأسمى وهو تمثيل شعب الاتحاد، فضلاً عن نشر ثقافة الحوار والتربية على قيم المشاركة للأجيال الصاعدة خاصة في ممارسة حرية التعبير وتنمية الوعي بالهوية الوطنية.
وبهدف إشراك أفراد المجتمع في آليات صنع القرار وجعلهم جزءاً أساسيا من جهود التنمية الشاملة في الدولة، تحرص لجان المجلس الدائمة والمؤقتة خلال مناقشة كل ما هو مطروح بجداول أعمالها على التواصل والمشاركة المجتمعية، من خلال تنظيم الزيارات والحلقات النقاشية، ودعوة ذوي الخبرة والاختصاص والمعنيين لحضور اجتماعاتها، بهدف الاستماع إلى آرائهم وتضمين تقاريرها التي ترفعها للمجلس بأفضل التوصيات.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يكرم عددا من النماذج التي أثرت في الفكر الإسلامي
  • الرئيس السيسي يكرم عددا من النماذج التي أثرت الفكر الإسلامي من مصر
  • عاجل| السيسي يكرم عددا من النماذج التي أثرت الفكر الإسلامي من مصر والعالم الإسلامي
  • بعد محاولة اغتيال ترامب للمرة الثانية.. ما رد فعل الحزب الديمقراطي؟
  • 17 سبباً لإنهاء خدمة الموظف الاتحادي في الإمارات
  • العنقري: المدرج الاتحادي خلية نحل يجعلك تتمنى فوز فريقه .. فيديو
  • الديمقراطي الكوردستاني: ندعو لحملة انتخابية ديمقراطية ونرفض التسقيط السياسي
  • المجلس الوطني الاتحادي يجسّد نهج الشورى في مجتمع الإمارات
  • تحصينُ الانتقالِ المدنيِّ والتحوُّلِ الديمقراطيِّ القادمِ في السودان عبر “بَصِيرَة”، “عِزْوَة” و”تَاوِق”
  • د. زاهر الشقنقيرى يكتب: التعددية الحزبية